أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، يوم السبت 6 يناير/كانون الثاني 2024، ارتفاع عدد الشهداء إلى 22722 شهيداً، وإصابة 58166 منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فيما قالت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، إنها أجهزت على 9 جنود إسرائيليين جنوب القطاع.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، إنه خلال الـ24 ساعة الماضية ارتكب الاحتلال الإسرائيلي 12 مجزرة ضد العائلات الفلسطينية، راح ضحيتها 122 شهيداً و256 إصابة.
فيما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتفاع حصيلة الشهداء الصحفيين إلى 107، وذلك بعد استشهاد الصحفي أكرم الشافعي متأثراً بجراحه التي أصيب بها.
وشنّت طائرات الاحتلال الإسرائيلي ومدفعيته، غارات مكثفة في خان يونس ومخيمات وسط قطاع غزة، بالتزامن مع توغل آليات الاحتلال في تلك المناطق.
وقالت مصادر محلية إن 22 فلسطينياً استشهدوا منذ فجر اليوم في خان يونس، و25 آخرين في المحافظة الوسطى.
في السياق ذاته، قالت مصادر محلية إن آليات الاحتلال انسحبت من معظم المناطق في مدينة غزة وشمالها، مشيرة في الوقت ذاته إلى تمركز للآليات في شارع 10 جنوب مدينة غزة، ومنطقة التوام والمقوسي غرب المدينة.
القسام تعلن قتل 9 جنود إسرائيليين جنوب القطاع
وأعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس اليوم السبت 6 يناير/كانون الثاني 2024، قتل قوة إسرائيلية شرق محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وقالت القسام إن مقاتليها أجهزوا على قوة إسرائيلية راجلة مكونة من 8 جنود من نقطة صفر، “بعد إيقاعهم في كمين محكم وسط منطقة بني سهيلا” شرق خان يونس.
كما أعلنت القسام في بيان آخر، قتل أحد جنود الاحتلال، “بعد وضع فوهة البندقية في ظهره وقتله خلال دخوله لأحد المنازل لتفقده” شرق خان يونس.
وأشارت القسام إلى أن مقاتليها اشتبكوا مع بقية أفراد القوة بالأسلحة والقنابل اليدوية.
كما قالت القسام، إنها أطبقت على قوة إسرائيلية راجلة مكونة من 9 جنود، واشتبكت معها في أحد الطرقات في بني سهيلا شرق خان يونس، ما أدى إلى مقتل وجرح أفراد القوة الإسرائيلية.
جدير بالذكر أنه ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت دماراً هائلاً في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة” دفعت أعداداً كبيرة للنزوح، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
خطة إسرائيلية طارئة لمواجهة محاكمتها أمام “العدل الدولية”.. أكسيوس: برقيات عاجلة إلى السفارات لحشد ضغط دولي
كشف موقع “أكسيوس” الجمعة 5 يناير/كانون الثاني 2024، أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أرسلت برقيات عاجلة إلى سفاراتها لحشد ضغط دولي ضد الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، وتتهم “إسرائيل” بارتكاب “الإبادة الجماعية” في قطاع غزة.
وأوضح الموقع الأمريكي أن البرقية التي أرسلتها وزارة الخارجية الإسرائيلية يوم الخميس 4 يناير/كانون الثاني، تشمل خطة عمل الدبلوماسية الإسرائيلية قبل جلسة محكمة العدل الدولية نهاية هذا الأسبوع: وهي ممارسة ضغط دولي على المحكمة لتمتنع عن إصدار أمر يقضي بأن تعلق “إسرائيل” الحرب على غزة.
ورفعت جنوب أفريقيا القضية الأسبوع الماضي. وفي حيثياتها المؤلفة من 84 صفحة، تقول إن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تُعرِّف الإبادة الجماعية بأنها “أفعال ترتكب بقصد تدمير، كلياً أو جزئياً، مجموعة قومية أو إثنية أو دينية”.
ماذا تضمنت البرقية الإسرائيلية؟
وتنص برقية وزارة الخارجية الإسرائيلية على أن “هدف إسرائيل الاستراتيجي” هو أن ترفض المحكمة طلب إصدار أمر قضائي، وتمتنع عن الإقرار بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.
وجاء في البرقية، التي حصل موقع أكسيوس على نسخة منها من ثلاثة مسؤولين إسرائيليين مختلفين: “قد يكون لحكم المحكمة تداعيات كبيرة ليس فقط في العالم القانوني، وإنما أيضاً تداعيات عملية ثنائية ومتعددة الأطراف واقتصادية وأمنية”.
