ربما يكون التشبيه منطقياً، في أن يوصف تصرف تركيا بتهديد أوروبا باللاجئين السوريين فيما لو لم يساند الأوروبيون تركيا في مطامعها بإدلب السورية، بالطفل الذي يطلب من والديه دمية أو مصروفاً فلا يحصل عليه، فيعمد إلى ضرب أخيه الأصغر انتقاماً من أبويه، وهي لربما إحدى الأمثلة التي يمكن تقديمها لربط الموضوعين المنفصلين كلياً عن بعضيهما، فما العلاقة التي تربط ما بين قضية اللاجئين السوريين في تركيا، وما بين قصف روسيا المستتر بالنظام السوري لقوات تركية في إدلب وقتل 33 جندياً في ضربة واحدة، والتي تعتبر الخسارة الأقسى لتركيا، على الأقل في السنوات الأخيرة.
ومنذ اليوم الأول للحرب السورية الدائرة منذ قرابة تسع سنوات، تباهت القيادة التركية بإنسانيتها المفرطة في استقبال اللاجئين السوريين، ليتوضح مع الزمن الأهداف التركية الحقيقية من وراء ذلك، والتي المعلوم منها، قضية تكسبها من أوروبا للمليارات مقابل منعهم من التوجه إليها، وفرض نفسها طرفاً في أي حلول سياسية مستقبلية بحجة استقبال السوريين وواجهتهم السياسية المدعومة من قبل أنقرة، إلى جانب استغلال اللاجئين في قضية التغيير الديموغرافي والهندسة الديموغرافية على هوى أنقرة، عبر نقل مكونات عرقية ودينية من مناطقها، وزرعها في محل مكونات دينية وعرقية أخرى كما هو الحال في عفرين، وغيرها من المناطق السورية شمال البلاد تحديداً.
إضافة إلى قضية التكسب منهم في الداخل التركي، عبر منح الجنسية التركية لأكثر اللاجئين السوريين ولاءاً لأردوغان، والذي سيعتبر في منظور هؤلاء منقذهم من النظام السوري، ومانحهم الأمن، وبالتالي لن يتوانى غالباً في التضحية بأنفسهم لإنقاذه، فيما لو تكرر سيناريو مشابه لما يسمى إنقلاب 2016، إلى جانب التصويت له في كل الانتخابات بطبيعة الحال، وأخيراً وليس آخراً استخدامهم كورقة ابتزاز في وجه أوروبا، عبر تخييرها ما بين الوقوف إلى جانب أنقرة أو مواجهة موجات جديدة من اللاجئين!
ليس الابتزاز الأول
ولم تعد القضية بحاجة إلى تحليل، فالابتزاز التركي لأوروبا واضح، بل إنه بات فاضحاً، وهو ما يبدو أن بروكسل لن ترضى به، حيث بدأت الحكومة اليونانية التشديد من إجراءاتها الأمنية على حدودها مع تركيا، عقب إعلان الأخيرة أنها لن تمنع منذ الآن وصاعداً تدفق المهاجرين عبر أراضيها باتجاه أوروبا، عقب أن صرّح مسؤول تركي رفيع لرويترز، يوم الخميس\السابع والعشرين من فبراير، أن بلاده قررت عدم منع اللاجئين السوريين من الوصول إلى أوروبا سواء براً أو بحراً، وأضاف أن الأوامر صدرت لقوات الشرطة وخفر السواحل وأمن الحدود التركية بعدم اعتراض اللاجئين.
وتكرر الابتزاز التركي سابقاً، ففي الثالث والعشرين من يناير، قال وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، إن الاتحاد الأوروبي لم يدفع نصف تعهداته تجاه اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا، والمقدرة قيمتها 6 مليارات يورو، وأوضح في تصريح لصحيفة يبلد الألمانية، أن الاتحاد الأوروبي كان قد تعهد بدفع 3 مليارات يورو نهاية 2016، ومثله في نهاية 2018، وأضاف قائلاً: “ها نحن الأن في عام 2020، والاتحاد لم يسدد الدفعة الأولى بشكل كامل، فمن خالف بوعده، تركيا أم الاتحاد الأوروبي”، وتابع: “انظروا إلى موجات اللجوء التي كانت تنتقل من تركيا إلى الجزر اليونانية، فقبل الاتفاقية كان العدد يصل إلى 7 آلاف يومياً، بينما تراجع هذا العدد بعد الاتفاقية إلى حدود 57 يومياً، ومن هنا يمكنكم أن تدركوا الجهة التي صدقت بوعدها والجهة التي أخلفت”.
