لونت السنة أول أيامها بالأسود,
وإذا كان الخبر الأسود قد وقع كانفجار على الإعلام فإن الإشعار الأحمر في ملف اخر فكتبت لنجوى قاسم خبرا قرأه زملاؤها, وبين رحلة مهنية من دبي إلى بيروت يسائل رفاقها اليوم حال الدار ومطارح اللعب, فتصبح نجوى صحافية لبنان نجمة الكتبوتصير هي الحدث من العربية. سر المهنة وأناقتها غابت عن عمر ناهز آلاف الأخبار ونشراتها وحواراتها وعن خطر تنقل بين العراق وأفغانسان وعن بلاد آمنت بثورتها التي بلغت الثمانية والسبعين يوما ودعتنا نجوى بكلام الذين حفظوا لبنانهم في القلب لكن قلبها قرر الاستقالة وأعلن التوقف عن النبض محتفظا بالوطن داخل جسد بلا روح كاتما سر المهنة. ونجوى قاسم التي فارقتنا من دبي في اليوم الثاني من السنة تزودت قبل رحيلها عاطفة نبيلة لبلاد تتغير كذلك زودت أبناء الصحافة أداء احترم كل الآراء وهي التي أسست لمشوارها من قناة الجديد في مطلع التسعينيات قبل أن تصبح شقراء القناة الزرقاء في المستقبل وتختتم مسيرتها في العربية.
خيم الحزن على الوسط الإعلامي في العالم العربي بعد الخبر المفجع الذي فاجأهم أمس عن وفاة الإعلامية اللبنانية نجوى قاسم التي غادرت الحياة عن عمر يناهز 52 عاماً صباح أمس في منزلها في دبي.
وشكلت وفاة قاسم صدمة لدى الإعلاميين والمتابعين العرب الذين اعتادوا على مشاهدتها لسنوات تنقل الأخبار من ساحات المعارك وغرف الأخبار، حيث تناقل الآلاف خبر وفاتها بحزن، مستذكرين مآثرها بعد المشوار الحافل في الوسط الإعلامي، التي غطت خلاله الإعلامية اللبنانية أخبار الحروب في أفغانستان والعراق ولبنان، وشاركت في تقديم نشرات الأخبار وعدد من البرامج السياسية.
ونعت شبكة «العربية» و«العربية الحدث» الزميلة نجوى قاسم في بيان لها أمس: «تنعى شبكة (العربية) و(العربية الحدث)، الزميلة الإعلامية نجوى قاسم التي وافتها المنية أمس، وإذ تنعى شبكة (العربية) و(العربية الحدث) الزميلة نجوى قاسم فإنها تستذكر مشوارها الصحافي الطويل الذي بدأ مع (العربية) منذ انطلاقتها عام 2003 كمذيعة ومراسلة ميدانية شاركت في تغطية عدد من الأخبار والحروب، لا سيما في العراق وأفغانستان، رحم الله الزميلة نجوى قاسم وألهم أهلها وذويها الصبر والسلوان… إنا لله وإنا إليه راجعون».
ولدت قاسم التي لقبت نفسها بـ«زهرة البيلسان» في حسابها بموقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي في السابع من شهر يوليو (تموز) عام 1967 في بلدة جون، في لبنان، وعملت 30 عاما في الإعلام، حيث تميزت بتغطية الحروب والأحداث السياسية في لبنان وأفغانستان والعراق.
وعملت القاسم في تلفزيون المستقبل اللبناني لمدة 11 عاماً، قبل أن تنتقل إلى قناة «العربية» في عام 2003، رغبة منها في قناة أكثر تخصصاً في الأخبار السياسية. وحصلت الراحلة نجوى قاسم عام 2006 على جائزة أفضل مذيعة في المهرجان العربي الرابع للإعلام في بيروت، وسميت على موقع قناة «العربية» بـ«قطعة الكريستال».
وطبقاً لقناة «العربية» فإن الراحلة ذهبت عام 2003، إلى قلب العاصمة العراقية بغداد، لتغطية فترة ما بعد الحرب، وجرحت جرحاً طفيفاً بيدها إثر تفجير أصاب مكتب «العربية»، وأدى إلى مقتل 5 من العاملين فيه وجرح 15 آخرين، وعند وقوع الانفجار، وأثناء محاولتها الخروج شاهدت عدداً من زملائها جرحى، فهرعت مع الباقين إلى الشارع من أجل إيقاف السيارات لنقل الجرحى إلى المستشفيات. وأشارت «العربية» إلى أنه طوال السنوات الماضية، لم تفارقها وجوه زملائها القتلى، بحسب ما أكدت قاسم في أكثر من مناسبة ومقابلة.
