طرحت عدة ملفات خلال لقاء ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، والوفد المرافق له اليوم، الأحد 2 من شباط، في العاصمة السعودية الرياض.
ونقلت صفحة “رئاسة الجمهورية” عن الشرع، أنه أجرى اجتماعًا مطولًا ولمس وسمع من خلاله، رغبة حقيقية لدعم سوريا في بناء مستقبلها، وحرصًا على دعم إرادة الشعب السوري ووحدة وسلامة أراضيه.
وتناول الطرفان خلال الاجتماع نقاشات ومحادثات موسعة في كل المجالات، وعمل الجانب السوري على رفع مستوى التواصل والتعاون في جميع الأصعدة، لا سيما الإنسانية والاقتصادية.
وناقش الجانبان خططًا مستقبلية موسعة، في مجالات الطاقة والتقانة، والتعليم والصحة، للوصول مع السعودية إلى “شراكة حقيقية”، تهدف إلى حفظ السلام والاستقرار في المنطقة كلها، وتحسين الواقع الاقتصادي للشعب السوري.
وفي تعليقه على الزيارة، قال وزير الداخلية السوري، علي كدة، إنها مهمة جدًا، وسيبحث الشرع من خلالها الوضع والتعاون الاقتصادي، وملف إعادة الإعمار، والملفات السياسية والأمنية ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
وذكر أن الإدارة السورية الجديدة حريصة على الاستفادة من رؤية السعودية 2030، وتتطلع لأن تكون سوريا محط أنظار للمستثمرين السعوديين، لافتًا إلى تنسيق الإدارة الجديدة مع السعودية والأردن لمكافحة تهريب المخدرات.
ووصل الشرع والوفد المرافق له اليوم من دمشق إلى مطار الملك “خالد الدولي” في الرياض على متن طائرة سعودية، وهي أول زيارة خارجية يجريها منذ تنصيبه رئيسًا للمرحلة الانتقالية في البلاد.
وقبل ثلاثة أيام، أعلنت “القيادة العامة” في سوريا تولي أحمد الشرع رئاسة سوريا لمرحلة انتقالية، وحل مجلس الشعب والجيش والفصائل الثورية وإيقاف العمل بالدستور.
وبعث ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، برقيتي تهنئة للشرع بمناسبة توليه رئاسة البلاد في المرحلة الانتقالية.
وفي 1 من كانون الثاني الماضي، أجرت الحكومة السورية الجديدة أول زيارة خارجية رسمية لها، وكانت الوجهة إلى السعودية، وضم الوفد كلًا من وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة ومدير الاستخبارات أنس خطاب، وعقد الوفد عدة لقاءات دبلوماسية مع مسؤولين سعوديين.
وخلال مقابلة له، في 29 من كانون الأول 2024، اعتبر الشرع أن “تحرير سوريا يضمن أمن المنطقة والخليج لـ50 سنة مقبلة”، مشيرًا إلى أن للسعودية دورًا كبيرًا في مستقبل سوريا، كما أثنى على التوجهات الاقتصادية للمملكة.
في حديث سابق لعنب بلدي، اعتبر محللون أن اختيار السعودية لتكون بوابة العلاقات الخارجية لدمشق يدل على اهتمام كبير من قبل الإدارة السورية الجديدة بالدور الإقليمي والعربي للمملكة، وهو يفتح الباب على مصراعيه نحو إعادة إنتاج دور سوري جديد ومتميز، كما أن ذلك يلجم بعض الأدوار الإقليمية التي تحاول أن تعكر صفو الواقع السوري، أو أنها تحن إلى دور سابق للاستبداد الأسدي.
ويدل اختيار الرياض كأول وجهة لمسؤولي الإدارة السورية الجديدة بعد سقوط الأسد، على أهمية السعودية ودورها السياسي والاقتصادي في سوريا وزيادة الزخم والدعم لها، وامتلاكها تأثيرًا مهمًا على الصعيد الإقليمي والدولي في البعدين السياسي والاقتصادي، وفق المحللين.
وبعد سقوط الأسد، شهدت دمشق حركة دبلوماسية غربية وعربية، وكانت زيارة أمير دولة قطر، تميم بن حمد آل ثاني، أول زيارة لزعيم عربي إلى سوريا، بعد يوم من تعيين الشرع رئيسًا للبلاد.
