بعد أشهر على حشد القوات الروسية على حدود أوكرانيا، صاحبتها حرب إعلامية متبادلة بين الطرفين، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فجر الخميس 24 فبراير/شباط 2022، بدء عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا وتحديداً بإقليم دونباس (شرقي البلاد)، في وقت قال فيه وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في تغريدة على تويتر إن روسيا بدأت غزواً واسع النطاق لأوكرانيا، وتستهدف المدن بضربات جوية وبرية. فما سيناريوهات حرب روسيا على أوكرانيا المطروحة على الطاولة، وإلى أين ستصل الأمور؟
ما سيناريوهات حرب روسيا على أوكرانيا؟
منذ وقَّع بوتين الإثنين، 21 فبراير/شباط، مرسوماً يعترف باستقلال دونيتسك ولوغانسك، وهما منطقتان انفصاليتان تقعان في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، ازدادت المخاوف من أن الخطوة التالية لموسكو ستكون إرسال قوات إلى تلك المناطق، ومن ثم إعلان ضمها إلى روسيا، وهو السيناريو الذي نفذه بوتين في شبه جزيرة القرم عام 2014.
وأولى خطوات ذلك هي ما حدثت صباح الخميس، فقد أعلن الرئيس الروسي عن بدء عملية عسكرية في دونباس، وقال إن “مجمل تطورات الأحداث وتحليل المعلومات يُظهر أن المواجهة بين روسيا والقوى القومية في أوكرانيا لا مفر منها، إنها مسألة وقت”، بحسب وكالة سبوتنيك الروسية.
لكن على ما يبدو أن القوات الروسية لن تتوقف عند إقليم دونباس؛ إذ تستهدف الضربات العسكرية والقصف الروسي منذ صباح الخميس عدة مناطق في أوكرانيا وحتى العاصمة كييف، في حين تقول الحكومة الأوكرانية إن القوات الروسية بدأت عملية عسكرية للسيطرة على مدينة خاركيف شمال شرقي البلاد. وفيما يلي سيناريوهات الحرب الروسية المتوقعة في أوكرانيا بعد بدء غزوها.
1- احتلال دونيتسك ولوغانسك بالكامل والتوسع غرباً
السيناريو الأول هو ما يتحقق بالفعل الآن؛ إذ تفعل روسيا ما كانت تفعله ببساطة في الخفاء لمدة سبع سنوات: إرسال قوات إلى دونيتسك ولوغانسك، وهي مناطق انفصالية في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، إما لتوسيع حدودها غرباً بعد الاعتراف بهما على أنهما دولتان مستقلتان عن أوكرانيا، كما فعلت روسيا بعد إرسال قوات إلى أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وهما منطقتان جورجيتان، في عام 2008.
وتُقدّر مساحة إقليم دونباس إجمالاً بنحو 52.3 ألف كيلومتر مربع، ويسيطر الانفصاليون في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك على نحو ثلث مساحة الإقليم فقط، بينما تسيطر القوات الأوكرانية على الثلثين الباقيين، ويتواجه الطرفان على طول خط التَّماس داخل الإقليم، وهو يمثل خط وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه عام 2015 على أساس اتفاقيات مينسك.
في عام 2019، وقع فلاديمير بوتين مرسوماً يمنح سكان دونيتسك ولوغانسك فرصة للحصول على جواز سفر روسي من خلال إجراء مبسط. بحلول يناير/كانون الثاني 2020، كان أكثر من 720.000 قد فعلوا ذلك. والآن يتم تصنيف هؤلاء الأشخاص رسمياً على أنهم “مواطنون روس مقيمون في دونباس”، مما له عواقب متعددة منها إمكانية ضم الإقليم لروسيا. ويمنحهم هذا الوضع الحق في المطالبة بمدفوعات الضمان الاجتماعي والمعاشات التقاعدية الروسية، ويسهل عليهم العمل في روسيا.
