ماكرون يحذر من “حرب أهلية”، ويستهل زيارته الثانية بلقاء فيروز
مروحة واسعة من الاتصالات سيجريها الرئيس الفرنسي في زيارته الثانية إلى بيروت مساء الاثنين المقبل، إلى جانب المشاركة في احتفالات المئوية الأولى لإعلان لبنان الكبير من قصر الصنوبر في الأول من سبتمبر (أيلول) عام 1920.
ولأن للاحتفالية رمزية خاصة، فإن إيمانويل ماكرون، حسب مصادر الإليزيه، سيغرس أرزة عمرها خمس سنوات سيأتي بها من فرنسا، في غابة جاج الواقعة في قضاء جبيل (جبل لبنان الشمالي) التي تحتضن العديد من شجرات الأرز، لأنها ترمز إلى الاستمرار والديمومة وسيكون إلى جانبه، بهذه المناسبة، مجموعة من أطفال المدارس اللبنانية وتلك التي تحظى بدعم فرنسي. يضاف إلى ذلك أن التشكيلة الجوية الفرنسية التي تقوم بعروض في المناسبات الرسمية وتحديداً في العيد الوطني الفرنسي ستتوجه إلى لبنان، حيث ستقدم عرضاً جوياً يُبرز ألوان العلم الوطني اللبناني الذي تتوسطه الأرزة.
كذلك، فإن الرئيس الفرنسي الذي سيصل إلى لبنان مساء الاثنين القادم، سيلتقي السيدة فيروز لما تمثله بالنسبة إلى لبنان والعالم العربي من رمزية، وأن اللقاء معها يعكس «إعجاب وتقدير» الرئيس الفرنسي لها. ومن البادرات الرمزية أن القطعة الحربية الفرنسية المسماة «لا تونير»، وصلت إلى مرفأ بيروت بالتزامن مع وجود ماكرون في العاصمة اللبنانية، حاملةً أطناناً من المساعدات والآليات التي ستُستخدم من أجل التعجيل بإعادة تأهيل المرفأ المتضرر بفعل الانفجارات الكبيرة التي ضربته في 4 الجاري.
ويتضمن برنامج ماكرون، بعد غرس الأرزة صباح الثلاثاء، زيارة المرفأ ولقاء ممثلي الجمعيات غير الحكومية الناشطة في المرفأ والمناطق المتضررة وكذلك ممثلين عن وكالات الأمم المتحدة لتفتح بعدها الصفحة السياسية للقاء مع عون يعقبه غداء رسمي تتمنى باريس أن يكون جامعاً لكل القوى السياسية ولممثلين عن المجتمع المدني. ويرصد البرنامج لقاءً مع الرئيس بري وزيارة مستشفى الحريري الذي كان الأكثر نشاطاً في معالجة المصابين بوباء «كوفيد – 19»، وفي قصر الصنوبر، سيجتمع ماكرون بالبطريرك الماروني بشارة الراعي.
– «حكومة مهمات»
يعود ماكرون إلى لبنان وهو عازم على «الحصول على نتائج» وفق مصادر الإليزيه أمس، في معرض تقديمها للزيارة، معتبرة أنها تندرج في «إطار الضغوط» التي تمارسها فرنسا لدفع الطبقة السياسية اللبنانية للتجاوب مع المطالب المحلية والدولية الدافعة باتجاه ملء الفراغ المؤسساتي والوصول إلى تشكيل «حكومة مهمات». ويبدو أن اقتراب موعد الزيارة قد أثمر تحديد رئاسة الجمهورية موعد الاستشارات النيابية يوم الاثنين، أي يوم وصول ماكرون إلى بيروت. ورأى الإليزيه أن الذين روجوا لتراجع ماكرون عن زيارته الثانية، فإنما «لرغبتهم بعد احترام التزاماتهم». ولذا، يريد أن يتأكد من «مدى العمل بالالتزامات» التي تعهد بها الفرقاء السياسيون اللبنانيون إزاءه بعد مرور 25 يوماً على لقائه معهم المرة الأولى. وقال مصدر فرنسي رفيع المستوى إن «خطة» ماكرون تقوم على «تجميد النزاعات السياسية لإتاحة المجال، في العام أو العامين القادمين، وحتى موعد الانتخابات النيابية، لقيام حكومة نظيفة وفاعلة وقادرة على وضع الإصلاحات المعروفة موضع التنفيذ وأن تُمكن عبرها الأطراف (الخارجية) الراغبة بتوفير الدعم للبنان من القيام بذلك». وحسب باريس، يتعين أن تكون التزامات الإصلاح الضرورية هي أساس البيان الوزاري الذي يفترض أن تتقدم به الحكومة لنيل الثقة من المجلس النيابي. وستكون من بين مهمات الرئيس الفرنسي معرفة الجهات التي تود أن تكون جزءاً من هذه الحكومة أو مستعدة لدعمها في البرلمان.
