هدّد رئيسا الحزبين القوميين المتطرفين في الحكومة، وزير المالية بتسلئيل سموتريش رئيس حزب “الصهيونية المتدينة” ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، رئيس حزب “عوتسما يهوديت”، ليلة السبت بإسقاط الحكومة إذا تبنت اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار المقترح حديثا.
وادّعى زعيما الحزبين أن الاتفاق سيعني نهاية الحرب دون استكمال هدف الحرب المركزي المتمثل في تدمير حماس، وتعهدا بسحب حزبيهما من الإئتلاف الحكومي إذا تم قبوله.
فاز الحزبان بـ 14 مقعدا عندما تنافسا في قائمة واحدة في انتخابات عام 2022، ويلعبان دورا حاسما بالنسبة للأغلبية الحاكمة في الائتلاف الأساسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المكون من 64 عضوا.
كرّر زعيم المعارضة يائير لابيد تعهده بتوفير شبكة أمان سياسية لنتنياهو، لضمان عدم سقوط حكومته بسبب الاتفاق، لكن حزب لبيد، “يش عتيد”، لن يقدم الدعم للائتلاف في قضايا أخرى. وقال لبيد إن إسرائيل “يجب أن تبرم هذه الصفقة الآن… قبل أن يموت الرهائن هناك في غزة
وعلى النقيض من رد فعل اليمين المتطرف، دعا رئيس حزب “الوحدة الوطنية” والوزير في كابينت الحرب بيني غانتس إلى عقد جلسة لكابينت الحرب في أقرب وقت ممكن “لصياغة خطوات للمضي قدما”، ويبدو أنه يشير ضمنا إلى أنه تمت الموافقة على الاقتراح بالفعل من قبل كابينت الحرب.
كان حزب غانتس قد انضم إلى الائتلاف بعد أيام من هجوم حماس في 7 أكتوبر، وهدد بالانسحاب إذا لم يتخذ نتنياهو سلسلة من القرارات الاستراتيجية بشأن الحرب بحلول 8 يونيو. ومع ذلك، لا يشغل حزب غانتس سوى ثمانية مقاعد، وبالتالي يستطيع نتنياهو الاحتفاظ بالسلطة بدونه، لكنه لن يتمكن من القيام بذلك لفترة طويلة من دون حزبي اليمين المتطرف.
وفي خطاب ألقاه الجمعة، كشف الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه تم تقديم اقتراح إسرائيلي جديد لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن يوم الخميس إلى حماس عبر قطر. وقد عرض الرئيس الأمريكي بعض العناصر الرئيسية للاقتراح بشيء من التفصيل، وحث حماس على قبوله وحث الحكومة الإسرائيلية على “الوقوف وراءه”.
وأوضح شركاء رئيس الوزراء القوميون المتطرفون في الائتلاف بعبارات لا لبس فيها أن أي شيء آخر غير “تدمير حماس” لن يكون مقبولا بالنسبة لهم.
وقال وزير المالية “لقد أوضحت له أنني لن أكون جزءا من حكومة توافق على الخطوط العريضة المقترحة وتنهي الحرب دون تدمير حماس وإعادة جميع الرهائن”.
وتابع قائلًا: “لن نوافق على إنهاء الحرب قبل تدمير حماس، وليس على الضرر الجسيم الذي سيلحقه انسحاب جيش الدفاع [من غزة] بإنجازات الحرب حتى الآن، وليس على عودة سكان غزة إلى شمال غزة، وليس على إطلاق سراح جماعي للإرهابيين الذين سيعودون، لا سمح الله، إلى قتل اليهود”، في إشارة إلى البنود والعواقب المحتملة للصفقة.
وقال الزعيم القومي المتطرف إن حزبه يطالب بدلا من ذلك “بمواصلة القتال” حتى يتم تدمير حماس وإعادة الرهائن، ويصر على “خلق واقع أمني مختلف تماما في غزة ولبنان، وعودة جميع السكان الإسرائيليين في الشمال والجنوب إلى منازلهم، واستثمارات ضخمة في التنمية المتسارعة لهذه المناطق من البلاد”.
من جانبه، قال بن غفير إنه رفض أيضا الاقتراح وهدد بـ”حل الحكومة” في حال تبنيه.
وقال الزعيم اليميني المتطرف إن “الصفقة بحسب التفاصيل التي نُشرت اليوم ستعني إنهاء الحرب والتخلي عن تدمير حماس”.