وأقرت الجمهوريتان الانفصاليتان في منطقة الدونباس اللغة الروسية كلغة رسمية في عام 2020. ومنذ ذلك الحين، أوقفت المدارس المحلية تدريس اللغة الأوكرانية والتاريخ الأوكراني. واختفت اللغة الأوكرانية من المجال العام ومن الوثائق الرسمية ومن وسائل الإعلام. ومنذ نحو عامين، بدأت الأعلام الروسية تحل محل أعلام المنطقتين في المباني الإدارية المحلية والشوارع والميادين.
2- الاستيلاء على 300 كيلو جنوب أوكرانيا لربط روسيا بشبه جزيرة القرم برياً
السيناريو الثاني، والذي تمت مناقشته على نطاق واسع في السنوات الأخيرة لدى أجهزة المخابرات الغربية، كما تنقل مجلة الإيكونومست البريطانية في تقرير سابق، هو أن روسيا قد تسعى إلى إنشاء جسر بري إلى شبه جزيرة القرم، المنطقة التي ضمتها إليها في عام 2014. وسيتطلب ذلك الاستيلاء على 300 كيلومتر من الأراضي على طول بحر آزوف الأوكراني.
وسيؤدي ذلك إلى توسيع السيطرة الروسية في منطقة تعرف باسم نوفوروسيا، أو روسيا الجديدة، وهي جزء تاريخي من الإمبراطورية الروسية على طول البحر الأسود، وتقول مجلة economist إنه سيكون لتلك المنطقة ميزة ملموسة أكثر في التخفيف من نقص المياه في شبه جزيرة القرم.
سيكون مثل هذا “الاستيلاء المحدود” على الأراضي في حدود قدرات القوات التي يتم حشدها حالياً في غرب روسيا، لكن الأمر الأقل وضوحاً هو ما إذا كانت ستخدم أهداف الكرملين الحربية. فإذا كان هدف روسيا هو منع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو أو التعاون مع الحلف، فمن غير المرجح أن يؤدي تعزيز السيطرة على منطقة دونباس أو قطعة أرض صغيرة في جنوب أوكرانيا إلى ركوع الحكومة في كييف لبوتين. وهو ما يحيلنا إلى السيناريو الثالث.
3- احتلال العاصمة الأوكرانية كييف بالكامل وإسقاط النظام
السيناريو الثالث المطروح، هو تغيير الحكومة في كييف بالقوة بعد احتلال العاصمة بالكامل، كما فعلت أمريكا في أفغانستان والعراق. وبعد أن يتم التخلص من الحكومة الحالية وسلطات الدولة، سيتم استبدالها بأشخاص موالين لموسكو (ومملوكين لها)، وهذا السيناريو هو “قطع الرأس”.
وقد تلجأ روسيا إلى فرض تكاليف باهظة على أوكرانيا، سواء من خلال تدمير قواتها المسلحة أو تدمير بنيتها التحتية الحيوية، أو احتلال مساحات كبيرة من أراضيها، حتى يوافق قادتها على قطع علاقاتهم مع الغرب، وبالتالي منعها من الانضمام لحلف “الناتو”، وبالطبع جميع هذه السيناريوهات يتطلب حرباً كبيرة.
وحول ذلك يقول تحليل سابق لصحيفة The Guardian البريطانية إنه إذا سمحت بيلاروسيا لروسيا بالهجوم من أراضيها، فيمكن الاقتراب من العاصمة الأوكرانية كييف من الغرب وتطويقها. وتتواجد قوات روسية بالفعل على الأراضي البيلاروسية بعد أن أجرى البلدان تدريبات عسكرية مشتركة خلال الأسابيع الماضية، كما تنشر روسيا على عدة نقاط حدودية بين أوكرانيا وبيلاروسيا أنظمة صاروخية دفاعية.
وبحسب الغارديان، يتعيَّن على روسيا أن تقرر كيفية التعامل مع المدن الأوكرانية، وخاصة كييف، التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، ولكن أيضاً مع خاركيف في الشمال الشرقي، ويبلغ عدد سكانها ما يقرب من 1.5 مليون نسمة. وتضيف الصحيفة البريطانية أن حرب المدن قد تكون صعبة على موسكو؛ بسبب خشيتها من فاتورة أضرار كبيرة.
