أعلن الإنفصاليون الموالون لروسيا سيطرتهم على منطقة المرفأ في ماريوبول الأوكرانية، في وقت توقعت فيه القوات الأوكرانية سقوط ماريوبول، الميناء الاستراتيجي المدمّر الواقع في جنوب شرق البلاد والذي يحاصره الجيش الروسي منذ أكثر من 40 يومًا،
أعلن الجيش الأوكراني أنه يستعد لـ”معركة أخيرة” في مدينة ماريوبول المدمرة جنوب شرق البلاد والتي تحاصرها القوات الروسية منذ أكثر من أربعين يوما.
وكتب الفوج السادس والثلاثون في البحرية الوطنية في بيان على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي “اليوم ستكون على الأرجح المعركة الأخيرة لأن ذخائرنا تنفد … سيكون مصير بعضنا الموت وبعضنا الآخر الأسر”.
وأضاف “نحن نختفي ببطء”. وتابع الفوج متوجها إلى الأوكرانيين “لا نعلم ما الذي سيحصل لكننا نطلب منكم حقا أن تتذكروننا بكلمة طيبة”.
وجاء في البيان أيضًا “طيلة أكثر من شهر، حاربنا بدون إمدادات جديدة بالذخائر، بدون طعام ولا ماء … (بذلنا) ما هو ممكن وغير ممكن”.. ولفت البيان إلى أن نحو نصف عناصر هذا الفوج مصاب بجروح.
وتابع أنه طيلة أكثر من 40 يومًا من المعارك الشديدة “صدّنا العدو بشكل تدريجي (…) وحاصرنا ويحاول الآن تدميرنا”، متأسّفًا لغياب المساعدة “من قيادة الجيش ومن الرئيس” فولوديمير زيلينسكي.
وأشار الفوج “تلقينا مرة واحدة فقط 50 قذيفة و20 لغمًا وصواريخ مضادة للدبابات (…) لم نُزوّد بأي شيء آخر”. وأضاف “لم يكن هناك سوى وعود لم يتم الإيفاء بها”.
وفي سياق متصل، رجح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سقوط “عشرات آلاف” القتلى في ماريوبول، في كلمة وجهها إلى الجمعية الوطنية في كوريا الجنوبية وطالب فيها بمساعدة عسكرية.
وأوضح زيلينسكي في كلمته عبر الفيديو: “كانت مدينة تعد نصف مليون نسمة. حاصرها المحتلّون ولم يسمحوا حتى بنقل المياه أو الطعام إليها. دمّر الروس ماريوبول بالكامل وحوّلوها إلى رماد. لا بدّ أن عشرات آلاف المواطنين على الأقلّ قتلوا في ماريوبول”.
واتهم الرئيس الأوكراني روسيا بأنها تريد أن تجعل من ماريوبول “مثالا”، مضيفا: “رأينا الكثير من الدمار المماثل في القرن العشرين”. ودعا زيلينسكي كوريا الجنوبية إلى مساعدة أوكرانيا في محاربة الغزو الروسي من خلال تزويدها بمعدات عسكرية “من الطائرات إلى الدبابات”.
وتقول أوكرانيا إن القوات الروسية تحشد لشن هجوم جديد على المناطق الشرقية، بما في ذلك ماريوبول، حيث يعيش الناس بدون مياه وغذاء وإمدادات طاقة منذ أسابيع. وتصف موسكو غزوها لأوكرانيا بأنه “عملية عسكرية خاصة”.
وواصلت القوات الأوكرانية في نهاية الأسبوع الماضي تعزيز مواقعها في الشرق، حول دونباس وفي هذه المنطقة، التي يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا منذ 2014.
وبعدما عدلت خططها وسحبت قواتها من منطقة كييف وشمال أوكرانيا، جعلت روسيا أولويتها السيطرة الكاملة على منطقة دونباس.
– “جحيم إنساني” –
يرى محللون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اصطدم هجومه على أوكرانيا بمقاومة شرسة، يريد أن يحقق انتصارا في دونباس قبل العرض العسكري الضخم في الساحة الحمراء في 9 أيار/مايو بمناسبة ذكرى انتصار السوفيات على ألمانيا النازية.
وحذّر زيلينسكي مساء الأحد من أن “الأسبوع المقبل… ستنتقل القوات الروسية إلى عمليات أكبر في شرق بلادنا”.
من جانبه، توقع حاكم منطقة لوغانسك في دونباس سيرغيي غايداي عبر فيسبوك أن “تستمر المعركة للسيطرة على دونباس أياما عدة وخلال تلك الأيام قد تتعرض مدننا لدمار كامل”، داعيًا المدنيين إلى إخلاء المدينة عبر الممرات الإنسانية الخمسة المحددة لذلك. وحذر من أن “يتكرر سيناريو ماريوبول في منطقة لوغانسك”.
