تتنقل مليارات من القواقع البحرية الصغيرة يومياً بين المياه السطحية في المحيطات، حيث تتغذى في الليل، بينما تغطس في النهار إلى أعماق تصل إلى عدة مئات من الأمتار للراحة.
وتلعب هذه القواقع دوراً مهماً في الدورات الجيوكيماوية والمناخ، حيث يحدث من 12 إلى 13 في المائة من تدفق الكربونات العالمي عندما تغرق أصداف كربونات الكالسيوم الموجودة في القواقع الميتة بالأعماق، فتذوب وتساهم في تحمض الكربون في الغلاف الجوي والمحيطات، ولكن نظراً لصعوبة دراستها وعدم إمكانية الاحتفاظ بها في المختبر، فإن سلوك هذه الحيوانات خصوصاً في المناطق شبه الاستوائية والاستوائية حيث يكون تنوعها أكبر، غير معروف.
وحاول فريق بحثي أميركي قاده باحثو جامعة جنوب فلوريدا، مواجهة مشكلة هذا النقص المعلوماتي خلال دراسة نشرت أمس في دورية «فورنتيرز إن مارين ساينس»، حيث قاموا بتصوير حركات القواقع البحرية الاستوائية وتحليلها من منظور فيزياء السوائل ومنظور بيئي، وأظهروا أن لكل نوع أسلوباً مميزاً في السباحة والغطس، اعتماداً على شكل صدفته (ملفوفة أو ممدودة أو مستديرة) وحجم الجسم.
وبين عامي 2017 – 2019. اصطاد الباحثون عدة قواقع من تسعة أنواع، وقاموا بنقلهم إلى المختبر، حيث سجلوا سلوكها في حوض أسماك بمياه مالحة مع قياس مجسم عالي السرعة، وهي تقنية تتبع الحركة ثلاثية الأبعاد بكاميرتين. وحسب الباحثون السرعة المطلقة والطبيعية بالنسبة إلى طول الجسم لكل نوع أثناء السباحة النشطة والغطس، وتكرار حركة الجناح، وزاوية الهبوط أثناء الغطس، وانحراف مسار الصعود أثناء السباحة، وعدد الأصداف.
ووجد الباحثون أن لكل نوع نمط سباحة مميز، فالقواقع الصغيرة ذات الأصداف الملتفة تسبح ببطء أكثر، بينما تسبح القواقع الكبيرة ذات الأصداف على شكل زجاجة أو على شكل أجنحة بشكل أسرع لأن أحجامها الكبيرة تسمح لها بالتغلب على تأثيرات لزوجة الماء.
ويقول د.ديفيد مورفي، الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية بجامعة جنوب فلوريدا في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لدورية «فورنتيرز إن مارين ساينس»، بالتزامن مع نشر الدراسة، أن فهم قدرة هذه الحيوانات على السباحة، يساعد على فهم أهميتها البيئية وتوزيعها في المحيط بشكل أفضل»، مضيفاً: «نأمل أن نتعلم من أسلوب السباحة لهذه الكائنات لتصميم جيل جديد من المركبات المستوحاة من البيئة تحت الماء».