وأضاف “هذه صفقة متهورة ستكون انتصارا للإرهاب وخطرا أمنيا على دولة إسرائيل”، معلنا أنها لن تمثل النصر الكامل الذي وعد به نتنياهو مرارا وتكرارا، بل “هزيمة كاملة”.
وحذر قائلا “إذا وضع رئيس الوزراء هذه الصفقة موضع التنفيذ بموجب الشروط التي تم نشرها اليوم، والتي تعني نهاية الحرب والتخلي عن الهدف المتمثل فيتدمير حماس، فإن حزب عوتسما يهوديت سوف يقوم بتفكيك الحكومة”.
وعلى عكس سموتريتش، لم يذكر بن غفير إعادة الرهائن كجزء من أهدافه في الحرب.
وفي وقت سابق، دعا غانتس إلى انعقاد كابينت الحرب بأسرع وقت ممكن للدفع قدما بالاقتراح الجديد، وقال “نحن ملتزمون بمواصلة الدفع بترتيب لإعادة الرهائن كما صاغه فريق التفاوض ووافق عليه كابينت الحرب بالإجماع، كجزء من جهد أوسع لتحقيق جميع أهداف الحرب”.
وأضاف “في ضوء التطورات يجب أن يجتمع كابينت الحرب في أسرع وقت ممكن مع فريق التفاوض لصياغة الخطوات التالية”.
في وقت سابق من اليوم قال لبيد إنه أراد “تذكير” نتنياهو باقتراح قدمه في عدة مناسبات لتمكين صفقة الرهائن من خلال توفير “شبكة أمان” من الدعم السياسي “إذا ترك بن غفير وسموتريش الحكومة”.
في أعقاب التهديدات التي وجهها زعيما اليمين المتطرف بالانسحاب من الحكومة، أدانهما لابيد معتبرا أنهما يعرضان البلاد للخطر.
وقال لبيد إن تهديدات بن غفير وسموتريتش “تتخلى عن الأمن القومي والرهائن وسكان الشمال والجنوب”.
وأضاف “هذه الحكومة هي الأسوأ والأكثر تهورا في تاريخ البلاد. بالنسبة لهم، يمكن أن تكون هناك حرب إلى الأبد. صفر مسؤولية، صفر إدارة، فشل كامل”.
من جهتة قال أوفير فولك كبير مستشاري نتنياهو للسياسة الخارجية في مقابلة مع صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية إن هناك تفاصيل ينبغي التعمق فيها، ومنها أنه لا وقف دائما لإطلاق النار حتى تحقيق أهداف الحرب، وفق تعبيره.
ووصف فولك خطاب الرئيس الأميركي -أول أمس الجمعة- بأنه “سياسي، لا تبدو دواعيه مفهومة”.
وأضاف أن ما عرضه بايدن يعد “صفقة غير مجزية” لكن إسرائيل قبلتها، مع أن شروطها لم تتغير وهي الإفراج عن الرهائن وتدمير حماس، وفق تعبيره.
من جهة أخرى، قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إنه أبلغ نتنياهو عقب خطاب بايدن بدعمه له وللحكومة في الصفقة التي سيتوصلان إليها.
وأضاف هرتسوغ أن “من الواجب إعادة الرهائن الذين لم تحمهم الدولة ضمن صفقة تحافظ على مصالحنا الأمنية”.
بدورها، قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني إن مقترح بايدن للصفقة “ليس مثاليا، لكنه الأفضل بين الخيارات المطروحة”.
وأضافت أن “إعادة الرهائن قضية وطنية”، وأن المجتمع لن يستطيع “تحمّل هذا الجرح إذا كان سببه متطرفين في الحكومة”.
من ناحيتها نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة قولهم إنه لا يجوز تفويت الفرصة الراهنة،وإن على نتنياهو أن يقف وراء عرض الرئيس الأميركي ويدعمه.
