مقتل العشرات في قصف سوق في أم درمان
قتل ليلة أمس 34 شخصا بينهم أطفال في أم درمان، بحسب السلطات الصحية السودانية، بعد تعرض سوق في المدينة إلى قصف “عشوائي”.
ولم يتضح بعد من الذي نفذ الهجوم. كما قتل 45 شخصا في غارة جوية استهدفت المدينة ذاتها في أواخر الأسبوع الماضي.
وأفادت تقارير إعلامية نقلا عن السلطات الصحية بأن معظم القتلى من تجار السوق وأصحاب عربات النقل. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن شهود عيان قولهم إن “قذيفة مدفعية سقطت في السوق”.
وتجددت الاشتباكات المسلحة في أنحاء المدينة، وشوهدت ألسنة اللهب والدخان. كما حلق الطيران الحربي في سماء المدينة، وأطلق مجموعة من القذائف الصاروخية على بعض المواقع.
ولم تصدر حتى الآن أي بيانات رسمية عن تطور المعارك.
وبحسب وكالة الأناضول فقد اعتبرت واشنطن، مقتل مدنيين في غارات جوية في بحري وأم درمان شمالي وغربي العاصمة الخرطوم تطورا خطيرا للقتال في السودان.
كشفت مصادر خاصة عن خطة إقليمية يجري الإعداد لها من أجل ترتيب الوضع في السودان، وذلك على هامش الاجتماع الذي عُقد الثلاثاء 11 يوليو/تموز 2023، في إثيوبيا، بينما اشتد الصراع بين الأطراف المتنازعة في السودان، الذي يعيش على وقع مواجهات دامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ شهر أبريل/نيسان الماضي.
وأوضحت أن الخطة التي قدمتها مجموعةُ “المجلس المركزي للحرية والتغيير”، تعتمد على إنشاء حكومة معترف بها إقليمياً ودولياً، تستند إلى الوضع الذي كان قائماً قبل 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، كما تتضمن نزع شرعية تمثيل السودان عن الجيش والدعم السريع معاً.
كما أضافت المصادر أنه لا يشترط أن تكون هذه الحكومة داخل السودان في هذه المرحلة، وقالت إن هذه الخطة تجد موافقة ودعماً من الرئيس الكيني ورئيس الوزراء الكيني، فيما رفض الرئيسان الإريتري والتشادي نقاش هذه الخطة، واعتبراها تصعيداً للأزمة في السودان.
إذ قام الرئيس التشادي بإجراء مشاورات مع عدد من قادة حركات دارفور لمنع انتقال تطورات الأزمة إلى بلاده؛ وأما الرئيس الإريتري فهو يجتمع منذ أيام في العاصمة أسمرة مع عدد من قيادات شرق السودان، خاصة من قبائل البجا والبني عامر والرشايدة والفلاتة، ولم يقاطع هذه الاجتماعات إلا ناظر قبيلة الأمرار البجاوية علي محمود.
الموقف العربي من خطة “الحرية والتغيير”
كما ذكرت أن السعودية والولايات المتحدة لم تناقشا هذا الاقتراح ولم تتبنّياه بعدُ، “وما يزال لديهما أسئلة كثيرة لا تجد إجابات، فيما تبدو الإمارات متحمسة له في الكواليس”، وأما مصر فهي ترفض هذه الخطة، وتعتقد أن الجيش السوداني هو آخر مؤسسات الدولة السودانية القائمة.
بالنسبة للقاهرة، تقول مصادر “عربي بوست”، إنها تعتبر الجيش الجهة الوحيدة التي يمكن أن تمثل السودان، وتقوم مصر على تعزيز هذه الرؤية من خلال اجتماع دول أصدقاء السودان في القاهرة، الخميس 13 يوليو/تموز.
خلال هذا الاجتماع من المنتظر أن تتبنى مصر رؤية تقوم على قدرة الجيش السوداني على حسم التمرد، وأن دول الإقليم ستساعد في إعمار ما دمرته الحرب، وتسارع مصر إلى تطويق التدخلات التي تقوم بها إثيوبيا لإضعاف السودان وإطالة أمد الحرب فيه، بما يؤدي إلى إضعاف مصر في ملف سد النهضة ومياه النيل.
أما جنوب السودان وجيبوتي فهما لا تريدان تصعيد الأزمة، وتشاركان بجهد دبلوماسي في الحد الأدنى، وتتعاملان مع طرفي الأزمة من الجيش السوداني والدعم السريع عبر المسارات السرية والأمنية، وكان لافتاً أن الرئيسين الجيبوتي والجنوب سوداني لم يشاركا في اجتماع الإيغاد رغم مشاركة الرئيسين الكيني والإثيوبي، وفق ما أوضحته المصادر.
