لم تتوصل تركيا وروسيا إلى اتفاق حول مدينة إدلب خلال اجتماعٍ ثانٍ عُقد الإثنين 10 فبراير/شباط 2020، وذلك بعد لقاء مماثل عُقد يوم السبت الماضي وانتهى دون تقدم، في حين أسقطت قوات المعارضة طائرة لقوات نظام بشار الأسد، بعدما سيطرت الأخيرة بشكل كامل على الطريق الدولي حلب – دمشق.
لماذا الحدث مهم؟ يشير عدم الاتفاق الروسي التركي إلى أن العمليات العسكرية على إدلب ستتواصل، وستصبح الأوضاع أكثر قابلية للانفجار، لا سيما وأن أنقرة حذرت من أنه إذا لم يتراجع النظام إلى المناطق التي كان منصوصاً عليها في اتفاق سوتشي، ولم يوقف استهداف نقاط المراقبة التركية بإدلب، فإن أنقرة ستجبره على ذلك.
التطور الأحدث: وكالة رويترز نقلت عن مصدر دبلوماسي تركي -لم تذكر اسمه- الثلاثاء 11 فبراير/شباط 2020، قوله إن «فريقاً روسياً زار أنقرة لبحث هجوم القوات الحكومية السورية على منطقة إدلب بشمال غرب البلاد، وأنه غادر تركيا دون اتفاق فيما يبدو على سبل وقف اشتباكات أودت بحياة 13 جندياً تركياً خلال أسبوع».
وكالة الأناضول قالت إن تركيا طلبت من روسيا الوفاء بمسؤولياتها حيال وقف الانتهاكات الصارخة لاتفاق سوتشي بصفتها أحد الضامنين له.
ترأس وفد تركيا المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن، أما روسيا فترأس وفدها ألكسندر لافرنتييف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، وأدان الوفد التركي «بأشد العبارات» هجوم قوات النظام على قوات تركية في إدلب، والذي أسفر عن مقتل 5 جنود، وأكد لنظيره الروسي بأن أنقرة سترد «بشكل قاسٍ» على هجوم النظام.
تطور عسكري: بالموازاة مع فشل المحادثات الروسية التركية، قالت وكالة رويترز نقلاً عن قياديين في المعارضة السورية، إن «المعارضة المدعومة من أنقرة أسقطت مروحية لقوات الأسد في بلدة النيرب شرق محافظة إدلب»
جاء هذا التطور بعدما أكملت قوات النظام المدعومة من موسكو هجومها على مناطق في إدلب، الثلاثاء، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن النظام سيطر بالكامل على الطريق الدولي حلب – دمشق، والمعروف باسم M5.
تُشكل استعادة الطريق الدولي، الذي يعبر مدناً عدة من حلب شمالاً مروراً بدمشق وصولاً إلى الحدود الأردنية جنوباً، هدفاً رئيسياً لنظام الأسد منذ 8 سنوات، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال إن «قوات النظام سيطرت الثلاثاء على منطقة الراشدين الرابعة عند أطراف مدينة حلب الغربية، لتستكمل بذلك سيطرتها على كامل الطريق الدولي للمرة الأولى منذ العام 2012».
كان النظام قد فقد السيطرة على أجزاء واسعة من هذا الطريق الدولي منذ بدء توسع الفصائل المعارضة في البلاد في العام 2012، إلا أنه على مر السنوات الماضية، وبفضل الدعم الروسي أساساً، بدأ يستعيد أجزاء منه تدريجياً في جنوب ووسط البلاد وقرب العاصمة دمشق.
خلفية الهجوم: في كانون الأول/ديسمبر، بدأت قوات النظام بدعم روسي هجوماً واسعاً في في مناطق في إدلب وجوارها والتي تؤوي نحو 3.5 مليون شخص، وركزت قوات النظام هجومها بداية على ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي ثم ريف حلب الجنوبي الغربي المجاور، حيث يمر الطريق الدولي M5.
بعد أسابيع من القصف والمعارك العنيفة على الأرض، سيطرت قوات النظام الأسبوع الماضي على الجزء من الطريق الذي يمر من محافظة إدلب ثم ركزت عملياتها على ريف حلب الجنوبي الغربي.
المشهد العام: دفع التقدم السريع لقوات النظام في إدلب آخر معقل كبير لمقاتلي المعارضة، قرابة 700 ألف شخص إلى النزوح عن بيوتهم والاتجاه صوب الحدود التركية المغلقة، وتقول تركيا التي تستضيف بالفعل 3.6 مليون لاجئ سوري إنه لا يمكنها استيعاب المزيد.
يأتي الهجوم على إدلب على الرغم من وجود اتفاق توصلت إليه تركيا وروسيا وإيران في مايو/أيار 2017، لإقامة «منطقة خفض التصعيد» بإدلب، في إطار اجتماعات أستانا المتعلقة بالشأن السوري.
في عام 2018، توصلت روسيا وتركيا أيضاً إلى اتفاق في سوتشي يقضي بإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب، لكن أياً من الاتفاقات لم تُنفذ.