فعن عُمرِ حكوماتٍ يوازي: جورج قرم فؤاد السنيورة إلياس سابا ديمانوس قطار جهاد ازعور محمد شطح ريا الحسن محمد الصفدي علي حسن خليل وغازي وزني قدّم المديرُ العامُّ لوزارةِ المالِ استقالتَه اليوم .. قافزًا من سفينةٍ شارفت الارتطامَ بجبلِ جليد. وعن عشَرةِ وزراءِ ماليةٍ عاصرَهم بيفاني منذ عامِ ألفينِ قرّر رجلٌ يُشرِفُ على صندوقٍ أسودَ أن يخرُجَ مِنَ المغارة لكنّه تركَ فيها أسرارَ علي بابا والاربعين حرامي فلماذا الآنَ ولأيِّ أسباب ؟ إستنادًا إلى مؤتمرِه الصِّحافيِّ فإنّ قُوى الظُلمةِ والظلام تكاتفت لإجهاضِ البَرنامَجِ الإنقاذيّ ومارست اوسعَ عمليةِ تضليلٍ لحمايةِ مصالحِها والصراعُ بات حادًا جداً بينَ أصحابِ المصالحِ وضحايا هذهِ المنظمومةِ الساعينَ للتغيير ونحن اليومَ مشرفونَ على مرحلةٍ جديدةٍ من الاستيلاءِ على أصولِ اللبنانيين بالمواربةِ معَ نتيجةٍ معروفةٍ مسبّقًا وهي سحقُ الطبقةِ غيرِ الميسورة وفَتحَ بيفاني أولَ طاقةٍ على أسبابِ الاستقالة لكنْ بالمواربةِ عندما قال إنّ مشكلتَهم معَ خُطةِ الحكومةِ أنّها طَرحت استعادةَ المالِ المنهوب وكَسَرت المحرّماتِ وبيّنت ضرورةَ القيام بالإصلاحاتِ في أقصى سرعة فيما المشكلةُ الأهمُّ هي أنها ولِدت يتيمةً ولم تَلقَ الدعم والجميعُ خَضعَ لخِطابٍ يَضعُ اللومَ على الدولة ولم يكن في مَضبطةِ بيفاني ما يَعيبُها فهو وُصفَ بالمسؤولِ الشجاعِ الذي فنّد الأسبابَ ورفضَ أن يشاركَ في حلولٍ على أكتافِ المودِعين وآثرَ تثبيتَ أرقامِه عن حجمِ الخَسائرِ وتبيانَ أنّها صَحيحة غيرَ أنّ بيفاني لم يمكنْه إقناعُ الناسِ والمودِعين من التوقيت بعدَ عِشرينَ عامَ خدمةٍ فعلية. وبعَقدينِ من الزمنِ الماليّ كان بيفاني شاهدًا على الأحرفِ الأولى مِن عصرِ الانهيار وعلى وضعِ الحَجرِ الأساسِ للأزَماتِ الماليةِ التي نحصُدُ تَبِعاتِها اليوم ظلّ مديرًا عامًا لبيتِ المال “بيدّين وبيتديّن ” وتوقيعُه فرضُ عيْنٍ على كلِّ ليرةٍ ودولار .
لا خلافَ معَ بيفاني في التوصيف لكنّ الاعوامَ العشرينَ ليست لمحةَ بصرٍ ولا يمكنُ أن تُختزلَ بضربةِ استقالة وأن يصدّقَ الناسُ أنّ ثورتَه اليومَ ما كانت لتتِمَّ عند أولِ لَغَمٍ ماليٍّ صادَفَ مسيرتَه وإذا كان المديرُ العامُّ لوِزارةِ المال قد قرّر كشفَ السوقِ الماليةِ السوداء فلماذا بقِيت رسائلُه مبطنةً ولم يُعلِنْ بالأسماءِ الثلاثيةِ كلَّ هذهِ المنظومة التي تسبّبت بالانهيار .. مَن هم ؟ إلى أيِّ صَنْفٍ بشريٍّ سياسيٍّ ينتمون ولماذا علينا كلبنيانين أن ” نتحزّر” وأن ننقّبَ عن أركانٍ خرّبت بيوتَنا . كلُّ حادثٍ صار حزورة ولغزًا ويستلزمُ صدورَ ملاحقِ تفسير ..ولكنّ الأسوأَ فيها أنّ تأخذَ شكلَ ” صاروخ ” على موكِبِ الرئيس سعد الحريري ..وأيضاً على اللبنانيين أن يُصدّقوا ويعيشوا إثارةَ المشهد. هي صواريخُ سياسيةٌ دقيقةٌ غلفّها الامنُ بروايةٍ أقربَ الى اختراعاتِ جمال الجراح الأمنيةِ العابرة ِللأليفافِ البصريةِ مِن فوقِ المتوسط .. او أنها تقليدٌ صاروخيٌّ لزهرةِ معراب التي تمكّنت مِن إنقاذِ الحكيم. رواياتٌ مقنّعة .. غيرُ مقنِعة .. ومسرحياتٌ هَزْليةٌ لبلادٍ دخلت في مرحلةِ التراجيديا السوداء .