
قال مفتشون من «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» إنهم يشتبهون في استمرار وجود أكثر من 100 موقع للأسلحة الكيميائية في سوريا، بعد سقوط الرئيس السابق بشار الأسد.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن هذا الرقم هو أول تقدير من نوعه، إذ تسعى «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» إلى دخول سوريا لتقييم ما تبقى من برنامج الأسد العسكري سيئ السمعة.
ويفوق هذا الرقم بكثير أي رقم أقرّ به الأسد على الإطلاق.
وذكرت «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» أنها توصلت إلى هذا العدد بناءً على معلومات تلقتها من باحثين خارجيين ومنظمات غير ربحية ومعلومات استخباراتية مشتركة بين الدول الأعضاء بالمنظمة.
ويُشتبه في أن هذه المواقع كانت تُستخدم في أبحاث وتصنيع وتخزين الأسلحة الكيميائية. فقد استخدم الرئيس السابق أسلحةً مثل غاز السارين والكلور ضد مقاتلي المعارضة والمدنيين السوريين، خلال أكثر من عقد من الحرب الأهلية.
ومن المرجح أن تكون بعض المواقع مخفية في كهوف، أو أماكن أخرى، يصعب العثور عليها باستخدام صور الأقمار الاصطناعية، وفقاً لباحثين وموظفين سابقين في المنظمة وخبراء آخرين. وهذا يزيد من احتمالية عدم تأمين بعض الأسلحة.
وانضمت سوريا بقيادة الأسد إلى «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» بموجب اتفاق أميركي – روسي في أعقاب هجوم بغاز السارين عام 2013، أسفر عن مقتل المئات.
وكان المسؤولون السوريون في عهد الأسد يعرقلون مفتشي المنظمة، وظلّ عدد مواقع الأسلحة الكيميائية وما إذا كانت مؤمّنة، لغزاً منذ الإطاحة بالرئيس السابق.
ففي السنوات الأولى للحرب الأهلية، أبلغت حكومة الأسد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأماكن 27 موقعاً، فأرسلت مفتشين لزيارتها وإغلاقها. لكن الأسد استمر في استخدام الأسلحة الكيميائية حتى عام 2018 على الأقل، وأظهرت الأبحاث أن حكومته استمرت في استيراد السلائف الكيميائية الأساسية.

وحذر المفتشون من خطورة هذه الأسلحة، لا سيما عند استخدامها في المناطق المكتظة بالسكان.
فغاز السارين، وهو غاز أعصاب، قادر على القتل في غضون دقائق. أما غاز الكلور وغاز الخردل، وهما سلاحان اشتهرا في الحرب العالمية الأولى، فيحرقان العينين والجلد ويملآن الرئتين بالسوائل.
وفي زيارة مفاجئة في مارس (آذار) إلى مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية العالمية في لاهاي، صرّح وزير الخارجية السوري بأن الحكومة الجديدة «ستدمر أي بقايا من برنامج الأسلحة الكيميائية الذي طُوّر في عهد نظام الأسد» وستلتزم بالقانون الدولي.
وسمحت الحكومة الحالية لفريق من المنظمة بدخول البلاد بالفعل الشهر الماضي، لبدء العمل على توثيق المواقع، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
إلا أن الحكومة لم تُعيّن بعد سفيراً لدى المنظمة – وهي خطوة أولى مهمة تُعدّ دليلاً على التزام الدولة تجاه هذه القضية.
تعيين د. ماهر الشرع أميناً عاماً لرئاسة الجمهورية العربية السورية

عيَّن الرئيس السوري أحمد الشرع، وزير الصحة السابق، د. ماهر الشرع، أميناً عاماً لرئاسة الجمهورية العربية السورية، بحسب مصادر إعلامية سورية، وأبرز مهامه أن يكون صلة الوصل بين الرئيس والجهات الحكومية الأخرى.
وُلد ماهر الشرع في دمشق عام 1973، وحصل على درجة الدكتوراه في العلوم الطبية في تخصص الجراحة النسائية وعلاج العقم والإخصاب. كما حصل على دبلوم في إدارة النظم الصحية. وعمل مستشاراً صحياً في مستشفيات الشمال السوري بين عامَي 2022 و2023.
ويُعدّ منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية منصباً رفيعاً في هيكل رئاسة الدولة في سوريا، ومن مهامه، تنظيم وتنسيق جدول أعمال الرئيس، والاجتماعات، والزيارات، والمراسلات الرسمية، وصياغة ومتابعة القرارات، وتحضير مشروعات المراسيم والقوانين والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية.
ومن مهام الأمين العام أيضاً، أن يكون صلة وصل بين الرئاسة ومؤسسات الدولة الأخرى، مثل الحكومة، والبرلمان، والهيئات الأمنية والعسكرية. كذلك إعداد التقارير، من خلال تزويد الرئيس بتقارير ومعلومات سياسية، واقتصادية، واجتماعية تساعد على اتخاذ القرار. أخيراً، الإشراف على الترتيبات البروتوكولية الرسمية الخاصة برئيس الجمهوريه
السويداء.. وهم الرغبة في الانفصال
مع الإعلان الدستوري في 13 من آذار الماضي، جاءت تصريحات الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، الرافضة للإعلان، مطالبًا بإعادة صياغة دستور جديد للبلاد يؤسس لنظام ديمقراطي تشاركي، يأخذ بعين الاعتبار الخصوصية التاريخية والثقافية للبلاد، ويضمن استقلالية وفصل السلطات، وتوسيع صلاحيات الإدارات المحلية، والحد من صلاحيات رئاسة الجمهورية.
تصريحات الهجري أثارت جدلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، ومع خروج مظاهرات مناهضة لحكومة دمشق في السويداء، تصاعدت حدة الاتهامات برغبة السويداء بالانفصال عن سوريا، وهو ما اعتبره ناشطون بمثابة “أصوات تغرد خارج السرب”، وليس لها رصيد اجتماعي ووطني.