بينما حاولت كل من إثيوبيا وكينيا تسويق خطة الحرية والتغيير في اجتماع رؤساء الرباعية التي قُررت من “إيغاد“، وهي رباعية دولية من (جنوب السودان وكينيا وإثيوبيا وجيبوتي)، لكن السودان رفض إسناد رئاستها لكينيا، وطالب بتغيير الرئاسة وإلا فلن يشارك في أي اجتماعات أو مناقشات تحت هذه الرئاسة.
الحكومة السودانية ترفض الخطة
إذ يرى السودان في رؤية اللجنة الرباعية أنها محاولة لمطّ الوقت، ودعم التمرد الذي تسانده قوى إعلان الحرية والتغيير بشكل غير مباشر، وأن هدف اللجنة بإطلاق عملية سياسية شاملة هو تحقيق سلام مستدام، والانتقال السلمي إلى الديمقراطية والحكم المدني.
الحكومة السودانية اعتبرت ذلك محاولةً لتدوير خطة المبعوث الدولي فولكر، الذي أعلنته السودان شخصاً غير مرغوب فيه، والذي يريد وقف الحرب دون إعلان أي منتصر، وتسليم السلطة لقوى الاتفاق الإطاري، الذي يعتبره الجيش وحلفاؤه أحد أهم أسباب الحرب، كما أن كينيا وهذه القوى تمنح الدعم السريع مكانة موازية للجيش في جميع إجراءاتها.
كما تضغط إثيوبيا وكينيا وقوى إعلان الحرية والتغيير باتجاه فرض قرارات على السودان، يمنع بموجبه الطيران في جميع الأجواء السودانية، ووقف قصف المدفعية الثقيلة، وهو ما يعني تعطيل ميزة التفوق العسكري للجيش على الدعم السريع، حيث يتمتع الجيش بسلاح جوّ متفوق وسلاح مدفعية لا يتوفر للدعم السريع.
كما يتحدث الإثيوبيون بشكل واضح بأن السودان يعاني من فراغ قيادي كامل، ويجب ملؤه بحكومة مقبولة من الاتحاد الإفريقي و”الإيغاد”، حتى يستطيع السودانيون لاحقاً اختيار حكومتهم، وهددت إثيوبيا وكينيا بأنهما ستعملان على تشكيل وحدة تدخل عسكري من دول شرق إفريقيا، تتولى الترتيبات العسكرية لهذه الحكومة الجديدة المتوقعة.
“خطة مضادة” من الجيش السوداني
في ردِّه على مبادرة “المجلس المركزي للحرية والتغيير”، قالت إن الجيش السوداني يعمل الآن على إعداد رؤية سياسية عاجلة، تستند بالأساس إلى حاضنة شعبية قوية مؤيدة للجيش داخل السودان، ومن المتوقع أن تؤدي إلى قطع الطريق على الإثيوبيين والكينيين وقوى الحرية والتغيير.
كما أضافت أن خطوة الجيش السوداني وحلفائه تُركز على إفشال مقررات “الإيغاد”، من خلال خطوات سيتم الإعلان عنها بشكل سريع، وتتمثل في تشكيل حكومة طوارئ عسكرية أو مدنية يقودها رئيس وزراء قويّ.
كما تتضمن الخطة رفع مستوى العمليات النوعية والكمية في الخرطوم، لإعلان العاصمة خالية من التمرد في أسرع وقت ممكن، وإدخال قوات المشاة العسكرية وشبه العسكرية والشعبية في أسرع وقت لمواجهة وحدات الدعم السريع في الأحياء.
كما أضافت المصادر أن الجيش السوداني سيعلن عن جبهة سياسية وطنية تضم مجموعة من الأحزاب والحركات والإدارات الأهلية والطرق الصوفية، لتعلن عن وقوفها مع الجيش وإجراءاته السياسية.
تهدف خطة الجيش أيضاً إلى متابعة جميع القوى السودانية التي تدعم قوات الدعم السريع أو تشاركها في أي عملية سياسية بتهمة “الخيانة العظمى”.
تشمل الخطة أيضاً انسحاب السودان من مجموعة “الإيغاد” إذا أصر على مواقفه، وسحب اعتراف الجيش السوداني بالاتفاق الإطاري، وتتضمن الخطة أيضاً زيادة وتيرة التحالف مع مصر والدول التي تصطفّ مع هذا الموقف.