الخلود حلمٌ مستحيل، لكن عندما نسمع بالمعمرين الذين يعيشون 100 سنة أو حتى 120 يصيبنا الذهول ونبدأ بالتساؤل عن السر وراء الاستمرار هذه المدة الطويلة. قد يُخَيَّل إلى البعض أن البشر هم أطول الكائنات عمراً، لكن حياة البشر تعدُّ قصيرةً نسبياً إذا ما قارناها ببعض الحيوانات، وقصيرةً جداً حين المقارنة ببعض الكائنات الأخرى.
لا تتفاجأ حين تعرف أن بعض الكائنات التي عاصرت الحرب العالمية الأولى لا تزال حيّة، بل إن بعضها عاصر الكثير من الأحداث القديمة التي يرجع عمرها إلى أكثر من 11 ألف عام، نسلّط الضوء على أبرزها فيما يلي
الإسفنج
غالباً ما ننسى أن الإسفنج حيوان، وتختلف تقديرات طول عمر الإسفنج قليلاً، لكنها غالباً ما تكون قرابة آلاف السنين. يعيش هذا الكائن على عمق يتراوح بين 325 إلى 6 آلاف و500 قدم تحت الماء في درجات حرارة شديدة البرودة.
تشير إحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة Aging Research Reviews إلى أن إسفنجة أعماق البحار من النوع Monorhaphis chuni عاشت حتى 11 ألف عام.
وبحسب دراسة أجريت في عام 2002 على إسفنج Anoxycalyx joubini الذي يعيش في القطب الجنوبي، فإن بإمكانه أن يعيش 15 ألف عام. حددت الدراسة نفسها أن Cinachyra Antarctica، التي لا تعيش تحت الماء بعمق مثل Anoxycalyx joubini ، يمكن أن تعيش حتى ألف و550 عاماً.
البطلينوس
مات مينغ -وهو من فصيلة حيوان البطلينوس- عن عمر يناهز 507 أعوام عندما حاول الباحثون نزع الصدفتين عنه في المياه الأيسلندية، علماً بأن العمر الافتراضي لهذا الفصيل يبلغ حوالي 225 عاماً.
وفي عام 2007، اعتُبر حيوان البطلينوس المستخرج من مياه القطب الشمالي الجليدية من أكثر الحيوانات عمراً في العالم، فقد أحصى باحثو المناخ في جامعة بانجور في المملكة المتحدة ما يساوي 405 حلقات نمو سنوية في أصداف محار البطلينوس المذكور.
وإذا أردنا تخيل الحقبة التي عاش فيها، فسنجد أنه عندما كان هذا الحيوان صغيراً، كان شكسبير يكتب أعظم مسرحياته وكان الإنجليز يؤسسون مستوطناتهم الأولى في الأمريكتين!
أسماك أعماق البحار
فيما يتعلق بالثدييات، يبدو أن الحيتان المقوسة الرأس هي أطول الثدييات عمراً؛ إذ تتجاوز فترة حياتها الـ 200 عام. وهذا منطقي؛ لأن الثدييات البحرية تعيش في المياه الباردة، إن البيئة الباردة تتسبب في انخفاض درجة حرارة الجسم، ما يعني بدوره بطء عملية التمثيل الغذائي وبالتالي تقليل الضرر الذي يلحق بالأنسجة ويميتها مع التقدم في السن.
كما أن سمك الروفي البرتقالي قد يعيش 175 عاماً وفقاً لكتاب Sexuality in Fishes.
السلاحف المعمرة
يبلغ متوسط عمر السلاحف 177 عاماً، وتعتبر واحدة من أطول الفقاريات عمراً على وجه الأرض. كان هارييت أحد أقدم ممثليهم المعروفين، وهو سلحفاة غالاباغوس ماتت بسبب قصور في القلب في عام 2006 عن عمر يناهز 175 عاماً في حديقة حيوانات يملكها الراحل ستيف إيروين.
أما اليوم، فإن أقدم حيوان بري معروف حالياً في العالم هو جوناثان، و هو سلحفاة ألدابرا العملاقة والتي أخذت تسميتها من جزيرة ألدابرا في المحيط الهندي ويبلغ عمره 183 عاماً ويعيش في أراضي قصر الحاكم في سانت هيلانة، وهي جزيرة قبالة غرب إفريقيا. دخلت هذه السلحفاة مؤخراً في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأقدم حيوان بري حي معروف.