وتشير التكهنات الغربية حول خطط روسيا، المستندة جزئياً إلى التسريبات الظاهرة التي نُشرت في صحيفة بيلد الألمانية الشهر الماضي، إلى أن الكرملين سيحاصر مدينة خاركيف وفي نهاية المطاف العاصمة كييف، وسيقطع الإمدادات عنها، على أمل أن تستلم القوات الأوكرانية في النهاية على طريقة الحروب في العصور الوسطى.
ويقول محللون غربيون إن تطويق كييف ليس بالأمر السهل، تقع النقاط الرئيسية للمدينة، بما في ذلك القصر الرئاسي، إلى الغرب من نهر دنيبر الذي يسهل الدفاع عنه، والذي يمتد إلى الحدود مع بيلاروسيا. وبالتالي فإن أبسط طريقة لعبور النهر هي العبور في منطقة آمنة، من بيلاروسيا في الشمال. وسيتطلب ذلك دعم مينسك، وهو أمر محتمل للغاية بالنظر إلى التقارب الأخير مع موسكو.
وحتى لو لم يفعل بوتين ذلك، فإن وجود حامية عسكرية روسية دائمة في بيلاروسيا ستكون له مزايا للكرملين، كتهديد محتمل ليس فقط لأوكرانيا ولكن لدول البلطيق في الشمال؛ حيث يقول المحللون الغربيون إن ذلك سيخلق قاعدة عسكرية كبيرة من شأنها أن تمنح روسيا هيمنة جوية على الجناح الشرقي لحلف الناتو.
4- حرب استنزاف طويلة الأمد حتى تركيع النظام الأوكراني
السيناريو الرابع، هو الاستمرار في إنهاك النظام الأوكراني لفترة أطول وتدمير البنية التحتية دون اكتساح البلاد بشكل كامل، وذلك عبر الاعتماد بشكل كبير على استخدام أسلحة “المواجهة” لتخفيف خسائر القوات على الأرض بأكبر شكل ممكن، ومحاكاة حرب الناتو الجوية ضد صربيا في عام 1999؛ إذ إن الضربات التي تشنها قاذفات الصواريخ الروسية ستحدث دماراً كبيراً. ويمكن استكمال هذه المهمة بمزيد من الأسلحة الجديدة، مثل الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الأوكرانية مثل تلك التي عطلت شبكة الكهرباء في البلاد في عامي 2015 و 2016.
ومن شأن معاقبة أوكرانيا وتركيعها بهذه الطريقة أن يخفض الخسائر بالنسبة لموسكو. ويمكن لروسيا تخفيف الضغط صعوداً وهبوطاً بمرور الوقت، يتخلل ذلك فترات توقف لتكرار أو تصعيد المطالب.
لكن المشكلة هي أن حملات القصف هذه تميل إلى أن تستمر لفترة أطول وتثبت أنها أصعب مما تبدو عليه في البداية، كما يشير إلى ذلك الباحث كير جايلز من مؤسسة تشاتام هاوس في لندن، وإذا اندلعت الحرب، فمن المرجح أن تكون ضربات المواجهة مقدمة ومرافقة لحرب برية بدلاً من أن تكون بديلاً عنها.
موجة قصف ثانية تتعرض لها العاصمة كييف.. أوكرانيا تعلن سقوط قتلى في أوديسا (فيديو)
قال مراسل لوكالة رويترز، الخميس 24 فبراير/شباط 2022، إن دويّ انفجار سُمع في العاصمة الأوكرانية كييف ظهراً، ضمن سلسلة انفجارات بدأت بعدما شنت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، فيما قال مستشار للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في إفادة صحفية، إن أوكرانيا تتعرض لموجة ثانية من الضربات الصاروخية.
مسؤول في وزارة الداخلية الأوكرانية قال إن ضربات صاروخية استهدفت مراكز القيادة العسكرية في عدة مدن منها كييف، وأفاد شهود عيان بتصاعد دخان أسود فوق مقر المخابرات التابعة لوزارة الدفاع في وسط كييف.