الانفصال عن سوريا نفاه الهجري في تصريح له في 4 من آذار الماضي، مؤكدًا أن “مشروعنا وطني واضح بامتياز، وحدة سوريا أرضًا وشعبًا، نريد أن نعيش بكرامتنا هذا ما نطالب به، وكنا بمرحلة والآن بمرحلة فراغ، والأمر دقيق جدًا يجب أن نوحد الصف”، مضيفًا أن الحديث الذي يدور حول الانفصال لا أساس له.
ومن جهة أخرى، اعتبر شيخا العقل في السويداء حمود الحناوي ويوسف جربوع أن حكومة دمشق هي حكومة أمر واقع لكنها لاقت دعمًا دوليًا، وتعاملت بشكل إيجابي مع مطالب مشايخ العقل، التي تنادي بأن يكون الكادر الأمني والعسكري في السويداء من أبناء المحافظة، ولا مانع بأن يكون هناك موفدون من دمشق كالمحافظ للإشراف على الإدارة.
ورغم تأكيد جميع القوى الفاعلة في المحافظة على وحدة التراب السوري ورفض الانفصال، ما زالت تثار تساؤلات الشارع السوري حول رغبة السويداء بالانفصال وطلب الحماية الإسرائيلية.
اتهامات ليست الأولى
الاتهامات حول رغبة السويداء بالانفصال لم تكن جديدة، إذ واجه الحراك السلمي في السويداء، عام 2021، في عهد النظام السابق، اتهامات بالتعاون مع المعارضة المسلحة في إدلب والرغبة بالانفصال عن سوريا.
الصحفي والناشط في المجتمع المدني رواد بلان، قال لعنب بلدي، إن النظام عمل على عزل السويداء عن المحيط السوري تاريخيًا منذ الاستقلال، وتهمة الانفصال هي تهمة تاريخية أيضًا تكرست رغم كل التضحيات التي قدمها أهالي السويداء في سوريا.
وأضاف أن سردية الانفصال تم تكريسها من قبل السلطتين السابقة والحالية وتسويقها بين السوريين، مستغلين اندماج الدروز في فلسطين من “عرب 48” في المجتمع الإسرائيلي كأي أقلية تتمسك بالدولة لحمايتها.
ويرى أن النظام عزل الدروز عن القضية الوطنية بأدوات ممنهجة، والسلطة الجديدة تعمل بذات الأدوات وذات الخطاب، والهجوم على الدروز هو محاولة ابتزاز، فإما خائن وعميل وإما قبول بالأمر الواقع.
الشيخ الهجري وأبناء محافظة السويداء مصرّون على وجود جيش وطني من العسكريين السوريين غير الأجانب يمثل كل أطياف الشعب السوري، “ولا نريد جيشًا فصائليًا قائمًا على لون واحد”، بحسب بلان.
ومن جهته، الباحث السياسي جمال الشوفي، أكد لعنب بلدي أن اتهام السويداء بالانفصال ليس جديدًا، وكان متداولًا على لسان النظام السابق، فكان يتهم الدروز كما يتهم باقي أطياف الشعب السوري، وأسهل تهمة لديه هي العمالة.
سقوط نظام الأسد سبب فراغًا أمنيًا وشُرطيًا، الأمر الذي خلق حالة من الإرباك في الشارع السوري، وإضافة إلى الإرباك طوال الـ14 عامًا من الثورة، هناك احتقان طائفي بين السوريين يولد حالة من عدم الأريحية بين كافة أطياف الشعب السوري، وفقًا للشوفي.
وقال الشوفي، إن السويداء كانت وما زالت قبلتها دمشق، ومطالب السويداء بالاعتدال في الحكم لا يعني أنها تريد الانفصال أو طلب الحكومة الإسرائيلية، “ولا شك أننا نسمع أصواتًا تغرد خارج السرب، وهذه الأصوات محلية وليس لها رصيد اجتماعي ووطني”.
مطالب السويداء بالاعتدال في الحكم لا يعني أنها تريد الانفصال أو طلب الحكومة الإسرائيلية، ولا شك أننا نسمع أصواتًا تغرد خارج السرب، وهذه الأصوات محلية وليس لها رصيد اجتماعي ووطني.
جمال الشوفي
باحث سياسي
وأضاف أن تلك الأصوات لا تعمل على الحوار ولا توثق الصلة مع الحكومة القائمة بقدر ما تعمل على لغة العداء وتكريسها، وهذه الدعوات تستثمر فيها جهات مشبوهة قد تكون إحداها إسرائيل.
وأكد الشوفي أن السويداء ذات بعد وطني وإن كانت تحاور على بعض القضايا والمحاور الوطنية، فإن هدفها توطيد مؤسسات الدولة والاتجاه نحو الاستقرار.
دور المجتمع المدني في السويداء
أشار الباحث السياسي جمال الشوفي إلى أن المجتمع المدني في السويداء حواري يرغب في الاستقرار والسلام وتحقيق مكاسب الثورة، وينظر نقديًا للأخطاء من كل الجهات سواء من السلطة أو من المجتمع المحلي، لكن بذات الوقت يعمل على الحوار والنقد وتغليب فكرة الاستقرار والاعتدال.
المجتمع المدني، وخاصة أشخاصه البارزين يتعرضون لاتهامات متعددة، مثلًا إذا قلت أنا أريد تثبيت الدولة بغض النظر عن السلطة فأنا أُتهم بأني موالٍ للسلطة، الدولة هي مؤسسات وشرطة وقانون وهذا أمر مختلف عن السلطة، وإذا قلت إن هناك مطالب محقة لتثبيت الأمن والأمان فأنت متهم بـ”الأقلوية”.
اتهامات السويداء بالانفصال هي موجة غوغائية هدفها إثارة بلبلة واسعة داخل المجتمع السوري، عبر أصوات أشبه ما تكون بالذباب الإلكتروني غرضها التحريض وإقصاء الصوت العاقل الذي يريد الحوار، بحسب الشوفي.
