“أبحث عن شخصٍ أناقش معه أفكاراً عميقة. ندخل في جدالٍ محتدم، ثم يُقدّم أدلةً ليدحض ما أقوله، ويقنعني. شخصٌ يكفيني الاطلاع على عقله لأغرق في حبّه، وأغيّر معتقداتي”…
هكذا اختارت شابة التعريف عن نفسها على OKCupid، وهو أكبر موقع للمواعدة على الانترنت.
على الموقع نفسه، عرَف 9 آلاف مستخدم آخرين عن أنفسهم بأنهم Sapiosexual، إذ إنهم يرون الذكاء في من يحبونه، السمة الأكثر أهمية على الإطلاق، أهم حتى من سماته الشخصية والجمالية.
والـSapiosexuality هي الانجذاب للأذكياء بحسب معجم جامعة كامبردج. وهي لا تمثّل وجهاً جديداً للجنسانية الإنسانية، ولكنها حديثة التداول. إذ إن تجاور الرغبات الجسدية والانجذاب العقلي جديد نسبياً وفقاً لتقرير في صحيفة الإندبندنت البريطانية.
وتختلف الـSapiosexuality عن اللاجنسية. فالأخيرة هي انخفاض أو غياب الاهتمام والرغبة في النشاط الجنسي، بينما الأولى لا تمانع وجود علاقة جنسية، شرط أن تُبنى على انجذاب عقلي.
“الناس تجد الكثير من الأشياء مثيرة… الرقص، العضلات، الشعر الأجعد أو اللغة الفرنسية… هل تعرف ما يثيرني؟ الذكاء”.
أكدت دراسة أجرتها صحيفة Intelligence، نظرية أن هناك أشخاص ينتشون بذكاء الشخص المقابل. والدراسة كانت برئاسة جيلز جيغناك، أستاذ في جامعة غرب أستراليا، وشارك فيها 383 طالباً وطالبةً في استبيان تضمّن أسئلة عن اعتقادهم بأن الذكاء ميزة قد تثير اهتمامهم بالطرف المقابل أم لا. كما ضمّ الاستبيان أسئلة أخرى عن الذكاء والصفات التي يبحثون عنها في الشريك.
وقد وجدت الدراسة أن الـSapiosexuality يمكن قياسها عقلياً، وأن 1 إلى 8 في المئة من الأشخاص البالغين (من 18 إلى 35 سنة)، قد يكونون Sapiosexual.
Sapiosexuality في السينما
تكرر تناول هذا المصطلح أخيراً في السينما الغربية. فقد وردت عبارة “الذكاء هو الجاذبية الجديدة” في الموسم الأول من المسلسل الأميركي الصادر عام 2007، The Big Bang Theory، عندما أراد أصدقاء شيلدون كوبر إنقاذ عمله من تهديد مراهق صغير أكثر علماً منه، عبر توريط المراهق في علاقة عاطفية تشتته عن أبحاثه. ولكن المشكلة كانت أن الفتى منعزل اجتماعياً، وبالكاد أتم الخامسة عشرة من عمره، ولم يكن في مظهره أي شيء ليجذب الفتيات. وعلى رغم شعورهم بصعوبة المهمة، نجح الفتى وحده في إثارة فتاة جميلة وترك مستقبله العلمي خلف ظهره، وكان تفسيرهم لما حدث هو “الذكاء”.
تختلف الـSapiosexuality عن اللاجنسية. فالأخيرة هي انخفاض أو غياب الاهتمام والرغبة في النشاط الجنسي، بينما الأولى لا تمانع وجود علاقة جنسية، شرط أن تُبنى على انجذاب عقلي.
كما ورد هذا المصطلح في المسلسل الإسباني LA Casa De Papel، الذي تبنته نتفلكس تحت اسم Money Heist، عام 2017. وفيه تقع “طوكيو” في حب “البروفيسور”، الشخصية العبقرية البعيدة من رفاهية قصص الحب.
فتقول له في مشهد درامي، “الناس تجد الكثير من الأشياء مثيرة… الرقص، العضلات، الشعر الأجعد أو اللغة الفرنسية… هل تعرف ما يثيرني؟ الذكاء”.
كيف أعرف أنني Sapiosexual؟
قد تكون لدينا نزعة الانجذاب الذكاء بلا أن ندرك ذلك. فتوجهاتنا الجنسية تُبنى على أساس طفولتنا، إذ إن رغباتنا تعتمد كثيراً على علاقتنا بوالدينا، وأول تجربة عاطفية، وأول ممارسة جنسية… فنبحث في الشريك عن ما كنا نريده لأنفسنا.
ولكن ثمة إشارات يمكنها تأكيد الميل إلى الانجذاب إلى الذكاء. منها تفضيل النقاشات الساخنة على ممارسة الجنس مع الشريك. وقد يكون أفضل موعد غرامي بالنسبة إليك هو لقاء في مكتبة ضخمة وترشيح الكتب التي قرأتها للطرف الآخر. كما أنك قد تفضّل مشاهدة فيلم وثائقي عن الوظائف البيولوجية للجسم، عوضاً من فيلم فرنسي رومانسي جديد.
من جهة أخرى، هناك مؤشرات مرتبطة بالشريك. فثقتك بقدرة ذكائه المرتفعة، تجعل يقينك تاماً بأنه يستطيع فتح حوار مع عجوز حول أزمة تاريخية عايشها الأخير، كما مع شابٍ حول مباريات كأس العالم المقبلة. وحين نتحدث عن الذكاء، فهذا لا يقتصر على حل الألغاز، إنما هو ذكاء عاطفي.
أما إذا سألت نفسك إذا كان الذكاء كافياً حقاً لإقامة علاقة عاطفية ناجحة، فأنت لست من أصحاب نزعة “الانجذاب للعقول”.