وشهد أحد فصول مدرسة الفاروق الثانوية في مدينة السادات بمحافظة المنوفية الواقعة التي سُرّبت بعض تفاصيلها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى انتقاد سير العملية التعليمية في المدرسة واتهام المدرسين بالتقصير، وبعد موجة من الانتقادات فُصل الطّلاب لمدة 3 أيام من قبل لجنة الحماية في مدرسة الفاروق الثانوية، بجانب فصلهم لمدة 15 يوماً من قبل لجنة الحماية بالإدارة التعليمية في مدينة السادات، مع التحذير بالفصل النهائي في حال تكرار الواقعة.
من جانبه، قرّر مختار شاهين، وكيل وزارة التربية والتعليم في المحافظة إحالة مدير المدرسة و15 من المعلمين فيها للتحقيق. وحذّرت وزارة التربية والتعليم أخيراً، المديريات التعليمية من إذاعة أي أغانٍ غير لائقة أخلاقياً داخل المدارس، أثناء طابور الصباح أو في الاحتفالات المدرسية، أو أثناء عقد المسابقات أو خلال ممارسة الأنشطة المدرسية بأنواعها كافة.
ووفق إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فإنّ عدد طلاب المرحلة الثانوية العامة في مصر يزيد عن مليوني تلميذ، يدرسون في آلاف المدارس المنتشرة في أنحاء البلاد.
واقعة مشاهدة وصلة رقص شرقي داخل مدرسة مدينة السادات، ليست الأولى من نوعها في مصر، فقد سبقها عدد من الوقائع المماثلة التي انتهت بمعاقبة المعلمين ومديري المدارس؛ خصوصاً بعد انتشارها بشكل واسع على مواقع «السوشيال ميديا» على غرار قرار مجازاة مدير مدرسة أحمد لطفي السيد الثانوية في مدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية (دلتا مصر) في عام 2015 بعد نشر مقطع فيديو لبعض طلاب المدرسة، وهم يرقصون داخل الفصل ويدخنون السجائر ويحطمون المقاعد وأثاث الفصل.
وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام 2019، تم مجازاة مدير إحدى المدارس الثانوية بكفر الشيخ (دلتا مصر) بعد تداول مقطع فيديو لرقص الطلاب داخل الفصل أيضاً.
وتعاني المدارس الثانوية المصرية من أزمات تعليمية عدة، أبرزها غياب الطلاب عن معظم الحصص لاعتمادهم على الدروس الخصوصية خارج المدرسة، وتقتطع الأسر المصرية ميزانية كبيرة من دخلها الشهري للإنفاق على هذه الدروس التي تعتبرها المكون الرئيس لتحصيل أبنائهم وتفوقهم الدراسي.
حظر مطربي المهرجانات في مصر بين محاربة “الفن الهابط” ونظرة “المثقف المتغطرس”
أثار قرار نقابة المهن الموسيقية في مصر، بمنع من باتوا يعرفون بـ “مطربي المهرجانات” من الغناء، أصداء واسعة في الصحافة العربية، لاسيما المصرية.
وجاء قرار نقيب الموسيقيين المصريين هاني شاكر ليشمل كل “مطربي المهرجانات” في مصر، إذ وجه إلى كل المنشآت السياحية، والبواخر والملاهي الليلية، بعدم التعامل مع هؤلاء المطربين”.
جاء قرار النقابة، بعد حفل “عيد الحب”، الذي أقيم في استاد القاهرة الدولي، وأحياه عدد من مطربي العالم العربي، وكان من بينهم بعض مطربي المهرجانات في مصر، والذين غنى أحدهم ويدعى “شاكوش” أغنية، وردت فيها كلمات اعتبرت خارجة عن الذوق العام، تتعلق بـ “شرب الخمور والحشيش”.
“الفن الهابط”
قال الكاتب والشاعر المصري فاروق جويدة في صحيفة الأهرام المصرية: “منذ سنوات حذرت من موجات الفن الهابط الذي اجتاح ساحة الغناء في مصر وقد طالبت يوما بإنشاء شرطة لمطاردة هذا النوع من الفنون أسوة بشرطة الآداب والمخدرات وبيوت السوء.”
وأضاف الكاتب أن نقابة الموسيقيين “خرجت علينا ببيان من الفنان المبدع هاني شاكر بوقف أغاني مطربي المهرجانات التي تجاوز أصحابها كل شيء، ابتداء بالكلمات الساقطة وانتهاء بالألحان المسروقة ورغم أن القرار تأخر كثيرا من الوقت إلا أنه جاء ليواجه واحدة من أخطر وأسوأ أزمات الفن المصري”.
ويرى جويدة أن “الغناء المصري أحد مصادر الثروة الحقيقية التي ينبغي أن نحرص عليها ونطهرها من أسواق الفن الهابط.”
على نفس المنوال، تقول درية شرف الدين في المصرى اليوم إن “انتفاضة على القبح تحدث الآن من جموع الناس بعدما تهاونت الأجهزة الرقابية لسنوات، مع صعوبة مهمتها فى زمن يحمل فيه كل مواطن جهازاً كاملاً للإعلام فى يده”.