وتطالب البرقية بإصدار الدول رفضها للاتهامات الموجهة لإسرائيل بشأن ارتكاب “الإبادة الجماعية” في غزة.
ووجهت البرقية تعليمات للسفارات الإسرائيلية بأن تطلب من الدبلوماسيين والساسة على أعلى المستويات، الزعم بأن “إسرائيل تتعاون مع الأطراف الدولية لزيادة المساعدات الإنسانية لغزة، فضلاً عن تقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين”.
ووجهت تعليمات للسفراء الإسرائيليين أيضاً بالعمل حثيثاً على استصدار هذه التصريحات قبل الجلسة التي ستبدأ في 11 يناير/كانون الثاني 2024، وقيل لهم إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيرسل رسائل مشابهة إلى العشرات من قادة العالم.
إدارة بايدن رفضت الدعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية
ورفضت إدارة بايدن بالفعل دعوى جنوب أفريقيا، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، يوم الأربعاء 3 يناير/كانون الأول: “نرى أن هذه الدعوى لا قيمة لها، وستؤدي إلى نتائج عكسية، ولا أساس لها في الواقع على الإطلاق”.
لكن الدول التي تدعم الفلسطينيين، مثل تركيا والأردن، أيدت هذه القضية.
ورغم أن أوامر محكمة العدل الدولية ملزمة، إلا أنه من الصعب تنفيذها. وكانت روسيا رفضت أمر المحكمة العام الماضي بوقف غزوها لأوكرانيا.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، أسفرت عن استشهاد 22 ألفاً و600 فلسطيني، و57 ألفاً و910 مصابين، معظمهم أطفال ونساء، ودمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
وسُمح بدخول مساعدات إنسانية محدودة إلى غزة، لكن الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى قالت إنها جزء صغير من المساعدات المطلوبة، محذرة أيضاً من أنه إذا لم يتوفر المزيد من المساعدات، سيموت الفلسطينيون جراء الجفاف وسوء التغذية والأمراض.
أبرز الأدلة التي قدمتها جنوب أفريقيا لـ”العدل الدولية” وتثبت تعمّد إسرائيل إبادة الفلسطينيين
دخلت جنوب أفريقيا في معركة قانونية كبرى مع إسرائيل بعد أن تقدمت بعريضة دعوى قضائية إلى محكمة العدل الدولية، دعت فيها المحكمة إلى التحقيق فيما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في هجومها المتواصل على قطاع غزة.
وتعدُّ العريضة، المكونة من 84 صفحة، أبرز دعوة علنية حتى الآن لوصف تصرفات إسرائيل في غزة بأنها إبادة جماعية، ويأتي ذلك في وقت يقارب فيه عدد القتلى الفلسطينيين في غزة 23 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، حسبما ورد في تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.
وتقول عريضة الدعوى إن تصرفات إسرائيل “تحمل طابع الإبادة الجماعية؛ لأنها تنطوي على نية إبادة جزءٍ كبير من الجماعة القومية والعنصرية والإثنية الفلسطينية”.
ووصفت صحيفة The Guardian البريطانية الادعاء المقدم في العريضة بأنه، موضوعي ومبني على حجج قوية ومليء بإشارات مفصلة إلى كبار مسؤولي الأمم المتحدة وتقاريرها، والذي نادراً ما يحيد عن هدفه الأساسي الضروري المتمثل في السعي لإثبات نية إسرائيل للإبادة الجماعية. والمحامون الذين ترسلهم جنوب أفريقيا إلى لاهاي هم أفضل المحامين لديها. الكثير من حجج جنوب أفريقيا مستمدة من حكم محكمة العدل الدولية بشأن التدابير المؤقتة التي أصدرتها في قضية غامبيا ضد ميانمار في عام 2020.
إسرائيل تحاول اللجوء لخطة مضادة
وردَّت إسرائيل الدعوى ووصفتها بأنها “اتهام بفريةِ الدم”، زاعمةً أن اتهامها في القضية هو من قبيل الأكاذيب المعادية للسامية التي نشأت في العصور الوسطى، والتي كان يُتهم اليهود فيها باختطاف الأطفال المسيحيين وقتلهم؛ لاستخدام دمائهم في طقوس دينية يهودية.
