حكومة حسان دياب مع الرئيس ميشيل عون
تواجه الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة حسان دياب موقفاً متأزماً، وتنتظرها قرارات صعبة، فالاحتجاجات الشعبية لا تزال مستمرة وضاغطة، والإدارة الأمريكية تستعد لفرض عقوبات بسبب هيمنة حزب الله وحلفائه على الحكومة، فما السيناريوهات التي تنتظر حكومة دياب؟
موقع ستراتفور الأمريكي نشر تقريراً بعنوان: “الحكومة اللبنانية الجديدة تتأهَّب لتنفيذ إصلاحاتٍ مؤلمة”، ألقى الضوء على الأوضاع العامة في لبنان والسيناريوهات الصعبة التي تنتظر دياب.
الصورة العامة في لبنان
تحاول الحكومة اللبنانية إصلاح الاقتصاد المتدهور لاستعادة النظام الاقتصادي والاجتماعي. لكنَّ بعض الفصائل الداخلية ما زالت متشبسةً بالحفاظ على نفوذها كما هو، بينما لا يوجد الكثير من الحلول السهلة أمام حكومة حسن دياب الجديدة، ما يعني أن لبنان مُقبلٌ على مزيدٍ من الضغوط الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية.
ماذا حدث؟
في لبنان لا توجد راحة للمُتعَبين. فبعد فوز الحكومة اللبنانية الجديدة أخيراً بنيل ثقة البرلمان أول من أمس، الثلاثاء 11 فبراير/شباط، لتتولَّى مهام منصبها رسمياً، يتعيَّن عليها أن تحوِّل انتباهها فوراً إلى مهمةٍ ملحة للغاية: وهي تنفيذ تدابير تقشُّفية من أجل الحصول على أموال الدعم الخارجي التي ستكون بالغة الأهمية إذا أرادت البلاد الخروج من أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها منذ 15 عاماً.
وقد وافق البرلمان على حكومة رئيس الوزراء حسن دياب، التي تُعد حكومةً مؤيدة لسوريا يدعمها حزب الله، مع أن بعض النواب وجدوا صعوبةً كبيرة كي يتمكنوا من حضور الجلسة بسبب حشود المتظاهرين الذين أعاقوا وصولهم إلى البرلمان. وتعهَّد دياب في بيان سياسته بأن الحكومة ستركز على دعم الاقتصاد بجعل أولويتها محاربة الفساد، ومساعدة الفقراء، ودعم الصناعات المحلية.
وفي الوقت نفسه، اعترف دياب بأن الأيام المقبلة ستتطلَّب اتخاذ تدابير “مؤلمة” لإنعاش الاقتصاد الراكد. وأكَّد رئيس الوزراء أن إجراءات التقشف وشيكةٌ وضرورية للحصول على الدعم المالي الخارجي البالغ 11 مليار دولار الذي تعهَّد بعض المانحين الدوليين خلال مؤتمر سيدر في عام 2018 بتقديمه إلى لبنان، بشرط أن تُنفِّذ بيروت بعض الإصلاحات الهيكلية.
ومن المُرجَّح كذلك أن تطلب الحكومة اللبنانية مساعدةً تخصصية من صندوق النقد الدولي بشأن كيفية إعادة هيكلة الدين العام الذي يبلغ 86 مليار دولار، والذي تُشكِّل الديون الداخلية 80% منه. وفي هذه الأثناء، من المُنتظر أن تتخذ الحكومة اللبنانية اليوم الخميس 13 فبراير/شباط قراراً بشأن ما إذا كانت ستلتزم بسداد سندات اليوروبوند التي تبلغ قيمتها 1.2 مليار دولار والمستحقة في 9 مارس/آذار المُقبل، أم ستتخلَّف عن سدادها. وما يُفاقم معاناة لبنان أن حوالي 3.3 مليار دولار من الدين العام الخارجي ستكون مُستحقة في الفترة بين شهري مارس/آذار ويونيو/حزيران المُقبلين.
ما أهمية ذلك؟
يُعَد السؤال الأكبر الذي يواجه حكومة دياب الآن هو: كيف تدير الاقتصاد اللبناني الهش والشعب اللبناني الغاضب يومياً؟ ففي الوقت الذي تعاني فيه البلاد تقلُّبات في قيمة العملة المحلية وأزمة الديون والمتظاهرين الغاضبين الذين يحتشدون في الشوارع بسبب البطالة والفساد وضعف الخدمات منذ عدة أشهر، تواجه الحكومة تدقيقاً صارماً في الداخل والخارج بشأن عملية صنع القرارات الاقتصادية.
ففي عام 2018، التزمت الحكومة اللبنانية التزاماً خاصاً بدعم قطاع الكهرباء غير الفعال وتقليل نسبة “الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي” من أجل الحصول على تمويل الـ11 مليار دولار الذي تعهَّد به المانحون في مؤتمر سيدر. وكلا الأمرين يُعَد مهمة شاقة، لكنَّ الحكومة ترى بعض الفوائد المحتملة في إعادة هيكلة الديون، بينما تسعى إلى إجراء مناقشات حول هذه المسألة مع صندوق النقد الدولي.
ويمكن أن تشمل تدابير التقشف الجديدة فرض ضرائب ورسومٍ جديدة، بالإضافة إلى خفض الإنفاق الحكومي على بعض البرامج. ومن شبه المؤكد أن هذه الإجراءات الجديدة ستؤدي إلى احتجاجاتٍ غاضبة ستقابلها قوات الأمن بقمعٍ عنيف حتماً.
وعلاوةً على كل ذلك، قد تواجه الحكومة الجديدة غضب الولايات المتحدة إذا سعى البيت الأبيض ووزارة الخزانة الأمريكية إلى فرض عقوبات عليها للحد من نفوذ حزب الله، وبالتبعية إيران، في الحكومة الجديدة.
السياق الاستراتيجي
يُمثِّل فوز الحكومة بتصويت نيل الثقة خطوةً نحو الاستقرار السياسي في بلدٍ يحتشد فيه المتظاهرون الغاضبون في الشوارع منذ أربعة أشهر أجبروا خلالها الحكومة السابقة -التي كانت تحمل توجُّهاتٍ تميل إلى الغرب وتنتمي إلى تحالف 14 آذار السياسي- على الاستقالة.
ولكن نظراً إلى أن الحكومة الجديدة ستجد صعوبةً في نيل الدعم الشعبي في ظل إشرافها على تدابير التقشف الجديدة، فهناك احتمالية كبيرة أن خصوم دياب السياسيين من تحالف 14 آذار سينتظرون فشل الحكومة الجديدة، ما سيفتح الطريق أمامهم لاستعادة مكانتهم المهيمنة المعتادة.