وأضافت شرف الدين: “الآن يبدو أنه قد آن الأوان لعودة سطوة الرأى العام فى المجال الفنى، والذى تمثل مؤخرا فى رفض الكلمات والألحان والأصوات والأداء المخجل لمن ينتسبون عنوة إلى هذا المجال، وقد يكون هذا بداية لاستعادة الموقع الذي تستحقه مصر فى المجال الفني، والذى كاد أن يضيع”.
وقالت دينا شرف الدين في اليوم السابع: “أود أن أؤكد علي أننا نمر في تلك السنوات الثقال بأزمة ثقافية وأخلاقية وقيمية وفارق حضاري قد ازداد بشكل سريع جداً ليبعد بنا عشرات السنوات عما ينبغي أن نكون عليه الآن. تصدرت الرداءة و ساد التدني بالمجتمع و تفشت الملوثات السمعية و البصرية بسبب تطورات العصر و تغيرات أذواق الجماهير. إذ أصبح المبرر الرسمي المتصدر لكافة الانتقادات ( الجمهور عاوز كده )، فكل تلك الأسباب ليست إلا شماعات يعلق عليها الأخطاء كل مذنب مقصر ليخلي مسؤوليته أمام الآخر فحسب”.
وتضيف الكاتبة “أصبح المألوف الآن هو تصدر الأنصاف و غير المؤهلين و أشباه الموهوبين الصورة، في حين تتراجع جميع الكفاءات و المواهب و أصحاب الإمكانات في الصفوف الخلفية”.
“المثقف المتغطرس”
قال سيد محمود في الشروق المصرية إن “السيد المبجل هانى (شاكر) لا يختلف كثيرا عن أصحاب السلطة الإعلامية فى رواية (مدينة الملائكة) للكاتبة الألمانية لكريستا فولف وهي رواية عن الجحيم الذي خلفته النازية فى نفوس الأفراد بسبب تفشي مختلف أشكال الرقابة والمنع باسم (التوجيه) والإرشاد وكلها أدوات تنزع عن المواطنين صفة الإنسانية وهى تجمعهم حول أغانٍ موحدة ذات طابع أيديولوجي كانت تحفظ عن ظهر قلب لأن كل الأمور ينبغى أن تسير وفق السيناريو المعتمد والمرسوم سلفا”.
وأضاف الكاتب: “من المفارقات المدهشة أن ثورة النقيب أدت إلى نشاط مضاد من قوى الثورة المضادة التى خالفت تعليماته وأعطت مساحات واسعة للأصوات التى أراد حصارها فى نطاق (الهامش) وأصبحنا يوميا ننام ونصحو على أبطال هذه الظاهرة وهم يتحدثون عن تجاربهم مع وجوه إعلامية لها بريقها على الشاشات وبعد أن كانت هذه البرامج تناقش أغانى المهرجانات كظواهر اجتماعية وفنية أصبحت تبرز أبطالها كنجوم وضحايا وأصحاب حقوق ثقافية ولا يجوز حرمانهم من التعبير. ومن جديد اكتسب فنانو المهرجانات أرضا جديدة زادت من حالة التعاطف معهم”.
أما مي خالد في عكاظ السعودية فأشارت إلى “تزامن ظهور الأغاني الشعبية التي تسمى المهرجانات في مصر مع ظهور (أغاني) الشيلات في السعودية، فعمرهما لايتجاوز عقدا من زمان على الأغلب”.
وأضافت الكاتبة أن “ما يجمع بين المهرجانات والشيلات أيضا التعالي في التلقي واعتبارهما إفسادا للذوق العام. صحيح أن بعض هذه المنتجات فعلا رديئة، لكن هذا لا يسوغ التعالي عليها خاصة في ظل شعبيتهما المتنامية. وبلغت هذه الفوقية منتهاها حين منع نقيب المهن الموسيقية المطرب المصري هاني شاكر تداول المهرجانات في الأماكن العامة، علاوة على رفضه السابق منح هؤلاء الفنانين الشعبيين تراخيص مزاولة المهنة. وهذه الفوقية ذاتها التي منعت أغاني الفنان الشعبي أحمد عدوية من البث في الإذاعات قبل عقود. لكن من منعوها رحلوا وبقيت أغنياته…”.
وتابعت الكاتبة: “لكن ستبقى الفنون ويفنى الفنان والمثقف المتغطرس الذي عوضا عن النزول للشارع ومشاركة الناس ذائقاتهم وتحسينها ونبذ الرديء منها يسعى للمنع والحجب متقرفصا في عليائه مترفعا عن الناس”.
وقال هاني عسل في الأهرام المصرية: “اتركوهم يغنون، فمصر تتسع لكل أنواع الغناء، ومن لا يعجبه لون فلا يسمعه”.
وأضاف الكاتب: “حاربوا المهرجانات بالفن الجيد وانتقدوهم وحاسبوهم بالقانون إذا خالفوه… لكن القمع والاحتقار والحظر الشامل و تنمر السوشيال ميديا عليهم عيب، ولن يأتي إلا بنتيجة عكسية وسترون”.