مسؤول إسرائيلي يتوقّع تغير خطط الحرب بسبب تأخير إرسال الأسلحة الأمريكية.. ووزير المالية الإسرائيلي يُحذّر من التأييد الدولي للاعتراف بدولة فلسطينية ويُطالب بمنع هذا “الخطر”
قال مسؤول إسرائيلي، الخميس، إن تلويح الإدارة الأمريكية بتأخير شحنات الأسلحة قد يغير الخطط العملياتية للحرب على قطاع غزة.
ونقلت هيئة البث العبرية عن مسؤول إسرائيلي كبير، لم تسمه: “إن تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن تأخير شحنات الأسلحة إلى إسرائيل سيضر بالخطط العملياتية في الحرب” دون مزيد من التفاصيل.
وأضاف: “إسرائيل قد تضطر إلى إدارة “اقتصاد السلاح”” في إشارة الى عدم الإسراف في استخدام السلاح.
ونقلت هيئة البث عن الرئيس الأمريكي قوله في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، مساء الأربعاء، إن واشنطن لن ترسل أسلحة إلى إسرائيل إذا شنت عملية واسعة النطاق على رفح.
هجوم إسرائيلي حاد على بايدن بعد تصريحاته بتعليق شُحنات الأسلحة الأمريكية لـ”تل أبيب”: سندخل رفح دون مُساعداتك
لوح سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، بورقة “أصوات اليهود”، بعد تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن تعليق إرسال الأسلحة إلى تل أبيب.
وقال إردان، في حديثه لإذاعة “مكان” الإسرائيلية، إن التصريح المثير لبايدن صعب ومخيب للآمال للغاية، مؤكدا أن “أي ضغط على إسرائيل يفسره أعداؤنا على أنه شيء يمنحهم الأمل”.
وأضاف أن “هناك العديد من الأمريكيين اليهود الذين صوتوا للرئيس وللحزب الديمقراطي، والآن هم مترددون”.
ليرد عليه نائب رئيس الإنتاج والمشتريات الدفاعية الإسرائيلي السابق، والذي أكد رفضه الإدعاء بأن إسرائيل تستطيع تحقيق أهدافها بدون الأسلحة الأمريكية، وذلك وفقا للإذاعة الإسرائيلية.
من جهتها، نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي بارز ردا على تهديد بايدن، قوله إن “إسرائيل لديها ما يكفي من الوسائل لدخول رفح دون المساعدات الأمريكية”، مؤكدا أن بايدن ارتكب خطأ فادحا أخلاقيا وسياسيا.
أما هيئة البث الإسرائيلية، فقد قالت إن “إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة أن معبر رفح سيفتح بعد تحديد الجهة التي سوف تديره”، مؤكدة أن “إسرائيل لن تسمح بعودة عناصر حماس إلى معبر رفح ويتم دراسة بدائل عدة لذلك”.
فيما نقلت صحيفة “إسرائيل اليوم”، عن مسؤول إسرائيلي كبير بأن على “إسرائيل احتلال مدينة رفح كي نظهر للعالم أن إسرائيل ليست محمية أمريكية”، حسب وصفه.
في هذه الأثناء، اعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، أن تهديد بايدن بوقف إمدادات الأسلحة سببه الإدارة الفاشلة للحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، مؤكدا أنه لا يمكن تدمير حماس دون تقديم من سيحل محلها في اليوم التالي”.
وأقر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أمس الأربعاء، بأن القنابل التي تم توريدها من الولايات المتحدة إلى إسرائيل قد استُخدمت في قتل المدنيين في قطاع غزة، بالإضافة إلى طرق أخرى تستهدف مراكز السكان.
وقال بايدن، في مقابلة تليفزيونية، إن “الولايات المتحدة لن تزود إسرائيل بالأسلحة إذا دخل الجيش الإسرائيلي إلى رفح في قطاع غزة”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، “السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح بشكل كامل”، مؤكدا أن قواته “تقوم بعمليات تمشيط واسعة بالمنطقة”.
وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان له، إنه “قتل 20 مسلحا وعثر على 3 أنفاق خلال عملية السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح”، مؤكدا أن “معبر كرم أبو سالم، مغلق وسيعاد فتحه عندما تسمح الظروف الأمنية بذلك”.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي، الإثنين الماضي، مهاجمة أهداف تابعة لحركة حماس شرقي رفح الفلسطينية، بعدما قرر “مجلس الحرب بالإجماع استمرار التصعيد العسكري في رفح، للضغط على حماس
وأعلنت حركة “حماس”، مساء الإثنين الماضي، أن “اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، أبلغ رئيس الوزراء القطري (محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني) ومدير المخابرات العامة في مصر(عباس كامل)، موافقة حماس على مقترح اتفاق وقف إطلاق النار”.
وكانت حركة حماس، أعلنت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بدء عملية “طوفان الأقصى” حيث أطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميا على قطاع غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع.
وأسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية، منذ السابع من أكتوبر الماضي وحتى الآن، عن سقوط نحو 35 ألف شهيد وأكثر من 78 ألف مصاب، وفق أحدث إحصاءات صادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة.
وتخللت المعارك هدنة دامت سبعة أيام، جرى التوصل إليها بوساطة مصرية قطرية أمريكية، وتم خلالها تبادل أسرى من النساء والأطفال، وإدخال كميات من المساعدات إلى قطاع غزة.
وعقب انتهاء الهدنة، تجدد القتال بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، منذ صباح يوم الجمعة الموافق الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2023.
قنابل “غبية” وصواريخ وطائرات مسيرة.. هذا ما نعرفه عن الأسلحة التي أرسلتها أمريكا لإسرائيل منذ بدء حرب غزة
رغم إيقاف الولايات المتحدة الأمريكية، شحنة ذخائر إلى إسرائيل لمنع استخدامها في الهجوم على مدينة رفح (جنوبي قطاع غزة)، لكن واشنطن تعد أكبر مورد للأسلحة إلى تل أبيب، والذي زادت وتيرته منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وعلى مدار الأشهر السبعة الماضية، تلقت إسرائيل آلافاً من الأسلحة المختلفة من واشنطن لكن يصعب تحديد مقدار ما تلقته إسرائيل، فالغموض يحيط بنوعية وكمية هذه الأسلحة والمعلومات المتوفرة، إلا أن صحيفة نيويورك تايمز وثقت بعض المعلومات التي حصلت عليها في تقرير نشرته الخميس 9 مايو/أيار 2024.
الأسلحة المعلن عنها؟
نقص المعلومات العامة حول مبيعات الأسلحة، انتقده مشرعون أمريكيون ووسائل إعلام مؤخراً، ولم تنشر وزارة الدفاع حتى الآن سوى بيانين صحفيين، في 9 و29 ديسمبر/كانون الأول، حول الموافقة على المبيعات العسكرية الطارئة لإسرائيل، في حين أنها تدرج الكثير من المعدات العسكرية المرسلة إلى أوكرانيا في صحيفة حقائق يتم تحديثها بانتظام.
وكما هو منصوص عليه في تلك النشرات الإخبارية، فإن المساعدات التي تم إرسالها إلى إسرائيل في الفترة من 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي شملت 52,229 قذيفة مدفعية من عيار 155 ملم من طراز M795، و30,000 قذيفة مدفعية من طراز M4 لمدافع الهاوتزر، و4,792 قذيفة مدفعية من طراز M107 عيار 155 ملم، و13,981 قذيفة من طراز M830A1 120 ملم.
لكن يمكن لوزارة الخارجية الامتناع قانونياً عن إخبار الكونغرس والجمهور ببعض طلبات الأسلحة الجديدة التي قدمتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، لأنها تقل عن مبلغ محدد بالدولار.
