توصلت دراسة جديدة إلى أن كهفا على أحد التلال يطل على وادي الرون الخلاب في جنوب فرنسا، اجتذب كلاً من الإنسان البدائي «إنسان نياندرتال» والإنسان الحديث، قبل فترة طويلة من الاعتقاد بأن هذا الأخير قد وصل إلى هذا الجزء من أوروبا.
وفي ورقة بحثية نشرتها مجلة «ساينس أدفانسيس» أول من أمس، وصف باحثون من أوروبا والولايات المتحدة العثور على بقايا متحجرة من الإنسان الحديث وأدوات تخص إنسان نياندرتال في كهف ماندرين، الذي سمي على اسم بطل شعبي فرنسي من القرن الثامن عشر. وتقدم هذه النتائج أدلة أثرية على أن إنسان نياندرتال والإنسان الحديث ربما تعايشوا في المنطقة نفسها من أوروبا خلال الفترة الزمنية نفسها.
وباستخدام تقنيات جديدة، قام المؤلفون بتأريخ بعض البقايا البشرية للإنسان الحديث منذ حوالي 54 ألف عام، أي قبل 10 آلاف عام تقريبًا من الاكتشافات السابقة في أوروبا.
ويقول مايكل بتراجليا، الخبير في عصور ما قبل التاريخ في معهد ماكس بلانك الألماني لعلوم تاريخ البشرية في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد بالتزامن مع الدراسة «هذه الاكتشافات في الكهف الذي يبعد 140 كيلومترًا (87 ميلاً) شمال مدينة مرسيليا الفرنسية الواقعة على البحر المتوسط لها آثار كبيرة على فهم انتشار الإنسان الحديث وتفاعله مع إنسان نياندرتال».
واكتشف الباحثون مئات الآلاف من القطع الأثرية التي تمكنوا من نسبها إلى إنسان نياندرتال أو الإنسان الحديث، وشملت تلك القطع الأدوات الحجرية المتقدمة التي استخدمها الإنسان الحديث – أقرب أسلافنا – للقطع أو الكشط وكأطراف رمح.
وتم العثور على أدوات مماثلة من الفترة نفسها تقريبًا على بعد حوالي 3000 كيلومتر (ما يقرب من 1900 ميل)، في لبنان الحالي، مما يشير إلى أن البشر الذين لديهم ثقافة مشتركة ربما سافروا عبر البحر الأبيض المتوسط، كما يقول لودوفيك سليماك، أحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة.
وفي حين لم يعثر الباحثون على أي دليل على وجود تبادلات ثقافية بين إنسان نياندرتال والإنسان الحديث الذين تناوبوا في الكهف، فإن الاكتشفات تقلب الفكرة القائلة إن معظم القارة الأوروبية كانت مجالًا حصريًا لإنسان نياندرتال حتى 45000 عام مضت، كما تقول كاترينا هارفاتي، أستاذة علم الإنسان القديم بجامعة توبنغن بألمانيا، والتي لم تشارك في الدراسة