الجيش اللبناني ينتشر جنوب الليطاني وآلاف النازحين يعودون إلى منازلهم وفرنسا لن تعتقل نتنياهو ؟انتهت الحرب… وسأعانق أمّي أخيراً
اخر الاخبار
إصابة صحفيين اثنين إثر إطلاق قوات إسرائيلية النار على إعلاميين خلال متابعتهم عودة النازحين إلى بلدة الخيام الحدودية جنوبي لبنان.. والجيش اللبناني يدعو العائدين للجنوب للابتعاد عن القوات الإسرائيلية
وسيم سيف الدين/ الأناضول
أصيب صحفيان، الأربعاء، إثر إطلاق نار نفذته قوات إسرائيلية متمركز في بلدة الخيام الحدودية جنوبي لبنان، تجاه مجموعة من الإعلاميين خلال متابعتهم عودة النازحين إلى البلدة.
وبمجرد سريان وقف إطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل فجر الأربعاء، بدأ اللبنانيون الذين تعتلي وجوههم فرحة وقف القتال وتعتصر قلوبهم غصة فراق ذويهم القتلى، بالعودة لمنازلهم في جنوب البلاد وشرقها.
ومساء الثلاثاء، أعلن الرئيسان الأمريكي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك، عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، لينهي تصعيدا عسكريا بين تل أبيب و”حزب الله” منذ نحو 13 شهرا.
وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، الأربعاء، بأن “قوات العدو الاسرائيلي في بلدة الخيام أطلقت النار على مجموعة من الصحافيين (لم تحدد هويتهم) خلال تغطيتهم عودة الأهالي والانسحاب الإسرائيلي من البلدة”.
وقالت إن إطلاق النار “أدى إلى إصابة اثنين من الصحفيين بجروح مختلفة، نقلوا على إثرها إلى مستشفى حاصبيا (جنوبي لبنان) لتلقي العلاج”.
وذكرت الوكالة أن عناصر الجيش اللبناني أغلقوا جميع المداخل المؤدية إلى بلدة الخيام خوفا على سلامة المواطنين، بسبب وجود قوات الجيش الإسرائيلي داخل البلدة وعدم انسحابها بعد، وفق اتفاق وقف إطلاق النار.
من جانبه، استنكر نقيب الصحفيين اللبنانيين جوزف القصيفي، في بيان، “إقدام جنود الاحتلال الصهيوني على إطلاق النار على مجموعة من الصحافيين في الخيام” معتبرا ما جرى “يعد أول خرق لإطلاق النار”.
ومن أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وفق وثيقة حصلت عليها الأناضول، انسحاب إسرائيل تدريجيا إلى جنوب الخط الأزرق (الفاصل) خلال 60 يوما، وانتشار قوات الجيش والأمن اللبنانية الرسمية على طول الحدود ونقاط العبور والمنطقة الجنوبية.
وستكون القوات اللبنانية الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح جنوبي لبنان، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، وإنشاء لجنة للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات.
ووفق القصيفي، “أدى إطلاق النار إلى إصابة كل من مراسل الأسوشييتد برس (الأمريكية) محمد الزعتري، ومراسل سبوتنيك (الروسية) عبد القادر الباي، بجراح مختلفة، استوجبت نقلهما إلى المستشفى”.
وأوضح أن الحادثة “مدانة ولا تنفصل عن سلسلة الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل بحق الصحفيين والإعلاميين والمصورين اللبنانيين منذ 8 أكتوبر/ تشرين 2023 حتى اليوم”.
من جهته، دعا الجيش اللبناني، الأربعاء، المواطنين العائدين لبلداتهم الحدودية في الجنوب إلى عدم الاقتراب من المناطق التي توجد فيها القوات الإسرائيلية.
وقالت قيادة الجيش، في بيان، إنها “تدعو المواطنين العائدين إلى القرى والبلدات الحدودية في الجنوب، بخاصة في أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون، إلى التجاوب مع توجيهات الوحدات العسكرية وعدم الاقتراب من المناطق التي توجد فيها قوات العدو الإسرائيلي”.
وأضاف أن هذه الدعوة تأتي “حفاظا على سلامتهم، لا سيما أنهم قد يتعرضون لإطلاق نار من القوات المعادية”.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن 3 آلاف و823 شهيدا و15 ألفا و859 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، وفق رصد الأناضول لبيانات رسمية لبنانية حتى مساء الثلاثاء.