وأعلنت السلطات الإقليمية في أوكرانيا بدورها عن سقوط 18 قتيلاً على الأقل في هجوم صاروخي على مدينة أوديسا.
وتقول السلطات في كييف إن الموجة الأولى، التي انطلقت بعد وقت قصير من الأمر الذي أصدره بوتين بشن عملية عسكرية صباح اليوم، أصابت مراكز القيادة العسكرية وأبنية أخرى في عدة مدن أوكرانية.
يأتي هذا بعد إعلان الرئيس بوتين بدء عملية عسكرية خاصة في إقليم دونباس (شرقي أوكرانيا)، في وقت قال فيه وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، في تغريدة، إن روسيا بدأت غزواً واسع النطاق لأوكرانيا، وتستهدف المدن بضربات بالأسلحة، في حين قال مسؤول بحلف شمال الأطلسي (الناتو) إن غزو روسيا لأوكرانيا بدأ في الأغلب.
فيما قال مستشار لوزير الشؤون الداخلية الأوكراني، الخميس، إن ما لا يقل عن ثمانية أشخاص قُتلوا وأصيب تسعة جراء القصف الروسي، مع شن موسكو هجوماً جوياً وبرياً كبيراً على جارتها، في وقت قالت فيه وزارة الدفاع في روسيا إن ضرباتها الجوية على أوكرانيا لا تستهدف المدن، ولا تمثل خطراً على المدنيين.
وقالت قوات حرس الحدود إن أرتالاً من الجيش الروسي عبرت الحدود الأوكرانية، إلى مناطق تشيرنيهيف وخاركيف ولوغانسك.
ونشرت وكالة الأناضول الإخبارية صوراً لمدنيين أصيبوا خلال القصف الروسي، حيث ظهرت امرأة مصابة في غارة تقول أوكرانيا إنها روسية، استهدفت مجمعاً سكنياً خارج خاركيف، فيما ظهر أحد المواطنين وهو يجلس قرب جثة أحد أقاربه الذي قُتل في القصف.
وسط هذه التوترات، توجه العديد من الأوكرانيين إلى الخروج من بلادهم خوفاً من تصعيدات، خاصة أن إعلان بوتين تلاه قصف واستهداف مواقع بمدن أوكرانية أخرى، بينها كييف وخاركيف.
صور وفيديوهات تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي وصحف محلية أظهرت طوابير من المواطنين الأوكرانيين على آلات سحب الأموال، فيما أظهرت فيديوهات أخرى طوابير الأوكرانيين في محلات تجارية.
كما وثَّق أحد الفيديوهات تجمُّع العشرات من الأوكرانيين في العاصمة كييف، في انتظار الحصول على الوقود، ليتمكنوا من الخروج من المدينة التي امتلأت طرقاتها واكتظت بالسيارات، في محاولة للهروب من الحرب.
فيديو مؤثر لأوكرانيين يؤدون “صلاة” بأحد الميادين العامة تزامناً مع بدء الهجوم الروسي
انتشر مقطع فيديو لمواطنين في أوكرانيا يصلون في ميدان مدينة خاركيف بعد الهجوم الروسي على البلاد، الذي بدأ فجر الخميس 24 فبراير/شباط 2022، بإعلان من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
إذ نشرت مذيعة شبكة CNN الأمريكية، ناتاشا بيرتراند، مقطع الفيديو على حسابها في تويتر، حيث شوهد أكثر من 605 آلاف مرة، وفق ما ذكرته مجلة Newsweek الأمريكية.
في الفيديو تظهر الكاميرا وهي تقترب من مجموعةٍ من الأشخاص الجالسين في دائرة، بينما يقف أحدهم لتأدية صلاةٍ على ما يبدو. وبعد مقدمةٍ من المذيع دون ليمون، شرحت كلاريسا ما كانت تشاهده هي وفريق التصوير.
قالت: “أعتقد أن هذا المشهد هو خير مُعبّرٍ عن اليأس في اللحظة الحالية. نحن نشاهد الآن مجموعةً صغيرة من الناس، وآمل أن تستطيعوا رؤيتهم أيضاً عبر عدستنا هنا. مجموعة صغيرة اجتمعت في ميدان المدينة لترفع أيديهم إلى السماء وتصلي”.