آراء الشارع متضاربة
“لو أردنا الانفصال كانت الفرصة متاحة في عهد نظام الأسد، وستلاقي دعمًا دوليًا، عدم القبول بحكومة ذات لون واحد وإعلان دستوري لا يضمن حق الأقليات بالمشاركة في العمل السياسي ضمن مادة واضحة لا يعني الانفصال”، قال رامي الأطرش (29 عامًا) من بلدة القريا، الذي كان ناشطًا في حراك السويداء عام 2021.
وأضاف، “مطالبنا واضحة، نريد دستورًا ديمقراطيًا قائمًا على التشاركية وليس المحاصصة من أجل بناء دولة مدينة، وجيشًا وطنيًا تتم هيكلته بطريقة تعزز دور المواطنة، الجيش الفصائلي القائم على العقيدة الدينية أو العرقية تجربة مشابهة لجيش الأسد”.
مطالبنا واضحة، نريد دستورًا ديمقراطيًا قائمًا على التشاركية وليس المحاصصة من أجل بناء دولة مدينة، وجيشًا وطنيًا تتم هيكلته بطريقة تعزز دور المواطنة، الجيش الفصائلي القائم على العقيدة الدينية أو العرقية تجربة مشابهة لجيش الأسد”.
رامي الاطرش
ناشط مدني من السويداء
أما محمد العقباني، الناشط في حراك السويداء، فيرى أن “البعض أصبح يستخدم دون معرفة منه أو بخبث” ما كان يستخدمه مؤيدو النظام البائد من حجج، تتمحور حول أن دمشق هي شريان الحياة الرئيس للمحافظة، و”يتذرع بالحاجة لدمشق، فهي توفر الخدمات كالتعليم والصحة، والعمل، وذلك بسبب التوزع الديموغرافي في أكثر من محافظة ومنها ريف دمشق.
وقال إن هناك من يردد مقولة حتمية التواصل مع دمشق لعدم وجود البديل لأن البديل الوحيد هو إسرائيل، وبذلك يتم إخراج أبناء السويداء عن الهوية الوطنية والتاريخية، “لكن ما أحاول إيصاله أنه كما كان النظام عاجزًا عن قطع شريان الحياة عن المحافظة، وعزلها، فإن السلطة الحالية في دمشق عاجزة عن ذلك، بسبب ارتباط السويداء بالملفات الدولية وحماية الأقليات”.
رفض الاحتلال لا يعني قبول سلطة مستبدة أخرى، سواء كانت بعثية أو بغطاء ديني.
محمد العقباني
وأضاف العقباني أن المطالبة بالقطيعة مع سلطة دمشق لا تعني قطع العلاقة مع دمشق كمدينة أو تغيير الانتماء، بل تعني البحث عن حلول جديدة يمكن التعامل معها، بعيدًا عن المصالح الشخصية والمزايدات الوطنية، “رفض الاحتلال لا يعني قبول سلطة مستبدة أخرى، سواء كانت بعثية أو بغطاء ديني”.

سوريون يؤكدون على الوحدة الوطنية في ساحة الكرامة بالسويداء – 13 كانون الأول 2024 (عنب بلدي/جوليان هنيدي)
كيف بدأ الحراك
تعرضت السويداء منذ بداية الثورة لضغوط كبيرة من قبل النظام السابق، إذ كان يمارس أساليب القمع والاعتقالات التعسفية والاعتداء على المتظاهرين منذ بداية الثورة عام 2011، بالإضافة إلى الفتن التي كانت الحكومة آنذاك تفتعلها بين محافظتي درعا والسويداء، ومنها محاولات زعزعة الأمن بين الريف الغربي للسويداء والريف الشرقي لدرعا.
التعتيم الإعلامي عن المواقف السياسية للمحافظة جعلها منطقة معزولة عن باقي مكونات المجتمع السوري، إلى أن بدأت الاتهامات بشكل مباشر عقب الاحتجاجات السلمية في 2018، التي كانت تندد بتصرفات الحكومة السابقة من تجاهل الواقع الخدمي في المدينة.
ومع تردي الوضع الخدمي، كالكهرباء، إذ لا تتجاوز ساعة وصل مقابل أربع ساعات قطع، بالإضافة إلى شح الماء ومعاناة بعض المناطق في المدينة من عدم توفرها أبدًا، وسوء خدمة الإنترنت، ازداد الوضع الأمني سوءًا مع ارتفاع حالات الخطف بين ريفي السويداء الغربي ودرعا الشرقي.
وإضافة إلى ذلك، اشتدت القبضة الأمنية ومصادرة الحريات، وضعف التمثيل السياسي في الدوائر الحكومية ومجلس الشعب، إذ لم يكن التمثيل حقيقيًا بل شكلي لا يعبر عن تطلعات الشعب.
نظام الأسد وحراك السويداء
مع تحول مطالب مظاهرات السويداء من الاقتصادية والخدمية إلى حراك ينادي بإسقاط النظام، وتطبيق الحل السياسي الرامي إلى الانتقال السلمي للسلطة والإفراج عن المعتقلين، قام النظام السابق بعدة إجراءات لقمع الحراك السلمي، أبرزها بث الشائعات حول دخول “التنظيمات الإرهابية” للسويداء من البادية الشرقية، وإرسال تعزيزات عسكرية
ومع رفض المشاركين في الحراك السلمي دعوات النظام السابق لإجراء “تسوية”، حصلت مشادة كلامية بين المتظاهرين وعناصر الأمن، وتم إطلاق النار عليهم بشكل مباشر، ما أدى إلى إصابة الشاب جواد الباروكي، الذي توفي قبل إسعافه للمستشفى، ليكون أول قتيل على يد قوات النظام في حراك السويداء.
وشيع المتظاهرون الباروكي من ساحة الكرامة بحضور مرجعيات دينية واجتماعية.
ولم يتوقف النظام عند هذا الحد، بل لجأ لأسلوب الاعتقالات التعسفية بحق الناشطين وطلاب الجامعات.
في مطلع عام 2024، اقتحمت قوات الأمن السكن الجامعي في اللاذقية، واعتقلت الطالب داني عبيد، بسبب منشور له على “فيس بوك” عن الاحتجاجات السلمية في السويداء، ليستمر اعتقاله 75 يومًا.
