تذكِّرنا جائحة «كورونا» بحقيقة مؤلمة، وهي أنَّ الأمراض لا تعرف حدوداً، ولذلك فإننا لن ننجح في حماية شعوبنا ما لم نوحّد الجهود الدولية.
وقد خلَّفت هذه الجائحة الكثير من الخسائر وتسببت بمعاناة إنسانية كبيرة حول العالم. ويعمل الباحثون والعلماء بشكل دؤوب للتوصل إلى حلول لحماية الأرواح. لذلك، وتجسيداً لروح التضامن والتآزر، فقد التزمت دول مجموعة العشرين والدول المدعوة بتقديم ما يزيد على 21 مليار دولار أميركي لسد الفجوة التمويلية بشكلٍ عاجل ضمن الاستجابة العالمية لمواجهة الجائحة، وتأتي هذه التبرعات لدعم مثل هذه الجهود وتقديم أدوات للتشخيص واللقاحات والعلاجات وتعزيز البحث والتطوير بما يصب في مصلحة الجميع.
إنَّ مكافحة هذه الجائحة والتعامل مع آثارها المترابطة على المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية تأتي على قمة أولويات قادة مجموعة العشرين الذين التزموا «بذل الغالي والنفيس» للتصدي لهذه الجائحة العالمية وآثارها، إلى جانب تمكين الجهود العالمية للعمل جنباً إلى جنب مع المنظمات الدولية المعنية. كما يحرص أعضاء المجموعة على تقديم كل ما يلزم لدعم الجهود الإنسانية، من أجل تقوية نظم الرعاية الصحية حول العالم ولا سيما في الدول الفقيرة، وذلك لحماية الأرواح والفئات الأكثر عُرضة للخطر.
وقد تكلَّلت هذه الجهود بمبادرة لم يسبق لها مثيل عندما ضخت دول المجموعة أكثر من تسعة تريليونات دولار أميركي في الاقتصاد العالمي، بهدف حماية الوظائف والأعمال التجارية والحفاظ على استقرار الأسواق العالمية، واتفقت على تفعيل خطة عمل لقيادة الدول نحو نمو اقتصادي مستدام. كما اتفق الأعضاء على خطة لتخفيف أعباء الديون المستحقة على الدول الفقيرة بقيمة 20 مليار دولار أميركي، من أجل تمكين هذه الدول من تركيز جهودها على مكافحة هذا الفيروس.
لكن لا يزال الهدف الأهم هو إيجاد لقاح لهذا الفيروس، حيث تعد اللقاحات من الركائز المهمة لبناء نظم صحية قوية وقادرة على الاستجابة، وهذه النظم ضرورية لضمان المرونة الصحية العالمية وحماية الشعوب من الجوائح في المستقبل. وسيؤدي استمرار العمل والمساهمات إلى توفير المزيد من الموارد اللازمة لتسريع تطوير حلول جديدة وضمان الوصول الشامل والمتكامل لها.
وتكمن أولويات مجموعة العشرين الأساسية في تطوير لقاحات وعلاجات وأدوات تشخيص جديدة في أقرب وقت ممكن، وعلى نطاق واسع حتى تكون متوفرة لمن يحتاج إليها. فقد التزم قادة مجموعة العشرين بسد الفجوة التمويلية الصحية الطارئة لتطوير اللقاحات، والعمل مع الشركاء بمن فيهم الرؤساء المشاركون في الاستجابة العالمية لفيروس «كورونا»، إلى جانب 50 دولة ومنظمة حول العالم، وهو ما نتج عنه سد هذه الفجوة.
وتتعاون الدول والمنظمات حول العالم لضمان عدم اقتصار العمل على تطوير هذه الأدوات، بل التأكد من أنها متوفرة بتكلفة ميسورة للجميع.
ويتوافق هذا المبدأ مع توجه مجموعة العشرين والتي تعمل كل ما في وسعها لحماية الفئات الضعيفة والدول الفقيرة وضمان تقديم الأدوات والمعدات الكافية للنظم الصحية والعاملين في الصفوف الأمامية -الذين يخاطرون بحياتهم بكل شجاعة- وتمكينهم من التصدي لهذه الحالة الصحية الطارئة، والتقليل من انتشار الفيروس ومساعدة المتضررين منه.
ولن تصل أي دولة إلى بر الأمان ما لم تتوفر لديها أدوات التشخيص والعلاجات واللقاحات، حيث تحرص المساعي الدولية على ضمان وصولها إلى كل شخص أو دولة أو منطقة.
ونتيجة لذلك، بدأ الكثير من الدول بتجاوز مرحلة الاستجابة لهذه الحالة الطارئة والانتقال إلى مرحلة التعافي الاقتصادي، وبناء المتانة العالمية لضمان توفر حماية أفضل في المستقبل؛ ولكن ما زال أمامنا الكثير لنقوم به، كما تقف رئاسة المملكة لمجموعة العشرين على أهبة الاستعداد للعمل يداً بيد مع شركائها الدوليين بشكل مشترك للحد والقضاء على الجائحة.
– وزير الدولة عضو مجلس الوزراء والشربا السعودي لمجموعة العشرين