وكانت الإعلامية اللبنانية تقدم برنامج «حدث اليوم» على قناة «الحدث»، وكان آخر ظهور لها على شاشات التلفاز في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتميزت الراحلة بمهاراتها العالية في إدارة الحوارات التلفزيونية، بهدوء بعيدا عن الانفعالات ومهنية عالية قل ما يجدها المشاهد العربي، حيث حصلت الراحلة نجوى قاسم عام 2006 على جائزة أفضل مذيعة في المهرجان العربي الرابع للإعلام في بيروت.
وتمنت المذيعة اللبنانية في آخر تغريدة لها على موقع «تويتر» أن يحفظ الله البلاد «العربية» وبالتحديد بلدها لبنان، حيث كتبت: «يارب عام خير على الجميع يا رب يا رب، احفظ بلادنا وعينك على لبنان».
– قالوا عن نجوى قاسم
نعى سعد الحريري رئيس مجلس الوزراء في لبنان الراحلة نجوى قاسم، وقال: «صدمة حقيقية ومحزنة، أن ترحل نجوى قاسم في عز العطاء والشباب. رافقت مشوار تلفزيون (المستقبل) منذ تأسيسه وسطعت على شاشته نجمة متألقة، قبل أن تنتقل إلى دبي حيث تابعت التفوق والنجاح. خسارة لنا وللإعلام اللبناني العربي. رحم الله نجوى قاسم وأحر التعازي لأسرتها وأسرة (العربية) – الحدث».
من جانبه، قال الإعلامي السعودي والكاتب في صحيفة «الشرق الأوسط» عبد الرحمن الراشد: «عزيزة علينا فقيدة الإعلام وأيقونته نجوى قاسم، صدمتنا وغادرتنا في سلام. هذه المرأة العظيمة لم تخش الموت قط، نجت من محاولات اغتيال في العراق، وقبلها في أفغانستان، أحبها ملايين الناس، كانت قلبهم ولسان حالهم، كل الدموع التي تذرف لا تكفي لتعبر عن حزننا».
من جهته، قال تركي الدخيل السفير السعودي في الإمارات: «وداعاً للصديقة الغالية الأستاذة نجوى قاسم، وداعاً سيدة الأخلاق والأدب والمهنية والاحترافية، وداعاً صديقة الجميع، رحمة الله عليك رحمة واسعة، إنا لله وإنا إليه راجعون».
إلى ذلك، غرد ممدوح المهيني مدير قناتي «العربية» و«الحدث» في موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي أمس: «يوم حزين برحيل الإنسانة والصديقة والإعلامية الكبيرة نجوى قاسم خسرنا وجودها بيننا ولكن ذكراها ستبقى معنا للأبد أحر التعازي لعائلتها ومحبيها في كل مكان وللزملاء في (العربية) و(الحدث) رحمها الله».
وغرد الدكتور نبيل الخطيب، مدير عام قناة «بلومبرغ» الشرق، والذي كان يدير قناتي «العربية» و«الحدث»، في «تويتر»، قائلاً عن الإعلامية نجوى قاسم: «مكانك سيبقى خالياً، يأبى أن يملأه أحد غير أنت يا نجوى قاسم، مدرستك في الإعلام باقية كما ذكراك العطرة وصوتك الصاخب بالحق… هناك من الخسائر ما لا يعوض كما فقدان نجوى».
– رحيل صاحبة المهمات الصعبة
صدم عالم الإعلام العربي بوفاة نجوى قاسم بعدما استفاق على هذا الخبر صباح أمس ونعاها تلفزيون «العربية» و«العربية الحدث». وكانت إحدى صديقاتها التي توجهت إلى شقة الإعلامية في دبي هي أول من علم بالخبر. وكان مالك الروقي مدير أخبار قناة «إم بي سي» هو أول من أعلن عن وفاة المذيعة نجوى قاسم، مشيرا في تغريدة له عبر حسابه على موقع «تويتر» إلى أنه ناتج عن إصابتها بسكتة قلبية. ومن ثم نعتها «العربية» و«العربية الحدث» معلنة وفاتها في منزلها في دبي.
وإثر إعلان الخبر انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي برحيل نجوى قاسم، وخاصة موقعي «تويتر» و«فيسبوك»، حيث شكلت وفاتها الحدث الأهم مع بداية العام الجديد. وتبادل زملاؤها ومحبوها مقاطع فيديو قديمة وأخرى حديثة تظهرها أثناء تقديمها برنامجها الحوار السياسي «حدث اليوم».