وخلال الحراك والتصعيد بين متظاهري ساحة الكرامة وقوات الأمن السابق، حذر الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، مرارًا من بث الفتنة في صفوف الحراك والانخراط بصراع مسلح.
وقال حينها في بيان نشرته الصفحة الرسمية للرئاسة الروحية عبر “فيس بوك”، إن أبناء المحافظة “وطنيون مسالمون، وهم عند اللزوم أهل للدفاع عن الوطن، وعن السلم والكرامة والحق، في سبيل مستقبل أفضل”.
الهجري أكد أن أبناء المحافظة مستمرون بالحراك السلمي المعارض للنظام السوري، موضحًا أن المظاهرات تهدف “لطلب الحقوق عبر النداءات المحقّة بسلمية”.
السويداء والحكومة الجديدة
في 12 من آذار الماضي، نُشر “محضر تفاهم”، أبرمه محافظ السويداء، مصطفى البكور، والرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، لحل مشكلات المحافظة.
وقالت محافظة السويداء، إن “محضر التفاهم” توافق عليه الحاضرون وتضمن الاتفاق على تفعيل الضابطة العدلية وتفعيل الملف الشرطي والأمني ضمن وزارة الداخلية، وتنظيم الضباط والأفراد المنشقين وكافة الفصائل المسلحة في وزارة الدفاع، إضافة إلى صرف الرواتب المتأخرة للموظفين وإعادة النظر في أوضاع المفصولين من العمل قبل 8 من كانون الأول 2024.
كما نص الاتفاق على إصلاح المؤسسات الحكومية ماليًا وإداريًا، وتسريع تعيين أعضاء المكتب التنفيذي المؤقت لقضاء حوائج الموظفين، مع التأكيد على الحفاظ على السلم الأهلي ومنع التعدي على الأملاك العامة والخاصة.
وشملت البنود إزالة التعديات على أملاك الدولة وفق خطة مدروسة وإيجاد بدائل، إلى جانب تخصيص مبنى الحزب سابقًا كمقر رئيس للجامعة في المحافظة.
وجرى الاتفاق خلال اجتماع تنظيمي وإداري عُقد في دارة الرئاسة الروحية لمشيخة العقل في قنوات، بمشاركة عدد من الأعضاء الذين مثلوا السويداء خلال مؤتمر الحوار الوطني، حيث بحث الاجتماع أوضاع السويداء الحالية.
وذكر في بنود الاتفاق اعتبار الموقعين على هذه البنود لجنة متابعة لتنفيذها، على أن يتم استمرار التشاور وإيجاد الحلول لأي مستجدات أو وقائع لم تُغطَّ ضمن البنود.
من جهته، نقل موقع “السويداء 24“، المتخصص بتغطية أخبار المحافظة، عن مصدر من الرئاسة الروحية للسويداء، أن وثيقة التفاهم الصادرة عن اجتماع بين مجموعة من السياسيين وموفد الإدارة الجديدة، هي سلسلة من الطلبات للإدارة الجديدة، وليست اتفاقًا نهائيًا.
وأضاف أن موفد الإدارة تعهد بأن تلتزم الدولة بتنفيذها، وهناك ملفات عديدة أخرى لا تزال المفاوضات مستمرة حولها.
وكان الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، التقى وفدًا من ناشطي السويداء في قصر “الشعب” بدمشق، برفقة محافظ السويداء، مصطفى البكور، في 11 من آذار الماضي.
وأدت الأحداث التي تلت سقوط نظام الأسد، في 8 من كانون الأول 2024، والإعلان عن تشكيل جيش سوري جديد، إلى ما يشبه حالة انقسام سياسي وعسكري في محافظة السويداء، بين مؤيد لفكرة الانضمام لوزارة الدفاع في دمشق، ومعارض لها.
وفي وقت كانت فيه الوزارة تسعى لتحقيق اتفاق مع أطراف في السويداء، ظهر تشكيل عسكري عرف باسم “المجلس العسكري في السويداء” ” في بيان نُشر، في 24 من شباط الماضي، قال إنه يحمل “مشروعًا وطنيًا”، مبديًا رغبته التعاون مع دمشق.
“المجلس” زاد من تعقيد المشهد على ساحة المحافظة، لكنه لم يشغل حيزًا من المفاوضات، كمان لم تعلّق الحكومة السورية أو الفصائل المحلية على وجوده في السويداء، علمًا أن اتهامات عديدة وجّهت له بتلقي الدعم من إسرائيل التي وسّعت نشاطها جنوبي سوريا منذ أشهر.
ولم يجب قائد “المجلس العسكري”، طارق الشوفي، على استفسارات طرحتها عنب بلدي مرارًا، عبر مراسلة إلكترونية، حول الاتهامات الموجهة له، وموقفه من دمشق.
مستجدات ودلالات
مع محاولات إسرائيل استغلال الوضع في سوريا، وإعطاء انطباع مترافق بتهديدات حول دفاعها عن الدروز في سوريا، لا تبدي القوى الوطنية اعتبارًا لهذا النهج، وتؤكد التمسك بهويتها الوطنية، لكن القلق من عدم وجود رؤية واضحة، وظهور بعض الأصوات التي تروج لخيار الانفصال، بات يشوش الموقف.
الموقف الوطني في السويداء ظهر في تصريحات ووقفات، منها تجمع في ساحة الكرامة بالسويداء، ندد المشاركون فيه بالقصف الإسرائيلي على درعا، وأكدوا وحدة الشعب السوري، وجددوا رفضهم لأي تدخلات خارجية في البلاد.
مقابل موقف الناشطين، نشرت صفحات إخبارية، منها “الراصد”، نص برقية حملت توقيع شيخي عقل الطائفة يوسف جربوع وحمود الحناوي، إلى ممثلين اجتماعيين ودينيين من مختلف أبناء المحافظة، وقوى عسكرية منها “حركة رجال الكرامة”، وتيارات سياسية ومدنية منها “الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني”، و”تيار الحرية والتغيير”.
البرقية الموقعة في 26 من آذار الماضي، والموجهة للرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قبل أيام من الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، طالبت بإعادة النظر بالإعلان الدستوري، ومحاسبة المتورطين بالتحريض الطائفي.