وبحسب صحيفة واشنطن بوست فإن الولايات المتحدة وافقت وسلمت أكثر من 100 من المبيعات العسكرية الأجنبية المنفصلة لإسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ما الذي تم إرساله؟
تسمح إحدى عمليات البيع التي تمت الموافقة عليها في أواخر أكتوبر/تشرين الأول ببيع إسرائيل مجموعات بقيمة 320 مليون دولار لتحويل القنابل “الغبية” غير الموجهة إلى ذخائر موجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، بالإضافة إلى طلب سابق بقيمة 403 ملايين دولار لنفس مجموعات التوجيه.
وقامت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، بتجميع قائمة من التقارير الإخبارية والمعلومات الرسمية المتوفرة حول الأسلحة التي تم تسليمها.
وبحسب التقارير، فإن ذلك يشمل أنظمة الدفاع الجوي، والذخائر الموجهة بدقة، وقذائف المدفعية، وقذائف الدبابات، والأسلحة الصغيرة، وصواريخ هيلفاير التي تستخدمها الطائرات من دون طيار، وذخيرة مدفع عيار 30 ملم، وأجهزة الرؤية الليلية من طراز PVS-14، والصواريخ المحمولة على الكتف.
وقام البنتاغون بتأجير بطاريتي القبة الحديدية المضادة للصواريخ الإسرائيلية الصنع إلى إسرائيل، وفقاً لموقع Breaking Defense.
كما منحت الولايات المتحدة إسرائيل إمكانية الوصول إلى المخزون العسكري الأمريكي في إسرائيل لتلبية الاحتياجات الفورية.
إلى ذلك، قال مسؤول أمريكي إن الذخائر التي طلبتها إسرائيل مؤخراً من تلك المخزونات شملت قنابل تتراوح أوزانها بين 250 إلى 2000 رطل، وكان العديد منها قنابل تزن 500 رطل.
كيف تمول؟
في غضون ذلك، يتم تمويل المساعدات العسكرية لإسرائيل بموجب اتفاق عام 2016 المعروف باسم مذكرة التفاهم التي ألزمت الولايات المتحدة بمنح إسرائيل أسلحة بقيمة 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات.
بالإضافة إلى ذلك، وقع الرئيس بايدن الشهر الماضي على حزمة مساعدات سترسل حوالي 15 مليار دولار كمساعدات عسكرية إضافية.
وتتلقى تل أبيب بانتظام أسلحة من وزارة الدفاع ومن صانعي الأسلحة الأمريكيين مباشرة، والتي تشمل القنابل غير الموجهة التي اشترتها إسرائيل من الولايات المتحدة على مر السنين وأسقطتها على غزة في الأشهر الأخيرة، وكذلك الطائرات المقاتلة وصواريخ الدفاع الجوي وأنظمة الدفاع الجوي.
ووفقاً لمجلس العلاقات الخارجية، بلغت المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل 216 مليار دولار منذ قيام إسرائيل عام 1948.
رغم كل هذا الإجرام الإسرائيلي في غزة.. لماذا لا تراه أمريكا إبادة جماعية؟!
مرت 6 أشهر على العدوان الإسرائيلي على غزة، وعدّاد جرائم الاحتلال المؤلمة مستمر دون توقف. 34 ألف شهيد أغلبهم من النساء والأطفال فضلاً عن 90 ألف جريح، والمجاعة تلوح في الأفق، وأصبحت تطرق كل بيت في قطاع غزة، رغم ذلك لا زالت الولايات المتحدة لا ترى ما يحدث من أعمال تشكل إبادة جماعية، وذلك بعد كل هذا القتل والدمار لا يزال التواطؤ الأمريكي يغطي ويحمي هذه الجرائم بل ويمدها بالسلاح حتى يستمر هذا القتل.