وقد عمد موقع Middle East Eye البريطاني إلى تحليل العناصر الرئيسية في عريضة الدعوى، وتناول تأثيرها المحتمل في قرار المحكمة الدولية.
لماذا رفعت جنوب أفريقيا من بين كل دول العالم هذه الدعوى؟
أيَّدت جنوب أفريقيا القضية الفلسطينية طيلة عقود، ودعمت مساعي الفلسطينيين لإقامة دولتهم في المحافل المحلية والدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة. ولطالما شبَّهت جنوب أفريقيا الاضطهاد الذي يتعرض له الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي بما تعرض له مواطنوها السود خلال حقبة الفصل العنصري، وأعلنت توافقها مع ما ذهبت إليه منظمات حقوقية دولية بارزة في وصف معاملة إسرائيل للفلسطينيين بأنها تمييز عنصري.
وقد تناولت جنوب أفريقيا، في عريضتها المقدمة إلى محكمة العدل الدولية، بعض وقائع هذه المعاملة التي كان الفلسطينيون يلقونها من الإسرائيليين قبل الحرب، وعدَّتها مستنداً أولياً على ما تصفه بالإبادة الجماعية المستمرة للفلسطينيين.
وقالت جنوب أفريقيا في العريضة: يسبق هذه الحرب “تاريخ من الفصل العنصري والتهجير والتطهير العرقي والضم والاحتلال والتمييز والحرمان المستمر للشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير، وقد تقاعست إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 خصوصاً، عن منع الإبادة الجماعية” المرتكبة بحق الفلسطينيين.
وأشارت جنوب أفريقيا في عريضتها إلى أنها خاطبت إسرائيل أكثر من مرة بشأن مخاوفها من العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، ولم تتلقَّ أي رد. وأوضحت أنها أرسلت مذكرة شفوية -مذكرة دبلوماسية رسمية غير موقعة- إلى السفارة الإسرائيلية استدعت فيها المخاوف من أن أفعال إسرائيل توشك على بلوغ عتبة الإبادة الجماعية، إلا أن إسرائيل لم ترد رداً عاجلاً على المذكرة.
وبناء على ذلك، قرَّرت جنوب أفريقيا في نهاية المطاف أن تتقدم بهذا الطلب، لحثِّ المحكمة الدولية على الاستماع إلى ادعائها بارتكاب إسرائيل الإبادة الجماعية، وإجبار إسرائيل على الرد على هذا الادعاء.
ما هي اتفاقية منع الإبادة الجماعية؟ وهل إسرائيل موقعة عليها؟
يقرُّ القانون الدولي تعريف “الإبادة الجماعية” المنصوص عليه في المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمنع الإبادة الجماعية، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وتلقَّت هذا التعريف بالقبول أكثر من 130 دولة، منها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
وينص التعريف على أن الإبادة الجماعية هي الأفعال “المرتكبة بقصدِ الإبادة لجماعةٍ قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، إبادةً كلية أو جزئية”.
إسرائيل وجنوب أفريقيا من الدول الموقعة على اتفاقية منع الإبادة الجماعية، ما يعني أن الدولتين ملزمتان “باتخاذ التدابير اللازمة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”، ويشمل ذلك سن التشريعات اللازمة ومعاقبة المدانين بارتكاب الجريمة.
أُضفي الطابع الرسمي على الاتفاقية في 9 ديسمبر/كانون الأول 1948 على أثر الفظائع التي ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية، وخاصة المحرقة التي قُتل فيها 6 ملايين يهودي.
إليك الفظائع التي ارتكبت بحق الفلسطينيين وصنفتها الدعوى كإبادة جماعية
تعرض جنوب أفريقيا في طلبها عديداً من الأفعال التي ارتكبتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، والتي تقول إنها “تنطوي على طابع الإبادة الجماعية”.
أما الفعل الأول، فهو أن إسرائيل قتلت حتى الآن أكثر من 20 ألف فلسطيني في غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال، وأحدثت إصابات بأكثر من 55 ألف فلسطيني في القطاع، ومن ثم تقول جنوب أفريقيا إن ذلك ينطبق على التعريف الوارد في اتفاقية الإبادة الجماعية وهو “التسبب في أذى جسدي” لجماعة من الناس.