أضافت أن سبب ذلك هو أنهم “ليست لديهم أدنى فكرة عما ينتظرهم، أو ما يُخبّئه القدر للشعب الأوكراني في الساعات والأيام المقبلة. الجو باردٌ للغاية هنا، ولهذا فإنّ رؤية هؤلاء الناس جالسين هنا على الأرض الباردة للصلاة هي أمرٌ مؤثرٌ للغاية بكل صدق. وأعتقد أنه يُعبّر عن حالة الأوكرانيين العاديين هنا. إذ لم يفعلوا أي شيء ليستحقوا ذلك. وليست لديهم أي خلافات مع روسيا”.
تحذير بويتن من التدخل في أوكرانيا
فيما أصدر بوتين تحذيراً لأي بلدٍ يُفكّر في التصدي لعمليته العسكرية في أوكرانيا، قائلاً: “نحن جاهزون لأي نتيجةٍ محتملة”. بينما قابل زعماء العالم الغزو الروسي بالإدانة، وأبرزهم الرئيس الأمريكي جو بايدن.
إذ قال في تغريدة: “روسيا هي المسؤولة الوحيدة عن الموت والدمار الذي سيجلبه هذا الهجوم، وسوف ترد الولايات المتحدة مع حلفائها وشركائها بطريقةٍ حاسمة ومُوحّدة. والعالم سيُحاسب روسيا”.
ذكر كذلك أنّه تحدّث إلى رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، قائلاً: “لقد أطلعته على الخطوات التي نتخذها لحشد الإدانة الدولية، وهذا يشمل ما سيحدث الليلة في اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
أوكرانيا تحت القصف ومحاصرة من 3 جهات ونزوح للمدنيين.. كل ما نعرفه عن الهجوم الروسي على كييف
استيقظت أوكرانيا، صباح الخميس 24 فبراير/شباط 2022، على أصوات صافرات الإنذار، ودوي الانفجارات، معلنة ساعة الصفر للهجوم الروسي على البلاد، في مشهد حذرت منه الحكومة في كييف مراراً وتكراراً، لكنها لم تستطع تجنبه.
فمع ساعات الفجر، خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معلناً انطلاق عملية عسكرية في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، قائلاً إن “المواجهة بين روسيا والقوى القومية في أوكرانيا لا مفر منها.. إنها مسألة وقت”، وفق ما أورد موقع سبوتنيك الروسي.
الانفجارات تهز المدن الأوكرانية
لم تمض سوى دقائق على خطاب بوتين، حتى بدأت صافرات الإنذار تدوي بالمدن الأوكرانية تتبعتها أصوات الانفجارات الناتجة عن قصف روسي، استهدفت أهدافاً في العاصمة كييف، ومدينة خاركيف ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا بعد العاصمة من حيث المساحة وعدد السكان، إضافة إلى مدينة أوديسا التي تعد واحدة من المدن الكبرى في جمهورية أوكرانيا.
كما شمل القصف كلاً من مدن: كرامتورسك، ماريوبول، لفيف حتى اللحظة.
إلى جانب ذلك، وردت تقارير عن عبور قوات روسية الحدود الشرقية لأوكرانيا من منطقة خاركيف، إضافة إلى تحرك المدرعات الروسية من شبه جزيرة القرم، مما يشير إلى هجوم ثلاثي الأبعاد من الشمال والجنوب والشرق، حيث نشرت رويترز مقطع فيديو لدبابات روسية في ماريوبول.
كما نقلت وكالة الإعلام الروسية عن الانفصاليين المدعومين من روسيا في شرق أوكرانيا قولهم إنهم استولوا على بلدتين في منطقة لوغانسك الأوكرانية، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز
الأهداف التي استهدفتها روسيا
بعد الموجة الأولى من القصف، أعلنت وزارة الدفاع الروسية تحييد البنى التحتية العسكرية في أوكرانيا بأسلحة عالية الدقة، مؤكدة أن العملية العسكرية الخاصة بمنطقة دونباس شرقي أوكرانيا لا تشكل خطراً على المدنيين في البلاد.
