مع بدايةِ الشهرِ خاض الموظّفون والعسكريون أولى المواجهاتِ تحصيلاً للراتبِ الذي أصبح مدولراً وعلى سعرِ مِنصة صيرفة وما دونَ السوقِ السوداء ومن قُدّر له الولوجُ إلى أقربِ مصرف وقع أسير راتبه وتحويله الى عملة صعبة لكن بخسارة مدوية وفي يومِ التدافعِ نحوَ المصارفِ تدخّل المركزيُّ فأعلنَ أنه سيُتيحُ للمصارفِ الحصولَ على سيولةٍ نقديةٍ بالليرةِ في مقابلِ بيعِ دولاراتِها الورقيةِ على سعرِ مِنصةِ صيرفة وذلك عبرَ المِنصة، ما سيؤشّرُ إلى أنّ الازْمةَ ستُحَلُّ ابتداءً مِن صباحِ الأربِعا، وستكونُ الليرةُ اللبنانيةُ متوافرةً بالمصارف وعلى سعرِ صيرفة سياسية كان المتلاعبون بالعملاءِ والمودِعينَ اللبنانيين يتراشقون بمذكِّراتٍ تأخذُ القضاءَ رهينةً وتودِعُه في صناديقِ حروبِ الإلغاء وبعد توطئةٍ مِن بعبدا اتّخذت مدعيةُ جبلِ لبنان غادة عون اليومَ قرارًا كلّفت بموجِبِه جِهازَ أمنِ الدولةِ تنفيذَ مذكِّرةِ إحضارٍ أصدرتْها بحقِّ حاكمِ البنكِ المركزيّ رياض سلامة وسَوقِه للتحقيقِ قبلَ اربعٍ وعشرينَ ساعةُ من جلسةٍ حدّدتها في الخامسَ عَشَرَ من شُباط َالمقبل وقرارُ غادةِ القضاءِ هذا اتُّخذ بعد أن تمنّعت بشخصِها عن تبليغِ كفِّ يدِها عبرَ المباشِرِ الرسميِّ مرّتينِ متتالتَين.. ولمّا اُودعَ تمرّدُها لدى التفتيشِ القضائيِّ برئاسةِ القاضي بُركان سعد فقد اكتَشف أنّ القاضيَ المذكور قد أُخمدت حُممُ بُركانِه منذ وقتٍ طويلٍ وأنّه امتَنعَ عن بتِّ شكاوى تخصُّ القاضيةَ عون وبلغَت اثنتي عشْرةَ دعوى والبُركانُ كانَ اسماً على غيرِ مُسمَّى.. فلم يرَ اللبنانيونَ سعدَه القضائيّ ولم يَعثروا على بقايا جَمرِه البُركانيّ.. وقد آثرَ في كلِّ شكوى أن يتذرّعَ بمزيدٍ من الدرسِ إلى أن يَقضيَ اللهُ أمرًا كانَ مفعولا ويُحالَ رئيسُ التفيشِ إلى التقاعدِ بعدَ ستةِ أشهر ويتظهرُ مِن هذهِ الدائرةِ المتشابكة أنّ القرارَ سياسيّ .. يُرمى في الملاعبِ الماليةِ وحقوقِ الناس.. وبينَ عونٍ يتحيّنُ فرصةَ قطفِ رأس مالي.. وعونٍ ثانٍ ” يباشرُ التنفيذ” نصبحُ أمامَ عُصفوريةٍ لا يَبُتُّها أيُّ مرجِعٍ قضائيٍّ آخر ..ويقفُ التفتيشُ بينَ الطرفَينِ متحسّساً مستقبَله التقاعديّ ولعلَّ المثالَ الاكثرَ قُدوةُ للجميعِ جسّده قاضي التحقيقِ في جريمةِ المرفأِ طارق البيطار.. الذي عَرَفَ كيف يكونُ نجماً وطنياً ومرجِعاً قضائياً.. يحقّقُ ويلتزمُ الإجراءاتِ الواجبَ تطبيقُها في الوقتِ نفسِه. وهو الرجلُ الذي قامت عليهِ حروبُ الدنيا داخلياً.. صَمد ولم يترجّلْ لكنه أتبعَ الاصولَ ونفّذ القانونَ عندما فُرض عليه كفُّ اليد وفي ظِلِّ اندلاعِ حروبٍ مَصرِفيةٍ مركزيةٍ ومعاركِ جلبٍ وتوقيف وحصدِ شعبيةٍ انتخابيٍة على حسابِ مصالحِ المواطنيين فإنّ المشهدَ السياسيَّ تراجعَ خُطُواتٍ الى الوراء.. الموازنةُ الى جلسةِ ضرائبَ غيرِ محسوبةِ النتائج.. رئيسُ الحكومةِ غادر الى السلطنةِ العُثمانيةِ معَ إقفالِ الابوابِ العربية.. ووزيرُ خارجيةِ الفاتيكان وصل الى بيروت حاملاً رسالةً من البابا فرنسيس وبينما كانَ المونسينور بول ريتشارد غالاغير يُبلِغُ رئيسَ الجُمهورية ميشال رسالةَ الحَبْرِ الأعظم .. اختارَ بابا روما استقبالَ ميشال عون لكن من صنع الله .. ومن فئة المطران وقال امامه مع وفد كاريتاس :سأزورُ لبنان، لاني وعدتُ بذلك وسأنفّذ. لبنانُ يتألمُ كثيرًا، ولا يقدِرُ أن ينهضَ مِن دون همةِ شعبِه الذي يجبُ أن ينتفضَ كي لا تقعَ أرزاتُ لبنان”. فهل ينهض .. وينتفض ؟