الحكومة اللبنانية
صدّقت الحكومة اللبنانية بالإجماع، الخميس 30 أبريل/نيسان 2020، على خطة إنقاذ اقتصادي، في خطوة تعول عليها لانتشال الاقتصاد المحلي من مستويات تراجع حادة، أفضت إلى عجز البلاد عن دفع الديون الخارجية وسط تواصل الاحتجاجات الشعبية.
حساب الرئاسة اللبنانية أورد في تغريدة مقتضبة على حسابه الرسمي على موقع “تويتر” أن “مجلس الوزراء وافق بالإجماع على الخطة الاقتصادية بعد إدخال تعديلات طفيفة على الصيغة المقترحة”، من دون أي تفاصيل إضافية، في انتظار أن يلقي رئيس الحكومة حسان دياب كلمة عصراً.
احتجاجات غاضبة في لبنان: وجاء القرار بعد ثلاثة أيام متتالية نزل فيها مئات المتظاهرين إلى الشوارع احتجاجاً على تدني الأوضاع المعيشية وفقدانهم مصادر رزقهم وغياب أي أفق حل للأزمة الاقتصادية.
كما حصلت مواجهات بين المتظاهرين وبين وحدات من الجيش، خصوصاً بمدينة طرابلس شمالاً بعد أن وجه رئيس الحكومة، حسان دياب، تحذيرات، واتهامات بوجود “خطة خبيثة” تدعم التظاهرات، ولوَّح بكشف أسماء “المحرضين”.
ففي مدينة صيدا بجنوب البلاد، نفذ محتجون وقفة احتجاجية أمام فرع مصرف لبنان، واعتلى عشرات منهم البوابة الحديديّة للمصرف، وسط هتافات تندد بالسياسات المالية، وتطالب باسترجاع الأموال المنهوبة.
خطة اقتصادية للخروج من الأزمة: منذ تشكيل الحكومة اللبنانية بداية العام الحالي، تعمل الحكومة برئاسة حسان دياب على وضع خطة إنقاذ اقتصادية تتضمن إصلاحات ضرورية وإعادة هيكلة الديون المتراكمة.
فيما نشرت وكالة الأنباء الفرنسية تسريبات عن نسخة أولية من الخطة وأثارت انتقادات كثيرة، تقدّر الحكومة حاجة لبنان اليوم إلى أكثر من 80 مليار دولار للخروج من الأزمة والنهوض بالاقتصاد، ضمنها ما بين 10 إلى 15 مليار دولار على شكل دعم خارجي خلال السنوات الخمس المقبلة.
فيما تأمل الحكومة بإقناع المجتمع الدولي الذي اشترط عليها القيام بإصلاحات “سريعة وفعالة” لتقديم أي مساعدة مالية، أبرزها 11 مليار دولار أقرّها مؤتمر “سيدر” في العام 2018 لهذا البلد الصغير المنهك بسنوات من الأزمات السياسية المتتالية وعقود من الفساد.
في اعتبر دياب في مستهل جلسة الحكومة أنه “بإقرار الخطة الاقتصادية نكون قد وضعنا القطار على السكة، وقد أشبعناها درساً، لأنها ستحدد مسار الدولة لإصلاح الواقع”، مشيراً إلى أهميتها، حيث إنها “عمليّة وتتضمن رؤية اقتصادية لمستقبل لبنان”، بينما قال رئيس الجمهورية: “اليوم هو يوم تاريخي للبنان، لأنه للمرة الأولى تُقر خطة اقتصادية مالية”، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
إصابات في صفوف المتظاهرين: كما أسفرت المواجهات ليل الأربعاء، وفق الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، عن إصابة 42 شخصاً بجروح بينهم 19 عسكرياً، بعد مقتل شاب وجرح العشرات منذ ليل الإثنين.
علاء خضر (34 عاماً)، وهو موظف في منظمة غير حكومية وينتظر مولوداً جديداً، قال لوكالة الأنباء الفرنسية: “تراجعت قدرتي الشرائية إلى حد كبير، وبات راتبي بالكاد يكفيني مع عائلتي الصغيرة حتى آخر الشهر”.
أضاف الشاب المقيم في طرابلس: “على غرار الآلاف في لبنان، أشعر في كل لحظة أنني مهدد بخسارة عملي (..) ولا أتلقى دعماً من الدولة أو أي جهة أخرى”.
علاء لا يعلق آمالاً على خطة الحكومة، لأن “العبرة في تنفيذها”، مذكراً بأن الحكومات السابقة “وضعت خططاً كثيرة، لكن الوضع زاد تدهوراً وإفلاساً حتى بلغنا مرحلة باتت الحلول فيها شبه معدومة”.
أزمة هي الأسوأ منذ الحرب: والأزمة الاقتصادية الحالية تُعد الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، وهي وليدة سنوات من النمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية. ويعدّ لبنان من أكثر الدول مديونية في العالم، وتبلغ قيمة ديونه 92 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 170٪ من ناتجه المحلّي.
وفي مارس/آذار، أعلنت الحكومة التوقف عن سداد الديون الخارجية في إطار إعادة هيكلة شاملة للدين هدفها حماية احتياطات البلاد من العملة الأجنبية التي تراجعت خلال الأشهر الماضية بشكل كبير.