هل نقترب من علاج مرض الزهايمر؟ نظرًا لأن الخلايا الجذعية واللقاحات وخوذات الانطلاق في الدماغ تقود آفاقًا جديدة من العلاجات الواعدة ، يتوقع العلماء اختراقًا كبيرًا في العقد المقبل
تم وصفه رسميًا قبل 115 عامًا. لكن بعد مليارات الجنيهات والمئات من التجارب الفاشلة في وقت لاحق ، ما زال العلماء غير قادرين على كسر أحد أكثر الأمراض فتكًا في العالم - مرض الزهايمر. يعتبر علاج اضطراب سرقة الذاكرة القاسي أحد الكؤوس المقدسة للطب ولكنه ألمح العلماء لعقود. في الوقت الحالي ، تعمل الأدوية الوحيدة المعتمدة لعلاج مرض الزهايمر على تخفيف بعض الأعراض - وبشكل مؤقت فقط - ولكنها لا تمنع المرض من التقدم. لكن هناك بعض التفاؤل المبدئي بين الخبراء الذين يشعرون أنهم يقتربون أخيرًا. قال الدكتور مارك دالاس ، عالم الأعصاب من جامعة ريدينغ ، لـ MailOnline إنه يأمل في حدوث اختراق كبير في غضون العقد المقبل.
الشفاء من مرض الزهايمر وشيكاً؟
نجح باحثون أمريكيون وسويسريون في تطوير علاج يخفض منسوب البروتين الضار في مخ المصابين بمرض الزهايمر. فهل هو اختراق حقيقي في مجال العلاج سيمكّن من التوصل إلى علاجٍ شافٍ لهذا المرض؟
علاج جديد لمرض الزهايمر قد يداعب أوتار الأمل في قلوب المصابين به أو، بالأحرى، في قلوب من يتولون علاجهم، فالعلاج الجديد قادر على خفض منسوب البروتين الضار المخزونة في أدمغة المرضى. ونتيجة هذا الخفض، تتباطأ سرعة انهيار قدرات المخ على العمل وهذا سر نجاح العلاج، كما كشف علماء أمريكيون وباحثون سويسريون في دراسة نشروها بصحيفة ” نيتشر” العلمية.
الدراسة التي شملت 165 مصاباً بمرض الزهايمر جرت على مجموعتي مصابين: الأولى كانت مجموعة تلقت علاجاً وهمياً على سبيل التجريب، والثانية جرى علاجها لمدة شهر بالمضاد الحيوي “أدوكانوماب”، الذي يهاجم بروتينات الزهايمر في المخ ويضعف من قدراتها.
حقيقة الوضع أنّ مرضى الزهايمر وقبل فترة طويلة من ظهور أعراضه عليهم من ضعف الذاكرة والتلعثم واضطراب الأفكار، تكون قد تراكمت في تلافيف المخ لديهم كميات من بروتينات ضارة بعينها. ويتحدث الباحثون عما أسموه بـ”لويحات أميلويد” كمكون أساسي لهذه البروتينات (طبقاً لفرضية أميلويد).
بعد عام واحد من العلاج، تناقصت مخزونات البروتين في تلافيف مجموعة المرضى الذين عولجوا بالعقار، وتحسنت قدراتهم المعرفية مقارنة بمجموعة المرضى الذين عولجوا افتراضياً. لكن فريق البحث يؤكد أن التأثير الإيجابي للعلاج على القدرات المعرفية يجب أن يُستقصى بشكل أكثر دقة و استفاضة. وأكد الفريق أنّ فرضية أميلويد قد دُعمت من خلال التجربة والتطورات الناتجة عن استخدام العقار لعلاج الزهايمر.
فهل يمكن أن يكون هذا فعلاً علاج الزهايمر الذي طال انتظاره؟ لمعرفة إجابة هذا السؤال، تحدثت DW إلى الخبير في مرض الزهايمر كريستيان هاس من المركز الألماني لأمراض تدهور النظام العصبي (DZNE) والذي لم يكن جزءاً من فريق البحث:
DW: هل تعتقد أنّ نتائج الدراسة المنشورة ذات قيمة فعلاً كما أعلن القائمون عليها؟
كريتسيان هاس: في دراسات مشابهة سابقة نجح الباحثون في إزالة مخزونات البروتين من المخ، لكن هذا لم يؤدِ إلى استعادة الخسائر في ذاكرة المصابين، ولا إلى استعادتهم لتوازنهم. الفارق الكبير هذه المرة أنّ خفض مخزونات البروتين تزامن مع استعادة توازن الذاكرة وهو الهدف الرئيسي، إذ لا يكفي أن تخفّض أو تزيل مخزونات البروتين في تلافيف المخ، بل يجب استعادة توازن الذاكرة.
وهل بوسعنا القول إن هذا هو علاج الزهايمر الذي طالما بحثنا عنه؟
هاس: في الحقيقة إنها خطوة كبيرة إلى أمام في مجال علاج المرض، فقد كشفت الدراسة بوضوح أنّ العلاج بالمضادات يمكن أن يعيد حيوية الذاكرة، ومع ذلك فإنّ من المبكر الحديث عن اختراق، فالدراسة كانت صغيرة جداً. لكن من المؤكد أن مرضى الزهايمر قد حققوا تحسناً ملحوظاً إيجابياً في الذاكرة بعد تعريضهم للعلاج.
