قبل موعد آذان الفجر بقليل خلال شهر رمضان يرى سكان مدينة صغيرة في غزة أضواء تتلألأ ويسمعون نقراً على طبلة في الحواري.
إنه المسحراتي سليم أبو فول، الذي يتحدى المخاوف ذات الصلة بمرض «كوفيد – 19». الذي يسببه فيروس كورونا المستجد، من أجل المحافظة على تقليد رمضاني قديم خاص بإيقاظ الناس لتناول السحور قبل الفجر خلال شهر الصوم.
وبحسب وكالة «رويترز» للأنباء، فقد اختفى المسحراتي إلى حد كبير هذا العام بسبب القيود المفروضة في العالم لاحتواء فيروس كورونا.
لكن أبو فول (43 عاماً) يتمسك بالمحافظة على أجواء شهر الصوم غير عابئ بالمخاطر، وقال لتلفزيون «رويترز» إنه رغم القيود المفروضة بسبب فيروس كورونا فإنه يصر على ممارسة عمله الذي يجعل الناس يشعرون بالأجواء الرمضانية المبهجة.
وطوّر أبو فول الكلمات التي يرددها مع النقر على طبلته لإيقاظ الناس وأصبح ينصحهم بغسل أيديهم وحماية أنفسهم من المرض.
وأضاف أبو فول: «يا كورونا هجرتينا وعن الجوامع بعدتينا، سيبينا بحالنا سيبينا».
وعلى غرار أبو فول لكن في القدس الشرقية يتطوع شابان فلسطينيان للقيام بدور المسحراتي خلال رمضان الحالي في منطقة باب حُطة.
ويخرج زكريا نجيب (16 عاماً) ومصطفى عبد اللطيف (17 عاماً) وينشدان معاً بشكل منسق وهما يمران معاً في حارات وأزقة خالية لإيقاظ الناس لتناول سحورهم.
وقال زكريا نجيب: «هذه السنة فرقت كثيراً عن السنة الماضية، بسبب كورونا، ولذلك فقد قررت أنا وزميلي التطوع لإيقاظ الناس لتناول السحور».
وأضاف رفيقه مصطفى عبد اللطيف: «نتخذ بالطبع إجراءات الأمان اللازمة للوقاية من الفيروس، فنحن نبتعد عن الناس قدر الإمكان ونرتدي الكمامات، وفي النهاية فإن الحماية تأتي من رب العالمين».
ويعود تقليد المسحراتي إلى العصر العثماني، عندما كان الناس يتجولون في الشوارع وهم يقرعون الطبول ويرددون أناشيد تحمد الله وتثني على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وسجلت الأراضي الفلسطينية والقدس الشرقية 543 حالة إصابة بمرض «كوفيد – 19» حتى الآن مع أربع حالات وفاة وفقاً لأحدث الأرقام.
طقوس رمضان «جدة التاريخية» في حكم ساعات التجول
ليست كل الحياة التي اعتادتها «جدة التاريخية» أو ما تعرف بـ«البلد» بين أهالي مدينة جدة السعودية، لكنها أخذت نهاراً طقوس رمضان، بعد الرفع الجزئي عن منع التجول في معظم مدن السعودية ضمن احترازات مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد.
ساعات النهار التي يلتزم فيها زوار وباعة «جدة التاريخية» بالإجراءات الاحترازية بدت ظاهرة ومعاشة خلال جولة لـ«الشرق الأوسط»، وتحمل أجواء رمضان في منطقة وسط البلد بمدينة جدة أجواء خاصة بها؛ إذ اعتاد العامة التوجه إلى الأسواق في المنطقة التاريخية التي تضم حدود المدينة القديمة، بما فيها من أسواق. ويحرص الجميع على الاستمتاع بأجواء رمضان، والاستعداد في الوقت نفسه لابتياع مستلزمات عيد الفطر، الذي يعد مناسبة مهمة للمسلمين، من خلال شراء الملابس الجديدة والعطورات وهدايا العيد، ولا سيما الحلوى.
وفي رمضان الحالي المتزامن مع حدوث جائحة كورونا، حرصت أعداد ليست بالقليلة من السكان على ممارسة الحياة الاعتيادية في رمضان، لكن في وضح النهار من التاسعة صباحاً وحتى ما قبل الخامسة عصراً بالتوقيت المحلي.
ورغم التعطش من الجميع للعودة إلى الوضع الطبيعي للحياة، فإن الحذر كان محيطاً بالأجواء، وحرص معظم المتسوقين على اتخاذ الاحترازات العامة لمكافحة انتقال عدوى الفيروس، تضمنت ارتداء الكمامات والقفازات، والتباعد قدر الإمكان عن بعضهم. وكانت الملابس هي الأكثر طلباً بحسب، ما ذكره عدد من المتسوقين لـ«الشرق الأوسط».
ومن ضمن الطقوس التي اعتادت أن تعيشها منطقة وسط البلد بجدة، هي الجلسات الجماعية واللقاءات العامة في المواقع المحاذية للأسواق، وكذلك وسط الحارات القديمة للمنطقة. إلا أنه مع الإجراءات والاحترازات المفروضة من الجهات المعنية في السعودية، تقلصت مثل هذه التجمعات إلا من بعض اللقاءات السريعة في تجمعات قليلة فترة عصر كل يوم، للاستشعار بطقوس رمضان في ظل الوباء العالمي.