حركة خجولة تشهدها العاصمة اللبنانية بيروت عشية عيد الفطر، إن في أسواقها أو في برامجها الفنية للاحتفال بالعيد، أو في زينتها البسيطة التي جاءت على غير عادتها. فأهلها منشغلون بتأمين أبسط حاجياتهم كي لا يمر العيد مرور الكرام عليهم. أما الفنانون فغالبيتهم وقّعوا عقوداً مسبقة مع منظمي حفلات خارج لبنان. من بينهم راغب علامة وعاصي الحلاني.
فارتفاع الأسعار من ناحية، وسعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية، من ناحية أخرى، تركا أثرهما الكبير على اللبنانيين، الذين باتوا يحسبون ألف حساب لكل شاردة وواردة من مصاريفهم في هذه المناسبة. فهم يطبقون المثل اللبناني الشائع «على قد بساطك مد رجليك»، في ظل حالة اقتصادية متردية تعصف بالبلد.
وأكثر ما يفتقده اللبنانيون في هذه المناسبة، الضيافات التي كانت في الماضي القريب، ضمن تقاليد العيد وعاداته. فكما الشوكولاته يغيب أيضاً معمول العيد عن البيوت، لارتفاع سعره. وتقول دوللي التي التقيناها تشتري كمية صغيرة من الضيافات: «في الحقيقة، إننا نعيش المضحك المبكي، فالأجواء عامة في لبنان لا تدفعك للاحتفال. تخيلي أنني أشتري أقل من نصف كيلو شوكولاته لأن سعر الكيلو منها وصل إلى 600 ألف ليرة لبنانية، وثمن كيلو المعمول اليوم، أصبح بـ450 ألف ليرة».
يتقاضى زوج دوللي شهرياً مليوني ليرة لبنانية. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «هناك فواتير شهرية من كهرباء وماء وغيرها، ناهيك عن مصاريف العيد من شراء ملابس جديدة لأولادي، ومائدة العيد التي يجب أن تتلون أقله بطبق واحد من اللحم، الذي أصبح سعره يناهز الـ400 ألف ليرة».
وتقول فرح وهي أم لثلاثة أطفال، التقيناها في مجمع تجاري في بيروت، «لن أستطيع شراء الكثير لأولادي في هذه المناسبة. وقد اكتفيت باختيار قطعة ملابس واحدة لكل منهم، أنسقها مع ما يملكون من ثياب قديمة. أحاول تزويدهم بجرعة فرح صغيرة؛ فالأسعار (نار وكي)، أؤمن لهم ما يرغبون به من حاجيات تفوق أجر زوجي الشهري بأضعاف».
وبالفعل إذا تجولت في الأسواق، ستلاحظ أن أعداد المتفرجين على واجهات المحلات، يفوق بكثير الأشخاص الذين يشترون الملابس وحاجيات المنزل في هذه المناسبة. وعندما تسأل يوسف صاحب محل لبيع اللحوم والدجاج في منطقة المزرعة، يبادرك بالقول: «لا عيد ولا من يحزنون، مبيعاتنا تراجعت بنسبة كبيرة، والناس بالكاد تشتري ما تحتاجه ليس أكثر».
وتخلو شوارع العاصمة من زينة العيد، التي كانت تغمرها في الماضي وتضيء طرقاتها. فيما تطالعك بكثافة صور المرشحين للانتخابات النيابية. ويعلق رياض صاحب محلات ألعاب: «(عيد وبأي حال عدت يا عيد)، انظري طرقاتنا مزينة بيافطات لصور المرشحين، كان الأفضل أن تتزين برموز العيد لتبهج المارة وتلفت أنظار الصغار. فهذا الاستحقاق أفقد العيد بريقه. لقد تعبنا وليس هناك من الأمل».
تراجع نمط عيش اللبناني منذ سنتين حتى اليوم، وهو الذي كان يمني النفس بأن تتبدل الأحوال مع كل عام جديد.
تقول نهى التي تسكن في منطقة الطريق الجديدة: «في الماضي، كنا نكتفي بالتجول في الشوارع، أو نقصد الأسواق لنشعر بفرحة العيد. أما اليوم فباتت جميعها فارغة، حتى أن شرفات المنازل تغيب عنها زينة العيد».
رحلات السفر، وتبادل الهدايا، واستضافة الأقارب والأهل على موائد الغداء والعشاء احتفاء بالعيد، مشهدية باتت شبه مفقودة عند اللبنانيين، وتقتصر على الميسورين منهم.
وحدهم من يستقبلون في بيوتهم أبناء أو أقارب من الاغتراب اللبناني، استطاعوا أن يحضروا للعيد على المستوى المعتاد. تقول أمال التي وصل ابنها مع عائلته من كندا للاحتفال معها بعيد الفطر: «لقد أرسل لي مسبقاً، مبلغاً من المال لتجهيز جميع مستلزمات العيد، حقيقة، أحرجني الأمر أمام جيراني، فغالبيتهم يعانون من وضع اقتصادي صعب».
اضطراب الأوضاع في لبنان، أثر أيضاً على تنظيم الحفلات في مناسبة عيد الفطر. فهي بدورها تصل خجولة وبالكاد تطال بعض المناطق اللبنانية. ومن أبرزها واحدة تحييها الفنانة كارول سماحة، في كازينو لبنان، ثاني أيام العيد أي في 3 مايو (أيار) المقبل. فيما يحيي أيمن زبيب مع محمد زعيتر ومجد موصللي، ثاني أيام العيد، حفلاً في مطعم «لا سال» في بلدة الرميلة الجنوبية قرب مدينة صيدا. وفي صور تقام حفلة أخرى تحييها سارة زكريا وعلي لوكا في المنتجع السياحي «بافيون» في 4 مايو المقبل.
وتخصص بعض شاشات التلفزة المحلية، برامج خاصة بالعيد، فتعرض قناة «الجديد» حلقة خاصة مع المطرب جورج وسوف بعنوان «السلطان في يوم وليلة». تحاوره الإعلامية نسرين ظواهرة مساء الثلاثاء المقبل، في الثامنة والنصف مساء. ويطل خلالها الوسوف بعد غياب طويل عن اللقاءات التلفزيونية في حلقة من نوع تلفزيون الواقع ليتعرف المشاهدون على تفاصيل من حياته سيكشف عنها للمرة الأولى.