ناقشت صحف عربية الأزمة الاقتصادية في لبنان التي زادت حدتها على المواطنين مع إجراءات الإغلاق العام التي اتخذتها الحكومة لاحتواء تفشي وباء كورونا المستجد.
وشهدت مدن لبنانية مظاهرات غاضبة خلال الأيام الماضية بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية بعد تسجيل الليرة اللبنانية مزيدا من الهبوط أمام الدولار.
“خطأ منهجي وإعلامي”
وعلق يوسف صدقة، في الأخبار اللبنانية على الأوضاع بأنها “الخطأ الأساسي” في أداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وقال إن الخطأ الذي ارتكبه “خطأ منهجي وإعلامي، وذلك في إعلان التطمينات المتكررة عن ثبات سعر صرف الليرة، وعن الاحتياطيات المتوفرة في مصرف لبنان، وعن القدرة على السيطرة على سوق القطع. وقد أكد مسار الأحداث أن هذه التطمينات ذهبت مع الريح، وفقدت مصداقيتها، بينما كان عليه أن يقول الحقيقة ولو كانت مُرّة، ويصارح الرأي العام بالوضع المالي والنقدي”.
ويضيف الكاتب: “أما الخطأ الآخر الذي وقع فيه الحاكم، فهو دعم المصارف المتعثّرة، فقد أدى الدعم لأحد المصارف المهمة، والذي قام بمجازفات كبيرة في تركيا وأربيل بمئات الملايين من الدولارات، إلى طلب مصارف أخرى الدعم، وذلك على سبيل (الغيرة والدلع)، وهو ما حتّم على المصرف القيام بهندسات مالية، دفع ثمنها من احتياطياته أكثر من 4 مليارات دولار.”
وتوصل إلى نتيجة وهي أن “المواطنين الذين أودعوا أموالهم في المصارف لا يتحملون مسؤولية مغامرات واستثمارات خطرة لبعض المصارف”.
ويرى رضوان السيد، في الشرق الأوسط اللندنية أن “وقف الانهيار يفترض وقف الهدر، والالتفات لتشجيع القطاعات المنكوبة بأزمة المصارف، والبحث عن مصادر للدعم في صندوق النقد الدولي والدول العربية ومشروع سيدر، الذي كان من المفروض أن يجلب خلال سنواتٍ قليلة 11 مليار دولار استثمارات ومشروعات إلى لبنان”.
ويتساءل الكاتب “إنما كيف يمكن وقف الهدر وزيادة الموارد ما دام المسيطرون على الحكومة هم الذين يتولون عمليات الهدر والسطو على المال العام في الطاقة وفي الجمارك بالمرفأ والمطار، وفي المعابر من سوريا وإليها، وفي التلاعب بالدولار. وهذا فضلاً عن التراجع في حجم الاقتصاد وازدياد الفقر والبطالة وسط إقفال كل شيء بسبب وباء كورونا”.
“نقمة حزب الله”
أما عبد الرؤوف سنّو، فيقول في اللواء اللبنانية ” إنّ الأوضاع المعيشية الاجتماعية والاقتصادية، وفي مقدّمها الجوع والحرمان والبطالة المرتفعة جداً…، وتدهور سعر صرف الليرة، والارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية تتحمّل مسؤوليتها الحكومة وحدها، كما سياسات مصرف لبنان وحاكمه، والذي أثار غضب ونقمة حزب الله، خاصة بعد العقوبات الأمريكية على الحزب، ومنذ قرارات سلامة الثلاثة الأخيرة، حول مَنْ يستحوذ على الدولار، وبالتالي استبداله بآخر موالياً (لحزب الله) لفرض هيمنته على نظام لبنان الليبرالي”.
ويرى الكاتب أن “إعادة الهدوء إلى الشارع اللبناني تتطلّب: معالجة حقيقية عاجلة لموضوع جوع اللبنانيين ومسألة البطالة، وإجراء تدقيق حقيقي لحسابات مصرف لبنان، بدلًا من توجيه الاتهامات جُزافاً له”.
وتقول مرح البقاعي، في العرب اللندنية: “تبدو حكومة حسان دياب عاجزة عن استيعاب هذا الغضب الشعبي بإصلاحات سريعة لضبط سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في مناخ من سوق صرافة يسيطر على حركته حزب الله بلا منازع… أما رئيس الحكومة فقد حمّل حاكم مصرف لبنان المركزي مسؤولية الهبوط التنازلي لقيمة العملة الوطنية “.
وتضيف الكاتبة: “يبدو أن الحكومة، ومن ورائها موقع الرئاسة اللبنانية، توجّه إصبع الاتهام حصرا إلى رياض سلامة، حاكم المصرف المركزي منذ عام 1993. تقديم سلامة كبش فداء قد يكون نتيجة مباشرة لأمرين لا ثالث لهما: الأول هو نقمة حزب الله عليه لأنه ساهم بحزم في إطباق القبضة الأمريكية على مصادر تمويل الحزب وتجفيف قدر كبير منها، والثاني تحميل فترة حكم سعد الحريري، حصرا، أوزار الحال التي وصلها المواطن اللبناني اليوم من ظروف العوز والتردي المعيشي وغياب الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الصحية لاسيما إثر انتشار فيروس كوفيد -19”.
“المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية”
ويقول عبد الباري عطوان، في رأي اليوم اللندنية إن ما يمكن فهمه من تصريحات مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط “أن قوة السيد رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان، لا تعود إلى دعم بعض القوى والأحزاب اللبنانيّة الطائفية الفاسدة، وإنما من الولايات المتحدة الأمريكية مباشرةً التي تعاون معها لتضييق الخناق المالي على حزب الله، وإغلاق جميع حساباته والمقربين منه بحجة دعم الإرهاب”.
ويضيف الكاتب: “لا نعتقد أن هذه المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية ستمر، وستنجح في تحقيق أهدافها، رغم القوى الداعمة لها من داخل لبنان وخارجه، لأن المقاومة أقوى من أي وقت مضى، وانتصرت في جميع مواجهاتها المسلحة الأخيرة مع العدو الإسرائيلي، وأدارت، وتدير الأزمة، سواء داخل لبنان أو المنطقة، بكفاءة عالية، عنوانها الحوار وضبط النفس”.