اخر الاخبار
الصفقة: إسرائيل وافقت على الإفراج عن 33 “محتجزا” بغزة “حيًا أو ميتًا” خلال المرحلة الأولى وسيطلق سراح “المحتجزين” على دفعات وفي نهايتها تبدأ مفاوضات حول وقف الحرب
زعم مصدر سياسي إسرائيلي، السبت، إن “تل أبيب” وافقت على صفقة تبادل أسرى مع حركة “حماس”، تشمل الإفراج عن 33 محتجزا “حيا أو ميتا” بقطاع غزة خلال المرحلة الأولى من المقترح الإسرائيلي الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، عن المصدر الذي لم تذكر اسمه، إن “تل أبيب وافقت على صفقة تتضمن بالمرحلة الأولى الإفراج عن 33 محتجزا حيا أو ميتا، فيما تتضمن المرحلة الثانية إنهاء الحرب”.
وبحسب المصدر، يتضمن المقترح الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، في المرحلة الأولى، التي ستستمر 42 يوما “إطلاق سراح محتجزين أحياء أو أموات، بمن فيهم جنود ونساء وبالغون”.
وقال المصدر: “سيتم إطلاق سراح المحتجزين على دفعات لـ6 أسابيع، وفي نهايتها تبدأ المفاوضات بين إسرائيل وحماس حول وقف دائم لإطلاق النار، أي نهاية الحرب، ومن ثم تبدأ المرحلة الثانية من الصفقة”.
وفي المرحلة الثانية، بحسب المصدر الإسرائيلي، “سيتم إطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين من جنود ورجال، لكن هذا لن يحدث إلا إذا كان هناك اتفاق على وقف الحرب بشكل كامل بين الطرفين”.
وأشار المصدر لهيئة البث، إلى أنه “في المرحلة الثالثة سيتم إطلاق سراح جميع جثث المحتجزين”.
ولفت المصدر إلى أن أحد الخلافات المهمة بين إسرائيل وحماس، والتي لم يتم حلها بعد، “مسألة هوية الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، وهو ما لم يقدم المقترح الإسرائيلي إجابة عليه في هذه المرحلة”.
ومساء الجمعة، ادعى بايدن، الذي تقدم بلاده دعما مطلقا لتل أبيب في حربها على غزة، تقديم إسرائيل مقترحا من 3 مراحل يشمل وقفا لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين وإعادة إعمار القطاع.
وعلى عكس ما جاء في خطاب بايدن، قال مكتب نتنياهو، إن الأخير “يصر على عدم إنهاء الحرب على قطاع غزة إلا بعد تحقيق جميع أهدافها”.
فيما قالت حركة حماس، إنها ستتعامل “بإيجابية مع أي مقترح يقوم على أساس وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل من قطاع غزة وإعادة الإعمار وعودة النازحين وإنجاز صفقة تبادل جادة للأسرى”.
ويُصر نتنياهو على وقف مؤقت لإطلاق النار، دون إنهاء الحرب أو الانسحاب من قطاع غزة، بينما تطالب حماس بإنهاء الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي، وعودة النازحين، وتكثيف الإغاثة، وبدء الإعمار، ضمن أي اتفاق لتبادل الأسرى.
ويأتي حديث بايدن عن هذا المقترح رغم رفض إسرائيل في وقت سابق مقترحا آخر قدمته مصر وقطر، وأعلنت حماس موافقتها والفصائل الفلسطينية عليه في 6 مايو/ أيار الماضي.
وبوساطة مصر وقطر ومشاركة الولايات المتحدة، تجري إسرائيل وحماس منذ أشهر مفاوضات غير مباشرة متعثرة، فيما تتواصل الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ومن خلال المفاوضات مع حماس فقط، بادلت إسرائيل 105 من هؤلاء الأسرى، وبعضهم عمال أجانب، بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، خلال هدنة مؤقتة مع الفصائل استمرت 7 أيام، وانتهت مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2023.
وتتحدث إسرائيل حاليا عن بقاء 121 أسيرا بأيدي الفصائل الفلسطينية، فيما أعلنت حماس في 26 مايو تمكنها من أسر جنود إسرائيليين جدد خلال عملية في غزة، دون الكشف عن عدد محدد، وهو ما نفته إسرائيل.
وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من 118 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قرارا من مجلس الأمن يطالبها بوقف القتال فورا، وأوامر من محكمة العدل بوقف هجومها على رفح، واتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، و”تحسين الوضع الإنساني” بغزة
منذ بداية الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي٬ قال معلقون إسرائيليون إن تل أبيب “تكافح” من أجل الحفاظ على تفوقها في معركة السردية كلما استمرت العمليات القتالية في غزة لفترة أطول؛ حيث كان من المحتم أن تتسبب حرب المدن التي تخوضها إسرائيل في قطاع غزة المكتظ بالسكان في وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين إلى جانب مشاهد الدمار الواسع للمنازل والبنية التحتية بفعل الغارات الجنونية، وتدهور أحوال الفلسطينيين٬ أن يؤدي كل ذلك إلى عدم حفاظ إسرائيل على سرديتها للعالم وتحويلها إلى دولة معزولة أو منبوذة٬ وفقدان أي تعاطف كانت قد حصلت عليه في بداية الحرب على الساحة العالمية.
وتقول مجلة modern diplomacy الدولية إن “معركة السردية” هي “حرب نفوذ على الرواية في جوهرها”. وفي حرب النفوذ هذه، يكون هدفك استخدام جميع الوسائل المتاحة لإثارة سلوك ما يمكن التنبؤ به ويصب في صالحك. وفي سياق الصراع الدائر في غزة، بدأت إسرائيل بفقدان السيطرة على سرديتها٬ ما يؤثر على الدعم الدولي لروايتها القائلة بأن “العمليات العسكرية في غزة هي رد فعل مبرر على الهجمات التي شنتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر”.
ما تبعات العزلة الدبلوماسية المتزايدة لإسرائيل؟
في الأشهر والأسابيع الأخيرة، تعرضت إسرائيل لعدة ضربات ونكسات دبلوماسية، مما يشير إلى أن قدرتها على التأثير في الجهات الفاعلة الأخرى على المسرح العالمي آخذة في التراجع بشكل غير مسبوق٬ كما تقول المجلة الدولية.
ويمكن القول إن القرار الذي اتخذه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بطلب إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت في مايو/أيار، كان بمثابة الضربة الأشد لمكانة إسرائيل الدبلوماسية الدولية منذ بدء الحرب في غزة. وتشير الاتهامات إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تتهم إسرائيل في ارتكابها في غزة، وتتضمن أفعالاً محددة تم الاستشهاد بها لكل من نتنياهو وغالانت.
بالتالي فإن أي إشارة ضمنية إلى أن إسرائيل هي الطرف المذنب والشرير في هذه الحرب هي بمثابة فوز لحماس والفلسطينيين في معركة السيطرة على السردية. وتقول مجلة “مودرن دبلوماسي” إن حركة حماس كانت تعتبر “منبوذة” إلى حد كبير على الساحة العالمية وخصيصاً في الغرب، لكن في السنوات الأخيرة وفي الحرب الجارية انقلبت الأمور، وأصبح من الواضح أن إسرائيل تواجه تهديداً وشيكاً بالعزلة الدبلوماسية والنبذ من قبل المجتمع الدولي.
مشاكل إسرائيل مع المحكمة الجنائية الدولية أعقبتها بعد فترة وجيزة حكم محكمة العدل الدولية بأنه “يجب على إسرائيل أن توقف فوراً هجومها العسكري، وأي إجراء آخر في مدينة رفح”٬ وقبول دعوى جنوب أفريقيا بالأساس ضد إسرائيل. ووفقاً للبروفيسور يوسي ميكلبيرج، الذي يكتب لمركز تشاتام هاوس، فإن “صياغة حكم محكمة العدل الدولية هو تكرار للكيفية التي ينبغي أن تدار بها الحرب أكثر من كونها حكماً على شرعيتها”. وجعل حكم محكمة العدل الدولية من الصعب على إسرائيل من ملاحقة عبر السبل العسكرية من دون إثارة استهجان ورفض قطاعات واسعة من المجتمع الدولي.
وجاءت ضربة أخرى لإسرائيل في شهر مايو/أيار عندما اعترفت أيرلندا والنرويج وإسبانيا رسمياً بالدولة الفلسطينية. وفي الشهر نفسه، قالت وزيرة الدفاع الإسبانية مارجريتا روبلز إن الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة هي “إبادة جماعية حقيقية”. ورداً على ذلك، استدعت إسرائيل سفراءها من العواصم الأوروبية الثلاث وقالت إن قرارهم يرقى إلى مستوى “مكافأة للإرهاب” على حد تعبير الحكومة الإسرائيلية. وبالنسبة لتل أبيب فإن الشكوك الأوروبية المتنامية بشأن شرعية الحرب الإسرائيلية تشكل مصدراً للقلق بشكل خاص، وذلك لأن أقرب حلفاء إسرائيل هم من الغرب٬ الذين باتوا ينبذون إسرائيل ويرفضون تصرفاتها.