إزاء المعلومات المتداولة عن استعداد فرنسي لاستضافة السياسيين اللبنانيين، رأت المصادر الرئاسية أن التركيز اليوم على الحكومة العتيدة، و«كل شيء في أوانه»، تاركة الأبواب مفتوحة لبادرة من هذا النوع. وتضيف هذه المصادر أنه في «حال قيام حكومة مهمات، سوف نعمل مع آخرين على توفير الدعم الدولي الضروري ليس فقط من أجل معالجة الأوضاع الطارئة المترتبة على انفجار المرفأ، بل لمعالجة الوضع الاقتصادي والمالي والقيام بالإصلاحات البنيوية التي أُجّلت لأسباب سياسية»، في إشارة لما جاء به مؤتمر «سيدر» ربيع عام 2018، والتعهدات التي تقدم بها الوفد اللبناني وقتها ولم يتحقق منها شيء.
وقبل وصوله إلى بيروت، سيقوم ماكرون بمجموعة من الاتصالات «اللبنانية» أهمها برئيسي الجمهورية والبرلمان (ميشال عون ونبيه بري) وبرئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وبآخرين، تمهيداً للزيارة. لكنه منذ زيارته الأولى لبيروت، عمد إلى التواصل مع الجهات المؤثرة في لبنان وقد شملت، حسب مصادره، الرئيس الأميركي ورئيس المجلس الأوروبي والمستشارة الألمانية وولي العهد السعودي وولي عهد أبوظبي والرئيس الإيراني وأمير قطر وآخرين، وذلك في إطار المشاورات من أجل توفير نوع من التوافق الدولي حول لبنان ودعم المهمة التي يقوم بها. وحسب الإليزيه، فإن «هناك رؤى مختلفة بين الأطراف» ولكن ثمة «توافق على تجميد الحرب السياسية والتركيز على معالجة الأزمات الملحة وقبول مبدأ أنه، من غير ذلك، لا أحد سيكون رابحاً والجميع سيكونون خاسرين». وتشدد باريس علن أن التواصل مع واشنطن غرضه «التأكد من أننا نسير في الاتجاه نفسه رغم اختلاف الرؤى» ومن بينها وجود «حزب الله» في الحكومة فيما تسعى واشنطن لفرض مزيد من العقوبات عليه وعزله في إطار عملية ليّ الذراع القائمة بينها وبين إيران.
