وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن “رحيل البابا فرنسيس يمثل خسارة جسيمة للعالم أجمع، إذ كان صوتا للسلام والمحبة والرحمة”.
وأضاف في بيان نشره المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن “قداسة البابا فرنسيس كان شخصية عالمية استثنائية، كرس حياته لخدمة قيم السلام والعدالة، وعمل بلا كلل على تعزيز التسامح والتفاهم بين الأديان، وبناء جسور الحوار بين الشعوب”، مشيرا إلى أنه “كان مناصرا للقضية الفلسطينية، ومدافعا عن الحقوق المشروعة، وداعيا إلى إنهاء الصراعات وتحقيق سلام عادل ودائم”.
وقدم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، خالص تعازيه، وقال في رسالة عبر حسابه بمنصة “إكس”: “خالص التعازي وعميق المواساة للكاثوليك في العالم في وفاة قداسة البابا فرنسيس”.
ولاية البابا.. محطات مضيئة أبرزها وثيقة “الأخوة الإنسانية”
وأضاف: “كان رمزا عالميا للتسامح والمحبة والتضامن الإنساني ورفض الحروب، وعمل مع الإمارات لسنوات من أجل تكريس هذه القيم لمصلحة البشرية”.
في رسالة عزاء عبر حسابه على منصة “إكس”، قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: “ببالغ الحزن والأسى، تلقينا نبأ رحيل قداسة البابا فرنسيس، القائد العظيم الذي أثّر عطفه والتزامه بالسلام في حياة أعداد لا تُحصى. سيظل إرثه من التواضع والوحدة بين الأديان مصدر إلهام للعديد من المجتمعات حول العالم”.
الرئيس اللبناني جوزيف عون نعى البابا بكلمات مؤثرة، واعتبره “صديقا عزيزا ونصيرا قويا للبنان”، وأكد أن الراحل لطالما حمل لبنان في قلبه وصلواته، داعيا العالم إلى دعمه في أزماته، ووصفه بصوت العدالة والسلام ونصير المهمشين.
وعبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن بالغ حزنه، مؤكدا أن البابا فرنسيس كان “صديقا مخلصا للشعب الفلسطيني، لم يتوان عن الدعوة لحقوقه المشروعة ونصرة قضاياه في المحافل الدولية”.
كما قدم البيت الأبيض تعازيه، وكتب عبر منصة “إكس”: “ارقد بسلام البابا فرنسيس”، مرفقة منشورها بصور له مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس في مناسبتين منفصلتين.
وأعرب فانس عن حزنه لوفاة البابا، وكتب في بيان مقتضب: “علمت للتو بوفاة البابا فرنسيس. قلبي مع ملايين المسيحيين حول العالم الذين أحبوه”، مؤكدا “الاحترام الكبير الذي كان يحظى به داخل وخارج الكنيسة“.
البابا الإصلاحي الذي أنصت إلى المهمّشين
الفاتيكان-(أ ف ب) – وضع البابا فرنسيس الذي توفي الاثنين عن 88 عاما، قضية إعادة الكرامة الإنسانية للمستبعدين في قلب رسالته، فحظي بشعبية كبيرة بين المؤمنين، وإن واجه معارضة داخلية شرسة في المؤسسة الكنسية بسبب إصلاحات ومواقف جريئة.
تمّيز هذا اليسوعي الأرجنتيني، وهو من محبي كرة القدم والتانغو، بالعفوية والحيوية لكن أيضا بإدارة اعتُبرت أحيانا شخصية للغاية، وهو ما عرّضه لانتقادات.
حتى أنه أقرّ هو نفسه في كتاب ضمّ حوارات له مع أشخاص مستضعفين من حول العالم نُشر عام 2022 قائلا “أنا عصبي، غير صبور (…) أحيانا أتخذ قرارات على عجل”.
سعى هذا “الحالم” الذي اعترف بأنه “يغفو أحيانا أثناء الصلاة”، بلا كلل إلى تحقيق هدفه الرئيسي: إصلاح الكنيسة الكاثوليكية لجعلها أكثر اهتماما بالفقراء والمهمشين.
وقال عند انتخابه عام 2013 موضحا اختيار اسمه الكهنوتي تيمنا بالقديس فرنسيس الأسيزي الذي كان نصيرا للفقراء والمهمشين، “كم أرغب في كنيسة فقيرة، للفقراء”.
