أصبح سكان قرية تيتيرانجي، الموجودة في غرب مدينة أوكلاند النيوزيلاندية مهددين بخطر جديد، يتمثل في “الدجاج الوحشي”، الذي أصبح يمثل “بلاءً” لا يقل خطورة وإزعاجاً عن المشاكل الأخرى التي واجهت النيوزيلنديين في الفترة الأخيرة، فصوت “نقنقتها” وصياحها يحرم السكان من النوم، وتترك الأحياء وراءها محطَّمة، بل إن الطعام المتروك من أجلها يجذب فئراناً في حجم القط، إلى قرية مسالمة تمتلئ بها الخضرة ولا يؤرقها إلا هؤلاء الضيوف.
وفق تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 10 يونيو/حزيران 2020، فإن تدابير الإغلاق التي فرضتها نيوزيلندا لوقف انتشار مرض كوفيد-19، والتي نجحت في هزيمة الفيروس، حملت نتيجة غير مقصودة، متمثّلة في عودة ظهور بلاء من نوع آخر، ويخلو من الضفادع والجراد، لكنه يتعلق بانتشار الدجاج الوحشي.
كابوس لم ينتهِ بعد: فقد خرج سكان ضاحية تيتيرانجي، التي تضم أقل من 4 آلاف شخص وحوالي 20 إلى 30 دجاجة وحشية، من الإغلاق المفروض في نيوزيلندا بسبب فيروس كورونا ليجدوا أن الكابوس الذي اعتقدوا أنهم استيقظوا منه لم ينته بعد، فالدجاج الوحشي الذي عمل مقاولو المجلس على جمعه برفق وإعادة تدجينه، منذ أن ارتفعت الأعداد في عام 2019، تضاعف عدده خلال الإغلاق.
جريج بريسلاند، رئيس مجلس المجتمع المحلي لمنطقة وايتاكيري رينجز، المكلف بالتعامل مع هذه المشكلة قال: “إنها تعيد إثارة الانقسامات القديمة في القرية”، وقد عانى بريسلاند من هذه المشكلة منذ وقت طويل.
يضيف المتحدث ذاته أن 15 دجاجة شغلت مساحة 50 متراً من منزله، موضحاً أن المشكلة بدأت في 2008، عندما أطلق أحد السكان دجاجتين منزليتين في القرية، فصارت وحشية غير داجنة.
هذا، وقد ارتفعت أعداد السرب في السنوات اللاحقة، لتصل إلى 250 دجاجة في 2019.
في الوقت الذي يقول فيه بعض سكان تيتيرانجي على مواقع التواصل الاجتماعي إن الدجاج يضفي على القرية شخصية جذابة وآسرة، يرى آخرون أن الأمر أشبه بأحد أفلام الرعب التي يخرجها المخرج ستيفن كينج.
فئران في حجم القطط: بريسلاند يعتقد أنه “بسبب الحرمان من النوم ورؤية الدجاج يدمر الحي، كره الناس المدينة حقاً”، كما ذهب إلى أن الدجاج أضر أيضاً بجذور أشجار الكاوري، وهي شجرة مهددة بالانقراض، وموطنها نيوزيلندا.
لكن القشة التي قصمت ظهر البعير جاءت عندما انتشر الرعب بسبب انتشار فئران “في حجم القطط”، انجذبت بسبب الطعام المتروك للدجاج، حسبما قال بريسلاند. وحينها اتحد السكان أخيراً وقالوا إن الدجاج يجب أن يرحل.
وضع مقاولو المجلس شراكاً كبيرة من القش في أماكن مختلفة بالمدينة، استطاعت أن توقع بـ 230 دجاجة.
وهو الأمر الذي وصفه بريسلاند بأنه “تقنية صعبة للغاية، لأن السكان أرادوا التخلص منها، ولكن من دون إيذائها”.
