لليوم الرابع على التوالي تستمر الاشتباكات المسلحة بين مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” و”قوات سوريا الديمقراطية” الكردية، في شمال شرقي سوريا، وذلك إثر هجوم للمسلحين على سجن الصناعة في مدينة الحسكة، أسفر حتى الآن عن سقوط نحو 120 قتيلاً، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
عشرات القتلى بهجوم داعش على سجن الحسكة
أكد المرصد أن الاشتباكات أدت إلى مقتل 34 عنصراً منَ القوات الأمنية الكردية، و61 من داعش، و7 مدنيين منذ بدء الهجوم على السجن في شمال شرقي سوريا.
منذ مساء يوم الخميس، 20 يناير/كانون الثاني 2022، وقع تفجير واشتباكات في محيط السجن الذي يقبع فيه عناصر من تنظيم “داعش”، فيما قالت القوات الكردية التي تدير السجن في بيان، إن مقاتلي “داعش” هاجموا السجن لتهريب سجناء ينتمون للتنظيم.
في المقابل تحاول القوات الكردية احتواء هذا الهجوم الذي يعد الأكبر الذي يشنه تنظيم داعش منذ دحره في سوريا، في مارس/آذار 2019، وقالت “قوات سوريا الديمقراطية” السبت، إنها تمكنت من استعادة السيطرة على عدة نقاط في الجهة الشمالية لأسوار السجن، واعتقال مئات السجناء.
سجناء داعش لا يزالون طلقاء
لكن المرصد السوري قال إن الاشتباكات لا تزال مستمرة حتى يوم الأحد، بينما لا يزال العشرات من سجناء داعش فارّين، من دون تحديد العدد الإجمالي للسجناء الذين تمكنوا من الهرب.
كان مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي، قال إن “الوضع الاستثنائي مستمر في السجن ومحيطه، وحالياً هناك اشتباكات في الجهة الشمالية لمحيط السجن”.
من جانبها نددت الولايات المتحدة بالهجوم، مشيدة بردّ الفعل “السريع” لقوات سوريا الديمقراطية، ومشيرة إلى أن داعش يحاول تحرير معتقليه لدى هذه القوات منذ أكثر من عام.
إذ قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، السبت: “بفضل يقظتها وكفاءتها، تمكنت قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية من إحباط هجمات عدة خلال هذه الفترة، ونجحت في الحد من خطورة الهجوم الحالي”.
فيما تبنّى تنظيم داعش، عبر حساب وكالة أعماق الدعائية التابعة له على تطبيق تلغرام “الهجوم الواسع” على السجن، بهدف “تحرير الأسرى المحتجزين بداخله”، مشيراً إلى أن “الاشتباكات لا تزال جارية في محيط السجن وأحياء أخرى”.
حيث نشر التنظيم، السبت، مقطعاً مصوراً، عبر وكالة أعماق، يُظهر متطرفيه يتسللون إلى السجن في بداية الهجوم، ويطوقون ما بدا أنه مجموعة حراس، ولم يتم التمكن من صحة هذا الفيديو.
نزوح مئات المدنيين في الحسكة
إلى ذلك، فقد تسببت المعارك المستمرة بين أفراد داعش والقوات الكردية بنزوح مئات المدنيين من الأحياء المحيطة بمناطق الاشتباكات، فيما تواجه العائلات الهاربة ظروف برد الشتاء الصعبة.
من جانبه، قال شيخموس أحمد، مسؤول النازحين والمخيمات في شمال شرق سوريا بالإدارة الذاتية لوكالة الأنباء الفرنسية: “غادر الآلاف منازلهم القريبة من سجن الصناعة إلى مناطق يتواجد فيها أقاربهم، ولن يعودوا إلى منازلهم قبل عودة الأمن إلى المنطقة”.
كما قال أبو أنس، الذي أُجبر السبت على مغادرة منزله مع زوجته وأطفاله الأربعة للوكالة: “لا نعلم إلى أين نحن ذاهبون، ليس لدينا أحد نذهب إليه”.
12 ألف مقاتل من داعش في سجون القوات الكردية
تضم السجون الواقعة في المناطق الواسعة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا نحو 12 ألف مقاتل من داعش، من نحو خمسين جنسية، وفق القوات الكردية.
يرى الباحث في معهد “نيولاينز” في واشنطن، نيكولاس هيراس، في تصريح لوكالة فرانس برس، أن تنظيم الدولة الإسلامية “يحتاج إلى مزيد من المقاتلين”.
وأضاف أن “الهروب من السجون يمثل أفضل فرصة لداعش لاستعادة قوته وسلاحه، وسجن الغويران أو الصناعة، صيد ثمين للتنظيم بسبب اكتظاظه”.
في مارس/آذار 2019، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي إسقاط “دولة الخلافة” التي أقامها تنظيم داعش على مساحات واسعة في العراق وسوريا، وذلك بعد دحر آخر مقاتلي التنظيم الجهادي من آخر معقل له في بلدة الباغوز في شرقي سوريا.
منذ ذلك الحين، انكفأ مقاتلو التنظيم، لكنهم تجمّعوا ضمن خلايا متعددة في البادية السورية الممتدة بين محافظتي حمص في وسط سوريا، ودير الزور في الشرق على الحدود مع العراق.