سمير عطا الله:بكل مودة
تلقيت من وزير الخارجية اللبناني الدكتور عبد الله بو حبيب، تأنيباً مختصراً، هذا نصه: «كنت وما أزال أحترم سمير عطا الله، شرط أن يحترم سمير عطا الله نفسه ولا يكتب مثل السوشال ميديا».
شكراً على الاحترام، فهو متبادل، وهو الأهم في هذه المرحلة من السقوط الرهيب التي تجرف لبنان.
فات الوزير العزيز، سهواً أو عمداً، ولأسباب خاصة به، أن يشير أيضاً إلى مودة صادقة تجمعنا منذ أربعين عاماً، لا علاقة لها بالسياسة ولا بالمواقع. ولا هي تأثرت قبل موقع الوزير الحالي، بما يتأثر به العاملون في السياسة اللبنانية وضروراتها وأقدارها.
للمزيد من الإيضاح، أحب أن أبلغ الوزير العزيز بأنني لم أطلع مرة، أو لحظة، على «السوشال ميديا» لكي أعرف كيف تكتب، وأتحاشى مثل هذا الارتكاب الأخلاقي الطاغي في لبنان، ولا أنني أبني مواقفي من بلدي وأصدقائي، وفقاً لإملاءات أحد، خصوصاً ما يسمى «السوشال ميديا» في لبنان، لأنها نقيض التواصل والآداب الاجتماعية. إنها وسيلة تشبه وضعنا الحالي، وليست تشبهك ولا تشبهني والحمد لله.
كنت أتمنى لو أنك اكتفيت بالعتاب، كما هو طبعك وخلقك، ولم تصل إلى التأنيب كما هو طبع البلد في هذه الأيام. وإذا كنت أنا قد أشرت إلى تاريخك الدبلوماسي فمن أجل تذكيرك بنصف قرن من الآداب واللياقة والعمل الوطني. لغتك اليوم غريبة عن لغة الأمس. والجميع يعرف ظروفك. لكن رجلاً في مثل كفاءتك يؤتى به إلى الخارجية لكي يصحح ما تراكم من أخطاء وسلبيات ومخالفات للعمل الدبلوماسي.
المسألة هنا ليست «سوشال ميديا»، أو ما ساهمت به الخارجية قبل مجيئك من عزل لبنان أسوأ عزلة في تاريخه، المسألة هي ما يتوقع الناس منك، وما لم نتوقعه لحظة من سواك. فعندما تسلمت هذه الحقيبة، التي هي أمانة لبنان الأولى بالنسبة إلى مقيميه ومغتربيه، شعرنا جميعاً بأمل تلقائي، وبأن الوزارة عادت من رحلتها السقيمة في النكات المبتذلة والأخطاء الصبيانية، كأن يعتبر سلفك أن «البدو» والبادية إهانة تعير بها الجزيرة العربية.
برغم المعوقات الواضحة التي أنت محاط بها، أحب أن أتمنى لك التوفيق. لقد كانت علاقة السلطة الفلسطينية والرئيس عرفات بصندوق النقد الدولي عن طريقك. ونأمل أن يعود عن هذه الطريق الكثير من عروبة لبنان.
مشعل السديري:مقتطفات السبت
رجل سعودي من سكان مكة صلى يوماً بالحرم وبعد الصلاة والذكر، أراد أن يتصدق لأحد عمال التنظيف بالحرم وهو (هندي) عمره بالخمسينات، فأخرج له عشرة ريالات، وقال له: (تفضل صديق)، فنظر لصاحبنا السعودي وابتسم وقال له: انظر إلى محفظتي، فإذا هي مليئة بكروت (الفيزا والماستر كارد)، وقال له: شكراً لا أحتاج إلى الصدقة، فسأله السعودي: عجباً من أنت وماذا تعمل هنا؟، قال الهندي: أنا بفضل الله أملك مجموعة من الفنادق في أنحاء الهند، وبين فترة وأخرى أطلب فيزا عمل مع الشركة المختصة في تنظيف الحرم، فأخصص ستة أشهر أعمل بها لله من دون مقابل، سائلاً المولى عز وجل أن يتقبل عملي. صُعق صاحبنا السعودي وهو يقول كأنني في حلم، وبعد البحث والتقصي اتضح له أن الرجل فعلاً (ملياردير) – يا عيني عليه – انتهى.
إنه درس لكل متكبر يتفاخر بسيارته وماله، الافتخار الحقيقي هو (بالعبادة)، كما قال تعالى: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ).
ولكن خليكم من هذا كله، وتعالوا معي للنقيض – أي (للشق والبعج) – واقرأوا معي الله يرضى عليكم:
أعلنت شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة (دو) عن بيعها رقم هاتف مميزاً إلى رجل أعمال إماراتي مقابل أكثر من 8 ملايين درهم، وأوضحت الشركة أنها أقامت مزاداً على 70 رقماً مميزاً توزعت على أربع فئات مختلفة، هي: (الذهبية، الماسية، البلاتينية، والبلاتينية بلس)، مضيفة أن ذلك الملياردير حصل على رقم الهاتف المتحرك الأكثر تميزاً على مستوى دولة الإمارات، وخطر على بالي أن أدق وأتصل على ذلك الرقم، ولكنني بصراحة (خفت)، قائلاً بيني وبين نفسي: (الفكّة من جحا غنيمة).
***
واحد (رغاي) لا يتعب من كثرة الكلام، ولا (ينزلّي من زور)، أراد أن يدوشني ويتفلسف على نافوخي قائلاً لي من دون أن أسأله:
أفضل لأهل العراق تعيين رئيس وزراء شيعي، أبوه سنّي، أمه مسيحية، متزوج كرديّة، مولود في إيران، اشتغل بالسعودية، عنده جنسية أميركية، يشرب بالليل ويصلّي بالنهار.
ساعتها لم أملك إلا أن أصيح بوجهه قائلاً له: اخرس واغرب عن وجهي ثكلتك أمك.
***
شاهدت صورة قديمة لمراسم استقبال دولة إثيوبيا للرئيس الأميركي السابق (أوباما)، ومن المعتاد أن يتم استخدام السجاد الأحمر السادة الذي يظهر في مراسم الاستقبال الرسمية في جميع أنحاء العالم.
غير أنهم للأسف خرجوا عن العرف، واستقبلوه بسجادة الصلاة في المساجد ذات الطابع الإسلامي – لا حول ولا قوة إلا بالله.