تستمر المواجهات بين متظاهرين لبنانيين رافضين لانعقاد جلسة برلمانية تصوِّت على منح الثقة للحكومة الجديدة من جهة وقوات الأمن من جهة أخرى وسط بيروت، إذ أسفرت عن سقوط أكثر من 200 جريح، فيما تعرَّض نائب لبناني للضرب وتكسير سيارته، كما رشقت سيارة وزير بالبيض اعتراضاً على مشاركتهم في جلسة البرلمان، التي انطلقت، الثلاثاء 11 فبراير/شباط 2020، للتصويت على منح الثقة للحكومة التي يترأسها حسان دياب، رغم الرفض الشعبي لعقد الجلسة، وهو ما أشار إليه دياب بنفسه في كلمته أمام البرلمان، واعداً بـ«خطوات مؤلمة لحكومته التي تواجه ضغطاً شعبياً».
جرحى في المواجهات: أعلن الصليب الأحمر اللبناني ارتفاع عدد جرحى الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن وسط بيروت إلى 200، نقل أكثر من 20 منهم للمستشفيات، بعدما اندلعت مواجهات، الثلاثاء، بين قوى الأمن اللبنانية ومحتجين حاولوا إغلاق طرق مؤدية إلى المجلس النيابي وسط بيروت، لمنع انعقاد جلسة تناقش البيان الوزاري للحكومة الجديدة.
إصابة نائب ورشق وزير بالبيض: أعلنت صحف لبنانية نقل النائب اللبناني سليم سعادة إلى المستشفى بعد تعرضه للضرب بحجر في رأسه وتكسير سيارته أثناء توجهه إلى المجلس النيابي للمشاركة في جلسات مناقشة البيان الوزاري، وفق رواية نقلتها صحيفة «النهار» اللبنانية عن عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي أكد استقرار وضعه الصحي.
كذلك رشق المحتجون سيارة وزير البيئة وشؤون التنمية الإدارية دميانوس قطار بالبيض أثناء مروره في المنطقة متوجهاً إلى مجلس النواب، بينما تداول رواد الشبكات الاجتماعية مقطع فيديو لوزير الأشغال والنقل ميشال نجار وهو يركب على متن دراجة نارية للوصول للمجلس.
كلمة دياب: ألقى دياب كلمة أمام البرلمان اللبناني، الذي انعقد للتصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة التي يترأسها، وقال إن حكومته «تواجه اعتراضاً شعبياً وتحتاج لإعادة الثقة بالأفعال وبالإنجازات الملموسة»، وأضاف أن «الحكومة ستتخذ خطوات بعضها مؤلم ضمن خطة شاملة».
ثم أضاف دياب: «مخطئ مَن يعتقد أنه سينجو من أي انهيار، فلنتواضع جميعاً ولنعترف بأن إعادة الثقة تكون بالأفعال»، وتابع: «لبنان يواجه أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة وفقراً مدقعاً وانهياراً في البنى التحتية والخدمات الأساسية وتهديداً مباشراً لرواتب المواطنين ولقمة عيشهم»، وشدّد دياب على أن «الإصلاحات التي نلتزم بها نابعة من مطالب اللبنانيين إضافة إلى الدول المانحة».
انطلاق جلسة البرلمان: انطلقت جلسة البرلمان اللبناني، الثلاثاء، للتصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة التي يترأسها حسان دياب، فيما أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال افتتاح الجلسة، أن رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري أكد حضور تيار المستقبل للجلسة، وكذلك حزب القوات (يتزعمه سمير جعجع).
مواجهات في بيروت: أطلقت قوى الأمن قنابل مسيلة للدموع لتفريق المحتجين الذين حاولوا تخطِّي العوائق والحواجز الإسمنتية بمحيط فندق «لوغري» وسط العاصمة، بحسب الوكالة الوطنية اللبنانية، التي أكدت أن عناصر من الجيش يحاولون التدخل لمنع التصعيد وتفاقم الأحداث، وأشارت إلى ارتفاع أعداد المحتجين في محيط فندق «مونرو» (وسط العاصمة)، ما أدى لحصول تدافع بينهم وبين عناصر الجيش، ويرفع المحتجون لافتات تطالب بـ «وقف الفساد» و «عدم منح الثقة اليوم للحكومة».
أما في منطقة «زقاق البلاط»، أطلق المحتجون هتافات تطالب بعدم منح الثقة لحكومة دياب، كما تم تسجيل حالات إغماء بين المحتجين على الطريق البحرية، بسبب شدة التدافع بين المحتجين وعناصر الجيش، الذي يتخذ إجراءات صارمة لمنع إقفال الطريق البحري، وفي صيدا جنوب لبنان، فقد التزمت مدارس المدينة بالإضراب العام التزاماً بدعوة من حراك المدينة بهدف المشاركة في التظاهرة أمام مجلس النواب.
إجراءات أمنية استثنائية: الإثنين 10 فبراير/شباط، أعلن الجيش اللبناني اتخاذه إجراءات أمنية استثنائية في محيط المجلس والطرقات المؤدّية إليه، قُبيل انعقاد الجلسة المخصّصة لمناقشة البيان الوزاري ومنح حكومة دياب الثقة يومَي الثلاثاء والأربعاء.
يذكر أن دياب أعلن تشكيل حكومته في 21 يناير/كانون الثاني 2020 عقب لقائه مع الرئيس ميشال عون بعد مخاض استمر لشهور. وتخلف الحكومة الجديدة سابقتها التي كان يترأسها سعد الحريري، واستقالت في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019، تحت وطأة احتجاجات مستمرة منذ السابع عشر من ذلك الشهر.
رفض شعبي للحكومة: على الجانب الآخر، يطالب المحتجون بحكومة اختصاصيين مستقلين قادرة على معالجة الوضعين السياسي والاقتصادي، في بلد يعاني أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990. كما يطالبون بانتخابات برلمانية مبكرة، واستقلال القضاء، ورحيل ومحاسبة بقية مكونات الطبقة الحاكمة، التي يتهمونها بالفساد والافتقار للكفاءة.