كيف انتشرت؟ بعد عملية اصطياد الدجاج، تبقت 10 منها، ثم استطاعوا اصطياد 8 دجاجات قبل بدء الإغلاق لإيقاف فيروس كورونا من الانتشار. ترك ذلك دجاجتين ماكرتين دون الإمساك بهما.
توقفت محاولات الإمساك بهما خلال الإغلاق، وعندما خرج سكان تيتيرانجي من الإغلاق عاد الدجاج بأعداد كبيرة.
سوف تتضاعف في الوقت الحالي جهود اصطياد الدجاج، مع أن بعض سكان البلدة الغاضبين اقترحوا بدلاً من ذلك أن تُرسل إلى شركة دجاج مجمد محلية.
هذا، ويصرح بريسلاند بأن التخلص من الدجاج هو الحل المثالي، ولكن ما دام السكان المحليون يطعمون الدجاج، فلن يتوقف التهديد، قبل أن يضيف: “أعرف ماهيتها ولا يمكنني إيقافها. فقد حاولت”.
توصل فريق بحثي بريطاني إلى طريقة بسيطة ومنخفضة التكلفة تمكّن مربي الدواجن عند الاستماع إلى الكتاكيت من معرفة وجود مشكلة تعاني منها. وفي تربية الدجاج التجارية، تُربَّى آلاف الكتاكيت حديثة الفقس على دفعات. وخلال الدراسة جمع فريق من علماء رعاية الحيوانات والسلوك من جميع أنحاء المملكة المتحدة تسجيلات صوتية في 12 قطيعاً نموذجياً من 25 ألف كتكوت، ليخلصوا من تحليلها إلى طريقة سهلة وبسيطة أُعلن عنها أمس في دراسة نشرت بدورية «جورنال أوف رويال سوسيتي إنترفيس»، لمساعدة المزارع على فصل أصوات الاستغاثة عن الأصوات الأخرى.
والمعتاد أن الكتاكيت عندما تكون في وضع غير مريح، فإنها تصدر نداءات استغاثة عالية ومميزة، وفي هذه الدراسة أظهر الباحثون أنه يمكن تمييز هذه النداءات بوضوح عن الضوضاء الأخرى، مثل الأصوات المنتظمة في المزرعة وأصوات الآلات الزراعية المحيطة.
وتقول الدكتورة كاثرين هيربورن، المحاضرة في علم وظائف الأعضاء والسلوك بجامعة بليموث، والباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة بالتزامن مع نشر الدراسة: «الكتاكيت في أول يوم لها في الحظيرة، تصدر جميعها نداء استغاثة لأنها في محيط غريب، ولكن بعد ذلك تتعلم أين تجد الطعام والماء والاستقرار في هذا العالم الجديد، لذلك إذا كان المزارع لا يزال يسمع كثيراً من نداءات الاستغاثة بعد بضعة أيام، فقد تكون علامة على وجود شيء خاطئ. ومع إنتاج أكثر من 50 مليار طائر كل عام، فإن توفير أدوات التدخلات البسيطة في الوقت المناسب يمكن أن تكون له آثار كبيرة على الإنتاجية والجودة».
وتضيف لوسي آشر، أستاذة المعلوماتية لسلوك الحيوانات في جامعة نيوكاسل والباحثة المشاركة بالدراسة: «من خلال تحليل نداءات الاستغاثة التي تطلقها الكتاكيت في الأيام القليلة الأولى من حياتها، يبدو أننا قادرون على التنبؤ بالوزن المكتسب وعدد الوفيات في القطيع كله طوال الحياة، وهذا يعني أنه يمكن أن تكون لدينا أداة قوية للغاية لتوفير بيئة جيدة للدجاج».
وتضمنت الطريقة المستخدمة في البحث قياس «الطيف الإنتروبي» في البيئة الصوتية، حيث يشير هذا المصطلح علمياً إلى قياس درجة الاضطراب في النظام، وهي قيمة تصف كيف يمكن أن يختلف الصوت من ملاحظة نغمية واضحة إلى ضوضاء بيضاء خافته.