صدرت حديثاً عن داري «الاختلاف» و«ضفاف»، رواية «منديل بالفراولة» للروائي السوري خليل الرز.
من أجواء الرواية:
«كنت غالباً، من أجل مضاعفة إحساسي بالتضحية في سبيل رايا، أسافر إليها في قطارات كثيرة تنطلق بي في وقت واحد من موسكو ولينينغراد وريغا وفيلنوس وكييف وخاركوف وطشقند وألماتا، ومن مدن كثيرة أخرى لا أعرفها عملياً إلا على الخريطة. وكنت أصل إلى باكو في وقت واحدٍ أيضاً، وأحياناً في أوقات مختلفة فأصل بالقطار القادم من موسكو في منتصف الليل، ثم بعد عشرين دقيقة أصل بثلاثة قطارات قادمة من كالينين ومن تالين ومن لينينغراد، ثم في الواحدة والنصف صباحاً أصل من تبليسي ويريفان. وفي بعض الليالي كنت أظل أصل إلى باكو، كل نصف ساعة تقريباً، حتى يبدأ الناس بالظهور في شوارع المدينة مع بدء انقشاع الظلام. وكان يسعدني، وأنا أتعدد في حشدٍ من عشاقٍ مذنبين يزحفون من كل جهات الخريطة إلى باكو من أجل رايا، أن أخترع لنفسي ما أمكنني من المتاعب التي لا تطاق في كل قطار من القطارات التي أركبها. وكنت أتعمد، في كل رحلاتي، أن أنسى تحضير بعض الساندويشات في البيت قبل أن أتوجه إلى محطات القطارات، على عكس قسم كبير من المسافرين الذين يتزودون عادة بكل أصناف الطعام والشراب ليستغنوا عن خدمات مطاعم القطارات، إما للتوفير أو لتجنب الزحام في مقطورات الطعام. وكان يُشعرني بالراحة الشديدة ونكران الذات، حتى حين أتناول عشائي كالعادة في موسكو، أن أكون في الوقت نفسه جائعاً جداً في كل القطارات الذاهبة بي إلى باكو، فيما لا يتوقف جيراني المسافرون معي عن التلمظ بالطعام اللذيذ طوال الطريق. كانوا يلحون عليّ طبعاً، من وقت إلى آخر، أن أقبل منهم سندويشة مرتديلا أو فطيرة ملفوف أو قنينة بيرة على الأقل. لكنني ما مرة قبلت منهم شيئاً من هذا القبيل لكي لا أفسد على نفسي إحساسي بمتعة أن أصل إلى باكو متضوراً من الجوع في أنصاف ليالي الشتاء الباردة قدر الإمكان. كأن الجوع والبرد، في رحلاتي، كانا يجعلانني أكثر إخلاصاً لحب رايا وأكثر جدارة به».
مجموعة قصصية مغربية
صدرت أخيراً عن «منشورات المتوسط» بإيطاليا، مجموعة قصصية جديدة للكاتب المغربي إسماعيل غزالي، حملت عنوان «ثملاً على متن دراجة هوائية».
والكتاب، بحسب ناشره: «سريع الإيقاع، مؤلم حد النشوة، مثل ملح يوضع فوق جرح حي. ثمل. مترنح. كأن مياه البحار والمحيطات تحولت بين صفحاته إلى شراب تجرعته الأرض، فلم تعد اليابسة يابسة، ولا الهواء هواء».
منذ البداية، يضيف الناشر: «تتعلق قصص الكتاب بضمير الـ(أنا): (أنا) مفككة، مهلوسة، غامضة، وانتحارية؛ لكنها مرتبطة، مثل بقية الشخوص، بالواقع الهش، بهوامشه المظلمة، وظلاله الكثيفة، وبحفنة الضوء القليل التي تقودنا إلى طرق أفعوانية، في أعماقنا كما في الخارج؛ حيث تتلقفنا المنحدرات والخيبات والكوابيس النهارية، في جغرافيا تتسلل إلينا عبر تفاصيل وروائح وألوان مبهجة».
جاءت المجموعة القصصية في 160 صفحة من القطع الوسط، وصدرت ضمن سلسلة «براءات».
من أجواء المجموعة
«وأنت على متن دراجتك الهوائية، تسوقها ثملاً في منتصف الظهيرة، لا تلوي على شيء، إذ وجهتك محض سديم…، لا نسمة طائشة تلاعب شعرك المسبل، والقميص الأبْيض منك مفتوح الأزرار، يكشف عن أعشاب صدرك.
إلى أين أيها الدراج السكران الخارج لتوه من حانة البلدة؟
وحدها الدراجة الهوائية ما سيقرر المنحى، وأما أنت، فعليك أن تتواطأ وحسب، نعم، استمتع بالمسافة لا غير. لا أحد في منتصف الظهيرة التي تقدح شرراً وتنز سراباً. حتى الكلاب الشاردة والقطط المنسية غائبة عن المشهد. الطريق فارغة إلا منك ودراجتك وظلكما. مقفلة هي أيضاً، الدكاكين والمقاهي والمطاعم، ولا من يمرق في جحيم الشارع من المسافرين، لا حافلة، ولا شاحنة، ولا سيارة، ولا جراراً، ولا دراجة نارِية، ولا عربة يسحبها حصان… ليس إلاكما، أنت ودراجتك الهوائية، وثالثكما ظلكما…
إلى البيت؟
كلا، لن تنام قيلولتك الممتنعة فيه، فأنت خرجت منه ضجراً».
وكانت قد صدرت للكاتب في القصّة القصيرة والرواية: «عسل اللقالق»، وهي مجموعة قصصية حصلت على جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي (الخرطوم) في 2011، و«لعبة مفترق الطرق» (قصص– 2011)، و«بستان الغزال المرقط» (قصص– 2012)، و«موسم صيد الزنجور» (رواية– 2013) التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة لجائزة «البوكر» في 2014، و«النهر يعضّ على ذيله» (رواية- 2015)، و«غراب، غربان، غرابيب» (قصص– 2016)، و«سديم زهرة الهندباء» (قصص– 2017)، و«عزلة الثلج» (رواية– 2018)، و«ثلاثة أيام في كازابلانكا» (رواية – 2019)، و«قطط مدينة الأرخبيل» (رواية – 2020)، الفائزة بجائزة المغرب للكتاب (صنف السرد) في 2021.