وأعادت الجميع 38 عاماً إلى الوراء، حيث كان الاجتياح الإسرائيلي وقتذاك بوّابة قدوم بوارج وقوّات أطلسيّة الى بيروت، هي نفسها التي سُمّيت حينها “القوات المتعددة الجنسيّات”، والتي اكتملت أركانها بوصول السفينة العسكرية سان غيستو التابعة للبحريّة الإيطالية أوّل أمس الأحد، متقدّمة وصول وزير الدّفاع الإيطالي إلى بيروت على رأس وفد عسكريّ “رفيع المستوى”، ليلتحق بالوفود العسكرية البريطانية والفرنسية والأميركية.
مشهد “مريب” يطرح أكثر من علامة استفهام، خصوصاً بعدما كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، إنّ واشنطن كانت على علم بشحنة الأمونيوم في مرفأ بيروت منذ 4 سنوات، إضافة إلى السؤال الأهمّ “كيف دخلت شحنة الأمونيوم
إلى المرفأ وقوات اليونيفل تقوم بدوريّات مراقبة وتفتيش في المياه اللبنانية منذ البدء بتطبيق القرار 1701 ؟
تقارير غربيّة ومحليّة عديدة تكشّفت حتى الآن تكاد تُجمع على تورّط “إسرائيل” في جريمة التفجير، وتماهت معها جهات داخليّة تورّطت في تخزين الشُحنة في العنبر رقم 12 طيلة 6 سنوات،”بينهم مسؤولون أمنيّون ذوو أهميّة كبرى”-حسبما كشف المسؤول السابق عن مديريّة المخابرات الروسيّة جي آر يو الجنرال ستانيسلاف لونيف، والذي أكد أنّ “هؤلاء كانوا يوثّقون حينها كل ما يدخل إلى مرفأ بيروت منذ أوائل أيام “الثورة السورية” بالصور والملفات، وحتى بالفيديوهات المسجّلة، ويرسلونها بكلّ تفاصيلها إلى جهاز مخابرات خليجي، ومنه إلى الدولة العبريّة”- بحسب قوله.
لونيف الذي كشف عن معلوماته في سياق مقابلة مع صحيفة “روسيسكايا غازيتا” الروسيّة، أعرب عن قلقه البالغ إزاء ما يُحضّر للبنان “خلال أسابيع والأرجح نهاية شهر آب الحالي”- وفق إشارته..متوقفاً بريبة أمام حاملات الطائرات “التي لم تأت إلى هذا البلد من أجل المساعدات الإنسانيّة كما يزعمون، بل هذه المساعدات ما هي إلا غطاء يستترون به عما يريدون تنفيذه”، ليصل في حديثه إلى تأكيد أنّ كل هذا الحراك هو لأجل هدف واحد ..وهو حزبُ الله!
وإذ أفصح عن وثيقة وصفها ب”الخطيرة جداً” قال إنه يمتلكها ومتأكد من صدقيّة مضمونها، وتكشف عن قوة عسكرية كبيرة مؤلفة من أكثر من 2000 ضابط وجندي ناشطين بمهمّة وصفها ب “شديدة الخطورة”، لفت لونيف إلى أنّ الطائرات المسيّرة “الإسرائيلية” التي قال إنها تكاد لا تختفي من الأجواء اللبنانية على مدى 24 ساعة، هي في إطار رصد وتصوير أيّ تحرّك لعناصر حزب الله وقادته من شماله إلى جنوبه، ومعتبراً أنّ وضع المنطقة أصبح على أعلى جهوزية الاشتعال، “وهو بحاجة فقط للطّلقة الأولى”!
وفيما تشير مصادر أمنية لبنانية إلى أنّ الباخرة روزوس تمّ شراؤها من قِبل إحدى الدول الخليجية، مُبيّنة أنّ رئيس المخابرات السعودية في تلك الفترة بندر بن سلطان- الذي كانت الخطط وتدريب ودعم الميليشيات المسلحة في سورية تمرّ من خلاله وبرعايته، هو من رعى وصول الباخرة إلى مرفأ بيروت، بالتنسيق مع شخصيّات أمنية “رفيعة المستوى”، وحيث تؤكد المصادر إضافة ملف سفينة “لطف الله 2 ” إلى التحقيقات بانفجار المرفأ، التي ضُبطت حينذاك في مرفأ طرابلس محمّلة بالسلاح والذخيرة وكانت وُجهتها الميليشيات المسلحة في سورية، وتمّ سحبها إلى مرفأ بيروت، للتأكد فيما إذا كانت حمولتها قد تمّ تخزينها في العنبر رقم 12 أكد جوردان داف- كبير المحرّرين في موقع “قدامى المحاربين” –واستناداً إلى وثائق مثبتة، وقوف الاستخبارات “الإسرائيليّة” وراء شراء السفينة “وتوجيهها” إلى مرفأ بيروت تحديداً، موضحاً أنّه تمّ بيعها لرجل أعمال روسي يدعى ايغور غريشوشكين- وهو على علاقة وثيقة بالموساد “الإسرائيلي”، وكاشفاً أنّ عمليّة التفجير تمّت عبر صاروخ “نووي تكتيكي” صغير الحجم!
للمفارقة.. فإنّ واقعة تفجير مرفأ بيروت ـ إن صحّت تلك الفرضيّة، باستخدام هذا الصاروخ ـ تشبه إلى حدّ بعيد عمليّة اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، حيث كشف جون بيركنز حينها،-وهو أحد كبار المسؤولين السابقين في وكالة الإستخبارات الأميركية ـ أنّ عمليّة اغتيال الحريري تمّت عبر صاروخ صغير الحجم يحتوي على الأورانيوم المخصّب وذو قوّة تدميريّة شديدة، مُبيّناً أنّ هذا النوع من الصواريخ لا يمتلكه إلا الولايات المتحدة وإسرائيل وألمانيا..
هذا تزامناً مع ما كشفه مسؤول ال”سي آي آي” السابق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ديفيد وين، حين أكّد أنّ إسرائيل هي من اغتالت الحريري لإلصاق التّهمة بحزب الله، والتأسيس لصراع داخلي طويل الأمد في لبنان، وإجبار القوات السورية على الانسحاب من لبنان.
وإلى حين انتهاء التحقيقات في جريمة الرابع من آب، ثمّة معلومات نُقلت عن الصحفي البريطاني المخضرم ايليّا ج.مغناير، لم يستبعد فيها مفاجآت مرتقبة “من العيار الثقيل” في لبنان، مُرجّحاً أن تُتوّج بخرق أمني مباغت في تل أبيب ” على درجة عالية من الخطورة” يهزّ مؤسساتها الأمنيّة، ويتسبّب بتدحرج رؤوس أمنية “رفيعة المستوى”، ويمثّل ضربة مدويّة لحزب الله في شباك “إسرائيل”.