ولم يتأكد بعد موعد نقل جثمان الراحلة من دبي إلى لبنان، حيث من المتوقع أن توارى الثرى في بلدتها (جون) الواقعة في قلب منطقة الشوف. فهي كانت تحلم بالعودة إلى قريتها والسكن في منزل انتهت مؤخرا من تشييده هناك.
«عندما تحدثت معها قبل وفاتها بأيام قليلة وعدتني باللقاء قريبا مع عدد من الأصدقاء لتدشين منزلها الجديد في جون وبعيد انتهاء فصل الشتاء. ولكن الموت ومع الأسف عاجلها من دون أن تتمكن من تحقيق أمنيتها هذه». يقول منير الحافي أحد زملاء نجوى قاسم في مشوارها الإعلامي في تلفزيون «المستقبل».
ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد صدمت بخبر رحيلها خصوصا أننا كنا على تواصل مستمر. كما أن هناك عشرة عمر تجمعنا، لا سيما وأننا عملنا معا في تلفزيون المستقبل منذ عام 1993 حتى عام 2003 عندما انتقلت إلى شبكة (العربية)».
ويتابع الحافي في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لقد كانت تتميز بحس مهني عال جدا وخفة ظل لافتة رغم كل الجدية التي كانت تطل بها على الشاشة الصغيرة. كما كان مدير المحطة يومها دكتور علي جابر يختارها للمهمات الصعبة دون غيرها». وعن نجوى الصديقة يقول: «أما نجوى الصديقة فكانت وفية وحنونة إلى أبعد حدود وواضحة في التعبير عن آرائها تقول كلمتها وتمشي لأنها لا تحب المواربة».
أما زميلتها أيضا في تلفزيون «المستقبل» ناديا البساط فتتذكرها في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «في آخر مرة التقيتها في لبنان كانت تعاني من آلام في قدمها التي تعرضت إلى كسر أجبرها على الخضوع لأكثر من عملية جراحية وهو ما اضطرها لتناول جرعات من الـ(كورتيزون) للتخلص من أوجاعها. وأذكر أنها كانت متحمسة جدا لما يجري في لبنان واصفة الحراك المدني الذي يجري على أرضه بمثابة بصيص النور الذي نحلم به جميعنا من أجل لبنان أفضل». وتتابع ناديا البساط في معرض حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبرها من أهم الإعلاميات العربيات على الشاشة الصغيرة وكانت بالنسبة لكثيرين مرجعية يعودون إليها للوقوف على محطة سياسية معينة نسبة إلى خلفية غنية تتمتع بها. وكانت إعلامية مجتهدة ودؤوبة وشغوفة إلى آخر حد في مهنتها. وتتمتع بسرعة بديهة لافتة تخولها إجراء حوارات نارية وسلسة في آن».
وعما تتذكره حول فترة مغادرتها تلفزيون «المستقبل» تروي ناديا البساط: «أذكر أنها حملت معها عدداً كبيراً من الصحف والمجلات السعودية وفي مقدمها جريدة (الشرق الأوسط) وكان يعود تاريخها لستة أشهر قبل موعد مغادرتها لبنان إلى دبي. وعندما سألتها عن السبب قالت لي إنني أنتقل للعمل في محطة فضائية عربية تتناول أخبار العالم العربي برمته. ويجب أن أقف (العربية) على آخر الأحداث في هذا الصدد كي أكون على المستوى المطلوب في مهمتي الجديدة في محطة (العربية)».
وفي اتصال مع زميلتها في «شبكة العربية» جيزيل حبيب والتي كانت موجودة في منزل الراحلة في دبي، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه ليس هناك بعد من تاريخ محدد حول موعد نقل جثمانها إلى لبنان.
ومن ناحية أخرى أصدر مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون البحث الجنائي اللواء خليل إبراهيم المنصوري بياناً يوضح نتائج فحص الطّب الشرعي، جاء فيه، أنّ الفقيدة نجوى قاسم توفيت وفاة طبيعية نتيجة أزمة قلبية. مضيفاً، أنّ الإعلامية احتفلت مع أصدقائها برأس السنة الجديدة، وتوجهت إلى سريرها بشكل طبيعي ليلة أمس، وحين دق المنبه في الصباح لم تستيقظ ما أثار قلقهم فاتصلوا بالإسعاف وتبيّن من خلال الفحص وفاتها نتيجة أزمة قلبية، لافتاً إلى أنّ هناك أطباء بين أفراد أسرتها، ولم تكن تعاني من أمراض أو مشكلات صحية قبل الوفاة.