يرى فلسطينيون أن البرغوثي قادر على توحيد الفلسطينيين وتحقيق مصالحة بين حركتي فتح وحماس، ويعتبره خبراء في الشأن الفلسطيني أنه ربما الشخصية الوحيدة القادرة على قيادة المفاوضات وتحقيق السلام، وإسرائيل لن تطلق سراحه لأنها لا ترغب في الأمرين.
هل ستشمل صفقة تبييض السجون بين إسرائيل وحماس، إذا ما تحققت، القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي؟ السؤال يتعدى بعده الإجرائي، ذاك أن البرغوثي طليق، يعني أن خياراً مختلفاً لحركة فتح سينعقد، وسيفتح آفاقاً على احتمالات غير متوافرة الآن. لكن لهذه الأسباب تماماً يبدو الإفراج عسيراً، إذ إن إسرائيل ليست بوارد تسهيل مهمة انعقاد نصاب سياسي فلسطيني يفضي إلى حل الدولتين. ثم إن تل أبيب سبق أن قالت كلمتها في قضية الإفراج عن البرغوثي عندما قبلت في صفقة التبادل في العام 2011 بالإفراج عن يحيى السنوار، ولم تقبل بأن تفرج عن البرغوثي. وبهذا المعنى هي اختارت الحرب على حل الدولتين!
عل رغم 22 عاماً من الأسر، لا يزال اسم مروان البرغوثي يتردد في كل مناسبة أو أزمة فلسطينية، سواء في هتافات المتظاهرين التي تنادي باسمه أو في تحليلات السياسيين والصحافيين، كخيار لقيادة الشعب الفلسطيني وقائد محتمل لتحقيق السلام. فمن هو مروان البرغوثي؟
مروان حسيب إبراهيم البرغوثي (64 عاماً) من قرية كوبر قضاء رام الله. قيادي في حركة فتح وأبرز رموزها. التحق في صفوف الحركة بعمر 15 عاماً، وتعرض للاعتقال مرات عدة ونجا أيضاً من محاولات اغتيال. درس العلوم السياسية في جامعة بيرزيت وحصل على درجة الماجستير أيضاً في العلاقات الدولية. فيما نال درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من داخل السجن عام 2010 من معهد البحوث والدراسات التابع لجامعة الدول العربية.
البرغوثي متزوج من المحامية فدوى البرغوثي ولهما أربعة أبناء: قسام، ربى، شرف، وعرب. وله ستة أحفاد، بحسب العمر هم: تاليا وسارة ورومي ومروان “ابن شرف”، وأمير، ومروان ابن قسام الذي ولُد في شهر آذار/ مارس من العام الحالي. وعند ولادته، كتبت زوجته فدوى:
“عند ولادة إبننا القسام في منتصف الثمانينات، كان أبو القسام في السجن وبالأخص في سجن عزل بئر السبع يقضي حكماً إدارياً، وكان مشاركاً في إضراب عن الطعام… وعندما وصلته بشارة ميلاد إبنه القسام وزع على الأسرى حلوان قليل من الملح، فلم يجد غيره في زنزانته ليوزعه على رفاقه من المضربين. اليوم وبعد هذه السنوات الطويلة يتكرر الموقف بولادة إبن القسام “مروان الصغير”، يسارع أبو القسام ليوزع الحلوى قبل الدخول في الإضراب مع إخوانه ورفاقه الأسرى إذا لم تتراجع سلطات الاحتلال عن مواصلة الاعتداء على حياة الأسرى ومكتسباتهم التي تحققت بالمعاناة والإضرابات المتتالية، فهل سيوزع أبو القسام الملح على إخوانه الأسرى بعد أكثر من ثلاثة عقود ونصف؟”.
لم يحظَ البرغوثي بالكثير من الوقت مع أبنائه، لكنه كان يتابع تربيتهم وتعليمهم. لم يرَ أحفاده ولكنه يعرف تفاصيل حياتهم وتواريخ ميلادهم وهواياتهم.
آمن البرغوثي بالمفاوضات كطريق لتحقيق السلام، وكان من مؤيدي توقيع اتفاقية أوسلو. ولكن مع استمرار ظلم الاحتلال وعدم التزامه بالاتفاقية، برز في الانتفاضة الثانية عام 2000 وأصبح رمزاً للمقاومة الفلسطينية.
يحظى مروان البرغوثي بشعبية واسعة بين مختلف أطياف الفلسطينيين. ففي استطلاع أخير للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في آذار 2021، تبين أن البرغوثي سيحصل على 63 في المئة من الأصوات في حال ترشحه للرئاسة الفلسطينية أمام رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. وقال مدير المركز خليل الشقاقي، إن “مروان البرغوثي أكثر شخصية لديها شعبية لدى الجمهور الفلسطيني، ولن يستطيع أحد الاقتراب من نسبته”.
