لم يَصدُرْ بالوجهِ الشرعيّ أيُّ ردٍّ رسميٍّ من الثنائيّ الشيعي حول مبادرةِ الرئيس سعد الحريري وبينما المصادرُ غزَت الأجواءَ منذ أربعٍ وعِشرينَ ساعة لتؤكّدَ النَّعَمَ المشروطة فإنّ عين التينة تولّت إرسالَ إشاراتٍ إيجابيةٍ مِن خلالِ تعليقٍ انتُزعَ مِن لقاءِ الأربِعاء للرئيس نبيه بري وقِوامُه “مش مطولة.. ليش بعد فينا نحمل؟”. وتَبَعًا لمرصَدِ النائب الان عون من قصرِ الرئاسةِ الثانية فإنّ بري نظرَ بإيجابيةٍ الى ما حصل ويَبني عليه بعضَ التفاؤلِ لتسريعِ عمليةِ تأليفِ الحكومة لكنّ جُرعةَ السُّمِّ التي تجرّعها الرئيس سعد الحريري تخضعُ بدورِها لتجارِبَ سريريةٍ وفحوصٍ عينيةٍ بهدفِ تخميرِها وتطعيمِها بالقرارِ الشيعيّ وسحبِ عنصرِ “المكرُمة” منها وفي الطروحِ المتداولة: خِيارُ أن يسلّمَ الثنائيُّ رئيسَ الحكومةِ المُكلَّفَ لائحةً مِن عشَرةِ أسماءٍ مِن الطائفةِ الشيعيةِ لمرشّحينَ لتولّي وِزارةِ المال على أن يختارَ أديب مِن بينِها لكنَّ الرئيسين ميشال عون ومصطفى أديب أبديا ثابتة: الأمرُ لي.. فأعاد بيانٌ من بعبدا تأكيدَ دورِ رئيسِ الجُمهوريةِ في تأليفِ الحكومةِ بالاتفاقِ معَ رئيسِ مجلسِ الوزراء أما الرئيسُ المكلّفُ فهو يَخرُقُ جدارَ صمتِه ببضعِ عباراتٍ تُدَوِّي بينَ الحينِ والآخر لإثباتِ أنه مازال على قيدِ التأليف وإنْ على جِهازِ التنفّسِ السياسيِّ ويعملُ ضِمنَ ثوابتَ أطلقها في أن تكونَ الحكومةُ مِن ذوي الاختصاصِ وأَصحابِ الكفاءةِ متمنياً على الجميعِ “التعاونَ لمصلحةِ لبنانَ وأبنائِه وتلقّفَ فرصةِ إنقاذِ الوطن” وتحت هذه الثوابت فإنّ التشكيلةَ في طريقِها الى الخلاص وبتنازلاتٍ محليةٍ بعدما دارت “السبع بحور” من المسعى الفرنسيِّ إلى العرقلةِ الأميركية ودخولِها في محورِ العقوباتِ الإيرانية والدورِ الأوروبيِّ والانغماسةِ الروسية هذا فضلاً عن الجنونِ المحليِّ المبلولِ بالميثاقيةِ والمطعّمِ بالدولةِ المدنيةِ والمزروعِ على جوانبِه خطرُ الزوال والتخوّفُ مِن دُفعةٍ جديدةٍ منَ العقوبات وعلى ارتفاعِ المآذنِ والأجراسِ السياسية كانت دورُ العبادةِ تُفتي وتُحرّمُ وتحلّلُ وتُطلقُ العِظاتِ مِن كعبِ الدّستور فتجتزئُ ما هو مناسبٌ وتُلغي وتُصدّق فيصبحُ البطريركُ الراعي مرشداً للمادةِ الخامسةِ والتسعين.. والمجلسُ الإسلاميُّ الشيعيُّ الأعلى واعظاً في الدولةِ المدنية ويتولّى إيلي الفرزلي مهامَّ الناسكِ في الدولةِ الأرثوذكسية.. ويطوفُ مطارنةٌ وشيوخٌ حولَ الطائف.. ويزورُ الرئيسُ فؤاد السنيورة دارَ الفتوى مُصلِحاً سياسياً بسِرٍّ مقدّس أصواتٌ اختلطت فيها السياسةُ بالدين.. من دونِ أن توحّدَ الله.. أو تتوحّدَ على كلمة. الى أنّ حلّ الوحيُ المحليُّ وسقطَ على بيتِ الوسط أولًا.. فاصلاً الرئيسَ سعد الحريري عن متلازمةِ رؤساءِ الحكومةِ السابقين تمّ “فكُّ اللِّحام” بينَ المرجِعيّتين وهي الإشارةُ الإيجابيةُ الثانيةُ في مبادرةِ الحريري حيثُ عَزَلَ نفسَه عن الكبارِ الثلاثة.. وهم أيضاً أعلنوا بيانَ الانشقاقِ عن مبادرةِ التنازل. كان بيانُهم ذا إفادةٍ لكلِّ الأطراف وقدِ استَكمله الرئيس نجيب ميقاتي اليومَ باتصالٍ أجراهُ بالرئيس مصطفى أديب متمنيًا عليه التمسّكَ بتأليفِ حكومةِ اختصاصيينَ مستقلين.. أي إنه يقولُ لمديرِ مكتبِه السابق: “ما ترد ع حدا” ولا تنفّذْ رَغبةَ الحريري أو ما يطلبُه الثنائيُّ الشيعيّ وحسَناتُ هذا التوجّه.. مِن سيئاتِه.. وإذا كان الثنائيُّ سيرفُضُ المبادرةَ لألفِ سببٍ وسبب.. فإنّه سيقبلُ بها لسببٍ واحد: هو موقِفُ رؤساءِ الحكومةِ السابقين.. والآخذين بالبلد الى شِقاقٍ مذهبيّ.. ورصيفٍ خارجيٍّ متشدّد.. واحتقانٍ لا يقوى عليه اللبنانيون.