اختار صناع المسلسل الرمضاني الأشهر حالياً، النسخة الدعائية من حكاية “الحشاشين” لأنها متماشية مع رسالة الدولة، واستخدموا حكاية ماركو بولو غير الدقيقة التي وصف فيها القلعة وشيخ الجبل واستعماله الحشيش لإيهام أتباعه بأنهم في جنة مملوءة بالجميلات، فإذا أمروا أمراً نفذوه ليدخلوها بعد مماتهم…
“كده إحنا معانا ( الكبير) في دور (بوجي وطمطم) ومعانا (الحشاشين) في دور (ألف ليلة وليلة)، فاضل لنا الفوازير، ونرجع ماسبيرو التسعينات علي القناة الأولى والحاج فهمي عبد الحميد”، تعليق طريف وساخر كتبته صديقة لي على موقع “فيسبوك”، وعلى رغم سخريته الظاهرة، إلا أنه جاد في تعامله مع الأعمال الفنية ومنحها ما تستحق من دون تحميلها أكثر مما تحتمل، وإيجاد مدخل للاستمتاع بها في إطارها.
فلا سبيل للاستمتاع بمسلسل الحشاشين، وهو المسلسل الأكثر إثارة للجدل، إلا بوصفه حكاية سحرية. ما أنقذ هذا العمل بالنسبة إلي، هو ظهور الجنية لحسن الصباح، لأتعامل معه بوصفه واحدة من حكايات شهرزاد المتلفزة لا المكتوبة.
بناء على هذا المدخل، تمكنت من الاستمتاع بالعمل كحكاية مسلية من “وحي التاريخ” كما كتب صناعه في تتر العمل. وبناء على هذا التصنيف أجده مسلسلاً جيداً، حقق لي شرط التسلية الى أقصى درجة. لم أشعر بدقيقة ملل، وأنا أشاهد الحلقات العشر الأولى مجمعة على مرتين، تمهيداً للكتابة عنه، وهو ما يُحسب لمؤلفه، بل وأزيد أن تقنية إخراجه وإنتاجه المبهرة، صارت علامة فاصلة في تاريخ الدراما التلفزيونية المصرية.
الحسنة الثالثة والباقية، هي الأداء الساحر للفنان فتحي عبد الوهاب، أداء قادم من منطقة تذكّرنا بالممثلين الكبار حقاً، والذي خفف سطوة الكثير من الممثلين الذين ظهروا في أدوار مهمة، وليس من بينهم قطعاً كريم عبد العزيز، الذي تكفيه الكاريزما والحضور وخبرات السنين، لتغفر له أي شيء، وكذلك أحمد عيد الذي يعيد اكتشاف نفسه في أدوار بعيدة عن الكوميديا، وإن كان يستحق مساحات أكبر ونستحق نحن أن نراه في أعمال كوميدية يكون هو بطلها.
إغفال العين وتعطيل العقل
المشكلة ليست هنا، إذ إنني كمتفرج وضعت حسن النية أولاً واستسلمت لشرط الأعمال الأميركية المسلّية التي تتطلب أمرين: إغفال العين، أي العمى وعدم الرؤية فذلك غرض الإبهار، وتعطيل العقل، أي عدم التحليل وذلك غرض التسلية، فهو لا يحتمل أكثر من ذلك.
لكن صناع المسلسل أخلّوا بالعقد مع المتفرج البريء، عندما أصروا حلقة وراء حلقة على الرسالة التي تلقّنها الدولة منذ دراما الثمانينات والتسعينات: استغلال الدين من جماعات الإسلام السياسي، التي تكفّر المجتمع وأجهزة الدولة، ولأنها رسالة صادرة بوعي الثمانينات، على رغم حداثة الصورة المنتحلة بدورها من مسلسلات وأفلام أميركية وكارتون ديزني، بل ومن لعبة الفيديو الشهيرة Assassin’s Creed.
