ناقشت صحف ومواقع عربية زيارة وفد روسي رفيع المستوى إلى دمشق برئاسة يوري بورسيف، نائب رئيس الوزراء الروسي، وسرغي لافروف وزير الخارجية.
وعزا فريق من الكتّاب الزيارة إلى بحث حلول سياسية للخروج من الأزمة في سوريا، بينما رأى فريق آخر أن الزيارة هدفها توطيد مصالح روسيا في المنطقة.
الزيارة “الأهم”
تقول صحيفة رأي اليوم اللندنية في افتتاحيتها إنها “زيارة تطلق صافرة البدء لعمليات إعادة الإعمار في سوريا، وكسر الحصار الاقتصادي الأمريكي، من خلال التزام روسيا، الدولة العظمى، بضخ المليارات، وعلى أوسع نطاق، لإعادة بناء ما دمرته الحرب، وهو التزام يوجه رسالة إلى أمريكا ودولة الاحتلال الإسرائيلي تقول مفرداتها إن سوريا، وعمليات الإعمار فيها، خط أحمر”.
وتضيف الصحيفة: “الأمر المؤكد أن لافروف عميد الدبلوماسية الروسية يملك في جعبته العديد من الأفكار السياسية جرى بلورتها من خلال الاتصالات الروسية مع كل من تركيا والولايات المتحدة، ولعله أطلع الرئيس السوري على مضامينها أثناء اللقاء، فالرجل، أي لافروف، لم يأت إلى دمشق، وبعد غياب استمر ثماني سنوات، من أجل الحديث عن مشاريع إعادة الإعمار التي هي خارج اختصاصه”.
وتقول: “لا نريد أن نبالغ، ونقول، إنها زيارة ربما تكون الأهم منذ ’النجدة‘ الروسية العسكرية لإحباط مؤامرة إسقاط النظام التي حشدت الولايات المتحدة 65 دولة لتنفيذها ومئات المليارات من الدولارات… ولكن المؤشرات الأولية التي يمكن رصدها من بين ثنايا المؤتمر الصحفي المشترك توحي بالكثير في هذا الصدد، ولعل سعر الليرة السورية سيكون ’التيرموميتر‘ في هذا المضمار، والارتفاع هو الأكثر احتمال”.
ويقول محمد صادق الحسيني، في صحيفة البناء اللبنانية: “مصادر واسعة الاطلاع على مطبخ صناعة القرار الروسي تقول بأن الوفد الروسي الكبير الذي زار دمشق… حمل معه ورقة سياسية اقتصادية متكاملة تحمل ثلاثة بنود مرحلية أساسية فيها مصلحة دمشق أولا ومن ثم لكل من موسكو وحلفاء دمشق الآخرين”.
ويضيف: “الأهم من كل هذا فإن موسكو ورغم أولوية مصالحها الاقتصادية ترى بأن مثل هذه الخطوات الثلاث: أي تثبيت خطوط الميدان، وتنشيط الاقتصاد السوري عبر مظلة الطاقة الروسية، وتحالف الطاقة الموسع ضد الاندفاع الفرنسي الغربي، من شأنه أن يمرر السنة الأصعب اقتصاديا وسياسيا على سوريا في ظل الحصار الأمريكي”.
ويضيف: “فضلا عن تثبيته لحكم الرئيس المقاوم بشار الأسد السيادي والقوي على عكس ما يروج الغرب الاستعماري بأن موسكو تبحث عن فيدرالية أو حكم انتقالي أو إعادة بناء سوريا بتفصيل معاد للعروبة”.
الحرب في سوريا: نظام الأسد يتعرض لضغوط نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية
“البوابة اليتيمة”
ويرى بهاء العوام، في صحيفة العرب اللندنية: “بعد سنوات ثمان عجاف يزور وزير الخارجية الروسي سرغي لافروف دمشق. لا يحمل لافروف بجعبته حلولا للأزمة السورية، وإنما قواعد توطيد استقرار بلاده على سواحل المتوسط”.
ويتابع الكاتب: “لافروف يريد أن يبدأ الحضور الروسي الفعلي في سوريا بمجالات الاقتصاد والأعمال والثقافة والتعليم والدين، كما هو الحال في القطاع العسكري. ليس هذا فقط وإنما يريد أن يصبح هذا الحضور طاغيا بشكل واضح مقارنة مع أي طرف أجنبي آخر على قائمة حلفاء دمشق، وعلى الأخص إيران”.
ويقول: “للروس شروط يجب على دمشق تنفيذها. وهم اليوم البوابة اليتيمة للنظام إن أراد الخروج من أزماته الاقتصادية والسياسية. لن تقدم موسكو ضمانات للأسد في البقاء على رأس السلطة إلى الأبد. وإنما تعهدات بأن تبقى الأزمة خامدة حتى يحين الوقت لحلها بأقل الأضرار الممكنة له ولنظامه”.
“نفاد صبر الكرملين”
وتقول صحيفة القدس العربي في افتتاحيتها: “من الواضح أن هذا الوفد الحكومي الروسي هو الأرفع منذ زيارة بوتين القصيرة إلى دمشق مطلع هذا العام، مما يعني أن موسكو تعلق عليها أهمية خاصة في الظروف الراهنة تحديدا، سواء لجهة مشهد الاستثمارات الروسية في سوريا، أو التسخين الميداني الإسرائيلي الإيراني عبر الغارات الإسرائيلية المتعاقبة في مختلف الأراضي السورية، أو التوتر السائد شرق المتوسط والتي تتعلق أيضاً بمستقبل تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا”.
وتضيف: “وقد يكون المحتوى الأهم هو أن موسكو أخذت تضيق ذرعا بابتعاد آجال استثمارها الأكبر، أي فوز الشركات الروسية بحصة الأسد في المليارات التي سوف تخصصها الجهات الدولية المانحة على سبيل إعادة إعمار سوريا”.
وتقول: “وليس اختلاط كبار ممثلي الاقتصاد والسياسة الخارجية في تركيبة الوفد الحكومي الروسي الذي زار دمشق سوى الدليل الأحدث على حساسية الملفات التي تقلق موسكو، وأما الزمن القصير الذي استغرقته الزيارة فهو المؤشر على نفاد صبر الكرملين خاصة في أجواء الاحتقان المحلية والإقليمية والدولية”.