الحكومة تقرر تأجيل تقديم الساعة لنهاية شهر رمضان والقوى المسيحية تعترض وتغير للتوقيت الجديد والمواطن حائر
بيروت ـ “راي اليوم” ـ من نور علي:
الانقسام في لبنان هو السمة الغالبة في الحياة السياسية، والاختلاف كل شيء يعطل الحياة السياسية بشكل مزمن، لكن ان يصل الانقسام الى التوقيت فهذا ما لا يمكن توقعه. لبنان اليوم في ازمة توقيت، بين التوقيت الشتوي والصيفي. فبعد ان قررت حكومة تصريف الاعمال برئاسة نجيب ميقاتي تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي حتى نهاية شهر رمضان المبارك خلافا للموعد السنوي لتغير التوقيت في نهاية شهر اذار مارس.
اعتباراً من سوادِ هذا الليل يَنقسمُ هلالُ لبنان على توقيتين وساعتين وزمنين: توقيتٌ عالمي يتقدّم.. وآخَر محلي متخلّفٌ ساعةً إلى الوراء // فيدراليون منذُ التكوين.. وهذه الفدرالية أسّسها رئيسُ مجلسِ النواب نبيه بري وسارَ بها الرئيس نجيب ميقاتي بمُوجِبِ قانونِ الامرِ والطاعة/ والرئيسان برَجْعيةٍ وطائفية باعا المسلمين الصائمين وقتاً وهمياً، واشتريا ساعةً لمساومةِ الرب والتحايُلِ على شهرِهِ الكريم وإيهامِ الناس أن شُروقَهم صارَ غروباً، وأنّ ساعاتِ الصوم ستَجِدُ لها أسباباً تخفيفية// كَذِبوا عليه تعالى.. وفي لحظةِ دردشةٍ مصوّرة عن سابقِ إصرارٍ وتعميم، ظَهرَ بري كفانوسٍ رمضاني.. وميقاتي حَمَلَ الطبْلة كالمسحّراتي/ لكنّ المؤمنَيْن سالِفَي الذِكر كانا قد لَعِبا بساعةِ الأرض وسرَقا ستينَ دقيقة قَلبتِ النظام واستحضرتِ العقاربَ الطائفية التي بدأت رحلةَ اللسعِ السامة// اتَّحدَ المسيحيون للمرةِ الاولى على رؤيةِ شهرٍ ثالث عشَر, لا يُشبهُ الأشهرَ المعتادة.. فأعلنوا الانقلابَ على القرار وصولاً الى الطعنِ في ساعتِه.. وقرّرت وسائلُ اعلامية التزامَ التوقيتِ الصيفي وعدمَ تطبيقِ الفتوى الحكومية ابتداءً من هذه الليلة// وأمام سورياليةِ المشهد.. مصرِف لبنان وَقفَ في المنتصف، وأجرى عمليةَ طبعِ عُملة للوقت، فالتزمَ بتقديمِ الساعة تجنباً لمخاطرِ تعديلاتِ اللحظة الأخيرة/ أما لناحيةِ ساعاتِ العمل فأعلن التزامَه بموقفِ الحكومة/ في حين أَصدرت بكركي فتوى بتحريمِ التعامل معَ توقيتِ ميقاتي الارتجالي الذي جاءَ من دونِ التشاور معَ أحد، ومن دونِ أيِ اعتبارٍ للمعاييرِ الدولية/ وعلى هذا المسار مَشَت مدارسُ وأبرشياتٌ ومِطرانيات ومؤسساتٌ دينية من الطائفةِ المسيحية/ ومعَ الضغطِ العارم على رئاسةِ مجلس الوزراء فإنّ ميقاتي تراجَع.. لكنْ عن عقدِ جلسةِ مجلسِ الوزراء الاثنين، وليس عن التوقيتِ الصيفي/ وأصدر وأرفقَ السببَ بمحاولةِ البعض جرَّ البلاد الى انقسامٍ طائفي لتأجيجِ الصراعات// هَرَبَ ميقاتي من ساعتِه وحمّلَ الجميعَ مسؤولياتِه// والكلّ يسأل: ماذا عن الجديد؟/ إنّ هذه المؤسسة تلتمسُ رؤيةً رجْعيةً وطائفية في كلِ القراراتِ الواردة، مسلمين ومسيحين/ فقرارُ بري-ميقاتي إنما بُنِيَ على قانون “مرّقلنا ياها” العشوائي العابرِ للمؤسسات، وهذا يُعَدُّ أسوأَ مؤشّرٍ على طريقةِ إدارةِ البلد/ ولم تُقصِّر القياداتُ المسيحية في ردِّ الصاعِ الطائفي وفي التأسيس لفدرالياتٍ من ستين دقيقة، ولم تقتنص فرصةَ الوَحدة لتكوينِ موقفٍ ناظم لمؤسساتِ الدولة بأربعٍ وعشرين على أربعٍ وعشرين، وليس لساعةٍ واحدة فقط/ والكلُّ جاءت ساعتُه ليشغّلَها على توقيتٍ شعبوي شتوي وصيفي.. وفي كلِ الفصولِ اللاقطة للمراصِدِ الطائفية المقيتة.. وهو أيضاً مؤشّرٌ على تحالفٍ متخلّفٍ متطرّف اجتمعَ على ساعة وأَهملَ الزمنَ الذي يُغيّرُ في حياةِ الناس// فللمسيحيين: زعماؤُكم اليوم أغرقوكم في لُغةٍ تقسيمية, فيما رواتبُ رعيّتِكم أصبحت لا تساوي ثمنَ عملِ ساعةٍ واحدة/ وللمسلمين: لقد باعَكم بري وميقاتي من محصولِ إيمانِكم ومن هلالِكم ورمضانِكم الكريم الذي لم يَخضعْ يوماً لعمليةِ تفاوضٍ على الشروقِ والغروب، وعلى إفطارٍ وسُحور/ وللمدنيين والمتديّنين فإنّ ساعةَ القرار آتية.. ولن تعودَ إلى الوراء// وعملاً بالتوقيتِ الوطني فإنّ الجديد تَرفُضُ كلَ مقاربةٍ من منابِعَ طائفية، ولا تؤسّسُ ساعتَها إلا على نظامٍ موحّد لجميعِ الاديان/ وبناءً عليه وعلى كلِ هذه الدوامةِ الطائفية.. فإن نجيب ميقاتي باتَ محكوماً بالعودة إلى مواقيتَ عِلمية، واللَحاقِ بالنظامِ العالمي والتراجُعِ عن مذكِّرتِه اللاعبةِ على الزمن وأبناءِ الوطن/ وعملاً بهذا الزمن فإنّ الجديد لن تكونَ خارِجَه.. وهي إذ تَلتزم الدقّةَ في مسارِها الاعلامي، فسوف تَلتزمُ الدقّةَ عينَها في الساعة العالمية،وبساعةِ الأرض.. ولن تنزلِقَ إلى خطوطٍ وهمية استَبدلت “غرينتش” بـ”بري.. نتش”// هذا وقتُنا، على خطٍّ وطني وعالمي.. ساعتُنا بعقارِبَ لا يُسيِّرُها رئيسان خَرَجا عن القانون.. ولن نكونَ مُلحَقين في الوقتِ نفسِه بأسبابٍ مسيحية اتّبعت التقويمَ الطائفي/ ومنعاً للاصطفافات، وتحفيزاً للتغيير.. فإنّ الجديد تتوجّهُ لميقاتي: باقٍ لك ساعاتٌ معدودات، فتراجع قبلَ منتصَفِ الليلة.. وعندها فإنّ البلدَ سيَنقسمُ بأداةٍ من “عقربين” يَشغَلان مَنصِبَ رئيسين/ تراجَعْ.. قبلَ أن يَسبِقَك الزمن وتُصبِحَ خارجَ النظام/ ولأنّ النظامَ العالمي والعلمي والقانون ودُستور الساعة يُفتي بالتقدم.. فإنّ الجديد تتقدّم، وتتبعُ التوقيتَ الصيفي ولا تلتزمُ مذكِّرةَ مجلسِ الوزراء التي صنعها رؤساء لا يُقيمون وزناً للوقت.. وهم أَهملوا البلدَ واقتصادَه ورئيسَه، وورّطوا الناسَ اليوم بجدلٍ طائفي يكادُ يؤدّي الى حربٍ اهلية قد تندلعُ في ساعة تخلّي.
لقد اثار هذا القرار الجدل خاصة انه جاء بعد فيديو انتشر على وسائل الاعلام للاجتماع الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، يطلب فيه نبيه بري من ميقاتي تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي حتى نهاية شهر رمضان. واعتبرت قوى سياسية مسيحية ان هذا القرار تلاعب بالتوقيت السنوي لصالح المسلمين في شهر رمضان، وأثارت موجه من الاعتراضات وطالبت بتراجع الحكومة عن القرار. وتطورت مطالبة القوى المسيحية الرئيسية وفي مقدمتها التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية الى اعلان العصيان على القرار. وأعلنت وسائل اعلام لبنانية مسيحية العمل بشكل منفرد وفق التوقيت الصيفي مخالفة بذلك قرار الحكومة.
من جانبه اعلن المكتب الإعلاميّ في الصرح البطريركيّ في بكركي، في بيان، انّ “القرار المفاجئ بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفيّ لمدة شهر، الصادر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال السيّد نجيب ميقاتي ارتجاليًا ومن دون التشاور مع سائر المكوّنات اللبنانيّة، ومن دون أيّ اعتبار للمعايير الدوليّة، وللبلبلة والأضرار في الداخل والخارج، يحول دون إمكانيّة البطريركيّة المارونيّة والأبرشيّات والمؤسّسات التابعة لها، الالتزام به. وبالتالي، تلتزم بتقديم الساعة ساعة واحدة منتصف هذه الليلة، ليلة السبت-الاحد 25-26 آذار 2023”.
وسخر عضو تكتل “لبنان القوي” مسيحي النائب جورج عطالله، من قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وكتب في تغريدةٍ على حسابه عبر “تويتر”: بحسب علم الأحياء في مخلوقات برية مخلوقات مائية مخلوقات برمائية بس عنا بلبنان في نوع رابع مخلوقات برميقاتية وأضاف، “هيدي المخلوقات عملت قرار بتأخير الزمن”.
وقال عطالله: “أنا من بكرا مواعيدي وأشغالي على التوقيت الصيفي”.