رسالة “استغلال الدين…الخ” فقدت مغزاها، فعلى تبسيطها الذي لم يعد مناسباً للعصر بما يكفي، تبدو كمن يحارب أشباحاً لا وجود لها. فدحر جماعة الإخوان قد تم، على الأقل في الوقت الحاضر، ليس فقط على المستوى الأمني والسياسي، بل أيضاً على المستوى الشعبي، قبل إنتاج مسلسل واحد، فقد رأيناهم عن قرب، حتى إننا قررنا الاستجارة منهم بما ظنناه شراً أقل، فوعود الخراب التي بدأت بشائرها مع جماعة الإخوان، حققها النظام الحالي كلها، مضاعفة وكابوسية ولها سلطة السلاح والأمر الواقع والغطرسة.
ميزانية المسلسل هي الأضخم في تاريخ الدراما العربية، ولا يقدر على تحمّلها في مصر سوى أجهزة الدولة السيادية، وصُرفت من أجل مسلسل “إضافي” للتنكيل بجماعة لم يعد لها أي ثقل سياسي أو حضور على الأرض، اللهم إلا من مهاترات من خارج مصر، وبغرض وتشتيت انتباه المواطنين عن خراب الدولة على يد النظام الحاكم الحالي، وتعليق ذلك الخراب في رقبتهم وحدهم بعد مضي أكثر من عقد كامل على رحيلهم عن السلطة، هنا ينبغي طرح الأسئلة.
وعود المسلسلات الدرامية التي تنتجها الشركة المتحدة، لا تنشأ بين مبدع ومشاهد، بل بين مبدع وضابط. لذا نفهم أن وعد الإسقاط السياسي هو السبب الوحيد في إنتاج مسلسل بهذه الضخامة، لكن عبد الرحيم كمال ربما حاول الخروج قليلاً من هذا الإطار، على رغم إصراره على الرسالة الدعائية الخاصة بالتنكيل بالإخوان، وقد فعل ذلك عبر بابين: الخيال وتوجيه رسائل مبطنة الى الحاكم، لكنها ليست كافية ولن يفهمها الحاكم، في رأيي.
ما أنقذ هذا العمل بالنسبة إلي، هو ظهور الجنية لحسن الصباح، لأتعامل معه بوصفه واحدة من حكايات شهرزاد المتلفزة لا المكتوبة.
رسالة الدولة
تلقّى عبد الرحيم كمال انتقادات هائلة بعد عمله الدعائي، والذي يتّسم بفجاجة لا تناسب موهبته، في مسلسل “القاهرة كابول”، الذي عرض في رمضان قبل الماضي، والذي أفسدته الخُطب المباشرة، والتصور الغريب، والذي عفى عليه الزمن لمن هو المصري “من يشرب من كوز تتناقله الأفواه على عربة فول”.
نال ذلك التصور الغريب سخرية أراها مستحقّة، لأنها قد تذكر عبد الرحيم بدور الكاتب الذي أدهشنا عبر سلسلة من المسلسلات: كـ”الخواجة عبد القادر”، و”الرحايا” و”ودهشة”.
مشكلة دور ناصح الحاكم أيضاً أنه ثمانيني، مستقى من عصر السيناريست الكبير وحيد حامد، الذي لم يقع يوماً في فخ الرسالة المباشرة، ودائماً ما مكّنته موهبته الاستثنائية من طرح مضمون هو أشبه بالمقال السياسي في عمل فني ناضج.
كان وحيد حامد نصيراً للمواطن على حساب الحاكم المتّهم دوماً، لكن معارضته كانت من داخل النظام، تنصحه كي تمنعه من السقوط. لكن على أي حال، حاول عبد الرحيم كمال في تلك المرة على الأقل، تمرير رسائل الى الحاكم تفيد بأن وجود جماعات الإسلام السياسي الإرهابية مرتبط في الأساس بظلم الأنظمة الحاكمة.
في كتاب برنارد لويس “الحشاشون، فرقة ثورية في تاريخ الإسلام”، تذكر دراسة المستشرق النمساوي جوزيف فون هامر، وهي الدراسة الأوسع انتشاراً في القرن التاسع عشر عن تاريخ الحشاشين، ويصفها لويس بأنها أقرب إلى “كراسة دعائية” وُضعت خصيصاً للعصر الذي ظهرت فيه، هي بمثابة تحذير ضد “النفوذ المأفون للجمعيات السرية وإساءة استخدام الدين ببشاعة لخدمة الطموح الرهيب الذي لا يلجمه شيء”.
