ناقشت صحف عربية الهجوم الأخير الذي نفذّته عناصر تنظيم الدولة الإسلامية على سجن غويران في الحسكة، شمال شرقي سوريا.
وأعادت هذه الأحداث بعض الصحف إلى التساؤل حول إمكانية “عودة تنظيم ‘داعش’ من جديد”، وسط انتقادات لأطراف عدة باستثمار وجود التنظيم لخدمة أهدافها.
وأشار بعض الكتاب إلى “استثمار سياسي وعملياتي” وكذلك إعلامي لوجود التنظيم، بينما تحدث آخرون عن أهداف الهجوم على سجن الحسكة.
أهداف عملية سجن غويران
يسرد عبد الناصر العايد في صحيفة المدن اللبنانية الأهداف التي أراد التنظيم تحقيقها من عملية سجن غويران، حيث يرى أن الزعيم الجديد للتنظيم “أراد أن يبدأ عهده بعمل مجلجل يثبته في مكانه ومكانته”.
ويرى الكاتب أن زعيم التنظيم أراد أيضًا “رفد قوة التنظيم بنحو خمسة آلاف عنصر على الأقل، من خلال المقامرة بمصير ما نقدره بالمئات من العناصر الطلقاء الذين زجّوا في المعركة، إلا أن ما حدث هو خسارة المعتقلين والطلقاء معا”.
ويقول العايد إن من بين الأهداف أيضا “بسط السيطرة على رقعة ما، واستئناف حالة ‘الدولة’… وجعل التنظيم مجدداً محور اهتمام دولي، بعدما خفت نجمه، ولم يعد يسمع به أحد، وقد تحقق هذا الهدف بالتأكيد خلال أيام العملية”.
ويشير الكاتب إلى سبب فشل التنظيم في تحقيق أهدافه، ويرجعه “بالدرجة الأولى، إلى لاواقعية المخطط، الذي اعتمد على عنصرين وحسب، أي المباغتة، والانتحاريين”.
يقول محمد بشار بمقاله المنشور في صحيفتَي رأي اليوم اللندنية واليوم الثامن اليمنية إن هجمات التنظيم على سجن غويران أظهرت عدة نقاط، أهمها “فقدان الحاضنةِ الشعبية بالإضافة إلى عدم القدرة على الاحتفاظ بالمواقع االمسيطَر عليها” و هو ما يجعله “متخبّطًا ليتحول إلى مجموعة من العصابات المنفلتة و التائهة لينتهي بها الأمر إلى العودة إلى نظام الخلايا النائمة وتجميد فكرة التمدد التي تجمدت على أسوار سجن الصناعة داخل مدينة الحسكة”.
مخاوف من “عودة داعش”
ترى صحيفة رأي اليوم اللندنية أن التنظيم ربما “يحاول تعزيز صفوفه وترسانته في محاولة لإعادة التنظيم في كلا البلدين”.
وتشير الصحيفة إلى المخاوف التي أثارتها الهجمات الأخيرة بشأن “عودة ظهور التنظيم بعد تأكيدات على دحره في العراق وانحساره في سوريا”.
وفي صحيفة العرب اللندنية، يقول فاروق يوسف إن “كذبة القضاء على داعش لم تعد تقنع أحداً أو تنطلي على أحد”.
ويرى يوسف أن الأخبار عن الإعلان عن “موت التنظيم الإرهابي في أوقات مختلفة وبالأخص بعد تحرير الموصل شمالي العراق عام 2017… لم تكن صحيحة، بل إنها فُبركت من أجل أن تكون بمثابة سخرية من الآخرين الذين كُتب عليهم أن يصدقوا الأخبار باعتبارهم مجرد مواد لحروب داعش التي تم اختراعها في إطار الربيع العربي من أجل أن تعم الفوضى”.
ويضيف أن “التنظيم الإرهابي صار جزءا أساسيا من المشهد. لا تكتمل الصورة من غير داعش”.
ويختتم يوسف بالقول إنه “بالنسبة إلى الولايات المتحدة وإيران لا تختلف الحاجة إلى داعش عن الحاجة إلى الحشد الشعبي أو حزب الله أو الحوثيين… الفوضى هي المطلوبة”.
استثمار “تنظيم داعش”
يذهب زيد سفوك في مقاله على موقع إيلاف الإلكتروني إلى أن “تنظيم داعش الإرهابي لا يستطيع القيام بخطوة تصعيدية داخل أية منطقة في سوريا دون ضوء أخضر من دولة خارجية وعلى الأرجح تلك الدولة لها موطئ قدم أيضا داخل سوريا”.
يقول سفوك إن “المحاولات المتكررة في اقتحامها وتهريب عناصرها من قِبل داعش إلا لغاية العودة للإرهاب ومحاربة الكرد وتدمير منطقة شمال شرقي سوريا ومشروع الإدارة الذاتية”.
من جانبه، ينتقد منذر عيد في صحيفة الوطن السورية رفض قوات سوريا الديمقراطية الكردية (قسد) “تسليم أولئك السجناء الإرهابيين إلى الحكومة السورية لمحاكمتهم وتأمين عدم هروبهم”.
ويرى عيد أن “ميليشيات ‘قسد ‘ وسيدها الأمريكي، حريصون كل الحرص على عدم التفريط بورقة الإرهاب، أو التخلي عنها، لطالما استثمروا بها كثيرا، ويتخذونها سبباً لإبقاء المنطقة سواء شرقي سوريا أو العراق، رهينة فزاعة اسمها إرهاب داعش”.
ويتحدث ماجد السامرائي في صحيفة العرب اللندنية عن “الاستثمار السياسي والعملياتي المتجدد لتنظيم داعش من قبل قوى النفوذ في الشأن العراقي والأطراف السياسية الولائية التي وصلت إلى طريق مسدود بعد فشل وسائل وأدوات رتيبة لاستعادة مكانتها السياسية التي خسرتها في الانتخابات الأخيرة”.
ويرى السامرائي أن “نشاط داعش الأخير مقصود ومنظم لعرقلة العملية الانتقالية لتشكيل الحكومة الجديدة من دون القوى الولائية وإرباك الوضع الأمني العام”.
ويرى ياسر أبو هلالة في صحيفة العربي الجديد اللندنية أن هناك استغلالا إعلاميا للهجوم على السجن لتصوير كيف “نجحت قوات سوريا الديمقراطية بدعم أمريكي في تحرير سجن الحسكة من مقاتلي داعش دون النظر لمصير آلاف الأطفال الأبرياء في السجن”.
ويرى الكاتب أن “هجوم داعش شكّل فرصة للتذكير بكارثة أسر الدواعش، في حين أن القصة المسيطرة على عناوين الأخبار هي عودة داعش وكيفية مواجهة خطره الداهم”.
وينتقد أبو هلالة “تنكّر دول عربية وغربية لمواطنيها، مقاتلين مذنبين كانوا أم أسرا بريئة تُعاقب بجريرة الآباء، والعالم يتفرّج على الجريمة البشعة المرتكبة يوميا وبرعاية أمريكية، وهو ما يساهم في صناعة نسخة جديدة من داعش،، سواء داخل المعتقلات أم من ذويهم خارج المعتقلات، والذين يرون كل هذا الظلم بلا أفق”.