كتب الروائي السعودي عبد الرحمن منيف: “الوطن وهم كبير عندما نقابله بالحب والعطاء، ويقابلنا بالقمع والتشرد… عندما نراه جنة موعودة، ويصرّون على أن يحولوه إلى زنزانة كبيرة “. فعلاً ومئة في المئة. كيف لا ونحن نعيش في بلدان يكاد لا يجد فيها كثر وظيفة، ولا رعاية صحية، ولا مسكنا دافئاً، ولا استفادة من التعليم والاستشفاء؟
كيف يمكن أن نلخّص ما يعيشه المواطنون العرب والمواطنات العربيات؟ هل يختلف اثنان على ما يقاسونه باستمرار، وعلى وصولهم إلى درجة شعورهم بالرخص والدونية في أحيان كثيرة؟ أي أوطان هي هذه إذا لم تؤمن لبناتها وأبنائها حقوقهم كاملةً، بلا تمييز أو حرمان؟ ثم ما هي مبادئ المواطنة الحقيقية، وهل يشعر بها العرب؟
الحقوق والواجبات، مفردتان تترددان على ألسنة كثر، غالباً من دون وعي فعلي بمعانيهما. إذا نظرنا عميقاً في أحوال الدول العربية، فلن نجد من الحقوق إلا الفتات، ولن نلمس من إتمام الواجبات إلا ما هو نادر وهامشي. قيامة الأوطان التي تتعزز فيها قيمة المواطنة، لا تكون إلا بالشراكة بين ما على الدولة تجاه مواطنيها، وما على هؤلاء تجاه دولتهم، وهذه الشراكة فُضَّت منذ زمن في معظم الدول العربية. يكفي أن يسأل كل منّا نفسه عمّا له/ا وما عليه/ا، ليعي مأساوية الواقع. يزيد الطين بلّة، إذلالُ المسؤولين للمواطنين. بعض هؤلاء المتحكمين بالسلطة والنفوذ، يتعالون بتصريحاتهم وأفعالهم وكأن المواطن يشحذ منّة ولا يطالب بحقّ.
ورغم الثورات العربية التي حاول من خلالها الشباب العربي إعادة صياغة العقد الاجتماعي بين المواطن والسلطة، إلا أن الواقع لم يتغيّر. بات طموح المواطن العربي الأقصى اليوم، فقط ألا يُهان! أن يشعر بأن له مكانةً وقيمةً وبأنّ لحياته أهميةً ومعنى في بلده.
فهل يتحقق هذا الطموح؟
جمانة حداد