ينظر فون هومر إلى الحشاشين باعتبارهم ” اتحاداً من الدجالين والمغفلين، استطاع تحت قناع من التشدد الديني والأخلاقي الإساءة إلى كل الأديان والأخلاقيات”، ويقارن بين الحشاشين وفرسان المعبد والجيزويت وحركة الاستنارة والبنائين الأحرار أو الماسونيين، وقتلة الميثاق الوطني الفرنسي، وهي الجمعيات التي بحسب فون هومر” ظنت أن في إمكانها بمجرد التبشير أن تجرد الأمم من أمرائها ودياناتها، وقد ظهر جنونها المرعب واضحاً في آثار الثورة الفرنسية”.
اختار صناع المسلسل الرمضاني الأشهر حالياً، النسخة الدعائية من حكاية “الحشاشين” لأنها متماشية مع رسالة الدولة، واستخدموا حكاية ماركو بولو غير الدقيقة التي وصف فيها القلعة وشيخ الجبل واستعماله الحشيش لإيهام أتباعه بأنهم في جنة مملوءة بالجميلات، فإذا أمروا أمراً نفذوه ليدخلوها بعد مماتهم، وكذلك قصة العهد بين الأصدقاء الثلاثة: حسن الصباح ونظام الملك وعمر الخيام، وهو جانب أقوى درامياً ومثير للخيال بشكل أكبر.
الدولة ليست بظالمة !
لم يكن الحشاشون بحسب برنارد لويس، مجرد عصابة من السذج المخدرين يقودهم أفاكون مدبرون للمكائد، أو مؤامرة لإرهابيين عدميين أو جماعة من القتلة المحترفين، بل هم كشأن كل حركات الانشقاق الديني المعتدلة والمتطرفة، بدأت كلها، منذ ظهور الشيعة.
كانت حركة الانشقاق رداً على “تحوّل المجتمع المثالي الذي تخيّله النبي وصحابته الأتقياء” إلى “إمبراطورية تحكمها أرستقراطية جشعة عديمة الضمير مجردة من المبادئ الخلقية”، ثم اكتست الدعوة لاحقاً بالصبغة الدينية والتبشيرية.
أما طائفة الإسماعيلية نفسها بفلسفتها وأسباب نشأتها، والتي انشقت عنها جماعة الحشاشين، فهي أكثر تعقيداً وثراءً روحياً من الإخوان المسلمين. وترى الدراسات الحديثة حسن الصباح، كثوري، نشأ من رحم انتقادات ذات وجاهة للمعتقدات التقليدية التي كانت تحميها إمبراطورية الأتراك السلاجقة بعد سقوط الدولة الفاطمية على يد الوزراء العسكريين.
جاء حفاظ السلاجقة على النظام بثمن مرتفع تمثّل في زيادة الإنفاق العسكري وإحكام القبضة على الحياة العامة والتشدد الفكري، أي أن الصباح نشأ نتيجة الحاجة إلى “دعوة جديدة” وأسلوب جديد.
تتماثل جماعة الإخوان مع الحشاشين في شرط السمع والطاعة وتنفيذ الاغتيالات السرية، ويكاد أن يتطابق عهدهم مع عهد حسن البنا، أو ما يُعرف بعهد البيعة، والتي تقوم على “الطاعة التامة للمرشد (الزعيم) وذلك في المنشط والمكره”.
نرى في المسلسل رسالة حسن الصباح إلى ملك شاه سلطان السلاجقة عن أن وجوده مرتبط بالظلم، لكن لا نرى ظلم تلك الدولة أو ملكها أبداً في المسلسل.