تدرك الولايات المتحدة تماماً أن ما يحدث في غزة اليوم قد تجاوز مرحلة الانتقام من حركة حماس ومن الشعب الفلسطيني، فممارسة أعمال الإبادة الجماعية وتسوية الأحياء، والمربعات السكنية بشكل كامل على الأرض على مدار أكثر من نصف عام، في تماثل مع جرائم النازية في الحرب العالمية الثانية، هذا الدمار والقتل والتوحش فاق جميع الحدود المعقولة، وهو ما يمكن تفسيره خارج الإنسانية في بشاعة الإجرام الذي يكشف عن طبيعة النظام الصهيوني الأكثر دموية في تاريخ الحروب، وهذه هي صورته الحقيقية، ولا يقتصر هذا التوحش على المستويين السياسي والعسكري بل يتجاوزه إلى المستوى الإعلامي حيث تمارس الصحافة والإعلام الإسرائيلي دور المنظر والمشجع لعمليات الإبادة الجماعية.
كل ذلك لم يدفع الولايات المتحدة إلى إعادة التفكير مرة أخرى بالدعم غير المشروط لإسرائيل، بل دفعها إلى مواصلة هذا الدعم دون توقف، في استمرار العمليات الهجومية لقتل المدنيين ودفعها كذلك إلى ليّ ذراع مجلس الأمن، ومنعه من التوصل إلى قرار حقيقي يدعو إلى وقف إطلاق نار دائم يوقف هذه المذابح.
وعليه فقد باتت الصورة واضحة للغاية للعالم، ولا تحتاج إلى أي تفسير بأن الولايات المتحدة شريكة في الجرائم التي تُرتكب ضد الشعب الفلسطيني وجميع ما يُقال عبر مسؤوليها عن حل للدولتين واحترام حقوق الإنسان، وغير ذلك ما هو إلا من قبيل المغالطات الإعلامية وبيع الوهم لمن هم ما زالوا في معترك التسوية والتطبيع، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لا تعترف بأي حليف لها من غير إسرائيل في المنطقة.
الغطاء السياسي الأمريكي هو الحصانة التي تغطي على جرائم إسرائيل، بل وتعاليها على الأمم المتحدة والقوانين الدولية، والإفلات من العقاب لجرائم الإبادة الإنسانية بحق المدنيين الفلسطينيين.
لا يزال النهج الإسرائيلي في التصفية العرقية تكرسه اليوم حكومة نتنياهو المتطرفة ودعواتها العلنية إلى التطهير العرقي لسكان قطاع غزة وإفراغه من السكان، وما نشاهده اليوم من التوسع الاستيطاني الإسرائيلي غير المسبوق في الضفة الغربية المحتلة، والمصحوب بالاعتداءات المتصاعدة على السكان المدنيين، وتوزيع الأسلحة على المستوطنين وتحريضهم على استخدام العنف ضد الفلسطينيين، وفرض حصار خانق على قطاع غزة ومنع المساعدات الإنسانية، حيث ما يدخل من مساعدات لا يزال شحيحاً، ولا يفي باحتياجات السكان ومتطلباتهم الأساسية.
جرائم الاحتلال الإسرائيلي
العدوان الإسرائيلي على غزّة دخل شهره السادس، ورغم الفشل العسكري عن تحقيق أي تقدم على الأرض، بل بالعكس، فالعدو يتلقى هزائم ساحقة بقواته ومعداته نتيجة المقاومة الشرسة وصمود المقاتلين، الذي أسقط هيبة الجيش الذي لا يقهر، رغم تواضع سلاح المقاومة الذي يعتمد على الأسلحة المتوسطة والخفيفة، هذه المعادلات غيرت المعطيات على الأرض لصالح المقاومة.
فيما يهرب العدو عن منازلة الرجال وجهاً لوجه، إلى شن الغارات لقتل المدنيين، وهدم المساكن فوق رؤوسهم، والتجويع والتهجير القسري.
