لأول مرة في تاريخه، جفت مياه نهر ملوية، أحد أكبر أنهار المغرب إلى حد بات عاجزاً عن بلوغ مصبه في البحر الأبيض المتوسط، مما يهدد الأراضي الزراعية والتنوع البيولوجي في المنطقة، حسب ما ذكره الخبير البيئي محمد بنعطا.
ويوضح الخبير المتقاعد بنعطا أن أسباب هذه «الظاهرة المأساوية تعود إلى تراجع صبيب النهر بسبب الإفراط في استهلاك مياهه»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وقلبت قساوة الجفاف موازين الطبيعة في هذه المنطقة الزراعية حيث صارت مياه البحر المالحة تغزو مجرى النهر «على مدى 15 كيلومتراً»، مما دفع المزارعين على ضفتيه إلى التخلي عن زراعة أراضيهم بسبب ملوحة المياه وتأثيرها على التربة.
وفي إحدى تلك المزارع على الضفة اليسرى للنهر، تبدو ثمار البطيخ صفراء باهتة ومشوهة الشكل بسيقان جافة «تعافها حتى الخنازير»، كما يقول صاحب مزرعة في المنطقة أحمد حديوي متحسراً.
ويعاني المغرب الذي تمثل الزراعة القطاع الأساسي في اقتصاده، من توالي مواسم الجفاف في السنوات الأخيرة. ويتوقع أن يستفحل الأمر في أفق عام 2050 بسبب تراجع الأمطار (- 11 في المائة) وارتفاع درجات الحرارة (+1.3 درجات)، حسب تقرير لوزارة الزراعة. وفضلاً عن قساوة الطبيعة، يوجه جل مزارعي المنطقة الذين تحدثوا لوكالة الصحافة الفرنسية أصابع الاتهام أيضاً إلى «سوء تدبير» مياه النهر، والإفراط في استغلالها من خلال محطتين للضخ وثلاثة سدود في المنطقة. وتعطى الأولوية في الاستفادة من مياه الري لمزارع الأشجار المثمرة البعيدة عن مصب النهر، مما يمثل في نظر المزارع عبد الرحيم زخنيني (61 عاماً) «قسمة غير متكافئة».
لكن المدير الجهوي لوزارة الزراعة محمد بوسفو، يوضح أن إعطاء الأولوية لسقي الأشجار «راجع إلى أننا نعيش ظروفاً استثنائية»، فإحياء شجرة ميتة أصعب من تعويض حقل خضراوات.
ويضيف مشدداً على أن السبب الرئيسي لندرة مياه النهر هو الجفاف والملوحة. «أما محطتا ضخ المياه فليس لهما تأثير كبير على صبيبه، وقد أجريت دراسات قبل إنشائهما لتفادي أي اختلال في توازن النهر».