إقرأ أيضاً: كيف يسعى الناتو لتوريط أنقرة في مُواجهة موسكو؟
وأردف قائلاً: “كنا نستطيع فتح حدودنا مع أوروبا أمام اللاجئين، نظراً لوجود بنود في الاتفاقية لم تلتزم بها أوروبا، مثل رفع تأشيرة الدخول وتحديث الاتفاق الجمركي وغيرها، لكننا التزمنا بالإتفاقية ولم نفسح المجال للاجئين بالتوجه نحو أوروبا”، وهي تصريحاتٌ رد عليها وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالينبرج، في الثالث من فبراير، حيث أعرب عن استيائه ورفضه ابتزازات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للدول الأوروبية بملف اللاجئين، و جاء ذلك رداً على تهديدات أردوغان المتكررة بإغراق أوروبا باللاجئين، ومطالبته بتخصيص مزيد من الأموال كمساعدات لبلاده في إيواء اللاجئين، وفي تصريحات مقتضبة لصحيفة “كرونة” النمساوية الخاصة، قال شالينبرج إنه “لن يتم ابتزازنا”.
وأضاف “من الواضح أن تركيا تتحمل عبئاً كبيراً، لكن غير صحيح على الإطلاق أننا تركناها وحيدة في هذا الملف”، وتابع “وفر الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الماضية 6 مليارات يورو في صورة مساعدات مالية لأنقرة لرعاية اللاجئين، ودعم المشاريع المتعلقة بهم”.
ليلحق حزب العدالة والتنمية بركب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في قصية إطلاق تهديدات ضد أوروبا بفتح الحدود أمام اللاجئين، وبخاصة السوريين منهم، للعبور نحوها في حال لم تلبِّ الدول الأوروبية طلباته، وهو ما ذهب إليه المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي عمر جليك في الخامس من فبراير، عندما هدد أوروبا من أنها ستكون عرضة لموجة هجرة جديدة أكبر من سابقاتها في حال لم تأخذ تحذيرات أنقرة على محمل الجد بخصوص إدلب السورية، قائلاً: “نحذر الجميع من أن هناك خطر موجة هجرة أكبر من سابقاتها ستطال أوروبا بأسرها في حال لم يتم أخذ تحذيرات تركيا على محمل الجد بخصوص إدلب”.
ووفق جليك فقد سلكت تركيا كل القنوات الدبلوماسية لحل الأزمة في سوريا، وأن القوات التركية ردت على هجوم قوات النظام السوري، الذي أسفر عن قتل 7 جنود وموظف مدني، بتدمير 54 هدفاً للنظام السوري وتحييد أكثر من 70 عنصراً، زاعماً أن هجوم قوات النظام على الجنود الأتراك يعد هجوماً على الاتفاق بين تركيا وروسيا، متطرقاً إلى ملف الاتحاد الأوربي، مدعياً أنه يواجه صعوبات كبيرة في الحفاظ على وحدة صفوفه، وأن الاتحاد الأوروبي بات يفقد جاذبيته ويواجه خطر التفكك بسبب عدم إجرائه إصلاحات.
منظمات دولية تندد بتركيا
وفي إطار التأكيد على الدور التركي السلبي في التعامل مع اللاجئين السوريين، صدر تقرير عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” في الثامن فبراير، أشار إلى ما قاله متحدث باسم وزارة الخارجية التركية في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2019، حول المزاعم بأن السوريين يُرحّلون وتُساء معاملتهم “غير صحيحة وخيالية” وأن تركيا “تنفّذ بصرامة ’سياسة عدم الإعادة القسرية [الخاصة بها]‘ (في إشارة إلى الحظر الدولي على إعادة أي شخص إلى مكان يتعرض فيه لخطر حقيقي بالاضطهاد أو التعذيب أو ما شابه من سوء المعاملة أو تهديد للحياة)”.
واتهمت المنظمة حرس الحدود الأتراك بتنفيذ عمليات صدّ جماعية شاملة ضد اللاجئين، فقتلوا وجرحوا السوريين الذين حاولوا العبور، وفي أواخر 2017 وأوائل 2018، وعلّقت إسطنبول و9 محافظات أخرى على الحدود مع سوريا تسجيل طالبي اللجوء الوافدين حديثاً.