لا شك فإن حجم الموقف الأمريكي يمثل حجر عثرة أمام مسألة إسرائيل؛ إذ كان واضحاً تماماً منذ اللحظة الأولى أن بايدن وإدارته متماهون تماماً مع موقف حكومة نتنياهو، وأقدمت إدارة بايدن على حد ما يصفه الفلسطينيون بأنه “مشاركة فعّالة” في العدوان على قطاع غزة، الذي يقطنه أكثر من 2.3 مليون نسمة. أُجبر أكثر من 1.7 مليون فلسطيني على النزوح من الشمال إلى الجنوب داخل القطاع، ومن تبقى وهم القلة يعانون أوضاعاً إنسانية توصف بالكارثية، فيما تواصل إسرائيل جرائم التطهير العرقي في شمال القطاع، بالتزامن مع تكثيف هجماتها على المنطقة الجنوبية في القطاع.
معاقبة إسرائيل
أثارت الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين مطالبات إقليمية ودولية بضرورة محاكمة قادة الاحتلال بتهم “الإبادة الجماعية” وارتكاب “جرائم حرب”، ويظل السؤال هنا قائماً: متى يحدث ذلك؟
فإمعان إسرائيل في ارتكاب المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وجّه الأنظار لكشف ما تنضوي عليه من مخالفات فادحة وواضحة للقانون الدولي، خاصة لجهة تصنيف أفعالها في إطار “الإبادة الجماعية”، وما يترتب على ذلك من محاسبة.
ووفق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، مما تشمله الإبادة الجماعية، في القتل العمدي، الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، أو إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بهم، أو إخضاع الجماعة عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
ولم تعثر منظمة العفو الدولية على أي دليل على وجود أهداف عسكرية في المنطقة وقت الهجوم. وإذا هاجمت القوات الإسرائيلية المباني السكنية، علماً منها بوجود مدنيين فقط وقت الهجوم، فيكون ذلك هجوماً مباشراً على أعيان مدنية أو على مدنيين، وهو أمر محظور، ويشكل جريمة حرب. ولم تقدم إسرائيل أي تفسير بشأن المجازر التى ترتكبها مع أنّه يتعيّن على المعتدي إثبات شرعية سلوكه العسكري. ويُعتبر الهجوم عشوائياً أيضاً، حتى لو استهدفت القوات الإسرائيلية ما اعتبرته هدفاً عسكرياً مشروعاً، بمهاجمة مبنى سكني، في وقت كان مليئاً بالمدنيين، في قلب حي مدني مكتظ بالسكان، بطريقة تسببت في سقوط هذا العدد من الضحايا المدنيين وهذا الدمار الهائل، تُعتبر الهجمات العشوائية التي تقتل وتصيب المدنيين جرائم حرب.
انتهاكات جيش الاحتلال
تحقيقات كثيرة تنسف المزاعم الإسرائيلية بشأن اتباع قواعد الحرب تؤكد الوقائع ضلوع جيش الاحتلال بارتكاب جرائم إنسانية فضيعة، وهذا ما توثقه المنظمات الحقوقية والإنسانية، وبات واضحاً أن الدعاية الإسرائيلية لم تعد تجد آذاناً صاغية كما اعتادت.
وفيما يخص مزاعم إسرائيل بعدم استهداف المدنيين، أثبت القصف العشوائي الذي طال جميع أنحاء القطاع أنه لا توجد “مناطق أو ممرات آمنة” لهؤلاء المدنيين، بل إن جيش الاحتلال قصف مدنيين نزحوا باتجاه “مناطق آمنة” حددها لهم، بحسب تحقيقات أجرتها جهات غربية، وليست عربية أو فلسطينية.
فلا أحد يصدق ما يردده قادة الاحتلال من أكاذيب، ولا مكان آمناً في القطاع، والرد على أكاذيب جيش الاحتلال جاء من شبكة CNN الأمريكية، التي نشرت تحقيقاً استقصائياً قامت به، عنوانه “صدقوا أوامر الإخلاء.. ضربة جوية إسرائيلية قتلتهم في اليوم التالي”، رصد كيف أن بعض الفلسطينيين في شمال غزة، الذين صدقوا أوامر الإخلاء التي صدرت عن الجيش الإسرائيلي، ظنوا أنهم سيكونون في مأمن.