الشرع يزور تركيا بعد السعودية
أعلنت تركيا عن أن الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، سيزور العاصمة التركية أنقرة غدًا الثلاثاء، بدعوة من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وقال مسؤول التواصل في رئاسة الجمهورية التركية، فخر الدين ألتون، اليوم الاثنين 3 من شباط، إن محادثات ستعقد في المجمع الرئاسي بأنقرة بين الشرع وأردوغان، لبحث آخر التطورات في سوريا من كافة جوانبها، وتقييم الخطوات المشتركة التي يجب أن يتخذها البلدان من أجل التعافي الاقتصادي والاستقرار والأمن المستدام في البلاد.
ولفت إلى أن المحادثات ستركز أيضًا على الدعم الذي يمكن تقديمه للإدارة الانتقالية والشعب السوري على مختلف الصعد، وفق ألتون.
وقال، “نعتقد أن العلاقات التركية- السورية التي عادت إلى طبيعتها بعد استعادة سوريا لحريتها سوف تتعزز وتكتسب بعدًا جديدًا مع زيارة السيد أحمد الشرع والوفد المرافق له”.
زيارة الشرع إلى تركيا تأتي بعد ساعات من انتهاء زيارته إلى المملكة العربية السعودية، التي كانت الأولى من نوعها كزيارة خارجية للشرع منذ توليه منصبه قبل أيام.
وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس) اليوم، الاثنين، إن الرئيس الشرع غادر الرياض اليوم مع الوفد المرافق له، وكان في وداعه بمطار “الملك خالد الدولي”، أمير منطقة الرياض، ووزير الدولة السعودي، ومسؤولون سعوديون آخرون.
وفي 23 من كانون الثاني الماضي، قال الشرع لقناة “A haber” التركية الرسمية، إنه عازم على زيارة تركيا، دون تحديد موعد الزيارة.
وسبق أن زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، سوريا، والتقى بالشرع في العاصمة دمشق، وكانت الزيارة حينها هي الأولى من نوعها لوزير خارجية إلى سوريا، والثانية لمسؤول تركي بعد زيارة رئيس الاستخبارات التركي، إبراهيم كالن، في 12 من كانون الأول 2024.
وفي 18 من كانون الأول نفسه، طالب وزير الخارجية التركي الدول الغربية بإعادة النظر في تصنيف “هيئة تحرير الشام” على قوائم “الإرهاب”، مشيرًا إلى أن بلاده ستعيد النظر في هذا التصنيف.
وقال فيدان في مقابلة مع قناة “الجزيرة” الإنجليزية، إن “تحرير الشام” المكون الرئيس للائتلاف الذي يحكم سوريا حاليًا، وتتواصل معه الدول الغربية، مضيفًا، “أعتقد أن الوقت قد حان للمجتمع الدولي، بدءًا من الأمم المتحدة، كما تعلمون، لإزالة اسمهم من قائمة الإرهاب”.
وكان أعلن رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية فخر الدين ألطون، الإثنين، أن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يُتوقع أن يصل إلى أنقرة، الثلاثاء، تلبية لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأشار ألطون في منشور عبر صفحته على “إكس”، إلى أن المحادثات التي ستُجرى في المجمع الرئاسي التركي ستتطرق إلى آخر التطورات في سوريا من جميع الجوانب وتقييم الخطوات المشتركة التي يجب أن يتخذها البلدان في سبيل التعافي الاقتصادي والاستقرار والأمن المستدام على الأراضي السورية.
وأضاف ألطون أن المحادثات ستركز أيضاً على الدعم الذي يمكن أن تقدمه أنقرة للإدارة الانتقالية والشعب السوري، معرباً عن قناعته بأن “زيارة السيد أحمد الشرع والوفد المرافق له ستعزز العلاقات التركية-السورية التي عادت إلى طبيعتها بعد حصول سوريا على حريتها”.
واختتم الشرع، الإثنين، زيارته إلى السعودية أولى محطاته الخارجية، حيث التقى خلالها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وفي أعقاب اللقاء، نشرت حسابات الرئاسة السورية بيانا صادرا عن الرئيس الشرع، قال فيه: “أتقدم بالشكر الجزيل لأخي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على حفاوة الاستقبال والاستضافة”.