وكان فرنسيس، وهو أول بابا يتحدّر من أميركا اللاتينية، أيضا من أشدّ منتقدي الليبرالية الجديدة وقد ركّز رسالته على الدعوة الى العدالة الاجتماعية والبيئة والدفاع عن المهاجرين الهاربين من الحروب والفقر.
ويقول روبرتو ريغولي، الأستاذ في الجامعة الغريغورية البابوية في روما، “البابا أشرك الكنيسة في قضايا كانت في قلب الديموقراطيات الغربية، مثل البيئة والتعليم والقانون”.
– أسلوب غير عادي –
في روما، نظر البعض الى الأسلوب غير المألوف لفرنسيس الذي فضّل السكن في شقة صغيرة في دار الضيافة في الفاتيكان على القصر الرسولي، وكان يدعو بانتظام مشردين وسجناء إلى طاولته، على أنه ثورة أو تمرد، معتبرين أنه أعطى الموقع طابعا أقلّ رسمية.
كان البابا فرنسيس يعبّر عن مشاعره لمن يلتقيهم … وحتى أثناء جائحة كوفيد أو أثناء جلوسه على كرسيه المتحرك، لم يرفض المصافحة أبدا.
وكان لتمنياته السنوية للكرادلة الرئيسيين في مجمع الكرادلة (حكومة الفاتيكان)، تأثير مدوّ عام 2014 عندما عدّد فرنسيس 15 “مرضا” يصيب الأساقفة، بما فيها “الألزهايمر الروحي” و”التحجّر العقلي”.
وذهب معارضوه المحافظون إلى حدّ اتهامه بـ”الهرطقة” لانفتاحه على الأشخاص الذين تزوّجوا مجددا بعد طلاقهم والسماح لهم بتناول القربان المقدس.
كما أن تصريحاته التي اعتبرت في بعض الأحيان متسامحة جدا تجاه استقبال المثليين جنسيا في الكنيسة، جعلته عرضة للانتقادات الحادة كما كانت الحال عندما أتاح تبريك الأزواج المثليين في نهاية 2023.
ورغم أنه غالبا ما كان يُعد تقدميا في الشؤون الاجتماعية، لم يخرج فرنسيس بشكل جذري عن العقيدة التقليدية.
فقد وافق على مذكرة للفاتيكان تعتبر المثلية الجنسية “خطيئة” وتسبّب بصدمة في العام 2024 باستخدام مصطلح إيطالي مبتذل ومهين تجاه المثليين، ونصح المثليين الذين يريدون أن يصبحوا كهنة بالذهاب لرؤية “طبيب نفساني”.
كما عبّر بانتظام عن رفضه للإجهاض، وقارن هذه الممارسة باللجوء إلى “قاتل محترف”، وكرّر أن الأسرة تتكوّن من أب وأم.
في شباط/فبراير 2020، أغلق البابا فرنسيس الباب أمام الكهنة المتزوجين والشمامسة النساء في منطقة الأمازون، ما هدأ غضب التقليديين، لكنه خيب آمال التقدميين الذين كانوا ينتظرون تغييرا تاريخيا.
على الساحة الدولية، أعلن نفوره من تجار السلاح والحروب، لكن صوته لم يلق آذانا صاغية. ذهبت دعواته التي لا تعدّ ولا تحصى من أجل السلام في أوكرانيا أدراج الرياح، وهو عجز جعله حتى يذرف الدموع في كانون الأول/ديسمبر 2022.
دعا الى وقف الحرب في قطاع غزة، وأظهر تعاطفا مع الضحايا المدنيين. وفي ظهوره الأخير في عيد الفصح، ندّد في كلمة تلاها أحد مساعديه بـ”وضع مأساوي مخجل” في قطاع غزة، محذّرا في الوقت ذاته من “تنامي جو معاداة السامية الذي ينتشر في جميع أنحاء العالم”.
وقال “أدعو الأطراف المتحاربة إلى أن يوقفوا إطلاق النار ويطلقوا سراح الرهائن، ويقدّموا المساعدات للشعب الجائع والذي يتطلّع إلى مستقبل سلام”.
في الشرق الأوسط، برز كرجل حوار بين الأديان.