مرة أخرى، تجدّدت الآمال بإطلاق سراح البرغوثي من خلال صفقة تبادل بين حماس وإسرائيل. ولكن الأمر ليس مرهوناً بشعبيته فقط، بل أولاً بنيّة إسرائيل للإفراج عنه – وهذا ليس وارداً لا في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين ولا من خلال صفقات سابقة، إذ استُثني في صفقة شاليط في عام 2011 عندما أفرجت إسرائيل آنذاك عن 1027 أسيراً فلسطينياً، من بينهم يحيى السنوار مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وأيضاً هو مرتبط بموافقة أميركية وأوروبية وعربية، وهو أمر غير واضح لغاية الآن.
بالسنوات
1958: الولادة
1976: الاعتقال الأول، وكان يبلغ 18 عاماً.
1978: التحق بالجامعة وترأس مجلس طلاب بيرزيت لثلاث سنوات متتالية.
1987: كان من أبرز القيادات في الانتفاضة الأولى، اعتقله الاحتلال وأُبعد إلى الأردن
1989: انتُخب عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح.
1994: عاد إلى فلسطين بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وانتُخب بالإجماع كأمين سر لحركة فتح في الضفة الغربية.
1996: انتُخب عضواً في المجلس التشريعي ممثلاً عن حركة فتح، وكان أصغر عضو فيه.
2000: كان من أبرز وجوه انتفاضة الأقصى وأصبح مطارداً مرة أخرى من الاحتلال.
2001: نجا من محاولة اغتيال، إذ قُصف موكبه بتاريخ 4 آب/ أغسطس 2001، ما أسفر عن استشهاد مرافقه مهند أبو حلاوة.
2002: اعتقله الاحتلال الإسرائيلي من رام الله بتاريخ 15 نيسان/ إبريل لغاية اللحظة.
2004: حُكِم عليه بالسجن 5 مؤبدات وأربعين عاماً، بتهمة المسؤولية عن قتل 5 إسرائيليين، والمشاركة في 4 عمليات، والعضوية في “تنظيم إرهابي”.
2006: ترأس قائمة فتح الموحدة في الانتخابات التشريعية وأصبح عضواً في المجلس التشريعي من داخل السجن.
2010: حصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من داخل السجن.
2016: حصل على أعلى الأصوات في مؤتمر حركة فتح السابع.
2021: أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية أمام محمود عباس لينسحب لاحقاً أمام ضغوط الحركة.
الرجل القادر على تحقيق السلام؟
يربط كثيرون خروج مروان البرغوثي من السجن وبين إنهاء الاحتلال و توقيع اتفاقية سلام، من خلال شعبيته الواسعة وعلاقاته مع مختلف التنظيمات الفلسطينية من ضمنها حماس.
لم يغب البرغوثي عن الإعلام المحلي والعالمي طوال سنوات اعتقاله بصفته الرجل القادر على تحقيق السلام. وكانت هناك محاولات عدة للإفراج عنه، ولكنها باءت بالفشل.
كتبت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في مقالها الافتتاحي عام 2012: “لو أرادت إسرائيل التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين لأطلقت سراحه من السجن الآن. البرغوثي هو الزعيم الأكثر أصالة الذي أنتجته حركة فتح ويمكنه أن يقود شعبه إلى اتفاق”.
وفي منتصف العام الجاري، أطلقت زوجته المحامية فدوى البرغوثي، حملة دولية بعنوان “الحرية لمروان البرغوثي مانديلا فلسطين”. وأجرت لقاءات مع مسؤولين في الأردن ومصر وروسيا بهدف حشد ضغط دولي للإفراج عنه.
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، عاد اسم البرغوثي يُطرح بقوة في حوارات: من سيكون خليفة الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟ وهل سيكون مفتاح حل القضية الفلسطينية بعد انتهاء الحرب على قطاع غزة؟ وهل هو الوحيد القادر على توحيد الشعب الفلسطيني وإنهاء الانقسام من خلال علاقاته الجيدة مع حماس؟
بتاريخ 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، كتبت صحيفة لوتون السويسرية مقالاً بعنوان: “مروان البرغوثي، أمل السلام السجين؟”، موضحةً أنه في ظل اتفاق تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، تتوجه أنظار الفلسطينيين إلى أشهر سجين وهو مروان البرغوثي. ووصفت الصحيفة البرغوثي بأنه “متحدث عنيد باسم القضية الفلسطينية ومنفتح في الوقت نفسه على الحوار مع إسرائيل”.
يرى فلسطينيون أن البرغوثي قادر على توحيد الفلسطينيين وتحقيق مصالحة بين حركتي فتح وحماس، ويعتبره خبراء أنه ربما الشخصية الوحيدة القادرة على قيادة المفاوضات وتحقيق السلام، وإسرائيل لن تطلق سراحه لأنها لا ترغب في الأمرين.