في أرفع أزمة دبلوماسية منذ اربعة وخمسين عاما وضعت أربع دول خليجية لبنان على قائمة العقوبات السياسية الاقتصادية في ثلاث منها طرد للسفراء وفي دولة الإمارات سحب للدبلوماسيين وهي أكثر الأزمات تطورا منذ عهد الرئيس شارل حلو واتهام السعودية لبنان بالانحياز إلى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر اليوم وبغياب الزعامات والعروبة والعوامل الفلسطينية واندثار سياسة الحياد كان جورج قرداحي سببا غير مباشر لأزمة كانت جمرا تحت رماد وعلى نارها اجتمع طاقم وزاري سمى نفسه خلية أزمة وتابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاته من لندن مع أطراف أوروبية وأميركية فيما احتكم قرداحي إلى الصرح البطريركي تاركا الاستقالة رهن ” الاستخارة ” على غير صعيد سياسي وحزبي. ولعل اكثر الخطوات بدهاء سياسي وذكاء غير صناعي جاءت عبر خلية الازمة التي ادارها وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الرجل الذي اختبر اميركا سفيرا في عاصمتها لسنوات فآثر اشتراك اميركا في النقاش والحل واستدعى القائم بأعمال السفارة في لبنان ريتشارد مايكل وهي المرة الاولى التي يسجل فيها تدخل اميركي ظاهر بعد أن كانت التدخلات سرية للغاية . صبت الخلية الوزارية بردا على نيران الازمة الدبلوماسية وراهن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على قمة المناخ في غلاسيكو لتخفيف الاحتباس الدبلوماسي أو الحد من رقعة انتشاره عبر لقاءات سيجريها هناك أما الجامعة العربية فقد اكتفت بالنصح وقال امينها العام إن الأزمة التي تسببت بها تصريحات سابقة لوزير الإعلام اللبناني وما تلاها من احداث ومواقف، كان يتعين أن تعالج لبنانيا بشكل ينزع فتيلها، لكنه أكد ثقته بحكمة رئيس الجمهورية ميشال عونش وقدرته والحكمة الفعالة لدى رئيس الجمهورية جاءت عبر دعوته الى توقيع اتفاقيات ثنائية بين البلدين الشقيقين لبنان والسعودية وهي الدعوة التي تجري على توقيت نزيف السفراء والدبلوماسيين والى أن تسوى الازمة بطوق أميركي أوروبي وربما مصري فإن وزير الإعلام خرج من بكركي من دون استقالة تاركا الامر مفتوحا على كل احتمال ومنتظرا تاليا اختبار رد الثنائي الشيعي على قراره في وقت كان النائب محمد رعد يعلن أنه : لا بإقالة ولا باستقالة وزير ربما تصدع الوضع الحكومي برمته وقرداحي الخارج من بكركي من دون اعلان قراره وجد في الصرح عربون وفاء قلده اياه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي وازن بين العلاقة التاريخية منذ الآباء والاجداد مع المملكة العربية السعودية والحفاظ على كرامات الناس وقال لن اقبل بتقديم جورج قرداحي فدية فهو ظلم وأنا معه وإذا استقال أو أقيل لن نسمي خلفا له . وكشف أن قرداحي عرض عليه الاستقالة من بعبدا أو بكركي لكنه رفض لأنه لم يرتكب أي خطأ ونحن نعيش في بلد حر لن يعني هذا الكلام أن الحل لن يكون غدا بمغادرة قرداحي لعبة المليون باكرا فالمساعي المتواصلة قد تقتضي خروجه من الدائرة الحكومية