بينما يواجه العالم الغربي إصابات بمئات الآلاف بفيروس كورونا المستجد، تسجل بعض دول آسيا الوسطى الديكتاتورية إصابات تكاد لا تُذكر بالفيروس الذي شغل العالم منذ بداية 2020.
أما في كوريا الشمالية مثلاً، فلم تعلن الدولة عن تسجيل أي إصابة، علماً أنها مجاورة للصين وكوريا الجنوبية، اللتين سجلتا أعلى إصابات عند بداية انتشار الوباء، قبل أن ينتقل إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.
دراسة جديدة أجرتها مجلة إيكونوميست كشفت أن الديكتاتوريات تضر بالصحة العامة.
واستعرض تقرير المجلة معلومات تاريخية من قاعدة البيانات الدولية للكوارث، والتي تغطي 40 عاماً من التأثير من أمراض تتراوح من الجدري إلى زيكا إلى الإيبولا.
وخلص التحليل إلى أن الديمقراطيات “أفضل من أشكال الحكومات الأخرى في احتواء وعلاج الفاشيات … [التي تعاني] من معدلات وفيات أقل بسبب الأمراض الوبائية مقارنة بنظرائها غير الديمقراطيين”.
فما هي بعض هذه الديكتاتوريات التي إما “سلمت” من هذا الفيروس بقدرة عجيبة، أو أنها ترفض مشاركة بياناتها عن ضحايا الكورونا.
تركمانستان.. ممنوعة على السياح
لم تسجل أي إصابة.
كانت تركمانستان إحدى الجمهوريات التابعة للاتحاد السوفييتي، وكانت تُعرف باسم الجمهورية التركمانية السوفييتية الاشتراكية، وعندما تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، أصبحت تركمانستان دولة مستقلة.
نظام الحكم حالياً فيها جمهوري رئاسي بنظام الحزب الواحد، وكان الرئيس السابق صابر مراد نيازوف عيَّن نفسه رئيساً للبلاد مدى الحياة، ليتوفى عام 2006 ويخلفه قربانقلي بردي محمدوف (الملقب بأبو التركمان) من العام 2007 حتى يومنا هذا.
يبلغ عدد السكان نحو 6 ملايين نسمة، غالبيتهم من المسلمين، مع وجود أقليات كالروس والكازاخ والتتار والبلوش وغيرهم.
واختارت تركمانستان العزلة عن العالم، حتى كاد البعض يشبهها بكوريا الشمالية.
تمنع السياح من زيارتها، وهناك رقابة قوية على شبكة الإنترنت. وبلغت نسبة المستخدمين نحو 18% فقط من بين إجمالي عدد السكان في عام 2017، وهو ثالث أسوأ معدّل في آسيا بعد كوريا الشمالية وأفغانستان.
وفي عام 2003، فرضت تأشيرات الخروج على المواطنين؛ منعاً لاطلاع سكان الدولة على أحوال العام، وهو ما قد يؤدي إلى ظهور معارضين.
وتركمانستان ليست دولة فقيرة، إذ تملك ثالث أكبر احتياطات من الغاز الطبيعي في العالم، لكن شعبها يعاني الفقر، بينما تنتشر البطالة بنسبة 10%.
وغالباً ما ينشر الرئيس محمدوف فيديوهات خارجة عن المألوف تعرّضه لانتقاد وسخرية، كأن يطلق الرصاص فوق عجلة وسط تصفيق الحاضرين أو يفحط بسيارته!
كازاخستان.. ممنوع الاعتراض
عدد الإصابات بفيروس الكورونا 464 إصابة، توفي منها 6 فقط
ويبدو هذا الرقم منطقياً؛ نظراً إلى السياسات المتشددة التي تتبعها الدولة ضد المواطنين.
يبلغ عدد سكان الدولة 18 مليون نسمة، وهي أيضاً من الجمهوريات التي استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
شعبها خليط من القبائل التركية والمغولية البوية والروس، يحكمه الرئيس قاسم جومارت توكاييف، وقبله نور سلطان الذي تولى السلطة من العام 1991.