إقرأ أيضاً: الإعلام الفرنسي يفضح انتهاكات أنقرة في طرابلس
وطالبت المنظمة تركيا بإنهاء هذه الانتهاكات بوضوح، وقالت إنه ينبغي للاتحاد الأوروبي أيضاً تغيير مسار سياساته الإشكالية تجاه اللاجئين السوريين، حيث أنفق الاتحاد الأوروبي 55 مليون يورو على الأقل لدعم مراكز استقبال واحتجاز اللاجئين في تركيا بين 2011 و2015، واستمر دعم الاتحاد الأوروبي لإدارة الهجرة بموجب اتفاق بقيمة 6 مليارات دولار [5.3 مليار يورو] مع تركيا، إذ تضمن الاتفاق في الأساس تمويل الاتحاد الأوروبي للمشاريع المتعلقة باللاجئين مقابل إيقاف تركيا لتدفق اللاجئين إلى الاتحاد، بينما واصل هذا الأخير التأكيد بأن تركيا بلدٌ آمن لإعادة طالبي اللجوء من السوريين إليه.
ونوهت المنظمة أنه مع ذلك، لم تستوف تركيا قط معايير الاتحاد الأوروبي كدولة ثالثة آمنة”، والتي تتطلب حماية فعلية وإمكانية الحصول على الوظائف والخدمات، وتُبيّن عمليات الترحيل الأخيرة من المدن السورية أن السوري الذي أُعيد قسراً من اليونان قد يواجه الإعادة القسرية إلى سوريا مرة أخرى.
وذكرت المنظمة أنه في سبتمبر/أيلول 2019، قال الرئيس رجب طيب أردوغان إن تركيا ستسعى لإقامة منطقة آمنة في المناطق التي كانت تحت سيطرة إدارة الحكم الذاتي بقيادة الأكراد في شمال شرق سوريا والتي يمكن أن يعود إليها ما بين مليون وثلاثة ملايين لاجئ سوري، ووعدت الحكومة التركية بأنه لن تكون هناك أي إعادة قسرية، وعقب التوغل العسكري التركي في 22 أكتوبر/تشرين الأول، وافقت تركيا وروسيا على تسيير دوريات مشتركة في معظم تلك المناطق.
مستكملةً: بغض النظر عن أي ضمانات، نادراً ما كانت “المناطق الآمنة” التي نشأت خلال النزاعات الأخرى آمنة ولا يمكن تبرير إعادة اللاجئين إليها قسراً، وعلى الاتحاد الأوروبي مواصلة دعم تسجيل وحماية اللاجئين السوريين في تركيا ولكن عليه أيضاً إعادة توطين المزيد من اللاجئين السوريين من تركيا.
وختمت المنظمة تقريرها بالقول: “على المفوضية الأوروبية أن تعترف علانية وبشكل عاجل بأن تركيا ترتكب انتهاكات جسيمة ضد السوريين، وأن تضغط على تركيا لوضع حد لهذه الانتهاكات، وأن تضغط على “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة” لمراقبة ما إذا كان السوريون المحتجزون في مراكز ترحيل المهاجرين أو غيرها من المرافق يودّون فعلاً البقاء في تركيا”.
ضحايا المطامع التركية
ويبدو أن اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا قد تحولوا من دون إدراك الكثير منهم إلى ضحايا للمطامع التركية بالأرض السورية، فحديث تركيا عن الإنسانية وحقوق السوريين مشكوك فيه، كونها كانت المساهم الأبرز في دعم الجماعات المتشددة التي طفت على السطح، وهو ما تؤكده غالبية التقارير الدولية المتطرقة إلى الوضع السوري، كما أن من هجر قرابة مليون سوري من مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض وغيرها، لن يحق له المزايدة على النظام السوري.
فالجانبان يتحملان المسؤولية نفسها في تشريد السوريين وقتلهم، عبر منع الحلول السياسية والإصرار على العسكرة وتولي الحكم بالحديد والنار، من جهة النظام القائمة على تولي عائلة محددة لسدة الحكم، ومن جهة تركيا التي تستند في نظريتها على تولي تنظيم الإخوان المسلمين للحكم، وهو ما يعتبر تهديداً للكثير من المكونات الدينية والأثنية السورية، كونها لا تثق بكل الحديث المنمق الصادر عن قيادات التنظيم، والذي ينفذ عكسه تماماً على الأرض، من قبل مليشيات “الجيش الوطني السوري”، التي تعتبر بشكل ما تابعاً للتنظيم لما له من سطوة سياسية ومالية على قادته ومسلحيه.