وأكدت أن انتصار الثورة السورية يجب أن يُترجم بالانتقال إلى مسار سياسي جامع، يُشرك جميع السوريين في الحياة السياسية والاقتصادية والدفاع عن البلاد ضد أي اعتداء خارجي، وتحت شعار “الدين لله والوطن للجميع”.
وشددت البرقية على وحدة الأراضي السورية وضرورة الحفاظ على التنوع الثقافي والعرقي، ورأت في مؤتمر الحوار الوطني مدخلًا أساسيًا لمعالجة العقد الاجتماعي السوري.
كما طالبت بتفعيل مخرجات المؤتمر، لا سيما البند الـ18 الذي يدعو لاستمرار الحوار وتشكيل لجان تمثيلية تشمل مختلف الفعاليات السياسية والاقتصادية والخدمية.
ورأت البرقية أن الإعلان الدستوري لا يلبّي تطلعات شرائح واسعة من السوريين، مع المطالبة بإعادة النظر فيه عبر حوار وطني حقيقي وشامل، يضمن الفصل بين السلطات، وتفعيل مبدأ المحاسبة، وتحقيق العدالة والمواطنة، وصولًا إلى صياغة دستور دائم يعبّر عن الإرادة الشعبية، وتأسيس مجلس شعب منتخب مباشرة من قبل المواطنين.
وأكدت البرقية ضرورة تفعيل المؤسسات القضائية والضابطة العدلية، وإعادة جميع مؤسسات الدولة للعمل، مع إصلاح إداري ومالي شامل، لتقديم الخدمات للمواطنين بكفاءة وعدالة.
ودعت لوقف قرارات التسريح العشوائي للموظفين، وإعادتهم إلى مواقع عملهم، باستثناء من يثبت فساده أو مخالفته للقانون.
وحذر الموقعون من التعامل الفردي مع جهات خارجية بعيدًا عن مؤسسات الدولة، معتبرين أن هذه التصرفات تسيء للوحدة الوطنية، ودعوا إلى رفع العلم السوري الجامع باعتباره رمزًا وطنيًا لكل السوريين.
مجلس الأمن القومي في سوريا.. ضرورة يفرضها الواقع
ي 13 من آذار الماضي، أصدر الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قرارًا بتشكيل مجلس الأمن القومي في سوريا، وضم مجموعة من وزراء الحكومة المؤقتة التي حلت محلها الحكومة الانتقالية التي جرى تشكيلها نهاية الشهر نفسه.
وبحسب نص القرار الصادر عن “رئاسة الجمهورية العربية السورية”، فإنه بناء على الصلاحيات الممنوحة للرئيس السوري وانطلاقًا من المصلحة الوطنية العليا، وحرصًا على تعزيز الأمن القومي، والاستجابة للتحديات الأمنية والسياسية في المرحلة المقبلة، يتم تشكل المجلس بهدف تنسيق وإدارة السياسات الأمنية والسياسية.
ويتألف المجلس من وزير الخارجية ووزير الدفاع ومدير الاستخبارات العامة ووزير الداخلية.
كما يضم المجلس مقعدين استشاريين يتم تعيينهما من قبل رئيس الجمهورية وفقًا للكفاءة والخبرة، بالإضافة إلى مقعد تقني تخصصي يتم تعيينه من قبل الرئيس لمتابعة الشؤون التقنية والعلمية ذات الصلة بمحضر الجلسة.
وتعقد اجتماعات مجلس الأمن القومي بشكل دوري أو بناء على دعوة من رئيس الجمهورية، ويتخذ القرارات المتعلقة بالأمن القومي وبالتحديات التي تواجه الدولة بالتشاور مع الأعضاء.
كما تحدد مهام مجلس الأمن القومي وآلية عمله بتوجيهات من رئيس الجمهورية، بما يتماشى مع المصلحة الوطنية العليا، وبما يضمن التنسيق الفعال بين مختلف الأجهزة الأمنية.
وفي 30 من آذار الماضي، وحين أعلن الرئيس السوري تشكيل الحكومة الجديدة، تولى أنس خطاب، رئيس جهاز الاستخبارات السورية، منصب وزير الداخلية، ليترك منصب إدارة جهاز الاستخبارات شاغرًا منذ ذلك الوقت، كما أن قرار تشكيل مجلس الأمن القومي لم يحدد هوية أصحاب المقعدين الاستشاريين الذين يعينهما الرئيس، ولم يصدر أي إعلان لاحق عن تعيينهما.
في ظل تحديات داخلية وخارجية
جاء تشكيل المجلس الذي يمثل هيئة أمنية رفيعة المستوى، في وقت تشهد به البلاد مجموعة من التحديات الأمنية والسياسية والعسكرية على أكثر من مستوى، إذ جرى تشكيله بعد حوالي ثلاثة أشهر فقط من سقوط نظام الأسد المخلوع، وتفكيك المنظومة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية للنظام السابق.
وفي تلك الفترة، قال أنس خطاب (وزير الداخلية حاليًا)، إنه سيعاد تشكيل المؤسسة الأمنية من جديد بعد حل جميع الفروع الأمنية وإعادة هيكلتها بصورة تليق بالشعب السوري وتاريخه العريق في بناء الأمم.
كما جاء في قرارات “مؤتمر النصر”، في 29 من كانون الثاني الماضي، حل جميع الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق، بفروعها وتسمياتها المختلفة، وجميع الميليشيات التي أنشأها، وتشكيل مؤسسة أمنية جديدة.
كما أن المجلس تشكل على أرضية سورية هشة غنية بالمشكلات، فملف فلول النظام السابق والتهديدات الأمنية التي يشكلونها لا يزال مفتوحًا، إلى جانب مواصلة العمل على ضبط السلاح المنفلت والسعي لحصر السلاح بيد أجهزة الدولة، ويبدو ذلك من خلال هجمات متفرقة تشنها الفلول ضد قوات الأمن السورية، بالتوازي مع تسليم متواصل لأسلحة واكتشاف مستودعات ومخازن سلاح وذخيرة، أو التبليغ عن أسلحة مخبأة من قبل هيئات محلية.