في المقابل، قُتل 124 إسرائيليا بينهم 79 جنديا، وتعرض أكثر من 9 آلاف مبنى و7 آلاف سيارة لتدمير كامل في شمال إسرائيل بفعل نيران “حزب الله” منذ سبتمبر الماضي، وفق القناة “12” وصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريتين.
?وتحتل إسرائيل منذ عقود أراضي عربية في لبنان وسوريا وفلسطين، وترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل حرب 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
آلاف النازحين يعودون إلى منازلهم في جنوب لبنان عقب دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ
دخل وقف إطلاق النار الذي أعلنته الولايات المتحدة وفرنسا حيز التنفيذ في الساعة 04:00 بالتوقيت المحلي من صباح اليوم الأربعاء. وعاد العديد من النازحين لمنازلهم في جنوب لبنان بعد ساعات من بدء سريان الاتفاق.ولكن وحسب
باسكال صوما :انتهت الحرب… وسأعانق أمّي أخيراً :
انتهت الحرب وتستطيع جدّة صديقتي وجميع الجدّات التوقّف عن عدّ الأيام والعودة فعلاً إلى القرى والبيوت العزيزة.
هو أجمل ما يمكن أن يحصل برغم كل شيء، أن نشاهد هذه الوجوه التي أبكانا حزنها عائدة إلى أمكنتها، لعلّها تبتسم إن استطاعت، وإن حالفها الحظ لترى البيوت في مكانها والأحباء أحياء.
لا أعرف بماذا شعرت لحظة وصلني الخبر العاجل بأن الحكومة الإسرائيلية وافقت على وقف إطلاق النار، نظرت من حولي وانتابني دوار… ماذا يشعر المرء حين تنتهي حرب عبثية دمّرت كل شيء؟ هل يفرح لأنها انتهت أم يحزن على هذا الدمار كله؟ جنون من المشاعر أصابني، وأظنّ أنه أصاب كثيرين، فمن بقي حياً ولم تقتله قذيفة أو شظية، خرج من الحرب متعباً محتاجاً إلى علاج نفسي وإلى من يجيبه عن أسئلة صعبة مثل، ما داموا يستطيعون التوصل إلى اتفاق لماذا الحرب؟ وماذا غيّرت جبهة الإسناد في واقع أهل غزة؟ لماذا دُمّر بيت فاطمة في الضاحية الجنوبية؟ ولماذا خسر علي 3 بيوت و3 أقرباء؟ أحقاً من أجل هذا الاتفاق؟
لا شيء أجمل من مشاهد العودة وهي تملأ هواتفنا هذا الصباح. ولكن كيف ننسى أن الحرب انتهت باتفاق إذعان وبنحو 3700 قتيل و15 ألف جريح، آلاف البيوت والوحدات السكنية المدمّرة، انتهت على أشلائنا، على وجوهنا المتعبة، على قرى جنوبية يتجوّل فيها الجنود الإسرائيليين، على الرعب في وجوه النازحين وهم يحاولون النجاة بأنفسهم في آخر ليلة من جنون أفيخاي أدرعي، الرجل الذي تحكّم بحياتنا على مدى أكثر من شهرين. وكان أفيخاي حين يشعر بالملل ينشر فيديوات على منصّة (X ) وهو يغني بالعربية ويضحك أو يرد على أحد التيكتوكرز اللبنانيين، كما لو أن الدنيا بألف وخير، وكما لو أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية لا يملك عملاً آخر.
تقدّر أضرار المؤسسات الصناعية والتجارية والسياحية بـ510 ملايين دولار، منذ 17 أيلول/ سبتمبر الماضي، أي تاريخ توسع الحرب الإسرائيلية على لبنان، لترتفع كلفة الخسائر المباشرة وغير المباشرة إلى أكثر من 11 مليار دولار، يتصدّرها قطاع السكن، بحسب الدولية للمعلومات، فالوحدات السكنية المدمرة وصلت إلى 46 ألفاً… 46 ألف عائلة سيعودون إلى بيوتهم لكنهم لن يجدوها.
انتهت الحرب باتفاق كان يمكن أن يكون بالحد الأدنى أقل إذلالاً للطرف اللبناني، وبأقل ضحايا ومجازر ودمار. قبل يومين، قال لي مواطن من الجنوب فيما كنتُ أجري تحقيقاً عن مزارعي الزيتون الجنوبيين: “ما عاد عندي إلا كم شجرة زيتون قدام الباب”، ثم سألني: “أولك راحوا؟”.
