كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أقرب زعماء الغرب إلى فلاديمير بوتين. جمعت بينهما اللغة الألمانية التي تعلمها الرئيس الروسي عندما كان ضابطاً في الـ«ك.ج. ب» في ألمانيا الشرقية، حيث ولدت ونشأت السيدة التي سوف تصبح زعيمة ألمانيا الموحّدة.
بسبب اللغة لم يكن أحدهما في حاجة إلى مترجم، وكانا يشعران بألفة إضافية. وأدَّت هذه العلاقة الخاصة إلى نفوذ وديّ لدى المستشارة على العقيد الذي صار زعيماً للاتحاد الروسي. بل هي أقنعته، كما روت في مذكراتها في ما بعد، بتأخير الهجوم على أوكرانيا، مع أنها لم تستطع إقناعه بإلغائه.
لم يوفر بوتين صديقته من الإهانات التي يتعاطى بها مع كبار السياسيين. على سبيل المثال كانت تزوره مرة في مكتبه في الكرملين عندما ترك كلبه الضخم، الذي في حجم ثور صغير، يقترب منها وكأنه يبحث عن متفجرات. تجمدت المرأة التي ترتعد من مظهر الكلاب، لكنها حافظت على هدوئها. وكانت ميركل قد تعرضت عام 1995 لهجوم من كلب عضها وهشّم فيها. تعليقاً على هذا الحادث تقول ميركل إن بوتين يمضي نهاره في محاولة إخافتك ساعة بعد أخرى إلى أن تشعر بأنك مخلوق متناهي الصغر. أيضاً لم يوفر الملكة إليزابيث الثانية من الإهانة، فقد جعلها تنتظر 14 دقيقة في غرفة الجلوس قبل أن يحضر إلى الموعد المقرر. وفي حادثة أخرى جعل وزير خارجية أميركا جون كيري، ينتظر ثلاث ساعات في الساحة الحمراء يبدد الوقت، إلى أن استدعي أخيراً إلى موعده مع سيد الكرملين.
تقول ميركل إن بوتين لا يهمه سوى شيءٍ واحدٍ هو القوة! ولذلك يحرص دائماً على إظهار مرونته الجسدية في رفع الأثقال أو السباحة في المياه الباردة، أو الركض. وتضيف بأسلوب خارج عن أدبياتها: «إنه يحاول أن يخفي خوفاً حقيقياً كون روسيا بلداً لا يملك شيئاً. لا سياسات ناجحة ولا اقتصاد ناجح وكل ما تملك هو هذه المظاهر». وطالما حاولت تهدئته في النظر إلى الشؤون الدولية. وخاطبته أحياناً وكأنها تخاطب ابنها: «فلاديمير ليس هكذا يرى العالم الأشياء»، أو «فلاديمير هذه الحرب الوحشية ليست لمصلحتك على الإطلاق». الآن تستعيد صحف ألمانيا تلك اللقاءات بين برلين وموسكو لكي تبيّن تعقل المستشارة وتهوّر الرئيس. لقد كسرت الأحداث الأخيرة شوكة الزعيم، والجميع الآن يلقون الدروس.