إلى جانب ذلك، فإن العمل على توحيد الجغرافيا السورية في سلطة سياسية وعسكرية واحدة لا يزال مستمرًا بعد الاتفاق الذي أبرمه الرئيس السوري مع قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، والذي يفترض أن يُتوّج في نهاية العام بسيطرة قوات حكومية رسمية على المناطق التي تديرها حاليًا “الإدارة الذاتية”، ولتحقيق ذلك جرت عمليات تبادل أسرى بين القوات الحكومية و”قسد” في أحياء ذات غالبية كردية في حلب، بالإضافة إلى انسحاب “قسد” من هذه الأحياء، نحو مناطق شمال شرقي سوريا، لتدخلها فيما بعد قوى الأمن العام الحكومية.
وفي جنوبي سوريا أيضًا، لم تتخلَّ الفصائل المحلية في السويداء عن سلاحها، ولم تسلمه للدولة السورية، ولم تسمح القوى المحلية الاجتماعية الفاعلة، ممثلة بالرئيس الروحي للموحدين الدروز، بتسيير دوريات للأمن العام، ما يعني سيطرة غير كاملة في الجنوب، في الوقت الذي تشن به إسرائيل غارات جوية تطول القدرات العسكرية السورية في محافظات عدة، منها دمشق وحمص وحماة ودرعا، مع توغل إسرائيلي بري أعقب سقوط نظام الأسد، تجاوزت خلاله إسرائيل الخط العازل، وانتهكت اتفاقية “فض الاشتباك” المبرمة عام 1974، في جبل الشيخ، وريف درعا، حيث صعدت إسرائيل في منطقة حوض اليرموك جنوبي سوريا، بعدما قوبلت قواتها البرية بمقاومة شعبية محلية، لتقتل سوريين وتصيب آخرين بالرصاص وقذائف دباباتها.
خطوة ضرورية
المحلل العسكري الرائد طارق حاج بكري، اعتبر أن تشكيل مجلس أمن قومي في هذا الوقت بالذات ضرورة، لأن سوريا تتعرض لمخاطر عديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي، فهناك أحداث يقوم بها فلول النظام ومجرمون ملاحقون يشكلون تهديدًا في الساحل السوري ولهم مراكز سرية، كما أن هناك دعوات مشبوهة تصدر عن أشخاص في الجنوب السوري تدعو لتدخل إسرائيل في الشأن السوري.
كما أن هناك تهديدًا دوليًا حاضرًا في شمال شرقي سوريا، إلى جانب تهديدات إيران وميليشياتها و”حزب الله”، ما يجعل مجلس الأمن القومي ضرورة لأنه يختلف عن الأمن الداخلي في أن من مهامه الحفاظ على الأمن الوطني امتدادًا إلى خارج سوريا لمنع التهديدات التي تأتي من الخارج إلى الداخل، وكثير من الدول تلجأ لتشكيل مجالس من هذا النوع تتولى القرارات المفصلية التي تمس الدولة، وقراراته تُحترم من قبل كل القوى الأمنية المحلية.
ويعتبر الأمن الداخلي وجهاز الاستخبارات جزءًا من الأمن القومي، ولا تعارض بين الكيانين، لأن مجلس الأمن القومي هو المرجعية الأمنية الأعلى في البلاد، وهو من يقترح أصحاب المناصب الأمنية الحساسة أيضًا.
هيئات لتنسيق وتنفيذ السياسات
مجالس الأمن القومي هيئات حكومية عليا تُعنى بوضع وتنسيق وتنفيذ السياسات المتعلقة بالأمن القومي للدولة، وتختلف مهامها وتركيبتها من دولة لأخرى، لكنها تشترك غالبًا في بعض الأدوار الرئيسة، ومنها تقييم التهديدات الأمنية وتحليل وتقدير المخاطر والتهديدات المحتملة للدولة، سواء داخلية أو خارجية (مثل الإرهاب، التجسس، الأوبئة، الكوارث، الأمن السيبراني…).
كما تُعنى بصياغة السياسات الأمنية والاستراتيجية وتقديم توصيات بشأنها، واقتراح الخطط المناسبة للتعامل مع الأزمات والتهديدات، بالإضافة إلى التنسيق بين الجهات المعنية والربط بين مؤسسات الدولة المعنية بالأمن (الدفاع، الاستخبارات، الخارجية، الداخلية، وغيرها) لضمان وحدة القرار والتنفيذ.
وتتولى هذه المجالس مهمة الرقابة على الأجهزة الأمنية، وأحيانًا تشرف أو تراقب أداء أجهزة الأمن والمخابرات وتتحقق من التزامها بالقانون، إلى جانب إدارة الأزمات والطوارئ والمشاركة في صنع القرار خلال الأزمات الكبرى، مثل الحروب أو الكوارث الطبيعية أو الهجمات الإرهابية.
وفيما يتعلق بمناقشة السياسات الدفاعية والخارجية، فكثيرًا ما يكون لهذه المجالس دور استشاري أو حتى تنفيذي فيما يخص السياسة الخارجية والدفاعية.
ومن الدول التي تمتلك مجالس من هذا النوع، الولايات المتحدة الأمريكية، وتأسس مجلس الأمن القومي فيها (NSC) عام 1947، وهو من أهم أجهزة التخطيط الأمني والاستراتيجي في العالم.
ويوجد في روسيا مجلس الأمن الروسي، ويتكون من 30 عضوًا، منهم 13 دائمون، ويرأسه الرئيس الروسي، وهو أداة قوية بيده، وهناك مجلس أيضًا في فرنسا يتعامل مع التهديدات الأمنية.
وكانت بريطانيا أنشأت مجلسًا للأمن القومي في 2010، لتنسيق الاستراتيجيات الأمنية والدفاعية، وتوجد في الصين لجنة مركزية للأمن القومي تحت إشراف الحزب الشيوعي، وتعنى بتنسيق الأمن القومي.