لا أعرف يا عمّ وأتمنى لو أنني أستطيع أن أُعيد إليك كل أشجارك التي تحبّها والتي تحبّك، لكن ما أعرفه أن البنك الدولي توقّع في تقرير جديد، أن يؤدي تعطيل حصاد الزيتون بسبب القصف والنزوح إلى خسائر تبلغ 58 مليون دولار.
كل ما نتمناه في صباحنا الأول من دون الـMK ومن دون إنذارات الجيش الإسرائيلي وتحذيراته المرعبة، أن يصل كل واحد إلى بيته ورزقه، لكنه حلم، فلنعترف! لقد أبيدت قرى بحالها في الجنوب وتبخرت بيوت وأبنية ومنازل وتم محو معالم وذكريات كما لو أنها لم تكن أصلاً، وبالفعل أصبحت الحياة في بعض القرى شبه مستحيلة. أخبرنا صديق جنوبي نازح أيضاً كان يزورنا أن الحدود بين القرى لم تعد معروفة. ما هذا الحزن؟ وكيف نستطيع أن نفرح ببساطة لأن الحرب انتهت؟ من أين نستطيع التقاط الفرح واعتبار ما تمّ التوقيع عليه نصراً أو حتى نهاية عادلة؟
إنه صباح مؤلم، صباح يبتسم فيه نتانياهو لأنه أخذ الكثير وربما أكثر مما كان يحلم، فيما سيكون على لبنان دولةً وشعباً، إضافة إلى “حزب الله”، البحث عن أبواب لإعادة الإعمار، عسى ألا تكون جميعها مقفلة في وجوهنا، فنحن في العام 2024، ومرحلة تموز 2006 انتهت منذ سنوات، ولم يعد محبّونا كثراً ولم يعد أحد يصدّق الأكاذيب القديمة… لقد فُضحت للتو!
في كل حال، انتهت الحرب وسأعانق أمّي أخيراً!
عندما تتحدى ذاكرتنا إبادة مدننا وحسب مريم سيف الدين:
ظننت أني بإغلاق الشاشة التي تُغرقني بأخبار لبنان، وبالسير تحت سماء ملونة يظلّل غيمها المحظوظين، لا تحمل معها موت الأطفال ولا تمطر قصفاً وبلاءً، يمكنني العيش بسلام. بذلت جهداً لتقبّل خسارة بحجم وطن، والتسليم بأنه ما عاد لي واحد اسمه لبنان، لتأتي الحرب وتنقّب عما طُمر من ذكريات، ولتعيد رسم تفاصيل الأحياء والماضي، متقصدة تعميق الجرح. تواجهني بحقيقة أن الوطن هو هويتنا الغارزة فينا، التي لا يمكن تخطّيها بمجرد التنعم بفرص نجاة وعيش أفضل.
تطوّرت الحرب إلى إبادة إسرائيل أحياء كاملة في مناطق في لبنان، اقترب الموت أمتاراً قليلة من دمنا المتبقي هناك. في تدمير أحياء عشنا فيها، أنا ومن صادقت وأحببت، اعتداء على ذاكرتنا هناك. اعتداء يُحيي ذكريات مضت طيّ تسارع الحياة ويوميات تبلور ذكريات جديدة، ظننا أنها ستطغى على ما سبقها. لكن صور الدمار توقظ فيّ مشاهد الماضي التي ظننتها مُحيت من مخيلتي، ذكرتني من أكون، أعادت إلى رأسي تنظيم شريط حياة يمرّ بطيئاً ليخبرني أين نشأت، كيف وماذا عشت منذ كنت طفلة تمتلك القدرة على التذكر حتى لحظة التهجير القاسية، وبينما يمرّ شريط الذاكرة يتملّكني خوف، من أن يكون هذا الشريط شريط حداد ووداع أخير لكلّ ما كان وما عاد بالإمكان أن يكون.
تُحيي الحرب فيّ رغبة في العودة إلى تلك الأمكنة، التيّ تغيّرت ملامحها بوحشية، رغبة لا أفهم إن كانت للبحث عما تبقّى من هذه الذكريات التي لم تعد إلا في رأسي فقط، أم أنها لإقامة عزاء فوق ما سيتبقى بعد انتهاء التدمير؟ أم هي مجرد رغبة ساذجة بتحدي الموت؟
يحمل أطفالنا اليوم أشلاء آبائهم، وتبقى المدن مهما قست علينا تذكرنا وهي تدمر أنّا منها وأنّا إليها دوماً مشدودون وعائدون. هي المدن، وإن كانت بعيدة يظل قتلها موجع حد انسلاخ الروح.