الحَجرُ على مستوى العالم تسبّب بتسجيلِ الإثنينِ الاسود في الولايات المتحدة الاميركية حيث كان برميل النفط الخام ” ع قفا مين يشيل”
فالذهبُ الأسودُ اغتاله إثنين أشدُّ سوادًا وأصبح دونالد ترامب على ناصيةِ السوق ينادي ” يا نِفط مين يشتريك”
خذوا نِفطَنا لنتخلّصَ منه بعدما امتلأت خزاناتُ تكساس بحمولةٍ زائدة .. والعقود الآجلة ” جابت أجل ” حامليها
وهذا الانهيار في سوق الخام الاميركية من شأنه ان ينعكس زيادةً في الاختلال الذي يتمتع به ترامب وربما تعكِسُه طلبات زائدة تُفرض على زعماء الخليج.
وبتقليد للاسلوب الاميركي المختل في ارتكاب الجرائم ..جرائم لاتنتهي للشركاء
أزمة التخزين في الولايات المتحدة
خلل التوازن في السوق طوال الفترة الماضية أنتج تراكماً يومياً من المخزون غير المباع، قدّرته وكالة الطاقة الدوليّة بنحو 12 مليون برميل يوميّاً. ثمّة إشكاليّة كبرى هنا، فالشركات المنتجة لا تستطيع إيقاف العمل في الحقول التي تستثمرها، على رغم خسائرها جرّاء انخفاض سعر النفط، كون إيقاف العمل في هذه الحقول سيرتّب خسائر أكبر من خسائر تدنّي الأسعار. ولذلك، بدأ الفائض المتراكم من الإنتاج النفطي يضغط تدريجاً على المخازن العائمة في البحار ومراكز التخزين على اليابسة، وهو ما شكّل مقدّمة للانهيار الذي حصل في الأسواق.
في مركز تسليم النفط الخام في كوشينج في ولاية أوكلاهوما، بلغ حجم المخزونات نحو 55 مليون برميل، بينما بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق نحو 69 مليون برميل من النفط. بمعنى آخر، تبقّى لمراكز التسليم نحو14 مليون برميل قبل الوصول إلى مستوياتها القياسيّة، وهي مستويات ستصل إليها خلال فترة ثلاثة أسابيع، بحسب وتيرة الارتفاع الحاليّة. ومع وصول مراكز التخزين الاستراتيجيّة في الولايات المتحدة إلى مرحلة تلامس التخمة، تزايد الضغط لبيع النفط الخام بأي سعر.
وهكذا، بدأ الضغط بقوّة على عقود خام غرب تكساس تسليم شهر أيّار، خصوصاً مع اقتراب انتهاء صلاحية هذه العقود (الثلاثاء 21 نيسان). وفي ظل الضغط على مراكز التخزين، بدأ المستثمرون حرق أسعار هذه العقود للتخلّص منها قبل يوم الثلاثاء، وهو ما أدى إلى الانهيار الكبير في أسعار هذه العقود تحديداً. وعملياً، يفسّر هذا الشرح للموضوع عدم وصول عقود أخرى لخام غرب تكساس (بمواعيد تسليم أخرى) إلى المستويات السلبيّة ذاتها التي وصلت إليها عقود الخام الآجلة تسليم شهر أيار.
عانت أسعار النفط في أماكن أخرى من العالم من الأزمة ذاتها، في كل ما يتعلّق بارتفاع مستويات المخزون واستمرار الإنتاج وفي المقابل انخفاض الطلب. لكنّ الأزمة لم تتجلَّ في أماكن كثيرة، بظاهرة الأسعار السلبيّة ذاتها التي شهدتها أسعار الخام الأميركي، لعدم وصول مراكز التخزين بعد إلى حالة تلامس التخمة كحالة المخزون الأميركي. لكنّ استمرار العوامل الضاغطة نفسها، ينذر بظواهر شبيهة. فعلى سبيل المثال، ما زال خام برنت يشهد مساره الانحداري، حيث بلغ أخيراً مستوى 21.47 دولار للبرميل، وهو ما يعني خسارته لأكثر من 60 في المئة من سعره منذ بداية العام.
وتكثر الأسئلة على هذه النحو، لكنّ المسألة في النهاية ستقف عند حدود سؤال واحد: كم سيستمر الوضع على هذا النحو في السوق النفطية؟ سيحيلنا السؤال إلى سؤال آخر عن مستقبل أزمة “كورونا”، وهذا ما لا تمكن الإجابة عنه بمؤشّرات الاقتصاد المعروفة. فمهما اتفقت الدول على تقليص إنتاجها، ستحتاج دوماً على إبقاء هامش من الإنتاج للحفاظ على حقولها على قيد الحياة طالما أن كلفة إقفال الحقول مؤلمة على المدى الأطول. وبالتالي، بالعامل الحاسم سيبقى عامل الطلب على النفط هو الأبرز، وهو ما يتوقّف على مستقبل أزمة وباء “كورونا”.