وسلطت جنوب أفريقيا في عريضتها الضوءَ على استهداف إسرائيل للمستشفيات بالقصف الجوي والحصار، وقالت إن ذلك أدى إلى زيادة القتلى من الفلسطينيين، إذ “لم يعد هناك مستشفيات عاملة في شمال غزة خصوصاً، حتى إن المصابين صاروا (ينتظرون الموت)، ولم يعد لهم سبيل إلى طلب الجراحة أو العلاج الطبي المتجاوز للإسعافات الأولية، وهم يموتون موتاً بطيئاً، ومن فرط الألم الناشئ عن إصاباتهم أو بسبب التهابات العدوى الناجمة عنها”.
وفي سياق الحديث عن أفعال “الإبادة الجماعية” التي ارتكبتها إسرائيل، ذكرت جنوب أفريقيا كذلك: التهجير القسري الجماعي وقصف المناطق السكنية؛ وحرمان الفلسطينيين الإمدادات الكافية من الغذاء والماء؛ وتدمير سبل معيشة الشعب الفلسطيني في غزة؛ وفرض إجراءات ترمي إلى الحدِّ من الإنجاب بين الفلسطينيات.
واتهمت العريضة إسرائيل بـ”استهداف البنية التحتية وأسس معيشة الفلسطينيين في جميع أنحاء غزة، والعمل متعمدةً على إنشاء ظروف تُلحق التدمير الجسدي بالشعب الفلسطيني”، علاوة على شنِّ “الهجمات على المنازل والأحياء والمستشفيات وشبكات المياه والأراضي الزراعية والمخابز والمطاحن، واستهداف النظام المدني الأساسي في غزة”.
توافر نية الإبادة الجماعية تفضحه تصريحات المسؤولين الإسرائيليين
غالباً ما يصعب إثبات الاتهام بالإبادة الجماعية، لأن التعريف الوارد في الاتفاقية يشترط استدعاء مرتكب الجريمة لنيةِ الإبادة الجماعية. وقد زعم الجيش الإسرائيلي مراراً طوال عمليته العسكرية بأنه لا ينوي قتل المدنيين الفلسطينيين، وإنما يستهدف حماس فقط.
إلا أن عريضة جنوب أفريقيا أوردت تصريحات عديدة لمسؤولين إسرائيليين بارزين تبرهن على أن إسرائيل انتوت “ارتكاب أعمال إبادة جماعية أو تقاعست عن منعها”.
ومن الأمثلة المذكورة التصريح الذي أدلى به الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في 12 أكتوبر/تشرين الأول، والذي قال فيه إنه لا فرق بين المقاتلين المسلحين والمدنيين في غزة، “إنها مسؤولية شعب [غزة] بأكمله. والحديث المتداول عن عدم علم المدنيين أو عدم مشاركتهم ليس صحيحاً. إنه غير صحيح على الإطلاق… لذا سنقاتلهم حتى يجثوا على الركب!”.
وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن وزير الدفاع يوآف غالانت أن إسرائيل ستفرض حصاراً شاملاً على غزة، وستقطع الكهرباء والمياه عن القطاع، بل بلغ به الأمر أن وصف أهل غزة بأنهم “حيوانات بشرية”.
وفي 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير في خطاب متلفز إن إسرائيل عندما تقول إنها ستدمر حماس، فإنها تقصد أن هذا التدمير سيشمل “الذين احتفلوا [بهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول]، والذين أيَّدوا، والذين وزعوا الحلوى، فكلهم إرهابيون، وكلهم يجب تدميرهم أيضاً”.
وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني، قال وزير الزراعة الإسرائيلي: “نحن الآن في الواقع نلحق نكبة ثانية بغزة”، وهو يقصد بذلك إلى القتل الجماعي للفلسطينيين وتهجيرهم القسري وغيرها من الشنائع التي ارتكبتها إسرائيل قبيل إعلان دولتها في عام 1948.
منظمات ودول وعلماء يصنفون حرب غزة بأنها إبادة جماعية
على الرغم من أن جنوب أفريقيا أول دولة تتقدم بهذه الدعوى لاتهام إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، فإن كثيراً من الدول والأفراد والمنظمات وصفت تصرفات إسرائيل في غزة بأنها إبادة جماعية.
وقال عدة زعماء، منهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورؤساء الجزائر وبوليفيا والبرازيل وكولومبيا وكوبا وإيران وتركيا وفنزويلا، إن تصرفات إسرائيل ندرج في جرائم الإبادة الجماعية.