– تجنب لعبة الأسماء
لا تريد باريس، أقله رسمياً، أن تدخل في لعبة الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة أو الدخول إلى الوزارة. لكن ثمة مسائل «إشكالية» في المقاربات، ومنها وجود «حزب الله» في الحكومة. وبهذا الخصوص لم يتغير الموقف الفرنسي وفحواه أن باريس «تتعامل مع الواقع السياسي الموجود» ومنه «حزب الله» الذي تدعوه باريس إلى أن «يمتنع عن القيام بأي عمل من شأنه التصعيد مع إسرائيل مثلما حصل في عام 2006». ويُفهم أن فرنسا لا تعارض وجود «حزب الله» أو من هو قريب منه في الحكومة القادمة التي ستكون بحاجة «لدعم» سعد الحريري الذي أعلن أنه ليس مرشحاً بمعنى أن «يغطيها» سُنياً بحيث لا تستنسخ حالة رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب. وعملياً، تريد باريس حكومة جامعة من الأطراف الراغبة في السير في العملية الإصلاحية، وفي التنكب لإعادة بناء المرفأ وما تهدم بسبب الانفجارات، ومحاربة وباء «كوفيد – 19»، ومعالجة الوضعين الاقتصادي والمالي وما يتطلبه من إصلاحات ضرورية، والتحضير للانتخابات التي من شأنها أن «تفتح أفقاً سياسياً جديداً». بيد أن المصادر الرئاسية لم تبيّن ما إذا كانت تراها مبكرة أو في مواعيدها. وبالنسبة للبنك المركزي، ترى فرنسا أنه «جزء من منظومة استُهلكت وثمة حاجة للتغيير بسبب مجموعة من العوامل». وفي تناولها لهذا الملف الشائك، ترى ضرورة القيام بالتدقيق المالي والجنائي، كما أنها تشدد على الحاجة إلى تغيير الممارسات المالية ومنها: استخدام المال العام لمصلحة جميع اللبنانيين، وإجراء إصلاحات عميقة لقطاع الطاقة والكهرباء والجمارك، والتأكد من تحصيل ما يتوجب للدولة، كاشفةً أن البنك المركزي الفرنسي يتعاون مع نظيره اللبناني لتقديم المساعدة… وعزت الفشل في توصل لبنان إلى تفاهم مع صندوق النقد الدولي «لأسباب سياسية».
هكذا تبدو الرؤية السياسية الفرنسية للواقع السياسي اللبناني اليوم ولما تريد فرنسا القيام به. ولخصت المصادر الفرنسية نهج ماكرون بقولها إنه «لن يترك اللبنانيين يعملون على هواهم»، والأرجح أنه يستلهم التجارب السابقة المخيبة للآمال وهو لا يريد أن يحصد فشلاً في ملف استثمر فيه الوقت والجهد ليس رغبةً في الشؤون اللبنانية بل لأن اللبنانيين هم من يطلب المساعدة.
آخر الأخبار
حكومة طرابلس توقف وزير الداخلية “احتياطيا” بعد إطلاق نار على متظاهرين
حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليا، تقرر إيقاف وزير الداخلية فتحي علي باشا آغا عن العمل احتياطيا وإحالته إلى تحقيق إداري، وذلك بعد إطلاق مسلحين النار على متظاهرين الأسبوع الماضي.
يذكّرني بصدام حسين”
نشرت صحيفة الاندبندنت مقالا كتبه باتريك كوبرن يقول فيه إن أداء الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في مؤتمر الحزب الجمهوري يذكره بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
ويرى باتريك أن الخطابات السياسية خلال الأيام القليلة الماضية في المؤتمر تُمثّل نبرة سامة من القومية الأمريكية التي تُلهب أعمال العنف وخرافات التفوق.
وأضاف أن تبجيل الزعيم، الذي أظهره المشاركون في المؤتمر، ذكّره بمؤتمرات حزب البعث في العراق التي كانت تمجد صدام حسين وتعتبره القائد المنقذ.
فجميع الخطابات كانت مدحا وتمجيدا. وتنافس الخُطّاب في ذلك، محولين الفشل الذريع إلى انتصارات عظيمة. وتجاهل الجميع تعامل ترامب الكارثي مع أزمة فيروس كورونا، الذي أودى بحياة 180 ألف أمريكي.
وكذلك فعل صدام حسين منذ 30 عاما، عندما تحدث أمام أنصاره عن “أم المعارك” في الكويت، واصفا إياها بأنها انتصار عراقي عظيم.
ويقول الكاتب إن ترامب يواجه مشاكل مماثلة لتلك التي واجهها صدام، وأنه يعالجها بالأسلوب الذي اتبعه الزعيم العراقي الراحل في حياته.