وكذلك في مشاهد المجاعة في مصر والمعروفة تاريخياً بالشدة المستنصرية، يقول الوزير بدر الجمالي، الوزير العسكري للدولة الفاطمية، اعتراضاً على اقتراحه بيع باب القصر المذهب لسد المجاعة، إن باب القصر يمثل هيبة الدولة، فيقول الجمالي: “مافيش هيبة للقصر والشعب جعان”، وهو ما استدعى في الذهن، بخاصة مع العرض المبهر للمشاهد القاسية للمجاعة، المعاناة الاقتصادية الطاحنة بسبب خيارات الدولة التي تفضّل باب القصر المذهب على قوت شعوبها.
لا يمكن مطالبة عبد الرحيم كمال بأكثر من هذا في ظل تحكّم الأمن في الإنتاج الفني، لكن على مستوى الدراما يمكننا أن نطالبه بالمزيد.
خيار الشرّ الواعي
قصص زعماء الطوائف الحديثة في غالبيتها، والتي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين، وصنعت عنها عشرات الكتب والأفلام والوثائقيات، تشترك في إظهارها زعماء الطوائف بأنهم يتحلّون بالمنطق المخادع والسيكوباتي ذاته الذي يستغل رغبة البشر في حقائق بسيطة، والشعور بأنهم جزء من جماعة، ما يسهل أن يسيطر عليهم شخص يتمتع بالكاريزما المطلوبة.
تشترك هذه الحكايات في عمق التناول لشخصية زعيم الطائفة، حتى لو أظهرته كشرير خالص، لكن ذلك لا يحدث أبداً عبر وعي تلك الشخصية بشرّها وإدراكها أنها تقف في جانب الظلام، وأن تقوله على لسانها، ولا يحدث عبر تبسيطها إلى تلك الدرجة، بل هي تحتمل في سردها مساحات تتأرجح بين الخير والشر.
كانت هناك فرصة، انهارت بعد الحلقة الخامسة، لنرى منطق حسن الصباح ودوافعه في المساحة بين الخير والشر. لكن رغم التأسيس لذلك في الحلقات الخمس الأولى، إلا أنه يتحول فجأة منذ الحلقة السادسة، إلى شخص يختار بشكل واعٍ جانب الشر، وتسقط كل مقولاته عن الثورة والظلم حتى ولو من باب خداع النفس.
يبدو الصباح منذ الحلقة 6 مدركاً لكونه آفاقاً بحوارات تُجرى على لسانه، ومن دون اتباع القاعدة “اعرض ولا تخبر-Show don’t Tell”، كأن صناع العمل يشكّون في ذكاء المشاهد، ويخشون أن يلتبس عليه تصنيف حسن الصباح، فيلقن المشاهد شر حسن الصباح على لسانه نفسه.
الفن كان سيجد في المساحة الدرامية الثرية لشخصية ثرية معقدة، كل ما يريده، لكنه يختار ببساطة أن يقدمه بجانب واحد فقط، وهو ما ينطبق على جميع شخصيات المسلسل، باستثناء شخصية نظام الملك، التي أداها فتحي عبد الوهاب، ليس لأنها قُدمت بأكثر من جانب، فهي كُتبت لتمثل فقط الشخص الذي يملك طموحاً سياسياً ويؤمن بالدولة، لكن بسبب أداء فتحي عبد الوهاب، الذي استطاع أن ينقل بتعبيرات وجهه فقط أبعاداً أعمق لها.
عبد الرحيم كمال دراماتورجي موهوب وحكاء بارع، أكرر تلك الجملة عن يقين، بناء على أعمال “الخواجة عبد القادر”، الرحايا”، و” دهشة”، فمتى بدأت تلك العثرات الفنية، والتي وصلت قمّتها مع “القاهرة كابول”.
رأيي ببساطة، وهو قادم من المحبة لا التربّص، عندما سبقت الأيديولوجية الفن، وسبقت النجومية الموهبة، فعندما لم يكن عبد الرحيم كمال الكاتب الأشهر والأعلى أجراً – عن استحقاق- لم يقع حينها في الفخ الذي وقع فيه أسامة أنور عكاشة، أن يحول أداة الدراما التلفزيونية بوصفها الأداة الأكثر جماهيرية وانتشاراً إلى منبر لتوعية الجماهير ونشر الرسائل.
