يدعو قرار من سبع صفحات توصلت له عدة دول إلى شن تحقيق دولي في أصل تفشي فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض “كوفيد-19″، لكن ليس بأقوى صيغة، كما تقول مجلة The National Interest الأمريكية.
إذ يطالب القرار بحذر ملحوظ منظمة الصحة العالمية بـ”الشروع، في أقرب فرصة وبالتشاور مع الدول الأعضاء، في عملية مرحلية من التقييم الشامل والمستقل والموضوعي، ومن بين ذلك استخدام الآليات القائمة، على النحو الملائم، لمراجعة الخبرة المكتسبة والدروس المستفادة من استجابة أنظمة الصحة عالمياً بتنسيق من منظمة الصحة العالمية لكوفيد-19″.
وسينظر التحقيق على وجه التحديد في:
- فعالية الآليات المتاحة لمنظمة الصحة العالمية للتعامل مع الجوائح.
- أداء اللوائح الصحية الدولية -مجموعة قواعد متفق عليها عالمياً لمكافحة الأمراض عبر الحدود- وما إذا كانت التوصيات السابقة قد نُفِّذَت.
- مساهمات منظمة الصحة العالمية في جهود الأمم المتحدة لمكافحة الأمراض.
- الإجراءات المحددة التي اتخذتها منظمة الصحة العالمية والجدول الزمني للاستجابة للجائحة.
وسيطلب التحقيق أيضاً توصيات لتحسين مستوى الجاهزية والاستجابة للأوبئة في المستقبل، بما في ذلك تعزيز سلطات منظمة الصحة العالمية.
بيروقراطية الأمم المتحدة
أشاد بعض السياسيين ووسائل الإعلام بالقرار باعتباره يدعم دعوة أستراليا لإجراء تحقيق مستقل عميق واستقصائي، مع التركيز على دور الصين في احتواء الفاشية منذ بدايتها. لكن الصين وصفت هذا الادعاء بأنه “مزحة”.
إذاً، ما الذي يضيفه هذا القرار؟ وهل يُتوقَّع أن يخرج بنتائج ملموسة؟
يُعد هذا القرار مثالاً رائعاً على “اللغة البيروقراطية” مُحكمة الصياغة في الأمم المتحدة. وهي تنطوي على تعبيرات فضفاضة موجهة للجميع من دون أن تُلزِم أي شخص بالكثير. لكن يغرق في إسهابها بعض الجوانب المهمة التي تشير إلى كيفية المضي قدماً.
ويمكن لأستراليا أن تشعر بالارتياح، لأنه سيكون هناك “تقييم محايد ومستقل وشامل”. لكن هذا ليس بالضبط ما كانت تفكر فيه أستراليا؛ إذ يضع القرار مسألة بدء مثل هذا التحقيق في يد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، وهو نفسه هدف للانتقاد من الولايات المتحدة. وقد يكون التوقيت غامضاً، لكن من المتوقع صدور تقرير قيد الإعداد، الذي من المحتمل أن يتضمن تأخير التحقيق بالكامل، بعد عام من الآن.
وتقول العديد من الدول، بما في ذلك الصين وعدة دول أوروبية، إنَّ مثل هذا التحقيق مطلوب، لكن ليس الآن، فهي ترغب في السيطرة على الجائحة أولاً. لكن متى قد يكون الموعد المناسب؟ فمن المحتمل أن يزداد تفشي الجائحة، ويمكن أن تستمر لسنوات. وحتى إذا طُوِّر لقاح فعال، فإنَّ وصوله إلى شعوب العالم سيستغرق سنوات، وحتى يتلقى الجميع تطعيماتهم، فلن يكون أحد آمناً تماماً.
ومن المفترض أن تشعر أستراليا بالارتياح من بند آخر في القرار، الذي يدعو منظمة الصحة العالمية، وكذلك المنظمة العالمية لصحة الحيوان ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، لتحديد المصدر الحيواني للفيروس ومسار انتقاله إلى البشر. وأشار نائب رئيس الأطباء الأسترالي، بول كيلي، إلى أنَّ خطر هذه “الأمراض الحيوانية المنشأ” يمثل مصدر قلق كبيرٍ.
البحث في صِلات المرض وتقديم تعويضات
وخارج نطاق التقييم الأوسع لاستجابة منظمة الصحة العالمية للجائحة، ينبغي لأستراليا أن تدعم بنشاط دراسة متعمقة للصلات بين الأمراض الحيوانية والبشرية. ومن شأن تسهيل إجراء هذا التحقيق ودعمه بالموارد في ما يتعلق بـ”كوفيد-19″ -مما سيؤدي إلى توجيه مستنير للأدلة- أن يقدم مساهمة عالمية قوية.
إضافة إلى ذلك، يمكن لأستراليا وغيرها من الدول استمداد الرضا من بند في القرار يدعو جميع البلدان إلى تزويد منظمة الصحة العالمية بمعلومات “دقيقة ومفصلة بما فيه الكفاية وفي الوقت المناسب” حول جائحة كوفيد-19. إنَّ تحسين المحفزات للإبلاغ الفوري والمبكر عن المعلومات ذات الصلة -مثل عرض تقديم دعم مالي لتعويض أي قيود موصى بها على السفر أو التجارة- من شأنه أن يزيد من قوة اللوائح الصحية الدولية التي تضع الإطار لمثل هذه التحركات.
وعلى الرغم من كون الصين مصدر الجائحة، فإنَّ القرار لا يخص بالذكر الصين (أو أي بلد آخر) لمساءلتها أو التحقيق معها. لكن بدلاً من ذلك، تشير العديد من بنود القرار إلى “السياق الوطني”، وهو لفظ شائع الاستخدام ضمن اللغة الدبلوماسية التي تتستر على الخلافات السياسية.
الدور المتوقع لمنظمة الصحة العالمية
يعرض القرار عناصر مهمة، ويعزز كذلك القيم المهمة المتمثلة في: الموازنة بين تدابير الصحة العامة إلى جانب حقوق الإنسان والاهتمامات الاقتصادية، وشفافية المعلومات، والتضامن مع الأشخاص الأكثر تضرراً مع التركيز على الأكثر ضعفاً، ودعم العاملين الصحيين، والإنصاف العالمي في الحصول على الفحوصات ومعدات الوقاية الشخصية وفي النهاية اللقاح.
وينبغي دعم منظمة الصحة العالمية وتعزيز القدرة على تقييم عملها الحيوي والتغلب على نقاط الضعف في الاستجابات للأوبئة الحالية والسابقة. ويجب أن تُزوَّد بموارد أفضل ويكون هيكلها أكثر تنظيماً وتتمتع باحترام أكبر حتى تتمكن من الاضطلاع بالأدوار التي نتوقعها ونطلبها منها.
مزيج الأدوية الذي قد يساعدنا في هزيمة كوفيد-19
في هذا الموضوع، يتحدث الطبيب جون رايت، بمستشفى برادفورد الملكي في بريطانيا، عن بعض التجارب الجارية بغية التوصل إلى علاج لكوفيد-19، مرجحا أن الحل قد يكمن في مزيج من ثلاثة أنواع مختلفة من الأدوية.