لا تزال أعمال الفنان الروسي إيفان أيفازوفسكي (1817 – 1900م) محط اهتمام كبير في أوساط عشاق تجميع اللوحات الفنية النادرة والتحف التاريخية. وتأكد هذا الاهتمام مجدداً خلال مزاد «Sotheby’s» الروسي أخيراً، الذي كانت بين معروضاته لوحة «خليج نابولي» التي رسمها أيفازوفسكي عام 1842، خلال مرحلة إقامته في إيطاليا. وتم طرح اللوحة بسعر أولي 800 ألف جنيه إسترليني، وتوقع القائمون على المزاد أن تحصل على سعر بحدود 1.2 مليون جنيه، إلا أن «عروض السعر» أخذت ترتفع بسرعة مع بداية المزاد، وفي النهاية تم بيع اللوحة لأعلى عرض سعر، بقيمة 2.295 مليون جنيه إسترليني، أي أقل بقليل من 3 ملايين دولار.
واشتهر أيفازوفسكي بلوحاته البحرية، التي تشكل أكثر من نصف أعماله، ويُعد من أعظم رسامي البحر، في كل العصور. ويبدو أن أعماله الفنية عكست تأثره بجمال الطبيعة في موطنه جزيرة القرم على البحر الأسود، حيث رسم الكثير من المشاهد البحرية من القرم. وفي إيطاليا التي وصلها ضمن مجموعة رسامين روس لمواصلة التعليم في أكاديمية الفنون، كان جمال الطبيعة، لا سيما البحرية مصدر إلهام كبير له حيث رسم هناك 50 لوحة شهيرة، بينها «خليج نابولي». وشاركت لوحاته حينها في عدد كبير من المعارض في روما ونابولي، أثارت جميعها اهتماماً كبيراً. وقال نقاد فنيون في تلك المرحلة إن أحداً قبل أيفازوفسكي لم يتمكن من إظهار الإضاءة والهواء وسطح الماء بهذا الشكل الواضح، والذي يعكس بصدق وعمق جمال المنظر الطبيعي.
وهذا التقييم لمكانته الفنية عالمياً، يظهر جلياً في لوحته «خليج نابولي»، التي تبدو نابضة بالحياة، وتترك لدى الناظر إليها باقة متنوعة من الانطباعات الحسية الإيجابية، لعل أهمها الشعور بحركة هادئة ورقيقة بشكل غير طبيعي، تظهر في اللوحة. وقال نُقاد فنيون عن «خليج نابولي»، إنها «تقدم خليجاً مليئاً بصبغات فاخرة من الألوان الصامتة.
وتمكن الفنان فيها من بناء منظر طبيعي مفعم بسحر عميق. لوحة تم اختيار الظلال فيها بطريقة لا تشوبها شائبة، وتناغم خيالي في دمج التحولات المرئية لتفاصيل صورة الخليج بريشة أيفازوفسكي».