هل افهم أنك لا توجه أي نقد للدراسة؟
هاس: نوعياً ومعرفياً تقييمي إيجابي جداً للدراسة، وكما أسلفت، فإن دراسات سريرية أخرى مشابهة قد حاولت وفشلت لأنها تمكنت من تدمير “لويحات أميلويد” أو لويحات الزهايمر، ولكنها لم تنجح في التأثير على الذاكرة، وحينها قال كثير من الناس إنها نهاية أساليب العلاج التي تعتمد على “لويحات أميلويد”، لأنهم وجدوها ببساطة غير ذات أثر. لكن كل المحاولات الفاشلة السابقة عززت معلومة أنّ المرض يبدأ لسنوات عدة قبل ظهور فقدان الذاكرة، والبروتين يبدأ بالتراكم قبل سنين من ظهور الأعراض، وإذا أراد المرء إيقاف المرض فيجب الشروع بعلاج المريض في وقت مبكر جداً. أما إذا وصل المصابون المستشفى وهم يعانون من فقدان حاد لذاكرتهم، فقد فات الأوان في الحقيقة لعلاجهم.
ما يميز هذه الدراسة أن الباحثين استخدموا أساليب تصوير أتاحت لهم تجسيد ما جرى لمخ المصابين، ولم يفحصوا مرضى مصابين باختلال معرفي حاد كما يجري في كل مرة، وهو ما يجعل الدراسة متميزة فريدة من نوعها.
السؤال الكبير الذي بقي شاخصاً خلال ربع القرن الأخير من العلاج هو” ما سبب المرض؟” ظن كثير من الناس أنّ ما يرتبط بالأميليود هي المسببة، وجزمنا أنّ إيقاف هذه المادة سيقضي على المرض، وعزز هذا الاعتقاد وجود شواهد جينية عديدة، ولكن ما كان غائباً طيلة هذا الوقت هو العلاج القائم على لويحات الأميليود والذي يوقف تآكل الذاكرة. هذه المرة توفر للباحثين دليل يؤكد إمكانية علاج المرض، وهذا ما سيقود إلى إنهاء نقاش “الأميليود هو المسبب لمرض الزهايمر”.
علماء يقتربون من تطوير علاج الزهايمر
التغلب على الأمراض وإيجاد أدوية وطرق جديدة للعلاج منها من أهم تحديات خبراء الصحة. وأحدث ما توصل إليه باحثون بريطانيون طريقة جديدة قد تُساهم في علاج مرض الزهايمر.
تمكن علماء من مجلس الأبحاث الطبية للبيولوجيا الجزئية البريطاني من اكتشاف البناء الذري لشعيرات بروتين (تاو) التي تتشابك داخل أدمغة مرضى الزهايمر. ومن شأن هذا الاكتشاف أن يُساهم في تطوير علاجات جديدة للمرض
والزهايمر مرض يصيب خلايا المخ السليمة بالضمور، ما يؤدي إلى تراجع مستمر في الذاكرة واللغة وحل المشاكل والقدرات العقلية وفق تقرير صدر عن “جمعية الزهايمر” البريطانية. ومن المعروف، أن الزهايمر يشتهر بنوعين من البروتينات المختلة تسببان أضرارا بالدماغ، لاسيما وأن (تاو) تشكل شعيرات داخل الخلايا العصبية. في حين تُكون البروتينات النشوية شعيرات خارجها. ويُساعد بروتين (تاو) خلايا المخ السليم على العمل بشكل طبيعي. بيد أن أدمغة مرضى مرض الزهايمر تشهد تشابك بروتينات ( تاو) داخل الخلايا.
واستعان الباحثون بتقنية تسمى “فحص الإلكترون المجهري بالتبريد ” بهدف رسم خريطة تفصيلية تم استخلاصها من دماغ مريض تُوفي بالزهايمر. ويرى سورس شيريز، الذي شارك في الإشراف على البحث أن معرفة أجزاء (تاو) المسؤولة عن تكوين الشعيرات قد يساعد على تطوير أدوية للمرض. وأضاف “أنه نظرا لاستخدام الكثير من شركات الأدوية أجزاء مختلفة من ( تاو) لاختبار تأثير الأدوية المحتملة على تشكيل الشعيرات، فإن هذا الاكتشاف سيزيد دقة هذه الاختبارات”.
وفي سياق متصل، نوه جيمس بيكيت رئيس الأبحاث في جمعية ( ألزايمر سوسايتي) الخيرية البريطانية بهذه الدراسة مشددا على أنها “قد تأخذنا إلى عهد جديد في إنتاج الأدوية”، لكنه أوضح أن تطوير أدوية جديدة لمرض الزهايمر سيستغرق ما بين عشرة و15عاما. يُشار إلى أن 856.700 شخص عانى من مرض الزهايمر في بريطانيا سنة 2015 وفق ما نشره موقع ” زهايمر” البريطاني.