قرش جزيرة جرينلاند
وفقاً لدراسة تستخدم اختبار الكربون المشع لعدسة العين، فإن الحد الأدنى لعمر سمكة قرش جرينلاند هو 272 عاماً، والحد الأقصى للعمر 392 عاماً. استنتج مؤلفو الدراسة أن قرش جرينلاند هو أطول أسماك الفقاريات عرفها الإنسان عمراً.
يعتبر سمك القرش “شبه مهدد” بسبب الانخفاض المحتمل في أعداده. يعيش قرش جرينلاند في مياه القطب الشمالي وشمال المحيط الأطلسي على أعماق يتراوح متوسطها بين 4 آلاف إلى أكثر من 7 آلاف قدم. ينمو هذا القرش ببطء حتى يصل طوله من 8 إلى 14 قدماً عند النضج. يبحث عن طعامه ويأكل مجموعة متنوعة من الأسماك والطيور.
محار جيوداك الضخم
من المعروف أن محار جيوداك الضخم الذي يعيش في المياه المالحة يحيا أكثر من 165 عاماً. يشهد المحار نمواً سريعاً خلال السنوات الأولى من حياته، حيث ينمو بمعدل يزيد على بوصة واحدة سنوياً في السنوات الأربع الأولى. يمكن أن ينمو جسم المحار، الذي يتميز بالرقبة الطويلة أو الشفاطات، إلى أكثر من 3 أقدام في الطول، بينما لا يزيد طول قشرته عادةً على 8 بوصات. موطن هذا النوع من المحار هو شمال غربي المحيط الهادئ من كاليفورنيا إلى ألاسكا.
زواحف تواتارا
تواتارا هم الأعضاء الوحيدون الباقون على قيد الحياة من النظام الذي ازدهر منذ نحو 200 مليون سنة، Sphenodontia. في الأساس، هم أحافير حية. تواتارا أيضاً من بين الفقاريات الأطول عمراً على وجه الأرض، حيث يعيش بعض الأفراد أكثر من 100 عام. توجد في نيوزيلندا فقط. تصل التواتارا إلى مرحلة النضج الجنسي بعد 10 إلى 20 عاماً وتستمر في النمو حتى سن 35 إلى 40 عاماً.
دودة لاميليبراشيا الأنبوبية
هذه الكائنات الملونة في أعماق البحار هي ديدان أنبوبية (Lamellibrachia luymesi) عُرف أنها تعيش بين 170 و250 عاماً. تعيش هذه الديدان الأنبوبية في قاع المحيط على طول فتحات تسرب الهيدروكربونات الباردة. تعتبر هذه الديدان فريدة من نوعها، لأنها تنمو ببطء طوال فترة حياتها بطول يزيد على 6 أقدام. تم العثور على هذا المخلوق بالمحيط الأطلسي ، خاصة في الأجزاء الضحلة من حوض خليج المكسيك.
قنفذ البحر الأحمر
يبلغ متوسط العمر المتوقع لقنفذ البحر الأحمر (Strongylocentrotus franciscanus) من 100 إلى أكثر من 200 عام. يوجد قنفذ البحر الأحمر في المحيط الهادئ فقط، وبشكل أساسي على طول الساحل الغربي لأمريكا الشمالية والساحل الشمالي لليابان.
يعيش قنفذ البحر الأحمر في المياه الضحلة وأحياناً الصخرية، ويتجنب المناطق شديدة التموج ويبقى بشكل أساسي من خط المد المنخفض وصولاً إلى 300 قدم.
قناديل البحر الخالدة
قد تكون أنواع قناديل البحر Turritopsis dohrnii هي الحيوان الوحيد في العالم الذي اكتشف بالفعل إكسير الشباب؛ نظراً إلى أنه قادر على الدوران من مرحلة البلوغ الناضج إلى مرحلة السلية المخاطية غير الناضجة والعودة مرة أخرى، فقد لا يكون هناك حد طبيعي لمدى عمره. تم العثور على أنواع Turritopsis dohrnii بشكل أساسي في البحر الأبيض المتوسط. حدد الباحثون مؤخراً قنديل البحر الخالد على أنه “متنقل ممتاز“، ملائم بشكل خاص للرحلات الطويلة على متن سفن الشحن.