إقرأ أيضاً: ماذا يعني أن تتزاحم مُدرعات أمريكية-روسية على طرق سورية؟
وفي خضم المتاجرة بهم، وتحوليهم إلى ورقة ابتزاز في وجه أوروبا، أكدت وسائل إعلام أمس الجمعة\الثامن والعشرين من فبراير، توجه مئات اللاجئين في تركيا نحو الحدود اليونانية التركية عقب إعلان تركيا فتح الأبواب أمام المهاجرين الراغبين بالسفر إلى أوروبا، وقالت وسائل إعلام تركية أن مجموعة من المهاجرين تتحرك في شمال غرب تركيا نحو الحدود مع اليونان، بعدما قال مسؤول تركي كبير إن أنقرة لن تمنع اللاجئين السوريين من الآن فصاعداً من بلوغ أوروبا.
وكان لافتاً أن عمليات نقل اللاجئين السوريين كانت تتم أمام عدسات الكاميرات التركية، بمعنى أنها لم تعد عملية تهريب، بل عمليات نقل نظامية، عبر حافلات كبيرة، قيل أنه تم نقلهم فيها بشكل مجاني، وكأن أنقرة تقول لبروكسل، هذا ما ستجنونه منها مالم تقفوا معنا في مواجهة روسيا، ولكن يبقى السؤال الأهم، ما المواجهة التي يريد أردوغان من أوروبا أن يقف فيها معه؟
وبالمقارنة بين الخطرين (اللاجئين السوريين أم الحرب مع روسيا)، يتبادر إلى الذهن سؤال آخر وهو “هل يعتقد أردوغان أن أوروبا ستختار الحرب مع روسيا بجانب تركيا وهو ما يبدو أن أردوغان ينزلق لها، على استقبال اللاجئين؟، وهي معادلة تبدو بسيطة الحل، كون استقبال اللاجئين سيكون بكل تأكيد أقل ضرراً لأوروبا، على الدخول في حرب عاتية قد تتطور لحرب عالمية ثالثة، فيما لو أصر الأتراك على قضم إدلب.
فالحديث هناك، لا يدور بكل تأكيد في إدلب عن مصالح السوريين وحماية اللاجئين، الذين باتوا غطاءاً لقضم الأراضي السورية، كما هو الحال في القطاع المستولى عليه شرق الفرات ما بين مدينتي رأس العين وتل أبيض، التي كان من المفترض أنها ستأوي الـ3.5 مليون لاجئ، وإذ بتركيا تريد إدلب أيضاً، بعمق 35 كم، ليتوضح الهدف التركي في الاستيلاء على كامل الشريط الحدودي بذلك العمق، وهو ما سحبت موسكو ذريعته من أنقرة، التي دخلت إلى تلك المناطق بذريعة “الإنفصاليين” في إشارة إلى “قوات سوريا الديمقراطية”، لتثبت الأيام أن (الإنفصاليين الحقيقيين) هم من تأويهم أنقرة ممن يسمون بـ “الجيش الوطني السوري”، فهؤلاء لا يوارون ولائهم لتركيا، ورفعوا الأعلام التركية فوق المدارس والمقرات الحكومية، إلى جانب تبعية كل الهيئات والمؤسسات في مناطق سيطرتهم إلى الولايات التركية القريبة من تلك المناطق.الى ذلك
نشرت صحيفة التايمز مقالا افتتاحيا تحدثت فيه عن معاناة أهالي إدلب تحت الحرب التي تشنها القوات الحكومية السورية وحلفاؤها.
تقول التايمز إن الهجوم الذي تشنه قوات بشار الأسد على المعارضة قد يشعل حربا بين تركيا وروسيا. وتضيف أن تركيا مطالبة بالتراجع والحصول على دعم حلف شمال الأطلسي (الناتو).لكن الاخير يرفض بداعي ان الاراضي التركية لم تتعرض للاعتداء او الغزو على العكس ؟؟؟؟
وتحذر الصحيفة من توسع النزاع وتحوله إلى حرب شاملة بين تركيا ونظام بشار الأسد المدعوم من روسيا. وتشير إلى مقتل 33 جنديا تركيا في غارة جوية يعتقد أنها للقوات السورية على إدلب.
وتقول التايمز إن توسع الحرب سيزيد من معاناة أهالي إدلب ويهدد استقرار المنطقة برمتها. وترى أنه من الضروري أن يمنح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان نفسه، فرصة للتراجع عن سياسته في سوريا، إذ أنه يدعم المعارضة المسلحة وفي الوقت نفسه يسعى إلى التقارب مع فلاديمير بوتين.