وإثر فوزه بالانتخابات بنسبة 70%، اعتقل توكاييف نحو ألف شخص خرجوا في مظاهرات للاعتراض على فوزه بالانتخابات.
وبحسب مؤسسة “فريدوم هاوس”، لا تتمتع الانتخابات الكازاخستانية بالنزاهة أو الحرية، في حين يتعرض المعارضون للاعتقال والاضطهاد.
ويسيطر رجال مقربون من الرئيس على وسائل الإعلام، واحتلت كازاخستان المركز الـ124 من أصل 180 في مؤشر الفساد لعام 2018.
ويعد اقتصاد كازاخستان الأكبر في دول آسيا الوسطى بفضل المعادن كالذهب والحديد واليورانيوم والنفط والغاز الطبيعي.
ولعل أشهر ما في هذه الدولة الأوراسية أنها تحتوي على أكبر محطة إطلاق صواريخ للفضاء حول العالم، حيث تم إطلاق الصاروخ الذي حمل أول رجل يطير في الفضاء وهو السوفييتي يوري غاغارين.
قيرغستان.. انقلاب ما بعده انقلاب
عدد الإصابات بفيروس كورونا 130، وحالة وفاة واحدة
يبلغ عدد سكان ثاني أصغر دول آسيا الوسطى الخمس 5 ملايين نسمة، معظمهم مسلمون، ويعني اسمها مترجماً للعربية (أرض الأربعين قبيلة).
بعد حملة حكومية لتوسيع استخدام اللغة القرغيزية في التسعينيات، أقر قانون 2001 بجعل الروسية اللغة الرسمية الثانية للبلاد بجانب القرغيزية.
جدير بالذكر أنها استقلت عن الاتحاد السوفييتي يوم 31 أغسطس/آب 1991، وتصنِّف نفسها بأنها جمهورية.
أصبح سورونباي جينبيكوف خامس رئيس لقيرغيزستان بعد فوزه بأكثر من 54% من الأصوات في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2017، ليحل محل الزعيم المنتهية ولايته المازبك أتامباييف.
وفي أغسطس/آب 2019، شهدت البلاد اضطرابات سياسية وساعات من المواجهات المتوترة بين المتظاهرين والشرطة، على إثر اعتقال أتامباييف بتهمة الفساد والقتل والاعتقال الجماعي.
وتسود توقعات باحتمال لاندلاع ثورة ضد الرئيس الحالي من قبل مناصري الرئيس السابق، الذي وصل بدوره إلى الحكم نتيجة مظاهرات شعبية.
أوزبكستان.. مخابرات في أصغر الأحياء
عدد إصابات الكورونا لا يتخطى 230 مع حالتي وفاة فقط
تتوسط هذه الدولة تركمانستان وكازاخستان، بكثافة سكانية تبلغ 32 مليون نسمة.
تعني كلمة أوزبكستان “بلد الأحرار”، ولكن نظامها الحاكم له رأي آخر. يرأسها حالياً شوكت ميرضيايف، الذي خلف الرئيس الراحل إسلام كريموف في عام 2016 بعد 27 سنة بالحكم.
وتشير مصادر إعلامية إلى أن النظام السابق كان يغلي معارضيه أحياء، ويجبر الرجال والنساء والأطفال على العمل في حقول القطن بموسم الحصاد.
إلى ذلك أعادت الدولة توجيه مجالس الأحياء التي تُعرف بأنها “عيون وآذان” السلطات لمراقبة المواطنين، من أجل مواجهة فيروس كورونا.
من الجدير ذكره أن مجلة إيكونوميست منحت أوزبكستان جائزة “بلد العام” لعام 2019، مُثنية على التعديلات السياسية التي أدخلها ميرضيايف مثل السماح للصحفيين الأجانب بالدخول، وإغلاق مجمع السجون سيئ السمعة، كما فتح عديداً من المعابر الحدودية لتجتمع العائلات من جديد.