التصريح الروسي قابله تأكيد من أوكرانيا، عندما كشف وزير الدفاع الأوكراني عن أن وحداته ومراكز التحكم العسكرية والمطارات في شرق أوكرانيا تتعرض لقصف روسي مكثف.
وأظهرت العديد من الفيديوهات التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي عمليات القصف التي استهدفت بعض المناطق، إضافة لحالة من الفوضى عمت العديد من المناطق الأوكرانية.
لم يتضح بعد النطاق الكامل للعملية العسكرية الروسية، لكن بوتين قال في خطابه الذي سبق الهجوم بقليل، إن خطته لا تشمل احتلال الأراضي الأوكرانية، مؤكداً “لن نفرض أي شيء بالقوة “.
يذكر أن بوتين والمسؤولين الروس نفوا مراراً التخطيط لهجوم عسكري على أوكرانيا، بحسب ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية.
رد الفعل الأوكراني
بعد خطاب بوتين، حاول رئيس أوكرانيا فلوديمير زيلينسكي تدارك الموقف، وقام بالاتصال فوراً ببوتين، لمحاولة إثنائه عن الهجوم، إلا أنه اصطدم بصمت من موسكو، حيث لم يُجب أحد على اتصاله، وفقاً لوكالة الأناضول التركية.
على الفور، أعلن زيلينسكي الأحكام العرفية في جميع أنحاء البلاد، وناشد زعماء العالم فرض جميع العقوبات الممكنة على روسيا ومنها عقوبات على الرئيس بوتين.
وبعد عدم تمكنه من مخاطبة نظيره الروسي، توجه الرئيس الأوكراني في خطابه إلى الأمة الروسية، لا بصفته رئيساً لأوكرانيا، ولكن بصفته مواطناً أوكرانياً، على حد تعبيره، وقال في خطابه إن أوكرانيا وروسيا تجمعهما ألفا كيلومتر من الحدود المشتركة.
بعد ساعات قليلة، أعلن المسؤولون الأوكرانيون تعليق الحركة الجوية المدنية الداخلية، حيث بدا أن بعض الضربات الروسية كانت قريبة من المطار المدني الرئيسي في كييف.
لكن الجيش الروسي قال إنه استهدف قواعد جوية أوكرانية وأصولاً عسكرية أخرى ولم يستهدف مناطق مأهولة.
حالة رعب بالمدن الأوكرانية
بالتزامن مع إعلان بوتين بدء عملية عسكرية خاصة في إقليم الانفصاليين بأوكرانيا، سادت حالة من الخوف والقلق لدى الأوكرانيين الذين قرروا الخروج من بلادهم خوفاً من تصعيدات.
صور وفيديوهات تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي وصحف محلية أظهرت طوابير من المواطنين الأوكرانيين على آلات سحب الأموال، فيما أظهرت فيديوهات أخرى طوابير الأوكرانيين في محلات تجارية.
كما وثَّق أحد الفيديوهات تجمُّع العشرات من الأوكرانيين في العاصمة كييف، في انتظار الحصول على الوقود، ليتمكنوا من الخروج من المدينة التي امتلأت طرقاتها واكتظت بالسيارات، في محاولة للهروب من الحرب.
يذكر أنه ومنذ منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021، تقوم روسيا ببناء قوة عسكرية هائلة على طول الحدود الأوكرانية، يصل عددها إلى 190 ألف جندي، وفقاً لمسؤولين أمريكيين وأوكرانيين.
لكن في الأسابيع الأخيرة، نما تواجد القوات الروسية في تلك المنطقة، وانضم لها مجموعات متفرقة في تشكيلات تكتيكية. فيما بدا أنهم مستعدون لمهاجمة أوكرانيا من ثلاثة اتجاهات، بحسب محللين عسكريين: الشمال والشرق والجنوب، بحسب ما ذكرته صحيفة The new york times الأمريكية
يذكر أن القوات المنتشرة في شمال أوكرانيا، وبالتحديد في منطقة بيلاروسيا، يمكن أن تصل بسرعة إلى العاصمة كييف، كما يمكن أن تهدد القوات البحرية الروسية في البحر الأسود الساحل الجنوبي لأوكرانيا.