وتضيف الصحيفة أن أردوغان كان يأمل في أن يقنع الناتو بإقامة منطقة عازلة على الحدود التركية السورية، لكن الدول الغربية لم تشأ أن تتدخل لفرض المنطقة، فتركت فراغا ملأته روسيا، الداعمة لنظام بشار الأسد بالقوات والعتاد.
ودفع تقدم القوات الحكومية السورية أردوغان إلى التراجع عن طموحاته. فكل ما يسعى إليه الآن هو منع تدفق المزيد من اللاجئين على بلده التي استقبلت نحو 4 ملايين لاجئ سوري منذ اندلاع الحرب، فضلا عن مليون لاجئ آخر يقيمون على الشريط الحدودي بين البلدين.
وأصبحت الدول الغربية، بما فيها ألمانيا والسويد، متخوفة من وصول موجات جديدة من اللاجئين إليها. فإلى جانب التكلفة الاقتصادية التي تقع على عاتقها تخشى هذه الدول أيضا من تسلل عناصر من الجماعات المتطرفة بين اللاجئين لتنفيذ هجمات في أوروبا.
وتصف التايمز عجز الدول الغربية عن إيقاف هجمات نظام بشار الأسد على المدنيين بأنها مأساة لا يمكن الآن تداركها. وترى أن أخف الضررين أن تعترف تركيا بأن سعيها لإسقاط نظام بشار الأسد قد فشل، وأن الإصرار على الموقف سيشعل حربا مع روسيا.
وتضيف أنه على الناتو العمل مع أردوغان من أجل احتواء الأزمة.
روسيا واليد العليا
ونشرت صحيفة الغارديان مقالا تحليليا كتبه، مارتن شولوف، يقول فيه إن روسيا لها اليد العليا في الأزمة مع تركيا.
ويذكر مارتن أن تركيا كانت على مدار ثلاث سنوات في مشاحنات مع روسيا شمالي سوريا. ولكن هذه المشاحنات تحولت في الأسابيع الأخيرة إلى صدامات خطيرة. وكانت هذه الصدامات بين حلفاء الطرفين، إذ أن الحرب المباشرة بين الدولتين أمر مكلف ومستبعد حتى الآن.
ولكن بعد مقتل أكثر من 30 جنديا في غارة جوية يرجح أن تكون روسية فإن الطرفين أصبحا في أزمة لا يتوقع أن يتراجع فيها أي منهما.
ويضيف الكاتب أن أنقرة، التي اتهمت روسيا، انتقمت لمقتل جنودها بغارات جوية على الجيش السوري، لكن موسكو تمكنت من شن غارات جوية دون أن تتكبد أي خسائر.
ويذكر الكاتب أن تركيا باعتبارها عضوا في الناتو قد تلجأ إلى المادة 15 من قانون الحلف التي تلزم الدول الأعضاء بالدفاع عن أنقرة. ولكنه يرى أن رد الحلف ليس مضمونا لأن العديد من أعضائه لا يرون الهجوم على الجنود الأتراك في سوريا تهديدا لسيادة تركيا.
لذلك فإن أردوغان لم يتحمس لطلب الدعم من الناتو، بل هدد الاتحاد الأوروبي بفتح الباب أمام موجات اللاجئين.
ويبدو حسب الكاتب أن بوتين حريص عل إنهاء الحرب بمواصلة الغارات الجوية، وفرض وقف إطلاق النار ثم تسليم المدن المدمرة إلى رئيس يأتمر بأوامره. ويأخذ منه الغاز والنفط ومشاريع إعادة الإعمار، ويعزز فوق ذلك نفوذه في المنطقة.
أما مصالح تركيا فليست واضحة على حد تعبيره. فقد دعمت المعارضة المسلحة من 2012 إلى 2016، وبعدها أصبح كل طموحها أن تبعد الأكراد عن حدودها.
ويتوقع مارتن أن يتم إقرار وقف لإطلاق النار في وقت قريب لأن الطرفين لا يريدان خوض حرب مباشرة. ولكن هذا لن يحدث قبل أن تحصل تركيا على تعويض عن مقتل جنودها. فالطائرات التركية ستشن غارات على مواقع الجيش السوري في الأيام المقبلة، ولكنها لن تستهدف القوات أو القواعد الروسية.