نالت «الشرق الأوسط» جائزتي الكتّاب الأوليين في منتدى دبي هذه السنة؛ شخصية العام للدكتور محمد الرميحي، وجائزة العمود الصحافي للأستاذة سوسن الأبطح. جريدة العرب. الكاتب من الكويت، والكاتبة من لبنان. ملتقى الكتّاب العرب، وملتقى القرّاء. أضف إلى هذا القاسم المشترك هذا العام التفاهم العفوي في الاختيار؛ حق النساء وحق الرجال والمقياس واحد؛ من يستحق.
ثمة قاسم آخر؛ الفائزان أستاذان جامعيان. الرميحي عُمر في العلوم السياسية، والأبطح في الآداب. والقاسم الدائم بين سائر المكرّمين هو المستوى الرفيع الذي حافظ عليه المنتدى، مثل كل شيء آخر يحمل توقيع دبي.
يمثل محمد الرميحي في الخليج جيل ما بعد الرواد. والرواد هم المؤسسون والناشرون والإداريون الذين تحملوا الانشغال في التفاصيل، من أجل أن ينصرف الجيل التالي إلى العمل الصحافي المجرد. وغنى عن القول إن هؤلاء أعطوا الصحافة، وأعطتهم أكثر من أعمالهم الأخرى، بما فيها الحقيبة الوزارية. وتخطر في البال أسماء مشرقة عدة، بينها أحمد الربعي، ومحمد مساعد صالح، وأحمد جار الله، وأحمد الصراف، وعبد الله بشارة، وفاطمة العيسى. وقد لعبت الصحافة الكويتية في حد ذاتها دوراً ريادياً في الخليج. وقبل أن تنكفئ وتعود إلى مداها الداخلي، كانت قد دخلت في إحدى المراحل مجال المنافسة مع صحف مصر ولبنان.
كانت صحف الكويت، قبل صدمة الاحتلال العراقي، تشبه إلى حد بعيد حيوية المجتمع الكويتي وروحية الديوانية التي حلت محل الأحزاب. ولكن الصدمة الكارثية تركت آثارها المريرة، ووجدت الكويت نفسها فَيّ الشقيق الأكبر، وأن العلاقات والصداقات والأمانات العربية في الحضيض. وانقسم العالم العربي كالعادة، قسم منه يتطلع إلى احتلال دولة أخرى، وكأنها نزهة يمكن النظر في أمرها. وصار القوميون يمشون إلى الكويت (وعربها) بما يمكن أن يتركوا لها من يابسة، أو مياه، أو تاريخ.
كان ذلك كابوساً مرَّ بالأمة. وفي انتظار عودة الدولة الجريحة، أقام أميرها الشيخ جابر الأحمد في الطائف. ومن تلك المدينة الجبلية كان قد خرج من قبل سلام لبنان، الذي حوّلوه إلى موضوع حرب دائمة.
تتراجع الصحافة المطبوعة في كل مكان، حتى الخليج. ولم تعد الجرائد تصدر محمّلة بالإعلانات كأنها مطابع نقد ومال، لكن كثيراً منها يحافظ على مستواه. وفي سبيل ذلك، يؤدي منتدى الإعلام في دبي دوراً ذهبياً.