بعض الفلسطينيين الذين نفذوا أوامر الإخلاء وهربوا من بيوتهم في شمال غزة، باحثين عن الأمن والسلامة، تعرّضوا للمصير ذاته الذي هربوا منه، فقد قتلتهم “ضربات جوية إسرائيلية في منطقة الإخلاء”، هذا ما خلصت إليه الشبكة الأمريكية، التي تعمل، شأنها شأن باقي المؤسسات الإعلامية الغربية، على الترويج للرواية الإسرائيلية طوال الوقت.
المحكمة الدولية
رغم الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية وقرار المحكمة باتخاذ تدابير تمنع الإبادة الجماعية تستمر الجرائم بشكل يومي في القطاع دون حسيب أو رقيب.
وفي الوقت نفسه الذي سارعت فيه المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن مزاعم جرائم حرب متعلقة بترحيل أطفال و”نقلهم بصورة غير قانونية” من أوكرانيا، يبقى القادة الإسرائيليون، المسؤولون عن سنوات من جرائم الحرب بحق الفلسطينيين، بعيدين عن أي تحرك مماثل من المحكمة.
وقد انضمت فلسطين رسميّاً إلى المحكمة الدولية في عام 2015. وحتى قبل هذا التاريخ، قُدمت مئات الدعاوى القضائية لدى الجنائية الدولية ضد إسرائيل لارتكابها عدة جرائم بحق الشعب الفلسطينيين وأفراد وهيئات داعمة له، لكنها رُفضت جميعاً، لأسباب منها “عدم الاختصاص”، أو أن عدد الضحايا “لا يرقى إلى مستوى جرائم الإبادة”.
ويعد أحد أبرز العراقيل في وجه مقاضاة إسرائيل أمام المحكمة الدولية، هو رفض تل أبيب الانضمام إلى الجنائية الدولية، وعدم اعترافها بسُلطتها، وعدم اعترافها بالدولة الفلسطينية، ورفضها التعاون مع محققيها الجنائيين أو منحهم تأشيرات الدخول والسماح لهم بحرية التنقل والوصول إلى أماكن الجرائم، والحديث مع الضحايا والشهود.
ولم يُصدر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بياناً عاماً استباقياً يذكّر فيه إسرائيل بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وبولاية المحكمة بالتحقيق في أفعالها.
ختاماً، يدرك الشعب الفلسطيني بأنّ الولايات المتحدة شريكة رئيسة في الجريمة ضدهم، وهم لذلك لم ولن يستغربوا من أي جهود أمريكية لعرقلة المساعي لوقف إطلاق النار أو الحديث عن الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وعلينا أن نفهم وندرك بأنه على الرغم من استخدام حق النقض الفيتو عدة مرات وعرقلة مشاريع وقف إطلاق النار إلا أن هذه الاجتماعات في مجلس الأمن أظهرت عزلة واشنطن وشريكة جرمها إسرائيل على المستوى الدولي وأظهرت انحطاطهما الأخلاقي أمام العالم.
ونتيجة لهذا التعنت الإسرائيلي جاءت عملية طوفان الأقصى التي لم تحدث من فراغ، وهي الحقيقة التي ليست محل جدال، ويقر بها حتى الإعلام الغربي الموالي تماماً لإسرائيل والمتبني لروايتها، لكن نتنياهو وحكومته الأكثر فاشية والأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل والتي تسعى إبادة الشعب الفلسطيني بشكل جماعي، أرادت منذ اللحظة الأولى أن تغطي فشلها الأمني والعسكري الذريع في ذلك اليوم من خلال رفع سقف أهدافها في العدوان على غزة بصورة وصفها مراقبون بأنها “خيالية”، وبعد دخول الشهر السادس من العدوان بدأ ذلك الوصف يتأكد على أرض الواقع، فلا الأسرى تم تحريرهم، ولا المقاومة رفعت الراية البيضاء.