من المعروف مثلاً، أن لعبد الرحيم كمال خلفية صوفية متجذّرة في تفكيره، لكن عندما أراد نقلها في مسلسل “الخواجة عبد القادر”، لم يعاملها كرسالة أيديولوجية تلقينية ومزعجة، بل جعل منها وقوداً لفنه، وكان دافع الشخصيات حتى الشريرة منها هو الحب، حيث التسامح يطاول الجميع، فنتجاوز ثنائية الخير والشر، نحو سؤال فنيّ أكثر عمقاً.
على رغم انتقادي هنا طابع الشخصيات ذات البعد الواحد في “الحشاشين”، إلا أن اللعبة ما زالت في حدود الفن على عكس القاهرة كابول، وأقل صخباً ومباشرة منه، أقول فقط إنه كان في الإمكان أحسن مما كان.
تقنية عالية وغياب الرؤية
تطوّر بيتر ميمي كمخرج على مستوى التقنية، والمسلسل يؤكد شئت أم أبيت أن ميمي هو المخرج الأكثر تطوراً على مستوى التقنية البصرية في مصر، ولا ينافسه في ذلك سوى مروان حامد.
المشترك بين حامد وميمي أن التطور يقتصر على مستوى التقنية لا الرؤية، ولا فارق هنا بين الموهوب والمجتهد، بل إن أفلامهما تعمل بحرص على إلغاء هذا الواقع وتحريفه، فنجد مثلاً في فيلم “كيرة والجن” لمروان حامد، فيلماً ممتعاً ومسلياً، لكنه يقدم الثورة المصرية في عام 1919، على الطريقة الأميركية، بخاصة في تنفيذ المعارك، حتى إن بعض حركات القتال تنتمي إلى مدارس قتال آسيوية، فضلاً عن مشاهد المطاردات، واقع لا يمكن حدوثه في تلك الفترة، ولا حتى في لحظتنا الحالية.
هناك بلا شك نقلة أحدثها “الحشاشين” على مستوى الإخراج، مناظر جديدة بسبب تصويره في ثلاث قارات، وفي أماكن كمالطا وكازاخستان، وقدم شكلاً بصرياً لم نعتد عليه في الأعمال الفنية.
إلا أن التقنية من دون رؤية، والتي هي في الأساس منتحلة وبلا أصالة من أعمال أميركية مشهورة، تفتضح عندما يظهر مثلاً عدم فهمه توجيه الممثلين، أو عناصر الدراما، وهو ما يثبته التفاوت في أعماله، إذا كان يملك سيناريو جيداً، سينفذه بشكل جيد، وإن كان ما يخرجه مسلسلاً بعورات درامية فادحة، فلن يتدخل لإنقاذها.
مثلاً، يبدو التفاوت في الأداء التمثيلي الرائع لكريم عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب وأحمد عيد من جهة، وبين نيقولا معوض الذي أدى دور عمر الخيام وإسلام جمال الذي أدى دور ملك شاه من جهة أخرى، وكلاهما قتلا دوريهما بسوء الأداء، ليثبت أن كل ما يهمه هو الصورة.
فهكذا على سبيل المثال ألقى نيقولا معوض أبيات عمر الخيام:
أولى بهذا الكلب أن يخفكا
وفي درام الحب أن يُحركا
ما أضيع اليوم الزي مر بي
من غير أن أهوى وأن أعشقا
اللهجة الغريبة ليست حكراً على نيقولا معوض، بل هي تسم غالبية الممثلين المصريين في العمل، حتى إن بطله لا يجيد نطق حرق القاف، فينطقه كاف. حالة بيتر ميمي التي تسم غالبية المخرجين المصريين، عن مخرجين متطورين تقنيين، لكن بلا رؤية، تشبه حالة مصر الحالية، شكلاً مفرغاً من المضمون.
لهذه الأسباب كانت تلك الفانتازيا الرمضانية التي قدمها المسلسل، شديدة التسلية والإمتاع، تقف في حدود الفن، لكنها لا تسعى ولا تملك الوصول إلى ما هو أبعد.