كيف تصور للناس هزيمة نكراء على أنها انتصار عظيم؟ الأسلوب واحد عند المستبدين، وهو أن أن يكذب الزعيم ويتهم القوى الخارجية والخصوم في الداخل ويحملهم مسؤولية كل الشرور. فعندما تحدث ترامب عن فيروس كورونا، قال: “عندما انتشر الفيروس الصيني في بلادنا حشدنا له أكبر الحشود الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية”.
ويضيف أن الحكام المستبدين عبر العصور كانوا دائما يحرصون على إظهار جوانب الطيبة والرأفة فيهم بالإفراج عن السجناء، وها هو ترامب يلتزم بهذا التقليد، إذ أصدر في برنامج تلفزيوني مباشر عفوا عن لص أدين بالسطو على مصرف.
وظهر ترامب على التلفزيون أيضا وهو يشرف على حفل منح الجنسية الأمريكية لعدد من المهاجرين الذين كان يصفهم بأنهم مجرمون وتجار مخدرات.
ومن بين السخافات التي جاءت في خطاب ترامب في مؤتمر الحزب الجمهوري، بحسب كوبرن، هي ترديده لعبارة أنه “أعاد لأمريكا عظمتها”، وهو في الواقع من ساهم في تراجع نفوذها.
حقيقة وسط الأكاذيب
ونشرت صحيفة الغارديان افتتاحية تقول فيها إن خطاب ترامب في مؤتمر الحزب الجمهوري كان استعراضا سياسيا فعالا، لكنه كشف كل العيوب فيه وفي الجمهوريين.
وتقول الصحيفة إن خطاب التحريف والمبالغة ليس غريبا على السياسيين، ولكن ترامب يشكل وحده مدرسة في ذلك، وهو ما برهن عليه في مؤتمر حزبه.
فأمام معدلات البطالة المرتفعة، التي أفسدت خطته في الاعتماد على الاقتصاد في حملته الانتخابية، هاهو يقود حملة كشخص دخيل، على الرغم من أنه مازال يشغل منصب الرئيس. فقد ركز كل جهوده على مهاجمة منافسه، جو بايدن، والنيل من شخصه.
ولكن الكذب بشأن بايدن، بحسب الصحيفة، لا يضاهي ما قيل عن ترامب وسمعته، فقد وصفته زوجته ميلانيا بأنه متفهم ونصير للنساء، بل وأكثر من ذلك، حين قالت إنه رجل يتميز بـ”النزاهة التامة”.
ولعل أكبر تلفيق هو تحركه السريع لحماية الأمريكيين من فيروس كورونا، بدل القول إنه ترك الأمريكيين يواجهون مصيرهم وهو مقتل أكثر من 180 ألفا منهم.
ويتمنى الجمهوريون، بحسب الغارديان، أن يكون الأسوأ قد مضى، لكن الواقع أن عدد الوفيات وصل إلى ألف شخص يوميا.
وتضيف الصحيفة أن المؤتمر وجه رسالة للمترددين في التصويت لترامب عندما تحدث جمهوريون سود ومن أصل آسيوي مؤكدين أن ترامب ليس عنصريا وأن الولايات المتحدة في عهده ليست دولة عنصرية.
وترى الغارديان أن ترامب لم يخف أبدا أسوأ ما فيه. وقد انتخب على الرغم من ذلك أو بفضل ذلك. واستعرض في خطابه ما يمكن للأمريكيين أن يتوقعوا منه. وقد برهن في خطاباته على احتقاره للديمقراطية.
وكما قال ترامب، فإنه “لم يسبق أن واجه الناخبون اختيارا أوضح بين حزبين أو رؤيتين أو فلسفتين أو أجندتين”.
ولقد بينت سنوات حكمه ذلك جليا، لكن مؤتمر الحزب الجمهوري أعاد التأكيد على أن مستقبل الديمقراطية الأمريكية في خطر، بحسب الغارديان.
وعلى الرغم من أن بايدن متقدم في استطلاعات الرأي، فإن الكثيرين يقولون إنه ليس متقدما بما فيه الكفاية.