وبعد أسبوعين فقط من الحرب، نشر أكثر من 800 عالم بياناً حذروا فيه من أن إسرائيل توشك على ارتكاب إبادة جماعية بحق سكان غزة، وكان من بين الموقعين خبراء بارزون في دراسة المحرقة النازية وخبراء في دراسات الإبادة الجماعية.
كما أصدر عدة مسؤولين بارزين بالأمم المتحدة تحذيرات علنية من أن إسرائيل في غزة قد تصل إلى حدِّ الإبادة الجماعية. وقال ثمانية مقررين تابعين للأمم المتحدة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، إنهم “مقتنعون بأن الشعب الفلسطيني معرض لخطر الإبادة الجماعية”. وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني، حذر 15 مقرراً تابعاً للأمم المتحدة من أن تصرفات إسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول “يمكن أن تندرج في أفعال الإبادة الجماعية”.
وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول، استقال كريج مخيبر، مدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في نيويورك، من منصبه احتجاجاً على ما وصفه بأنه “نموذج متجسد لأركان الإبادة الجماعية ” في غزة.
ما هي محكمة العدل الدولية؟ وما تأثير أحكامها؟
محكمة العدل الدولية من الهيئات الرئيسية الست للأمم المتحدة، وهي تختلف عن المحكمة الجنائية الدولية، التي تتولى محاكمة الأفراد بتهمة ارتكاب جرائم الحرب والجرائم بحق الإنسانية.
وتتمتع المحكمة بسلطة تسوية النزاعات بين الدول، إلا أنها لا تملك سلطة إنفاذ قراراتها على الدول، وإن كانت هذه القرارات ذات إلزام قانوني.
ومع ذلك، قال خبراء لموقع MEE إنه على الرغم من صعوبة فرض قرارات محكمة العدل الدولية على الدول لتنفيذها، فإن هذه القرارات لها تأثير كبير في تغيير السرديات المتداولة بشأن النزاعات ذات الصلة في جميع أنحاء العالم. وإذا أصدرت المحكمة حكماً يُدين إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، فإن ذلك سيلحق ضرراً جسيماً بسمعة إسرائيل الدولية وعلاقاتها مع الدول الأخرى.
وقال طارق كيني الشوَّا، زميل السياسات في مؤسسة “شبكة السياسات الفلسطينية” بالولايات المتحدة، “إن قرار محكمة العدل الدولية بإدانة إسرائيل سيكون انتصاراً رمزياً للفلسطينيين على الساحة الدولية، وإن كان من المستبعَد أن يكون له تأثير يعتدُّ به في إيقاف ما يتعرض له الفلسطينيون الذين يعيشون تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري”.
ولفت كيني الشوَّا إلى أنه إذا أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً بإدانة إسرائيل، فمن المتوقع أن يكون عدم تنفيذ القرار “مثالاً آخر على القصور المتأصل في النظام القانوني الدولي، والذي يوقف تنفيذ أحكام القانون الدولي على عدد قليل من الدول القوية، أبرزها الولايات المتحدة والغرب، وهي أشد الدول دفاعاً عن إسرائيل”.
المحكمة أصدر حكماً لصالح أوكرانيا
يُذكر أن محكمة العدل الدولية حكمت لمصلحة أوكرانيا في مارس/آذار بعد أن قدمت كييف طلباً يتهم روسيا بارتكاب إبادة جماعية بسبب غزوها للبلاد. وأمرت المحكمة روسيا بوقفِ عملياتها العسكرية في الأراضي الأوكرانية. إلا أن روسيا لا تزال تواصل عملياتها العسكرية في أوكرانيا بعد عامين تقريباً من هذا الحكم، فضلاً عن أن الصراع لا تلوح له نهاية قريبة في الأفق.
ومع ذلك، فإن القضية المرفوعة على إسرائيل جعلتها تتخلى عن تجاهلها المستمر منذ عقود للمحكمة، واضطرَّتها إلى تقديم دفاع عن نفسها أمام هذه الاتهامات، خشيةَ تزايد عزلتها على الساحة الدولية بسبب هجومها على غزة، لا سيما بعد أن أعلنت بعض الدول، مثل تركيا وماليزيا، دعمها للقضية التي رفعتها جنوب أفريقيا.
وقال فرانسيس بويل، محامي حقوق الإنسان الدولي الذي عمل سابقاً في قضية الإبادة الجماعية في البوسنة، لموقع Democracy Now في مقابلة: إن “جنوب أفريقيا ستحصل من المحكمة على أمر قضائي بإدانة إسرائيل”.