من جهتها اتهمت وزارة الدفاع الروسية الأحد الأوكرانيين والغربيين بارتكاب استفزازات “مريعة ولا رحمة فيها” وعمليات قتل مدنيين في لوغانسك.
وأسفرت ضربة صاروخية أمام محطة كراماتورسك في شرق أوكرانيا الجمعة عن سقوط 57 قتيلا بينهم خمسة اطفال على الأقل.
وفي حين يسعى السكان إلى الفرار من مناطق شرق أوكرانيا هربا من المعركة المتوقعة، تواصلت الضربات الجوية وعمليات القصف وأوقعت الأحد ما لا يقل عن 11 قتيلًا بينهم سبعة أطفال، و14 جريحًا في خاركيف (شرق)، ثاني مدن البلاد، وفي ضاحيتها، وفق ما أفادت السلطات المحلية.
دبلوماسيًا، بدأ اجتماع مغلق بعد ظهر الاثنين بين الرئيس الروسي والمستشار النمسوي في موسكو، وفق ما أفاد متحدث باسم المستشارية لوكالة فرانس برس. وقال المتحدث “هما مجتمعان حاليًا في مقرّ إقامة بوتين” في موسكو.
وصرّح وزير الخارجية النمسوي ألكسندر شالنبرغ صباحًا قبل اجتماع مع نظرائه في دول الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، “علينا اغتنام كل الفرص لإنهاء الجحيم الإنساني في أوكرانيا”.
وأوضح شالنبرغ أن نيهامر “ليس لديه تفويض اوروبي” وهو يزور موسكو “بمبادرة شخصية” كما أنه سيطلب من بوتين إقامة “ممرات إنسانية”. وأضاف “نريد أن تتمكن المنظمات الإنسانية الدولية من القيام بعملها”.
وختم بالقول إن “أي صوت يجعل الرئيس بوتين يفهم ما هو الواقع خارج جدران الكرملين، ليس صوتًا مفقودًا”. إلا أنه أقرّ بأن “أحدًا لا ينتظر معجزةً”.
وسبق أن أشار نيهامر الأحد إلى أنه ينوي التطرق في الكرملين إلى “جرائم الحرب” في بوتشا الواقعة شمال غرب كييف وقد أصبحت رمزًا لفظائع الحرب في اوكرانيا.
وقد عُثر فيها بعد انسحاب القوات الروسية منها على نحو 300 جثة في مقابر جماعية وفق حصيلة اصدرتها في الثاني من نيسان/أبريل السلطات الأوكرانية التي تتهم الروسي بارتكاب مجازر وهو ما تنفيه موسكو بشكل قاطع مندّدًا بـ”تلاعب”.
في لوكسمبورغ، يبحث وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في اجتماع الاثنين دفعة سادسة من العقوبات على موسكو لكنها لن تشمل واردات النفط والغاز.
وعبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن نيته الاثنين اطلاق النقاش حول فرض حظر نفطي “لكن ليس هناك اقتراح رسمي مطروح” على ما أفاد موظف أوروبي كبير.
– 5600 تحقيق –
دعا زيلينسكي الدول الغربية إلى أن “تحذو حذو بريطانيا” التي أجرى رئيس وزرائها بوريس جونسون زيارة مفاجئة إلى أوكرانيا السبت، وأن تفرض “حظرًا كاملًا على المحروقات الروسية”.
وانضمّت مجموعة “سوسييتيه جنرال” الفرنسية الاثنين إلى لائحة الشركات الغربية التي أعلنت وقف عملياتها في روسيا منذ عزو هذه الأخيرة لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير.
بعد بضع ساعات، أعلنت شركة إريكسون السويدية للاتصالات تعليق نشاطاتها إلى أجل غير مسمى في روسيا حيث تزود اثنين من كبار مشغلي شبكات الهاتف المحمول. وتمثل روسيا وأوكرانيا ما لا يقل عن 2% من إيرادات المجموعة.
وفي المناطق المحيطة بكييف حيث انتشر الجيش الروسي على مدى أسابيع عدة، تتواصل عمليات البحث عن جثث.
وأوضحت المدعية العامة إيرينا فينيديكتوفا لمحطة “سكاي نيوز” التلفزيونية البريطانية الأحد “لدينا الآن، حتى هذا الصباح فقط، 1222 جثة في منطقة كييف وحدها”.
ولم تحدد ما إذا كانت الجثث التي عثر عليها تعود حصرا لمدنيين لكنها أشارت إلى فتح 5600 تحقيق في جرائم حرب منذ بدء الغزو الروسي.
وندّد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الأحد في مقابلة مع محطة “إن بي سي” التلفزيونية الأميركية بالفظائع التي يرتكبها الروس إلا أنه أعرب عن استعداده للتفاوض مع موسكو، إذا كان ذلك ” يساعد على تجنب مجزرة واحدة على الأقل”.