فيديوهات تظهر استهداف مروحيات روسية، وموسكو تعترف بتحطُّم سفينتَيْ شحن في قصف أوكراني (فيديو)
قالت وكالة أنباء روسية إن سفينتي شحن روسيتين تعرضتا لضربة صاروخية أوكرانية، فيما أعلنت كييف أنها استهدفت 3 طائرات هليكوبتر روسية، أظهرت سقوطها وتحطمها فيديوهات تداولها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن صباح الخميس، 24 فبراير/شباط 2022، بدء عملية عسكرية ضد أوكرانيا، في وقت أكدت فيه كييف أن مدناً أوكرانية تعرضت لهجمات سقط فيها عدد من المدنيين والجنود قتلى.
في أحدث التطورات قالت وكالة تاس الروسية للأنباء، نقلاً عن جهاز الأمن الاتحادي، إن اثنتين من سفن الشحن المدنية الروسية تعرضتا لضربة صاروخية أوكرانية في بحر آزوف، ما تسبب في سقوط ضحايا.
فيما أعلن مسؤول بوزارة الداخلية الأوكرانية إسقاط 3 طائرات هليكوبتر روسية.
وفي آخر إحصائية لوزارة الدفاع الأوكرانية قالت فيها إن 50 جندياً روسياً قد قُتلوا، كما تم إسقاط 7 مقاتلات وتدمير 4 دبابات تابعة لموسكو، ولكن سبق للكرملين أن نفى ذلك.
بدء عملية عسكرية بأوكرانيا
يأتي هذا بعد إعلان الرئيس بوتين بدء عملية عسكرية خاصة في إقليم دونباس (شرقي أوكرانيا)، في وقت قال فيه وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في تغريدة إن روسيا بدأت غزواً واسع النطاق لأوكرانيا، وتستهدف المدن بضربات بالأسلحة، في حين قال مسؤول بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إن غزو روسيا لأوكرانيا بدأ في الأغلب.
الرئيس الروسي طالب في خطاب تلفزيوني الجنود الأوكرانيين بإلقاء أسلحتهم على الفور، والذهاب إلى ديارهم، وأضاف أن “المواجهة بين روسيا والقوى القومية في أوكرانيا لا مفر منها”، وفق ما أورد موقع سبوتنيك الروسي.
كما أشار الرئيس بوتين أن مجمل تطورات الأحداث وتحليل المعلومات يظهر أن المواجهة بين روسيا والقوى القومية في أوكرانيا لا مفر منها، وتابع: “إنها مسألة وقت”.
ميدانياً، كشفت وكالة إنترفاكس الأوكرانية وقوع هجمات صاروخية على منشآت عسكرية في جميع أنحاء أوكرانيا، وأن القوات الروسية قامت بعمليات إنزال في مدينتي أوديسا وماريوبول الساحليتين في الجنوب، كما أبلغت عن إخلاء موظفين وركاب لمطار بوريسبيل في كييف.
من جانبه قال بوتين إن الدول الرائدة في حلف الناتو تدعم من سمّاهم “النازيين الجدد في أوكرانيا”، مضيفاً أنه “ليس لدى روسيا فرصة غير الدفاع عن نفسها، وسوف تستخدمها”، وأكد بوتين أن روسيا لن تسمح لأوكرانيا بامتلاك أسلحة نووية.
وأضاف الرئيس الروسي في خطابه أن بلاده لا تخطط لاحتلال الأراضي الأوكرانية، بل تعتبر روسيا أنه من المهم أن تتمتع جميع شعوب أوكرانيا بحق تقرير المصير، وأشار إلى أن تحركات بلاده مرتبطة ليس بالتعدي على مصالح أوكرانيا، إنما بحماية نفسها من أولئك الذين احتجزوا أوكرانيا رهينة.