وهناك مجالس أمن قومي في دول عربية وإسلامية، منها تركيا ومصر، مع اختلاف في تركيبتها وسلطاتها وصلاحياتها.
وغالبًا ما تضم هذه المجالس في عضويتها رئيس الدولة أو الحكومة، ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية ورئيس الاستخبارات، ومستشار الأمن القومي، في حال وجود هذا المنصب، وقائد أركان القوات المسلحة، وتختلف هذه المجالس عن أجهزة المخابرات، في أن أجهزة المخابرات جهات تنفيذية تجمع المعلومات وتحللها وقد تقوم بعمليات ميدانية، لكن مجالس الأمن القومي ذات طابع تنسيقي واستشاري، تتخذ قرارات وتقدم توصيات وفق معطيات أمنية وحكومية.
في بعض الدول، يمكن أن ينعقد اجتماع مجلس الأمن القومي بصورة سرية دون نشر القرارات التي تصدر عنه، لكن دولًا أخرى تمنح البرلمان أو الهيئة التشريعية مسؤولية الرقابة على قرارات المجلس.
شحن أسهل ورسوم أقل
بنحو 30%.. أسعار الحواسيب وملحقاتها تنخفض في سوريا

أمام محلات اللاب توب في سوق البحصة – دمشق 22 من آذار 2025
شهدت أسعار الحواسيب المحمولة وملحقاتها في سوريا انخفاضًا خلال الأشهر التي تلت سقوط نظام الأسد، في 8 من كانون الأول 2024، بحسب ما ذكره تجار في كل من سوقي “ساروجا” و”البحصة” بدمشق، المتخصصين في بيع الكمبيوترات بأنواعها ومستلزمات التكنولوجيا وصيانتها.
وشمل الانخفاض كلًا من الكمبيوترات المستعملة المستوردة والجديدة، وقطع الصيانة و”الإكسسوارات” الخاصة بعالم التكنولوجيا.
خلال جولة لعنب بلدي في السوقين المذكورين، رصدت الأسعار وتحدثت مع تجار عن أهم التغيرات التي شهدها سوق التكنولوجيا في سوريا خلال الأشهر الماضية.
انخفاض بالأسعار وتنوع
“اليوم هناك الكثير من الخيارات أمام الزبون ليستطيع اختيار لابتوب يناسب عمله”، قال محمد برازي الموظف في شركة “آركاد” للكمبيوترات المحمولة المستعملة في دمشق.
وأضاف محمد لعنب بلدي، أن التجار لم يعودوا بحاجة إلى اتباع أساليب غير شرعية لشحن الكمبيوترات المحمولة المستعملة من مركز الشركة الأساسي في دولة الإمارات المتحدة، “فمن الممكن اليوم شحنها بسهولة وبتكلفة منخفضة جدًا، دون أن يتعرض أحد لنا، أو نضطر لدفع الإتاوات، والخوف من الضابطة الجمركية والغرامات المرتفعة”.
هذه التسهيلات انعكست إيجابًا على أسعار الأجهزة، إذ انخفض سعر الكمبيوتر المستعمل المستورد من أوروبا ما يقارب 50 دولارًا أمريكيًا، ويكفي مبلغ بقيمة 100 دولار أمريكي لشراء جهاز مستعمل وخالٍ من العيوب بكفالة شركة البيع، من نوع “DELL” بمعالج “CORE I3” من الجيل السابع وذاكرة داخلية 8 غيغا بايت، وسعة هارد “SSD 256” غيغا بايت.
ويرى عماد عصفور، أحد المستوردين في سوق “البحصة” بدمشق، وصاحب شركة “سوميت”، أن عودة انفتاح سوق التكنولوجيا السورية على السوق الخارجية، وسرعة عمليات الاستيراد والبيع، وغياب العقبات، حرك دورة رأس المال بشكل أسرع عما كانت هناك في الماضي، مما أسهم في تخفيض نسبة الأرباح على الأجهزة من 15 إلى 5% تقريبًا، وبالتالي انخفاض أسعار الكمبيوترات المحمولة الجديدة ما يقارب 30% من سعرها سابقًا.
وبلغ سعر أرخص “لابتوب” جديد ما يقارب 285 دولارًا أمريكيًا من نوع “DELL” بمعالج “CORE I3” من الجيل الـ13 وذاكرة داخلية 8 غيغا بايت، وبسعة هارد “SSD 256” غيغا بايت.
وبرر عماد عصفور أسباب نسب الأرباح العالية سابقًا بالتكاليف الباهظة التي كان يضطر لدفعها التاجر لتغطية الإتاوات للمالية والرسوم الجمركية والضرائب وغيرها.
وبحسب نشرة مصرف سوريا المركزي، يبلغ سعر صرف الدولار 12000 ليرة سورية، بينما يبلغ في السوق السوداء نحو عشرة آلاف ليرة سورية.
قطع الصيانة أيضًا
نذير سردي، وهو أحد فنيي الصيانة في سوق البحصة، ذكر العقبات التي كانت تواجه سوق التكنولوجيا في سوريا خلال السنوات الماضية.
وعانى قطاع صيانة الأجهزة في سوريا من نقص في توفر القطع نتيجة منع استيرادها من قبل الحكومات السابقة، ما اضطر فنيي الصيانة في السوق للاعتماد على الأجهزة التالفة واستخدام القطع السليمة منها، لصيانة الأجهزة الأخرى.
وأدى الشح في توفر قطع الصيانة وخاصة القطع الكثيرة الأعطال في كثير من الأحيان لإعادة الجهاز إلى صاحبه مرفقًا باعتذار لعدم القدرة على صيانته، بحسب ما قاله نذير.
وفي مقارنة أجراها نذير خلال حديثه لعنب بلدي عن أهم التغييرات التي حصلت في مجاله، أكد أن سوق قطع الصيانة اليوم، أصبح خاليًا من أي نقص، وأضحت لغة الاعتذارات من الزبائن من الماضي، إلا ما يتعلق بالأجهزة الحديثة التي لم تنتج الشركة الأم قطع صيانة لها بعد.