العواقب التي ستدفع ثمنها إسرائيل بعد خسارتها معركة السردية
تقول المجلة الدولية إن إسرائيل باتت تستقبل النكسات واحدة تلو الأخرى٬ وأصبحت سرديتها -التي كانت مقبولة دولياً في السابق- تتحول ضدها. وفي أعقاب الهجمات التي وقعت في 7 تشرين الأول/أكتوبر، كان التركيز إلى حد كبير على الرعب الذي ألحقته المقاومة الفلسطينية بإسرائيل. وقد أعطى هذا لإسرائيل فرصة سانحة يمكنها من خلالها القيام بعمليات عسكرية في غزة مع رد فعل دولي ضعيف إلى حد ما. ومع ذلك، مع تقدم الحرب، تحولت السردية إلى التركيز بشكل أكبر على محنة الفلسطينيين ومعاناتهم أمام آلة الحرب الإسرائيلية الجنونية، الأمر الذي جعل من الصعب على إسرائيل أن تحافظ على الدعم الثابت من حلفائها وتخسر معركة الرواية.
وقد ظلت الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، داعماً قوياً لها، ولكن الضغوط الدولية والمحلية المتزايدة تجعل من الصعب حتى على الحلفاء مثل واشنطن أن يستمروا في دعم إسرائيل من دون أي شكل من أشكال ردود الفعل السلبية.
وقبل توسيع قوات الاحتلال الإسرائيلية عملياتها في رفح، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن٬ إنه قال لنتنياهو خلال مكالمة هاتفية: “إذا ذهبتم إلى رفح، فلن أقوم بتزويدكم بالأسلحة التي استخدمت من قبل في هذه الحرب”.
وبعبارة أخرى، كان الهجوم البري الكبير الذي شنه الجيش الإسرائيلي في رفح بمثابة خط أحمر بالنسبة لواشنطن. وبعد ذلك قامت إسرائيل بعمليات عسكرية في رفح٬ والتي تقول إنها “كانت ضرورية لهزيمة حماس”. مع ذلك، فإن حكومة الولايات المتحدة لم تمنع جميع الأسلحة عن إسرائيل، بل جادلت بدلاً من ذلك بأن العمليات العسكرية التي يقوم بها جيش الدفاع الإسرائيلي في رفح لا ترقى إلى مستوى “هجوم كبير”.
ومع ذلك، فإن حقيقة أن إدارة بايدن حاولت فرض شروط على استمرار توفير الأسلحة والذخائر تشير إلى أن حكومة الولايات المتحدة أصبحت تشعر بعدم الارتياح بشكل متزايد تجاه الوسائل والأساليب التي تستخدمها إسرائيل لتحقيق أهدافها في هذه الحرب التي قتلت أكثر من 35 ألف فلسطيني. ومع استمرار تصاعد الضغوط الدولية ضد إسرائيل، قد يجد حلفاؤها صعوبة أكبر في الحفاظ على موقف داعم لها دون تكبدهم مشاكل دبلوماسية خاصة بهم وفي داخل بلدانهم ومع شعوبهم. وهذا يمكن أن يؤدي إلى مشاكل دبلوماسية وقانونية أكبر لإسرائيل، ولكن أيضاً إلى دعم عسكري أقل.
إسرائيل خسرت وإن انتصرت في غزة
تقول المجلة الدولية إنه حتى لو حققت إسرائيل نجاحاً عسكرياً في غزة، فإنها قد تكون الخاسر الأكبر في هذا الصراع على المدى الطويل. إن نتائج الحروب سياسية بطبيعتها٬ مما يعني أن التصورات والسرديات مهمة. مما يعني أن الانتصار في معركة السرديات هو أساس حاسم للأطراف المتحاربة في أي صراع. وإذا كانت القصة التي يرويها المجتمع الدولي عن إسرائيل تصورها في صورة الشرير، فإنها سوف ستكون كذلك٬ وسوف تتكبد تكاليف دبلوماسية وسياسية واقتصادية وأمنية باهظة. ومع ارتفاع المخاطر إلى هذا الحد، فإن التنافس للسيطرة على السردية سوف يستمر حتى بعد إطلاق آخر طلقات في هذه الحرب الدائرة في غزة.