التغير لم يطرأ على توفر قطع الصيانة فقط، بل امتد ليؤثر على أسعارها أيضًا، إذ انخفضت أسعار القطع بعد غياب الرسوم الجمركية التي كانت تساوي ثلاثة أضعاف القطعة سابقًا، الأمر الذي كان يرفع من تكلفة صيانة الجهاز ليصل أحيانًا إلى ما يوازي سعر كمبيوتر محمول مستعمل ونظيف بمواصفات أفضل.
البطاريات والملحقات
تعد بطاريات الكمبيوترات المحمولة أكثر القطع المستبدلة من قبل المستخدمين، نتيجة عمر البطارية المحدد بعدد عملية الشحن والتفريغ، وعادة ما يضطر المستخدم لاستبدالها كل عام أو عامين كحد أقصى.
وغاب عن السوق السورية في السنوات السابقة توفر الأنواع الأصلية من البطاريات والاعتماد على القطع المقلدة أو ما يسمى “copy”.
وأوضح أحد العاملين في شركة “المصري”، وهي أبرز الموردين للبطاريات والشواحن ومستلزمات الكمبيوترات في سوق “البحصة”، أن سوق البطاريات ومستلزمات الكمبيوترات شهد تحسنًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، نتيجة غياب قيود الاستيراد التي كانت مفروضة عليهم سابقًا.
التحسن شمل توفر أنواع بطاريات بنسخ أصلية، وأخرى مقلدة بمواصفات عالية (copy)، وهذا لم يكن مسموحًا في السابق نتيجة القيود، إضافة إلى الرسوم الجمركية التي جعلت من سعرها مرتفعًا جدًا، ولا يتناسب مع قدرة المستهلكين في سوريا.
وبحسب العامل في شركة “المصري”، انخفضت أسعار البطاريات ومستلزمات الكمبيوترات إلى ما يقارب 50%، وباتت الأنواع الجديدة تناسب دخل المستهلكين، وهذا الانخفاض جاء نتيجة انخفاض الرسوم الجمركية المفروضة على القطع، وأيضًا انخفاض أجور الشحن، إضافة إلى غياب السرقات التي كانت تتعرض لها مستودعات الشركة، وارتفاع قيمة الليرة السورية.
معوقات سابقة
تراجع سوق التكنولوجيا في سوريا خلال الـ14 عامًا الماضية، نتيجة القرارات والسياسات الاقتصادية التي كانت تنتهجها الحكومات في عهد النظام السابق، والتي وصفها صاحب شركة “سوميت” للتكنولوجيا، عماد عصفور، بسياسات “نهب التجار بشكل مبطن وقانوني”، إضافة إلى احتكار الكثير من المواد وفرض قيود على السوق، من قبل شركات وتجار مقربين وأصحاب مصالح مع النظام السابق.
وتمحورت المعوقات سابقًا بقوانين منع التعامل بغير الليرة السورية، ومنع استيراد كثير من الأجهزة، كأجهزة تسجيل الصوت المستخدمة من قبل طلاب الجامعيين والصحفيين، التي كانت بحاجة إلى موافقة أمنية من فرع الاتصالات.
قال عماد عصفور لعنب بلدي، “سابقًا كنا نحتاج لسجل تجاري، واعتماد بنكي، والأهم مراجعة مصرف سوريا المركزي، قبل إجراء أي خطوة، والذي بدوره يحدد لنا شجرة المواد المسموح للتجار باستيرادها، وكميتها”.
وأضاف أن الكثير من المواد لم تكن مطلوبة بشكل كبير في السوق، إذ يقوم التجار فيما بينهم بتجميع طلباتهم من المادة نفسها، ليتمكن أحدهم من استيرادها، و”أحيانًا نقوم باستيراد كميات فوق حاجة السوق، لتحقيق شروط المصرف المركزي ورئاسة مجلس الوزراء”.
وعانى التجار، بالإضافة إلى المعوقات الإدارية والمالية، من طول مدة وصول طلبات الشحن من البلد المستورد، نتيجة تحكم عناصر المنافذ الحدودية بدخول الشاحنات، وأيضًا احتكار الشحن من قبل شركات معينة، كانت تسعى دائمًا لمعرفة خلفية البضائع والشركات التي يتم الاستيراد منها، في محاولة للسيطرة على الاستيراد بشكل كامل، بحسب ما قاله تجار لعنب بلدي.
وانخفضت مدة شحن البضائع من دبي إلى سوريا لتصل إلى شهر ونصف بالحد الأقصى بعد أن بلغت بين 4 و6 أشهر، وترافق الانخفاض مع دقة المواعيد.
عقوبات تكبّل القطاع التكنولوجي
يذكر موقع وزارة الخارجية الأمريكية، أن سوريا صنفت لأول مرة “كدولة راعية للإرهاب”، في كانون الثاني عام 1979، ترافق ذلك مع عقوبات، وأضيفت إليها عقوبات وقيود إضافية، في أيار 2004، مع إصدار “الأمر التنفيذي 13338” تنفيذًا لقانون “محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية” لعام 2003.
ورغم أن العقوبات تعود لسنوات طويلة مضت، جاء أبرزها وأكثرها وطأة في سوريا بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، وكانت الخطوة الأولى صدور الأمر التنفيذي “رقم 13572“، في نيسان من العام نفسه، الذي قضى بتجميد ممتلكات المسؤولين السوريين وغيرهم من المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك تلك المتعلقة بالقمع، إلى جانب عقوبات طالت قطاعات مختلفة منها قطاع التكنولوجيا.
وتضمّن السجل الفيدرالي (المجلد 89، العدد 110)، بأحدث نسخة منه في 6 من حزيران 2024، النسخة النهائية للعقوبات حول سوريا.
وحظرت الولايات المتحدة السماح بتقديم أي دعم مالي أو تكنولوجي للنظام المخلوع في سوريا، ولا يزال ذلك ساريًا حتى اليوم، بموجب سلسلة العقوبات التي أقرتها على مدار السنوات الماضية، وهو ما ذكّر فيه السجل الفيدرالي الأمريكي بنسخته النهائية.